رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان جهود تعزيز التنمية الوطنية والازدهار الذي يحققه الاقتصاد الوطني
أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية «أحجية» يصعب فكها
يستمر تعثر ملف تشكيل الحكومة في لبنان رغم دخول وساطة جديدة على الخط لتقريب وجهات النظر بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي المصر على ضرورة بناء حكومة قادرة على إخراج لبنان من مأزقه الصعب بعيداً عن سياسة إرضاء السياسيين.
ووفق صحف عربية صادرة الاثنين الماضي، فإن اللواء عباس إبراهيم بات جزءاً من خطة يقف خلفها حزب الله تهدف للضغط على الرئيس عون بعد شعور الحزب بتراجع حماسة الأخير في تنفيذ أجنداته.
رسالة ميقاتي
قالت مصادر لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن ميقاتي، وإن كان يعطي فرصة لوساطة اللواء إبراهيم لتعطيل الأفخاخ التي تؤخر ولادة الحكومة، فإن مهلة تنقُّله بين عون وميقاتي لن تكون قابلة للتمديد التلقائي، من دون أن تلوح في الأفق بوادر الانفراج بخلق المناخ المواتي لإنضاج الظروف التي تدفع باتجاه تشكيل الحكومة، وهذا يقع على عاتق رئيس الجمهورية الذي يبدِّل رأيه من حين لآخر، وينقلب على موقفه تارة بإعادة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، وتارة أخرى باستبدال أسماء وزراء كان قد طرحهم، وبادر لاحقاً إلى الانقلاب عليهم.
وتضيف المصادر، أن ميقاتي يتطلع، من خلال ترحيبه بوساطة إبراهيم، إلى تمرير رسالة إلى المجتمع الدولي، ومن خلاله للأطراف الضامنة لإخراج لبنان من أزماته، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، مفادها أنه لم يترك باباً إلا وطرقه لإقناع عون بالتخلي عن شروطه التي تؤخر ولادة الحكومة.
وتستغرب المصادر نفسها ما أخذ يشيعه بعض المقربين من الفريق السياسي المحسوب على عون من أن ميقاتي هو من يؤخر تشكيلها لأنه يريد تقطيع الوقت لتفادي الإحراج أمام المجتمع الدولي، على خلفية استقدام “حزب الله” لبواخر المازوت من إيران، في حال تزامن وصولها مع وجوده على رأس الحكومة، إضافة إلى أنه يتجنب إقحام حكومته في رفع الدعم، تاركاً لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ القرار في هذا الخصوص.
صعود نجم إبراهيم
نقلت صحيفة “العرب” اللندنية عن أوساط لبنانية قولها، إن حزب الله يشعر بأن حلفاءه التقليديين، مثل الرئيس عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما عادوا يشتغلون بنفس الحماس لتنفيذ أجندته في السيطرة على المشهد السياسي، والحكومي على وجه الخصوص، وأنهم باتوا يتأثرون بالضغوط الخارجية، ولذلك يبحث الحزب عن شخصية قوية قادرة على تحدي تلك الضغوط والاستمرار في خدمة أجندته، وليس أفضل لهذه المهمة من عباس إبراهيم.
وتحدثت وسائل إعلام لبنانية عن مبادرة أعدها إبراهيم تهدف إلى تسهيل تشكيل الحكومة وحل نقاط الخلاف المستعصية بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بشأن حقائب خلافية، في دور يبدو صعباً على أي شخصية لبنانية أن تلعبه مهما كان حجمها إن لم تكن مسنودة بالفاعل الرئيسي في البلاد، أي حزب الله.
وتساءل مراقبون عما إذا كان بمقدور مسؤول يعمل نظرياً تحت إمرة وزير الداخلية أن يلعب دور الوساطة بين الرئيس ورئيس الحكومة المكلف؟ خاصة أنه لا ينتمي إلى حزب ولا يمثل أي جهة سياسية. وتشير الأوساط السابقة إلى أن حزب الله يدعم صعود نجم إبراهيم كشخصية مستقبلية تكون، كذلك، معادلاً لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي بات أقرب إلى أجندات خارجية تريد تقوية مؤسسة الجيش للعب دور أمني في لبنان من أهدافه المستقبلية الحد من نفوذ حزب الله وسلاحه.
«دوّيخة»
بدورها، قالت صحيفة “الجمهورية”، إن ميزان تأليف الحكومة، يتخبّط في حالة صعود وهبوط، ولم يرسُ بعد على حد معين، يتوقف معه التأرجح المتواصل والمحير، بين هبة إيجابية باردة تؤشّر إلى إمكان الشفاء من مرض التعطيل، وبين هبة سلبية ساخنة ترفع من حرارة الملف الحكومي، إلى حدود يُصبح معها غير قابل للشفاء، على ما هو حاصل في هذا الملف المستعصي على الحل، في غياب الإرادة الجدية للتوجّه نحو هذا الحل وتوليد حكومة طال انتظارها لأكثر من سنة.
وأكدت الصحيفة، أن حالة الصعود والهبوط هذه، حوّلت ملف التأليف إلى “دوّيخة” تقوم على أحجية معقدة يصعب فكها أو حلها، مع المناخات المتناقضة التي تضخها الأطراف المعنية، بحيث لا يعرف أياً منها الذي يعكس المناخ الحقيقي الطاغي على ملف التأليف؛ فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تحدّث بالأمس عن إيجابيات من شأنها أن تسرع بولادة الحكومة، وقبله قارب رئيس المجلس النيابي نبيه بري ملف التأليف بسلبية واضحة، تنفي وجود أي إيجابيات أو مؤشرات مشجعة حول ولادة وشيكة للحكومة، فيما توازت إيجابيات عون بموقف مناقض لرؤساء الحكومات السابقين، ومن بينهم الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، أشاروا فيه إلى أن عملية تشكيل الحكومة ما زالت تدور في الحلقة التعطيلية المعروفة، في اتهام مباشر لرئيس الجمهورية.
معاناة حقيقية
يسرد الكاتب حمزة عليان في مقال له بصحيفة “الجريدة” الحال الذي وصل إليه لبنان، بقصة واقعية “لرجل ترجل من سيارته أمام دكان في بلدة الدامور الساحلية وهو في طريقه إلى مدينة صيدا ليشتري زجاجة ماء، سأله صاحب الدكان، تريدها باردة أم عادية، استفسر الشاري عن السبب، قال الباردة أغلى من العادية بخمسة آلاف ليرة، لأنها تحتاج إلى كهرباء زيادة لتبريدها بوضعها في الثلاجة! فأدار وجهه إلى الأعلى وراح يتمتم بكلمات موجعة بحق “زمرة الحاكمين والفاسدين الكبار” الذين أوصلوا البلد إلى هذا الدرك من السقوط، صورة لبنان على الأرض هي بخلاف ما نسمعه أو نقرأه، تتغير كل يوم بعدد ساعات النهار مثلما هي حال تأليف الحكومة، كل يوم بيومه!
ويضيف عليان، لم يبق في وجوه من “يدير البلد” شيء من الخجل والحياء، لا بل من الكرامة الوطنية، فهم منغمسون حتى النخاع في تدميره إلى الرمق الأخير، وكل هذا بات في العلن، والمشكلة تكمن في الوجه الآخر من الأزمة، ولدى طبقة أكثر فساداً وطائفية من الزمرة الحاكمة، هم الصورة البشعة لزعمائهم وهؤلاء يتاجرون بقوت الشعب وحياته ومعيشته وعلى عينك يا تاجر.
الذين اضطرتهم الظروف إلى السفر هذا الصيف عادوا بانطباعات مخيفة، لبنان الذي نعرفه انتهى، هناك لبنان آخر وهو يتهاوى يوماً بعد آخر، تجار محميون بالرشوة وبغيرها، يتلاعبون بقوت الناس ورغيف الخبز وتنكة البنزين وقنينة الغاز وحبة الدواء، طالما أن الدولة غائبة والرقابة معدومة، ولا
أخلاق أو قيما أو مخافة من الله.
ويقول أيضاً، من يخرج ليلاً إلى بيروت أو الجبل سيفاجأ بما يراه: مطاعم وملاهٍ حتى ساعات الفجر مكتظة بالزبائن والدفع كاش وبالدولار، هذه طبقة اجتماعية ما زالت تسهر وتبيع وتشتري كما لو أن لبنان بألف خير، لا فقر فيه ولا ذل! وقسم كبير من المغلوب على أمرهم، أي من غير الزعران والشبيحة والأزلام السائرين في ركب زعماء الطوائف، يعانون الأمرين بتأمين احتياجاتهم المعيشية كي يبقوا على قيد الحياة.