انخفضت شعبية ايدن حتى بين الديموقراطيين أنفسهم

إيكونوميست: لا أحد يحب الرئيس الأمريكي بايدن

إيكونوميست: لا أحد يحب الرئيس الأمريكي بايدن

سردت مجلة “إيكونوميست” البريطانية مجموعة العوامل التي تبيّن انخفاض شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى بين الديموقراطيين أنفسهم.
وتظهر المجلة بداية كيف انتقل بايدن إلى مدينة أرلينغتون لدعم المرشح الديموقراطي إلى منصب حاكمية ولاية فيرجينيا تيري ماكوليف في مواجهة الجمهوري غلين يونغكين، خصوصاً بعد احتدام التنافس. لكن لا أحد توقع أن يتمكن بايدن من حشد الكثير من الأصوات. حتى ماكوليف، صديق بايدن لأربعين عاماً، يعترف بأن الأخير غير شعبي في الولاية.
كان ذلك ملحوظاً بشكل ضمني في الترتيبات التي أقيمت إعداداً للزيارة الرئاسية. لقد تم تسييج زاوية صغيرة من حديقة أرلينغتون الكبيرة مع خضوعها للإضاءة الكاشفة. هدف ذلك إلى خلق مساحة آمنة في أكثر المدن موثوقية ضمن الولاية التي فاز بها الرئيس بفارق عشر نقاط. لم يظهر سوى حشد ديموقراطي متواضع. وبدت مشاعر أعضائه متناقضة حيال الرئيس. حين سألتهم المجلة عن رأيهم ببايدن، قال البعض إنهم “غير مبالين” ورد آخرون بأن “لا رأي” لهم. وأشار حاضرون إلى أنهم كانوا على علم بغياب الحماسة تجاه الرئيس. فقط امرأة واحدة أشادت بشكل سخي بأداء الإدارة. وكانت المرأة قد عملت في مجموعة ضغط لصالح أحد المستشفيات وأحبت زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية.
تم تقديم دفاع متنوع عن تراجع شعبية بايدن. فمعظم الرؤساء يخسرون شعبيتهم خلال السنة الأولى من ولايتهم وهذا ما تؤكده الطبيعة الثيرموستاتية للرأي العام. وانخفاض شعبيته من 56 نقطة مئوية بعد تنصيبه إلى بداية الأربعينات في الوقت الحالي شبيه بما عانى منه باراك أوباما ودونالد ترامب. واجه بايدن رياحاً معاكسة قوية مع عودة بروز كورونا والضرر الاقتصادي الذي ألحقته، ومع عدم سماع نصف الأمريكيين كلمة واحدة طيبة عنه في الإعلام المستقطب. ويقف التاريخ ضده في فيرجينيا أيضاً. بالنظر إلى كونها أول ولاية تحتضن تصويتاً بعد انتخابات عامة، هي توجه صفعة إلى أي حزب أوصل مرشحه إلى البيت الأبيض. لكن هذه التبريرات لا تستطيع التخفيف من خطورة ورطته.
انخفضت شعبية بايدن بعد الانتخابات لكن الفارق بين التأييد وعدم التأييد ظل إيجابياً. ولم يكن ترامب شعبياً قط خارج قاعدته الخاصة. مع ذلك، كلما قلت شعبيته، أحبه مناصروه أكثر. كان نقل الصراع ضد التيار الليبيرالي شعاره وأداءه. ولا ينطبق أي من هذين العاملين على بايدن. لقد فاز بهامش أضيق بكثير من هامش أوباما، وهي نتيجة تشكك بشعار بايدن الواعد بتوحيد البلاد ضد الترامبية. علاوة على ذلك، ازداد التوتر الداخلي كما ساءت أكثر شعبيته.في أرلينغتون، ركز بايدن بصوت صارخ على سلفه: “تذكروا ذلك: لقد ترشحت ضد دونالد ترامب وتيري يترشح ضد أحد مساعدي دونالد ترامب!”. ترى المجلة أن حدود تلك الرسالة كانت مكشوفة في الانتخابات العامة إذ إن أداء ترامب كان قوياً على الرغم من الخسارة، إضافة إلى أن الأخيرة لم تؤثر على جمهوريين آخرين مرتبطين به. كذلك، لم يعد ترامب مصدر خوف كما كان في السابق. إن معظم الناخبين، وخصوصاً المستقلين الذي انخفضت شعبية بايدن بينهم بالشكل الأكبر، أسقطوا ترامب من أذهانهم كما يبدو. كذلك، تزداد صعوبة تقديم بايدن نفسه على أنه موحد للبلاد، لا مقسم لها، حين يظن نصف الأمريكيين أن أداءه سيئ. وإذا لم يتمكن بايدن من تغيير هذا الانطباع فستكون النتيجة قاتمة بالنسبة إلى حزبه. إن الانتخابات النصفية هي استفتاء على الرئيس لا على سلفه.
في شعبية بايدن المسرح للديموقراطيين كي يستعدوا للاختباء. يقترح التاريخ أنهم سيخسرون الكونغرس بكلا مجلسيه. كما تظهر أيضاً صعوبة عودة بايدن إلى شعبيته السابقة. بين أسلافه في التاريخ الحديث، لم يتمكن سوى بيل كلينتون من استعادة شعبيته في أوقات السلم. وقد استفاد من مزايا اقتصاد ممتاز ومهارات سياسية خارقة. ليس لبايدن أي من هاتين الميزتين. والرئيس مقيد أيضاً بكورونا وهو العامل الأساسي الأكثر تحديداً للنجاح أو الإخفاق السياسي. الأداء السياسي عامل أقل أهمية، لكن هنا أيضاً يجد بايدن نفسه في مشكلة.
وفقاً للمعايير الحديثة، كان أداء إدارته جيداً وفقاً للمجلة، حيث يشغلها أناس جادون بعكس الإدارة السابقة. ويبدو أنه على طريق التوقيع على تشريعات بارزة تفوق تلك التي وقعها أوباما عدداً خلال سنته الأولى. كانت الكارثة في أفغانستان وصمة عار وقد أوهنت شعبيته بشدة. حظيت تلك الكارثة بتغطية شاملة لأنها لم تكن متوقعة من تلك الإدارة. كان يصعب على أي مشارك في حشد أرلينغتون تسمية أي إنجاز حققته الإدارة. علم معظمهم أن ديموقراطيي الكونغرس كانوا يتجادلون حول كلفة حزمة الإنفاق لكنهم عانوا في تذكر أي سياسات اجتماعية أو مناخية تضمنتها تلك الحزمة. علماً أن أرلينغتون كانت المكان الذي يضم أكثر يسار الوسط تعلماً في البلاد. إن فرص أن يعلم الناخبون المستقلون في ميلووكي (ويسكونسن) أو إل باسو (تكساس) أدنى فكرة عن محاولات بايدن ستقارب الصفر.
أضافت المجلة أن ترامب كان دوماً يبيع سجله من الإنجازات حتى ولو لم يكن موجوداً. على عكس ذلك، لا يروج بايدن أو حزبه لما يقومون به. يقول كبير مساعدي بيل كلينتون جيمس كارفيل إن الديموقراطيين لا يحبون إقحام مهنة البيع في السياسة. وقد لا يكون بايدن جيداً في ذلك أساساً. في جميع الأحواال، هو مقصّر. إذا كان موضوع الانتخابات هو المستقبل، كما كان يقول كلينتون، فلا يمكن أن تكون فقط حول ترامب.