أوروبا ترفع سقف التصعيد تجاه روسيا.. على ماذا تُراهن؟
رأى خبراء مختصون في الشؤون الدولية، أن رهانات أوروبا على رفع سقف التصعيد تجاه روسيا يأتي ضمن التأسيس لجيش موحد في ظل ما تعمل عليه دول بالقارة من فرض الخدمة العسكرية الإلزامية، وذهاب أخرى إلى ذلك مع تعظيم الصناعات الدفاعية المتطورة، ضمن صندوق الـ 800 مليار يورو المخصص لذلك. ومن رهانات القارة -بحسب خبراء- لـ»إرم نيوز»، ما تجهز له ألمانيا لإرسال قوة مكونة من 5 آلاف جندي ألماني إلى ليتوانيا عضو حلف شمال الأطلسي «الناتو» وأكثر الدول المهددة بالتوسع الروسي التي تقع على حدود بيلاروسيا وإقليم كالينينغراد الروسي، وذلك لحماية الحدود الشرقية للقارة العجوز. ويتزامن مع ذلك ما خرج من فرنسا وبريطانيا عن إمكانية نشر قوات نووية محمولة لتحل بدلًا من القواعد النووية الأمريكية في شرق أوروبا في حال ظهور أي طارئ أو سحب واشنطن صواريخها النووية من هناك.
وكانت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس أعلنت، سابقًا أن الاتحاد الأوروبي بصدد إعداد الحزمة السابعة عشرة من العقوبات ضد روسيا، مشيرة إلى أن التوصل إلى اتفاق بشأنها قد يتم خلال شهر مايو المقبل. وتزامن ذلك، مع تصريحات المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس بشأن احتمال تدمير الجسر الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم.
جيش أوروبي موحد
ويقول المتخصص في الشؤون الدولية الدكتو خليل عزيمة، إنه مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، تدرك الدول الأوروبية، الخطر المحدق الذي لن يتوقف عند هذه الساحة، ولكن سيتسع ليطال بلدانًا، ولا سيما شمال شرق أوروبا أي بولندا ودول البلطيق، لذلك حدثَ تغيّرٌ في لهجة الاتحاد الأوروبي؛ نتيجة مواقف ترامب شبه المؤيدة لموسكو والمروج لروايتها حول حرب أوكرانيا؛ ما جعل أوروبا تعمل على كيفية ردع تصعيد الخطر الروسي تجاهها في ظل احتمالية تراجع المشاركة الأمريكية في مسؤولية حماية أمن أوروبا وحدودها. وأوضح «عزيمة» في حديث «إرم نيوز» ، أن أوروبا تراهن على إنشاء جيوش خاصة بها تأخذ مهام حماية جماعية للقارة في قوة موحدة، وانعكس ذلك في عدة مسارات من بينها تجاه بعض الدول لفرض الخدمة الإلزامية وأخرى في طريقها لذلك، لحماية أمن وحدود القارة العجوز التي تتجه دولها أيضًا لرفع الإنفاق الدفاعي وتطوير الصناعة العسكرية الداخلية لمواجهة أي تغير طارئ في الدعم الأمريكي للسلاح أو تغيرات جيوسياسية من الممكن أن تحدث فجأة. وأوضح أن أوروبا تتخذ فعليًّا بشكل منظم إجراءات دفاعية وعسكرية تجعلها أكثر اعتمادًا على نفسها بهدف الابتعاد عن الرهان غير المضمون للحماية الأمريكية في ظل ابتزازات ترامب لهم بسياسة «ادفعوا لنحميكم» في ظل دول تقود هذا التحرك على رأسها فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وأشار «عزيمة» إلى أن فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد من الممكن أن يقوم بحماية أمن القارة يأتي في وقت يستكمل فيه ذهاب برلين لما بدأت الحديث عنه عام 2023 بإرسال قوات تعادل 5 آلاف جندي ألماني إلى ليتوانيا.
خطط دفاعية
فيما يقول الباحث في السياسات الأوروبية حسن رضوان: «رغم أن رهانات أوروبا قائمة على عدة مسارات ولا سيما الخطة الدفاعية والمشروع المتعلق بالتعبئة المسلحة من خلال صندوق الـ 800 مليار يورو، لإقامة صناعات عسكرية تتصدرها ألمانيا بأكثر من ثلثي استثمارات هذه الصناعات بالداخل الأوروبي إلا أن التصعيد مبكر مقارنة باستعداداتها بشكل كامل لاتمام برنامج دفاعي حمائي لا يعتمد على واشنطن. وأرجع «رضوان» لـ»إرم نيوز»، سبب التصعيد بهذا الشكل إلى ضغوط مرتبطة بالخوف من إخضاع روسيا لكامل أوكرانيا، في خطة تردد أن موسكو تُجهّز لها، وهو ما يجعل الأوروبيين في حالة استنفار في ظل نوايا ترامب التي توضح عدم الجدية في الالتزام التاريخي للولايات المتحدة بالدفاع عن أمن أوروبا.
وذكر أن الطاولة الأوروبية التي تقودها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في موقف واحد، تأخذ للمرة الأولى هذا النوع من التوافق والخطوات السريعة والمضي نحو خطط دفاعية مسلحة في الداخل الأوكراني وتعظيم الدعم لكييف على المستويات كافة في ظل التمسك بهذا الخط الذي سينتج عن تعرضه إلى أي اهتزاز عن تحرك الروس غربًا إلى شرق أوروبا في حال سقوط كامل أوكرانيا، وهو ما يرونه دمارًا جديدًا لدول القارة من الممكن أن يكون أكثر كارثية مما خرجت به الحرب العالمية الثانية. وأضاف «رضوان» أن عمليات التحفز الأوروبية جاءت بهذا الشكل لأنها لم تكن في يوم ما تتوقع أن يتحول التحالف التاريخي مع الولايات المتحدة إلى طعنة من الخلف بمواقف ترامب والتلويح برفع يد الحماية أمام الروس؛ ما جعل دول القارة العجوز لا تهاب استمرار استفزاز موسكو بالاعتماد بشكل كبير على فوائد الأموال الروسية المجمدة، طبقًا للعقوبات الأوروبية في ظل الحرب على أوكرانيا.