رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
الظاهرة لا تصمد دائمًا في وجه اختبار الوقائع
أوكرانيا «المحايدة»: خمس دول أوروبية كنموذج...!
لقد شكلت تقلبات التاريخ والجوار الجغرافي وضع الدول الأوروبية التي لم تنضم إلى الناتو، بين “الحياد الدائم” لسويسرا، و”عدم التحالف العسكري” لفنلندا والسويد.
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد الماضي أن بلاده تفكر في تبني وضع محايد. في العائلة الصغيرة من دول أوروبا الغربية التي بقيت خارج الناتو، تتفاوت الظلال بين “الحياديين” و”غير المنحازين عسكريا”. ان الكثير من الخصائص المميزة الظاهرة لا تصمد دائمًا في وجه اختبار الوقائع... لمحة موجزة:
النمسا
تم تكريس “حيادها الدائم” في قانون دستوري منذ عام 1955 في تنازل للاتحاد السوفياتي حتى يقبل بعودة هذا الحليف السابق لألمانيا النازية إلى الاستقلال. ينص القانون على أن الدولة لن تنضم إلى أي تحالف عسكري، ولن تسمح بقواعد عسكرية لدول أجنبية على أراضيها. نقطتان محترمتان. وتدريجيا، انتقلت فيينا إلى سياسة “الحياد النشط” من خلال المشاركة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والتي انضمت إليها عام 1955.
عام 1994، انضمت البلاد إلى برنامج التعاون الثنائي مع الناتو، الشراكة من أجل السلام. ومن خلال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد عام، قامت بتعديل دستورها لتكون قادرة على المشاركة في بعض المهام الإنسانية وبعثات حفظ السلام تحت العلم الأوروبي.
ومع ذلك، فإن سياسة الدفاع المشترك المنصوص عليها في معاهدة لشبونة “لا تؤثر على الطابع المحدد لسياسة” الدول الأعضاء الراغبة في أن تكون محايدة أو غير منحازة، بما في ذلك النمسا.
السويد
لم تشارك المملكة في أي حرب منذ أن أعلنت عن حيادها عام 1814. تقليد أكثر منه التزام قانوني حقيقي، تم الحفاظ عليه على حساب جراح خلال الحرب العالمية الثانية. ثم عندما ساهمت استوكهولم في النظام الغربي لمراقبة الفضاء السوفياتي، مع الرغبة في أن تكون حاملة علم حركة عدم الانحياز. ومع اختفاء الاتحاد السوفياتي، تخلت البلاد عن سياستها المعلنة للحياد الصارم لتعلن نفسها “غير منحازة عسكريا».
مثل النمسا وفنلندا، انضمت إلى الشراكة من أجل السلام في حلف الناتو عام 1994 ثم إلى الاتحاد الأوروبي في العام التالي. ومنذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، أعادت استوكهولم قطار التسلّح، وضاعفت اتفاقيات الدفاع الثنائية، لكنها تتردد في طرق باب الناتو، خوفًا من “زعزعة استقرار” المنطقة. وتتوقع الدولة من معاهدة الاتحاد الأوروبي أن تأتي الدول الأعضاء الأخرى لنجدتها في حال حدوث عدوان مسلح.
فنلندا
هزمها الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، لم يكن أمام هذا البلد من خيار سوى التوقيع على معاهدة معه تعلن فيها رسميًا حيادها. وكان الوقت حينها لبوادر التهدئة تجاه السوفيات، حتى لو تطلب الأمر منحهم ما يفوق مطالبهم، وهي ممارسة أنجبت “خارج البلاد” مفهوم “الفنلنديّة”.
وبمجرد تفكيك الاتحاد السوفياتي، اشترت الدولة طائرات مقاتلة أمريكية، وانضمت إلى الشراكة من أجل السلام في حلف الناتو، واعتمد برلمانها بندًا يفتح الباب للانضمام إلى تحالف عسكري، إذا دعت الحاجة. رسميًا “غير منحاز عسكريًا”، هذا العضو في الاتحاد الأوروبي “منذ 1995” يدرس الآن بشكل علني مزايا وعيوب عضوية الناتو، والتي لم تعد تعارضها غالبية السكان منذ غزو أوكرانيا.
سويسرا
منحها المنتصرون على نابليون “حيادًا دائمًا” عام 1815، معتقدين أن أوروبا الكاسب الأكبر من ذلك. استقرت المنظمات الدولية، التي اجتذبتها هذه المكانة، على أراضيها، بما في ذلك عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة التي خلفتها. في الصراع بين الشرق والغرب، تقف سويسرا ضمنيًا في الجانب الغربي. ورغم أنها انضمت إلى الأمم المتحدة فقط عام 2002، إلا أنها انضمت إلى الشراكة من أجل السلام في حلف الناتو عام 1996، “مع احترام سياسة الحياد العسكري التي يطبقها الاتحاد منذ فترة طويلة».
إيرلندا
محايدة منذ ثلاثينات القرن الماضي، رفضت الدولة اليد الممدودة من قبل الناتو، دون الرغبة مع ذلك في الانضمام إلى حركة عدم الانحياز خلال الحرب الباردة.
وبعد تأكيد احترام حيادها من خلال إضافة بروتوكول إلى معاهدة لشبونة عام 2009 ينص على أن هذا الأخير “لا ينص على إنشاء جيش أوروبي”، أصبحت إيرلندا عضوًا في التعاون المنظم الدائم للاتحاد الأوروبي الذي يسمح لمجموعة من الدول بتقديم التزامات تتعلق بزيادة وتنسيق نفقاتها الدفاعية، والمشاركة في برامج التسلح في التعاون الأوروبي وتعزيز القدرات العملياتية لقواتها المسلحة ... تشارك دبلن أيضًا في التجمع التكتيكي الشمالي التابع للاتحاد الأوروبي، والذي يتكون من 2500 جندي.