إيكونوميست: الحرب فاقمت المشكلة الديموغرافية في أوكرانيا

إيكونوميست: الحرب فاقمت المشكلة الديموغرافية في أوكرانيا


ليس واضحاً تماماً بعد عدد الأشخاص الذين قضوا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. ولأن لاجئين كثراً بدأوا بالعودة، فلا أحد يعرف كم بقي في الخارج، ولا كم هو عدد السكان في أوكرانيا اليوم.
وتنقل مجلة “إيكونوميست” عن الباحثة في معهد بتوخا الذي يتخذ كييف مقراً له إيرينا كوريلو التي تعيش في المنفى ببراغ، أن ثمة أمراً وحيداً مؤكداً ألا وهو أن “الثمن الديموغرافي” الذي فرضته الحرب الروسية سيكون باهظاً جداً.

كانت الإحصاءات الديموغرافية الأوكرانية ناقصة وغير دقيقة حتى قبل الغزو. وإذا كان هناك من أرقام جديدة، فإنها محاطة بالسرية بسبب استمرار الحرب. لكن ما ليس سراً، هو أن أوكرانيا كانت من بين الدول الأكثر انكماشاً في العالم على الصعيد السكاني، وطبعاً، فاقمت الحرب من هذا الانكماش. وعند الإستقلال عام 1991، كان هناك نحو 52 مليوناً في أوكرانيا. وأظهر إحصاء في عام 2001، ان عدد السكان 48.5 مليون نسمة. ولم يجر أي إحصاء منذ عامذاك، على رغم من أن أي دولة في أوروبا قد أجرت إحصاءين على الأقل خلال السنوات الماضية.

وفي فبراير(شباط)، ووفقاً لآخر التقديرات الرسمية قبيل الغزو، كان يعيش 37.5 مليوناً في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وهذا الرقم قريب لتقدير أجري عام 2020 بواسطة صندوق للتقاعد وبيانات للهواتف المحمولة. وفي مناقشة لهذا التقدير، قال المسؤول الحكومي وقتذاك ديمترو دوبليت، إن 3.8 ملايين أوكراني قد غادروا البلاد في العقد الأخير ولم يعودوا.

43 مليون نسمة
و في فبراير (شباط) الماضي، أفاد جهاز الإحصاء الأوكراني أن 3.5 ملايين نسمة يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها روسيا في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وزعم إحصاء روسي في 2021 أن 2.5 مليون نسمة يقيمون في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا. وإذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة، فإنه يكون ما مجموعه 43.5 مليون نسمة يعيشون في أوكرانيا قبل الغزو، أي أقل بـ16 في المئة مما كان عليه الوضع عند الإستقلال.

وتشير آخر الأرقام عن عدد اللاجئين في الخارج إلى أن عددهم 7.8 ملايين شخص، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ومع ذلك، أفاد تقرير للمفوضية في سبتمبر (أيلول) أن 1.2 مليون من هؤلاء قد عادوا إلى الوطن. وتعتقد الخبيرة السكانية في الأكاديمية الوطنية الأوكرانية للعلوم إيلا ليبانوفا، أن هناك ما بين 34 و35 مليون نسمة يقيمون في مناطق سيطرة الحكومة. لكن أية أرقام تبقى تخمينية، لأن الكثير من اللاجئين يقسمون وقتهم بين عائلاتهم في الداخل وبلد اللجوء. وعلى المدى البعيد، فإن السؤال هو كم من هؤلاء الذين غالبيتهم من النساء والأطفال، سيعودون إلى الوطن؟ منذ سبتمبر(أيلول) ذهب معظم اللاجئين من الأطفال إلى المدارس، سواء في البلدان التي يقيمون فيها أو عبر الإنترنت. وكلما طالت الحرب، كلما وطد هؤلاء وجودهم في البلدان التي يقيمون فيها وقلت احتمالات عودتهم إلى أوكرانيا. وأمهات هؤلاء هم في سن العمل، وعندما يرفع الحظر على مغادرة الرجال ما بين سن الـ18 والـ60 للبلاد، فإن الكثير من الأباء سينضمون إليهم، بدل أن يكون الأمر عكسياً.

وتقول الباحثة كوريلو أن أوكرانيا تغلبت على مآسٍ ديموغرافية في الماضي، على غرار المجاعة التي تسبب بها ستالين عامي 1932 و1933، والتي أسفرت عن مقتل 4 ملايين نسمة، وخسارة سبعة ملايين آخرين في الحرب العالمية الثانية. ولهذا السبب، فإنها تتوقع نشاطاً على الصعيد الديموغرافي بعد الحرب- كما حصل في أوروبا الشرقية عقب الحربين العالميتين في القرن العشرين. لكن هناك أسباباً تثير القلق في ما يتعلق بالإنكماش السكاني في أوكرانيا. ففي 1950 كان نسبة الولادة لدى كل إمرأة 2.8 طفل. وانخفض ذلك إلى 1.16 عام 2021، كأحد أدنى معدلات الخصوبة في العالم.