الأزمة بين طهران والوكالة الذرية بمنعطف جديد

إجماع دولي على إدانة «سلوك إيران النووي»

إجماع دولي على إدانة «سلوك إيران النووي»


دخلت الأزمة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى منعطف جديد بتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية أمام مجلس محافظي الوكالة على “ضرورة الحصول على تفسيرات ذات مصداقية من إيران حول آثار اليورانيوم في مواقع غير معلنة».
ووفق صحف عربية صادرة أمس الخميس، لقيت إيران إدانة دولية خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأغلبية ساحقة على سلوكها وعدم تعاونها في القضايا الشائكة.

وقال دبلوماسي غربي لصحيفة “الشرق الأوسط” إن القرار حصل على تأييد كبير من دول مختلفة، وهذا يظهر مدى ضرورة تعاون ايران العاجل مع الوكالة»، متوقعاً رداً شديد اللهجة من إيران.

وأضاف الدبلوماسي الغربي “سندرس الخطوات المقبلة، ونحاول التركيز على العودة للمفاوضات مع إيران رغم إدراكنا أنها أصبحت أصعب من أي وقت مضى». وعارض القرار دولتان هما روسيا والصين، وامتنعت ليبيا وباكستان والهند، فيما أيدته 30 دولة. وبحسب النص، «يعبر (المجلس) عن القلق العميق» من عدم وضوح سبب وجود مثل هذه الآثار، نتيجة لعدم تعاون طهران الكافي مع «الطاقة الذرية»، ويدعو إيران إلى إجراء مزيد من المحادثات مع الوكالة «دون تأخير».

فيما دعت المندوبة الأمريكية لورا هولغايت داخل مجلس المحافظين أعضاء المجلس لدعم مشروع القرار الذي تقدمت به إلى جانب الدول الأوروبية الثلاث، والذي يدعو إيران إلى التعاون مع الوكالة، مشددة على أن الهدف «ليس التصعيد السياسي، بل حل المسائل العالقة»، والمرتبطة بالضمانات النووية التي على إيران تقديمها. وقالت، إن «مجلس المحافظين يتمتع بمسؤولية لاتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة إيران على عدم الوفاء بالتزاماتها».

وأضافت هولغايت، أنه في حال عاد مدير «الطاقة الذرية» رافائيل غروسي وأبلغ المجلس أنه حصل على أسئلة شافية من إيران فيما يتعلق بنشاطاتها السرية السابقة، «فلن تعود هناك حاجة إلى أي خطوات من قِبل المجلس حول هذه المسألة». وفي ذلك إشارة إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لتصعيد المواجهة أكثر مع إيران في حال استمرار عدم تعاونها مع الوكالة، رغم أن مشروع القرار المقدم لم يحمل أي تهديد بخطوات إضافية ولا تحذير من إحالة إيران إلى مجلس الأمن مرة أخرى.

وتساءل الكاتب حسن فحص في مقاله بصحيفة “اندبندنت عربية” هل كانت رهانات النظام الإيراني وقيادته، بمختلف مستوياتها الإرشادية والسياسية والأمنية والعسكرية، بقدرتها على إدارة لعبة التفاوض وفرض تنازلات على العواصم الغربية والإدارة الأمريكية، والحصول على ما تريده في مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي، عندما أعطت الإشارة إلى البرلمان، الذي جاءت به من طابع واحد يسيطر عليه التيار المحافظ بكل أطيافه وأجنحته التقليدية والمعتدلة والمتشددة، لإقرار القانون الإشكالي الذي منع المفاوض النووي، ومعه أي حكومة الاقتراب من أي تسوية قد تتضمن بعض التنازلات، أو تعيد إحياء الاتفاق بصيغته القديمة، تحت عنوان “الإجراءات الاستراتيجية للدفاع عن حقوق إيران النووية وإلغاء العقوبات الاقتصادية».

وقال فحص “لم يكُن، على ما يبدو، النظام والجهات التي سمحت بإقرار هذا القانون وشاركت في صياغته ووقفت خلف النواب والمؤسسات الدستورية المعنية لتمرير إقراره بسرعة، وكأنه قُدّم بصيغة “معجل مكرر”. لم تكُن هذه الجهات تتوقع أن يتحول هذا القانون إلى حجر عثرة في طريق ما كانت تطمح إليه بأن تكون الجهة التي يكون لها الفضل في إعادة إحياء الاتفاق والخروج من دائرة العقوبات وإعادة إنعاش الاقتصاد الداخلي وتسلّم الأموال المجمدة في الخارج أو تلك التي لا تسطيع الحصول عليها بسبب العقوبات الأمريكية.

وأشار الكاتب إلى أنه من غير المستبعد أن تكون هناك مفاجئة في التطورات التي شهدها الملف النووي في هذه الأيام، وإدراجه من جديد على جدول أعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الحكام التابع لها، لأن المسار الذي اعتمده المفاوض الإيراني ومعه أجهزة الحكم والقرار في النظام، كانت تؤدي إلى هذه النتيجة الحتمية، لأن القبول بمبدأ العودة أو استئناف التفاوض لم يكُن من باب استغلال الفرصة للوصول إلى تفاهم يعيد إحياء الاتفاق، بل انطلق من مبدأ رفض أي نوع من أنواع التسوية ومحاولة ابتزاز الطرف المقابل، تحديداً الأمريكي، الذي لم يتردد في الإعراب عن مخاوفه من إمكانية انتقال إيران إلى التصنيع العسكري النووي، جراء الخطوات التي قامت بها في مجال تخصيب اليورانيوم كردّ على قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق، وهو ما يعيد خلط الأوراق من جديد ويفتح الباب أمام احتمالات معقدة، ليس أقلها إمكانية المواجهة العسكرية. كما أكد الكاتب حسن فحص أن استراتيجية المماطلة واللعب على الوقت التي مارستها إيران في التعامل مع مخاوف الوكالة الدولية وأسئلتها، التي تعبّر بدورها عن مخاوف وقلق جميع العواصم المعنية بالبرنامج النووي، بخاصة مماطلتها في تقديم الإجابات الوافية عن الأسئلة التي سبق أن حملها مدير الوكالة إلى طهران، وسمحت له، بناء على ما سمعه من نوايا بالتعاون الإيجابي، أن يبشر بقرب استئناف المفاوضات التي باتت على خواتيمها بعد إنجاز الجانب الفني وحل 98 % من البنود العالقة.

ومن جانبه قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، لموقع “إيران إنترناشيونال” بعد اجتماع لمجلس المحافظين بشأن قضايا الضمانات العالقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية: “لقد تلقينا إجابات من إيران لكنها ليست صالحة من الناحية الفنية».  وأشار إلى “تورقوز آباد”، و”ورامين”، و”مريوان” باعتبارها الأماكن الثلاثة غير المعلنة. وأكدت إيران إنترناشيونال أن الموقف الإيراني أدى إلى تقديم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا مشروع قرار ضد إيران إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بسبب عدم رد طهران على أسئلة الوكالة. ونقل الموقع عن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، إن الإجابات على أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت “دقيقة».

كما ذكر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطابه في بداية اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران لم تقدم تفسيرات صحيحة من الناحية الفنية لآثار اليورانيوم التي عثرت عليها الوكالة في ثلاثة مواقع لم تكشف عنها في إيران.
وأدى الموقف الإيراني إلى تقديم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا مشروع قرار ضد إيران إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بسبب عدم رد طهران على أسئلة الوكالة.