مشروع دفاعي ضخم

أوكرانيا تواجه هجوم الصيف الروسي بـ«الخنادق العميقة»

أوكرانيا تواجه هجوم الصيف الروسي بـ«الخنادق العميقة»


تُجري أوكرانيا أضخم مشروع دفاعي ضمن جهودها لصد التقدم الروسي المتسارع على أراضيها منذ بداية العام الجاري، مستهدفة تعزيز مئات الأميال من الخطوط الدفاعية بسرعة كافية، مع اشتداد الهجوم الصيفي.
وأقامت القوات الأوكرانية حواجز على مئات الأميال، كما حفرت العديد من الخنادق، استناداً إلى القاعدة العسكرية « الجيش الذي يحفر أعمق، هو الجيش الذي ينجو»، كما قال العقيد أوليه ريزونينكو، وهو مهندس عسكري.
وبحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن التحدي الأكبر لأوكرانيا، يكمن في صد جيش روسي مدعوم بآلاف المجندين الجدد الذين تدفعهم موسكو للقتال مقابل مكاسب رمزية أو ضئيلة. 
وتكافح الوحدات الأوكرانية، التي تعاني من نقص في الكوادر، للدفاع عن نفسها في وجه الهجوم الشرس، بينما تُغير روسيا تكتيكاتها يومياً وتستولي ببطء على الأراضي.
على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية، اخترقت قوات موسكو عدة نقاط ضعف على الخط الأوكراني، واستغلت الدفاعات المتراخية في الشمال لبدء هجوم جديد يضم نحو 50 ألف جندي .
وتأمل أوكرانيا أن يمنع تركيب ثلاثة صفوف من التحصينات اختراقات مماثلة في الشرق، حيث تسعى روسيا جاهدة للسيطرة على مدينتي بوكروفسك وكوستيانتينيفكا الرئيستين.
لكن الثغرات في التحصينات دفعت بعض الجنود إلى التحذير من أن حزاماً دفاعياً غير متجانس قد ينتهي به الأمر إلى ما يشبه خط ماجينو، التحصينات الفرنسية الطموحة التي تجاوزها الألمان في الحرب العالمية الثانية.
وتُبنى خطوط الدفاع الأولى من قِبل قوات الخطوط الأمامية، بينما تُنشئ فرق مثل فرقة ريزونينكو خط الدفاع التالي، وتتولى الإدارات المدنية الإقليمية مسؤولية التحصين الثالث، وتطويق المدن الرئيسة وتعزيز حدود بعض المناطق؛ إذ صُممت كل طبقة لصد تقدم القوات الروسية. 
 وخصصت الحكومة البريطانية أكثر من 1.1 مليار دولار، للإنشاءات الدفاعية في 2024، أي ما يقارب 2% من الإنفاق العسكري الأوكراني لهذا العام، وهو مبلغ أكبر كثيرا من الأعوام السابقة.
في بداية الحرب عام 2022، قاتل الأوكرانيون في صفوف خنادق طويلة مصممة لحماية وحدات بحجم سرايا من المدفعية. أما اليوم، فقد أصبحت الطائرات المسيرة المتفجرة الصغيرة منتشرة في كل مكان، ويمكنها اختراق ثغرات صغيرة في الدفاعات؛ ما جعل حماية الجنود منها أولوية قصوى.
هذا يعني ضرورة بناء خنادق أوكرانيا على عمق أكبر تحت الأرض، مع توفير مخابئ لمجموعات صغيرة من القوات ومراكز قيادة لطياري الطائرات المسيرة مزودة بشبكات مضادة للطائرات المسيرة وشبكات معدنية. أما ملامح ساحة المعركة في الكتب العسكرية، نقاط المراقبة المطلة على أميال من الخنادق الواسعة، فقد أصبحت قديمة الطراز.
ومع ذلك، لا تزال القيادة العسكرية الأوكرانية تقدر الدفاعات التقليدية، مثل الخنادق المضادة للدبابات؛ لأن روسيا تنشر حرب الأسلحة المشتركة التي تعتمد على تقنيات المعركة القديمة والجديدة.
وأوكرانيا تدرك تماما كيف تُحاصر بدفاعات «العدو»، وفق تقرير «وول ستريت جورنال»، فقد علِقت قواتها وأسلحتها المُزودة من الغرب في خطوط الخنادق الروسية متعددة الطبقات وخنادقها المضادة للدبابات خلال الهجوم المضاد الكبير الذي شنته كييف في صيف 2023. 
وحفّزت تلك النكسة جهود أوكرانيا الحالية لتحصين الحدود، ففي ذلك الوقت، دعا الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى تسريع وتيرة البناء، وحثّ الشركات الخاصة والجهات المانحة على المشاركة.
لكن ذلك لم يكن كافياً لصد القوات الروسية التي تدفقت دباباتها وجنودها عبر امتداد ضعيف التحصين من الحدود الشمالية لأوكرانيا قرب خاركيف في ربيع العام التالي. 
وانقلبت حواجز أوكرانيا المضادة للدبابات، التي تُسمى غالباً «أسنان التنين»، وتناثرت في المشهد، وفقاً لصور نشرها صحفيون محليون على الإنترنت. وانتقد الجنود القيادة العسكرية الأوكرانية لنقص الاستعداد الكافي.
الآن، لا يبعد الروس سوى 12 ميلا عن سومي، عاصمة إقليمية في شمال أوكرانيا، ويُحذّر الجنود هناك من نقص مماثل في الدفاعات المناسبة. قال أحد جنود المشاة إنه عندما كانت أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية، على الجانب الآخر من الحدود مع سومي، كان عليها استغلال الوقت لإعداد خنادق قوية في الداخل.