أسوأ دعاية للولايات المتحدة

أفغانستان: هزيمة، إنكار، وكارثة تاريخية...!

 أفغانستان: هزيمة، إنكار، وكارثة تاريخية...!


 تستمرّ الكارثة الأفغانية في الانتشار. جو بايدن، الذي هو في حالة إنكار كامل، يثير الشكوك مرة أخرى حول قدرته على القيادة. ويتساءل حلفاء الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى عن أهمية التحالف مع الولايات المتحدة.
   الصور المؤلمة للانسحاب الأمريكي، والانتهاكات اليومية لطالبان، هي أسوأ دعاية للولايات المتحدة، تُسعد أعداءها. إن الهزيمة الأفغانية هي نقطة تحول في تاريخ العالم، رغم أنف القيادة الأمريكية.


1- لماذا جو بايدن في حالة إنكار؟
  برر بايدن الكارثة الأمريكية في أفغانستان موضحًا أن الأمريكيين لا يمكنهم القتال بدلاً من الجيش الأفغاني الفاشل.
كما زعم أنه لا أحد كان يعتقد أن النظام سينهار بمثل هذه السرعة.
هذه الذرائع مثيرة للشفقة: الأمريكيون هم الذين شكلوا الجيش الأفغاني... إنه صناعتهم، ولذلك فهم يتحملون مسؤولية هذا الجبن.
   إن الفشل في توقّع سرعة انهيار البلاد، يوضح عدم كفاءة البنتاغون وأجهزة المخابرات الأمريكية، وهذه في النهاية مسؤوليات رئاسية.

2 -لماذا يتم التشكيك في قدرات جو بايدن؟
   خلال الحملة الرئاسية، قدم دونالد ترامب بايدن على أنه رجل عجوز خرف. ومع ذلك، فإن بايدن ليس ماهرا في السياسة الخارجية.
 هذا الضعف كان معروفا، لأنه عام 2003 دعّم الحرب على العراق، وهذه المرة، فشل في فهم مدى تدهور النظام الأفغاني.
   ما كان لرجل دولة عظيم أن يرتكب هذا الخطأ، لذلك لا يجب الاعتراض على قدراته العقلية، وإنما على افتقاره إلى حسن التقييم والحدس في السياسة الخارجية.

3 -ما عواقب هذه الهزيمة في الولايات المتحدة؟
   الصور القادمة من أفغانستان تعطي الديمقراطيين صحافة سيئة للغاية، رغم أن مسؤولية الهزيمة مشتركة مع الجمهوريين.   الأزمة لم تنته بعد، ومن المرجح أن تظهر الأشهر المقبلة محنة اللاجئين الأفغان والفوضى التي يسببونها في أوروبا، وستتبع ذلك حروب جديدة في المنطقة، وكشف عن قسوة طالبان، وسيزداد الإرهاب الجهادي، وستغذي هذه الأحداث الحملة الانتخابية النصفية في نوفمبر 2022، وستساعد الجمهوريين على الفوز بأغلبية في كلا المجلسين.

4 –ما العواقب خارج الولايات المتحدة؟
   ضعف الولايات المتحدة سيخدم الصين وروسيا. وهذه الهزيمة الأمريكية تعزز منطق التحالفات الإقليمية التي تهدف إلى التعويض عن انهيار القوة الأمريكية.

5 -لماذا يمكن الحديث عن نقطة تحول تاريخية؟
   تأتي الهزيمة في أفغانستان في وقت سيئ في تاريخ الولايات المتحدة. تمزّق البلاد بسبب الأيديولوجيات المتطرفة، من ووكيزم إلى الأصولية الدينية، مرورا بالعنصرية واليمين الاقتصادي المتطرف. التفاوت الاقتصادي أكبر من أي وقت مضى. ويظهر الانسحاب الفاشل عدم كفاءة النخبة الحاكمة للبلاد.
   بعد الهزيمة ضد فيتنام عام 1975، ظلت الولايات المتحدة قوة عظمى، وستكون هذه المكانة محل تنازع أكثر فأكثر بعد هزيمتها وانسحابها غير المنظم من أفغانستان، وستطالب الصين بالمكان الذي تركته الولايات المتحدة شاغرا.
  هل يمكن أن تصبح الولايات المتحدة قوة عظمى مرة أخرى؟ نعم، لكن بشرط إجراء إصلاح عميق للبلاد.
وبغض النظر عن الاتجاه الذي ستتخذه الولايات المتحدة، فإن هزيمتها في أفغانستان هي بالنسبة للعالم نقطة تحول تاريخية.  
* أستاذ العلوم السياسية متخصص في الصين وآسيا -جامعة مونريال كندا