رئيس الدولة ورئيس وزراء المجر يؤكدان على ترسيخ أسس الاستقرار والسلام في العالم
أورسولا فون دير لاين تدعو الاتحاد الأوروبي إلى التعبئة إثر انتهاك المجال الجوي البولندي:
أوروبا ستدافع عن كل سنتيمتر مُربع من أراضيها ...
هل ستمتلك أوروبا الشجاعة للقتال؟ اكتسب السؤال الخطابي الذي طرحته أورسولا فون دير لاين أمام برلمان ستراسبورغ يوم الأربعاء فجأةً معنىً جديدًا، بعد «الانتهاك المتهور غير المسبوق للمجال الجوي البولندي والأوروبي» من قِبل طائرات روسية مُسيّرة. وهو اقتحامٌ برر النبرة العدائية التي اعتمدتها رئيسة المفوضية في خطابها عن حالة الاتحاد، والذي دعت فيه أوروبا إلى «النضال من أجل مستقبلها». حثّت رئيسة السلطة التنفيذية الأوروبية الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي على تجاوز انقساماتها حتى «تستعيد أوروبا استقلالها» في مواجهة «نظام عالمي جديد» تُهيمن عليه «قوى معادية». كانت هذه محاولةً لاستعادة زمام المبادرة، بعد عامٍ أولٍ من ولايتها الثانية تعرّضت خلاله لانتقاداتٍ شديدة، لا سيما منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دونالد ترامب هذا الصيف، والتي اعتبرها الكثيرون في أوروبا إهانةً لهم. في إشارة إلى تزايد هشاشة الزعيمة والتوتر السائد في البرلمان الأوروبي، قوبل خطابها بإعلان اقتراحي رقابة جديدين ضدها، بعد أن نجحت في تجاوز اقتراح أول قبل شهرين فقط.
وأكدت فون دير لاين، بعد أحداث تلك الليلة، أن «أوروبا ستدافع عن كل سنتيمتر مربع من أراضيها»، مؤكدةً «تضامنها الكامل مع بولندا»، التي طلبت من حلف شمال الأطلسي (الناتو) تفعيل المادة الرابعة المتعلقة بالمشاورات بين الحلفاء في حال وجود تهديد. وتابعت: «رسالة بوتين واضحة، ويجب أن يكون ردنا بنفس الوضوح .»
بعد عودتها من جولة في دول الجناح الشرقي للقارة في الأيام الأخيرة، أشارت إلى بناء «جدار للطائرات المسيرة» وآلية مراقبة فضائية آنية لحماية حدودها الخارجية. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم معظم الدعم المدني والعسكري لأوكرانيا، بقيمة 170 مليار يورو، ودعت إلى تعزيز التعاون العسكري مع البلاد، التي تُشكل خط دفاعها الأول ضد روسيا. وعدت بتقديم مساعدات مالية طارئة للدول المستثمرة في صناعة الأسلحة الأوكرانية وتسريع الإنتاج هناك، بفضل الإفراج عن 6 مليارات يورو من قرض ضخم من مجموعة الدول السبع مُنح لكييف، بدعم من الأصول الروسية المجمدة. بل واقترحت استخدام الأرصدة النقدية المرتبطة بهذه الأصول الروسية لمنح «قرض تعويضات» جديد لأوكرانيا، دون المساس برأس المال. وواجهت رئيسة المفوضية الدول الأعضاء وأعضاء البرلمان الأوروبي المنتخبين بمخاطر كبيرة في محاولة لدرء الانتقادات الموجهة إليها.
أين قيادة هذه المفوضية بشأن غزة؟» تساءل باس إيكهوت، الرئيس المشارك للمجموعة الخضراء: «هل سنضطر إلى الانتظار حتى لا يتبقى شيء من غزة؟»حاولت الرئيسة تهدئة غضب العديد من المواطنين الأوروبيين إزاء تقاعسها باقتراح ردٍّ أشدّ صرامةً على حرب إسرائيل. وأشارت إلى فرض عقوبات على الوزراء المتطرفين في حكومة بنيامين نتنياهو، كما فعلت عدة دول، وتعليق الجانب التجاري من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وجميع المساعدات الثنائية، بالإضافة إلى حظر على الأسلحة وصادرات المستوطنات. لا تزال هذه الإجراءات نظريةً، لأنها كانت مطروحةً بالفعل على طاولة المجلس، حيث تتطلب إجماعًا بين الدول الأعضاء. ودعت رئيسة المفوضية الدول الأعضاء إلى عدم البقاء «مُشلولين بانقساماتنا» و»التحرر من قيود الإجماع» في الشؤون الخارجية. وقد تفادت هذه المعضلة بمبادرة منها بشأن التدابير التجارية، التي يُمكن اعتمادها بأغلبية مشروطة.
في برلمان ستراسبورغ المنقسم بشكل متزايد، دعت فون دير لاين إلى الوحدة بين القوى المؤيدة لأوروبا، ووعدت بالاعتماد على الأغلبية التي أعادت انتخابها العام الماضي. لا يزال هذا التحالف غير الرسمي بين اليمين «حزب الشعب الأوروبي» والوسط «حزب التجديد» والاشتراكيين الديمقراطيين «حزب الاشتراكيين والديمقراطيين الديمقراطيين» يتنازع فيما بينهما، حيث تنتقد المجموعتان الأخيرتان حزب فون دير لاين لخيانة ولاءه لأحزاب اليمين المتطرف. وتعتزم رئيسة المجموعة الاشتراكية، الإسبانية إراتشي غارسيا بيريز، التي هددت في يوليو بسحب دعمها، أن تكون «بناءة» بالنظر إلى المخاطر الجيوسياسية. ولم تمنع هذه الاعتبارات مجموعتين، من أقصى اليسار وأقصى اليمين، من تقديم ليس اقتراحًا واحدًا، بل اقتراحين جديدين لحجب الثقة عن الرئيسة، مستلهمين على ما يبدو من ممارسات شائعة في فرنسا. صرحت مانون أوبري، الرئيسة المشاركة «حزب اليسار» في كتلة اليسار: «بعد نجاحنا في إسقاط حكومة بايرو، لدينا هدف واضح للغاية: إسقاط أورسولا فون دير لاين ومفوضيتها». أما جوردان بارديلا، رئيس كتلة «وطنيون من أجل أوروبا» «حزب التجمع الوطني للحزب»، فيرى أن الأمر يتعلق بـ»مع أو ضد أوروبا التي تتبناها أورسولا فون دير لاين، أو مع أو ضد أوروبا التي يتبناها إيمانويل ماكرون». تُضعف هذه المبادرات الزعيمة دون أن تُهددها: إذ يتطلب الأمر أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان الأوروبي البالغ عددهم 720 عضوًا للإطاحة بها. ووفقًا لتيري راينتكه، الرئيس المشارك لحزب الخضر، «عندما تكون أوروبا غير مستقرة، فإن إضافة أزمة مؤسسية ليست هي الحل».