سيرث العديد من الورشات المفتوحة:

ألمانيا: التحديات التي تواجه خليفة ميركل القادم...!

ألمانيا: التحديات التي تواجه خليفة ميركل القادم...!

-- المانيا متخلفة عن الركب في الخدمات عبر الإنترنت وردم الفجوة الرقمية من بين الرهانات
-- السياسة الخارجية لن تتغير ويتفق الخضر والمحافظون والاشتراكيون على ارتباط برلين بالأمريكان
-- صعوبات في التحول الطاقي وعلى الحكومة القادمة إدارة خسارة الوظائف بسبب التخلي عن الفحم



محاربة الاحتباس الحراري، والتحول الرقمي، والسياسة الخارجية: تترك أنجيلا ميركل العديد من الورشات المفتوحة للتحالف المقبل.
من العناصر الثابتة المسجلة في الحملة الانتخابية الألمانية، حرص جميع الأحزاب المتنافسة الرئيسية، المحافظون (الاتحاد المسيحي الديمقراطي-الاتحاد المسيحي الاجتماعي)، والاشتراكيون الديمقراطيون، والخضر، على عدم انتقاد أنجيلا ميركل بشكل مباشر. ولسبب وجيه: فهي لا تزال الشخصية السياسية الأكثر شعبية في البلاد، ومهاجمة المستشارة تعني المخاطرة بالإساءة إلى الرأي العام وخسارته. ومع ذلك، فإن سجلها بعيد كل البعد عن أن يكون بلا شائبة. والملفات المتراكمة التي تركتها على مكتب من سيخلفها ستتجلى سريعا... نظرة عامة:

التحوّل الطّاقي: لا يزال بعيدًا عن الحياد الكربوني
جاءت الاهانة لتشوّه نهاية ولاية أنجيلا ميركل: في 29 أبريل، رفضت المحكمة الدستورية الألمانية “الخطة الخضراء” لحكومتها. السبب؟ لقد “انتهكت حقوق الأجيال القادمة” لافتقارها لطموح خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
لذلك، راجعت المستشارة نسختها، وانتقلت نسبة التخفيض من 55 إلى 65 بالمائة بحلول عام 2030، مع الطموح لتحقيق الحياد الكربوني عام 2045. قبل خمس سنوات من التاريخ المخطط له في البداية!
الحكومة القادمة مكلّفة بتنفيذ هذا الالتزام المنصوص عليه قانونا. وسيكون من الصعب تجسيمه لعجز البلاد عن الاستغناء عن محطات الفحم. لا تزال هذه تمثل 20 بالمائة من إنتاج الكهرباء الوطنية. وأعطت ألمانيا نفسها حتى عام 2038 لإغلاقها. المشكلة: لن تتمكن قريبًا من الاعتماد على محطاتها للطاقة النووية (10 بالمائة)، والتي تقرّر إغلاقها النهائي عام 2022.

للتعويض عن هذا النقص، سبق ان اتخذت برلين خيارها: استخدام وقود أحفوري آخر، وهو الغاز الروسي. “رغم التناقض مع الأهداف المناخية، إلا أن حصتها في مزيج الطاقة تتزايد باستمرار، من 61 تيراواط في الساعة عام 2014 إلى 91 تيراواط في الساعة عام 2020”، يلاحظ جيل ليبسانت، الباحث في المركز القومي للبحث العلمي وفي مركز مارك بلوخ في برلين. ومن المتوقع أن يؤدي بدء تشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، إلى مضاعفة قدرات التوريد عبر بحر البلطيق. وستكون هذه الطاقة الانتقالية ضرورية جدا لأن مساهمة الطاقات المتجددة لا تزال ضعيفة (44بالمائة من إنتاج الكهرباء عام 2020). بالإضافة إلى ذلك، بالكاد يمكن استخدامها كطاقة أساسية (مثل الفحم أو الطاقة النووية)، بسبب طبيعتها المتقطعة. ومع ذلك، فإن “هذه الطاقة الخضراء ستستمر في التقدم بفضل تطوير طاقة الرياح البحرية والخلايا الكهروضوئية، كما يعتقد جيل ليبسانت.

وبالتوازي، سيتعين على الحكومة القادمة إدارة خسارة الوظائف بسبب التخلي عن الفحم”. يمثل القطاع 220 ألف عامل، وتم رصد 40 مليار يورو من الان لدعم تحوّل مناطق المناجم. ومع ذلك، فإنه مبلغ صغير مقارنة بالاستثمارات الضخمة التي سيتعين على ألمانيا القيام بها لتحقيق الحياد الكربوني في منتصف القرن: 2.3 تريليون يورو، وفقًا لدراسة أجراها اتحاد الصناعة الألمانية.

النشر الرقمي:
 وداعا للفاكس
أحيانًا يكون الإنترنت بطيئًا في ألمانيا الى درجة أنه من الأفضل استخدام الحصان لتوصيل البيانات الرقمية! هذا هو العرض المضحك الذي قدمه مصور يعيش في قرية في شمال الراين -وستفاليا في ديسمبر الماضي. لقد استغرق ارسال 4.5 جيغا بايت من الصور إلى صاحب مطبعته، الواقعة على بعد 10 كيلومترات من منزله، وقتًا أقل للوصول إلى وجهتها من خلال تسليمها على قرص DVD بواسطة ساع على حصان مقارنة بالشبكة المحلية في الكابلات النحاسية!

فيما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية، تتخلف ألمانيا أنجيلا ميركل كثيرًا عن الركب. وفي ترتيب الدول المتقدمة التي حققت أكبر تقدم من حيث الرقمنة بين 2018 و2020، تأتي في المرتبة 17 من 19! وهذا ليس كل شيء. في سبتمبر 2020، كانت 16 بالمائة فقط من الأسر الجرمانية مؤهلة للحصول على الألياف الضوئية، وفقًا لدراسة أجراها مجلس الألياف البصرية إلى البيوت في أوروبا، وهو منظمة صناعية، مقابل 73 بالمائة من الأسر الفرنسية -ويبلغ المعدل الأوروبي 44 بالمائة. ورغم أن الأمر يتعلق فقط بنشر الجيل الخامس عبر نهر الراين، فإن تغطية شبكة الجيل الرابع لا تزال في غاية الرّداءة. ووفقًا لهذا المعيار، تحتل ألمانيا المرتبة 50 من بين 100 دولة في الترتيب الذي أجرته شركة الاستشارات اوبن سيجنال.

«هذه المخاوف لا توجد فقط في الريف، ولكن أيضًا في بعض المناطق الحضرية”، تأسف إيزابيل سكيركا، الباحثة في المدرسة الأوروبية للإدارة والتكنولوجيا، في برلين. وهكذا، فإن الدولة متخلفة عن الركب في الخدمات عبر الإنترنت:
 لا يزال من الشائع إرسال فاكس لإكمال ملف إداري. “المشكلة ليست في تمويل الرقمنة أو التقنيات، لكن نقص التنسيق بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم، تتابع إيزابيل سكيركا، وللعبور نحو الحكومة الإلكترونية، يجب اقامة هيئة ذات سلطة تنفيذية وميزانية، في شكل وزارة للشؤون الرقمية”.
 الاقتراح موجود في برامج حزب الخضر والمحافظين والليبراليين، مدركين أن ألمانيا تخسر مقارنة بجيرانها... فهل باتت أيام الفاكس معدودة؟

السياسة الخارجية:
 نهاية الالتباس والغموض؟
 بعد انتخاب دونالد ترامب، كان ينظر إلى أنجيلا ميركل في الغرب على أنها “الزعيمة الجديدة للعالم الحر”. لكنها لم تحتفظ بهذا اللقب المجمّل لفترة طويلة. في السنوات الأخيرة، تعرضت المستشارة غالبًا لانتقادات بسبب سلبيتها، وحتى تهاونها تجاه نظامين سلطويين، روسيا والصين. “لقد أعطت الأولوية قبل كل شيء للدفاع عن المصالح الاقتصادية الوطنية”، يرى باحث من المعهد الألماني للسياسة الخارجية. روسيا أولاً: رغم الضم العنيف لشبه جزيرة القرم، والهجمات الإلكترونية (ضد البوندستاغ عام 2015) ، وتسميم أليكسي نافالني، الخصم الرئيسي لفلاديمير بوتين، رفضت المستشارة دائمًا الذهاب بعيدًا فيما يتعلق بالعقوبات، ولم تتخل قط عن خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، الذي يكتمل الآن تقريبًا.

مع بكين، كان نفس المنطق تقريبا، يغذّيه منذ فترة طويلة الأمل في “تغيير النظام من خلال التجارة”... عقيدة في مصلحة صناعة التصدير: في عهد ميركل، أقامت ألمانيا شراكات لا حصر لها في الصين، حيث وجدت منافذ، ولا سيما لسياراتها (212 مليار يورو في التجارة بين البلدين عام 2020). وبعد أن كانت في حالة جيدة لفترة طويلة، توتّرت العلاقة بين ميركل وبكين، بسبب هونغ كونغ والأويغور.
ومع الحفاظ على مصالحها الصناعية، لم تتردد ميركل البهلوانية في التنديد بانتهاكات النظام لحقوق الإنسان.
توازن دقيق لن يتمكن خلفها من الحفاظ عليه. “أيّا كانت الحكومة المقبلة، ستكون برلين أكثر انتقادًا للصين”، ترى كلوديا ميجور مديرة الأبحاث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.

وهذا من شأنه أن يعطي مزيدًا من التعهدات للولايات المتحدة بزعامة جو بايدن، الذي يسعى لاحتواء طموحات الهيمنة الصينية.
رغم كارثة أفغانستان ودعوات إيمانويل ماكرون لأوروبا لتكون أكثر استقلالية عن واشنطن، ينتظر أن تظل برلين مرتبطة بشدة بالرابط عبر المحيط الأطلسي. وقد كرر هذا حزب الخضر والمحافظون والديمقراطيون الاشتراكيون خلال الحملة الانتخابية: انه أحد الموضوعات القليلة التي يتفقون عليها. “أتوقع ألا يتغير الكثير فيما يتعلق بالسياسة الخارجية”، تقول كلوديا ميجور. من الصعب، إذن، تخيل المستشار القادم زعيما للعالم الحر.