شرخ جديد في الجدار الفرنسي

إيمانويل ماكرون والعسكريين: قصة جرح وخلاف...!

إيمانويل ماكرون والعسكريين: قصة جرح وخلاف...!

-- هل أُعدّت العملية ونُفّذت بالاتفاق مع مارين لوبان المرشحة للإليزيه؟
-- من خلال موقفه وكتاباته، خلق الجنرال دو فيلييه «تربة خصبة» للمناخ السائد اليوم
-- استقالة الجنرال دي فيلييه والمقالات المنشورة سمّمت المناخ بين الحكومة والعسكريين


   كم تبدو فرنسا الموحدة بعيدة، والتغلب على الانقسامات يبدو مجرد أمنية وأملا بعيد المنال، حيث تسمّم المناخ وأصبح مؤذيا. هذا في الأساس هو الدرس الرئيسي للمقالين العسكريين اللذين تم نشرهما مؤخرا. كان إيمانويل ماكرون يحلم بأن يكون رئيسًا يعرف كيف ينهي التوتر في البلاد، لكن ها ان شرخا سينضاف إلى آخرين، شرخ عسكري وعلى صلة بالهوية في الوقت نفسه  -وهذا النوع من التحالف بين المفردتين يثير قلق الكثيرين.
   بسبب الصدمة، أساء الجهاز التنفيذي إدارة نشر مقال العسكريين الأول، والذي لم يستبعد “تدخل رفاقنا النشطين في مهمة محفوفة بالمخاطر لحماية قيمنا الحضارية.

 اعتمد في البداية الصمت، ثم رد الفعل، وربما بشكل مفرط، إثر تفاعل جان لوك ميلينشون من جانب، ومارين لوبان من الجانب الآخر، وتصدرهما المشهد.
   ولعلّ تدخّل رئيسة التجمع الوطني هو الذي دفع الحكومة للتحرك. لقد ردت مارين لوبان، في “فالور اكتويل”، على العسكريين بأن سخطهم “يتطلب، في ظل الديمقراطية، البحث عن حل سياسي”؛ ودعتهم “للمشاركة في المعركة التي بدأت، وهي بالتأكيد معركة سياسية وسلمية».

«بعثت برسالة لوقف
مهاجمة العسكريين»
   واليوم، ما زالت وزيرة الدفاع، فلورنس بارلي، تتساءل في المجالس الخاصة، ما إذا لم تكن العملية قد اعدّت ونفّذت بالاتفاق وفي علاقة بالمرشحة للإليزيه. “تم إنشاء المدونة التي تم نشر المقال عليه قبل فترة وجيزة، ومدام لوبان لديها عدد معتبر من الاتصالات مع عسكريين أو عسكريين سابقين”، يشير المحيطون بها.

   ثم اتجهت الحكومة إلى مهاجمة الموقّعين وكتاب المقال –”إنهم أناس بعيدون جدًا عن الجيوش، وكبار السن، ومن بينهم عدد من الكولونيلات أصبحوا جنرالات يوم مغادرتهم، وهذه ليست علامة جيدة جدًا على مسيرتهم المهنية”-.  وكأنها عملية رفض لرؤية العلّة. ورغم أن حماقة بعض التعبيرات في المقال الأول كانت صارخة، إلا أن رد السلطة بدا شاذا وغير فعّال. ولم يقنع، حتى داخل حزام ماكرون الموسع. يقول أحد المقربين من الرئيس الفرنسي: “لقد بعثت برسالة لوقف مهاجمة العسكريين الذين يشبهون الميدعات البيضاء».

   مساء الأحد، تم نشر المقال الثاني من قبل فالور اكتويل. هنا مرة أخرى، يمنح العصي ليتم ضربه: عدم الكشف عن هويّة اصحابه، ومراجع تاريخية ندرك أنه يجب التعامل معها بحذر (“كبارنا، هم مقاتلو المقاومة عام 1940، تعاطى معهم أشخاص مثلكم في كثير من الأحيان على انهم مذنبين ومشاغبين هم الذين واصلوا النضال في حين راهن النظاميون المذعورون على التنازل للشر للحد من الاضرار”). على غرار المقال الأول، تم الركوب عليه بسرعة من قبل بعض القادة السياسيين، من نيكولا دوبون آيجنان إلى فلوريان فيليبو، وشجبه آخرون، بدءً من الرئيس السابق فرانسوا هولاند ووزير الداخلية جيرالد دارمانان... النتيجة: اتساع الجرح.

   بين إيمانويل ماكرون والعسكريين، بدأت القضية بداية سيئة، كما نتذكر. عملية لي الذراع، عام 2017، مع رئيس أركان القوات المسلحة، الجنرال بيير دي فيلييه، انتهت باستقالة هذا الأخير، وطبعت الاذهان. “تظل الخطيئة الأصلية لإيمانويل ماكرون، في رأيي، استقالة الجنرال دو فيلييه، اعتبارًا من يوليو 2017، مع ردود فعل في جزء كبير من المجتمع العسكري حول الموضوع: من هو حتى يعامل قائد الاركان بتلك الطريقة؟”، علق مؤخرًا أستاذ العلوم السياسية جيروم فوركيه، في صحيفة لوبنيون الفرنسية.

حلقة الجنرال دو فيلييه “تربة خصبة” لمناخ اليوم
   بالرجوع للوراء، ألقى الموالون للرئيس نظرة متباينة على اللقطة: “كان إيمانويل ماكرون بحاجة بالتأكيد لإظهار سلطته، لكن الشكل المستخدم لم يكن بالضرورة هو الأفضل، ربما كانت هناك مغالاة في ادارة القضية، يلاحظ أحد الوزراء. لقد رد الرئيس بقانون رصدت له أموالا كثيرة، دون استخلاص أي عائد سياسي. ان “قانون البرمجة العسكرية هذا، الذي يتم تحديثه الآن، هو أحد العناصر التي تدفع فلورنس بارلي للطعن في أي “أزمة وجودية” بين الجنود.
   لكن تظل تلك الحلقة تأسيسية لولاية الخمس سنوات بدليل ان الحكومة تعتبر أن “الجنرال دو فيلييه قد خلق تربة خصبة” للمناخ السائد اليوم من خلال مواقفه وكتاباته... هناك علامات لا يمكن محوها بسهولة، وها ان كلمات معينة، “التمرّد” على سبيل المثال، والتي ساد الاعتقاد أنها شبه منسية، عادت للظهور في فرنسا عام 2021.