يكتسب موعد اليوم قيمة رمزية أكثر:

اربعة أسئلة حول أهمية 9 مايو لبوتين وروسيا...!

اربعة أسئلة حول أهمية 9 مايو لبوتين وروسيا...!

- تقليديا، العرض العسكري فرصة لإظهار القوة وتقديم المعدات العسكرية الأكثر رمزية أو الأكثر حداثة
- طائرة يوم القيامة الشهيرة ستشارك في استعراض يوم النصر
- جعل فلاديمير بوتين من هذه المناسبة موعدا لتعزيز الروح الوطنية الروسية
- لم يضعف سقوط الاتحاد السوفياتي، إحياء ذكرى هذا الانتصار السوفياتي في البلاد
- اليوم، مشاركة 11 ألف جندي، وعرضأكثر من مائة عتاد، و77 طائرة في سماء موسكو


في التاسع من مايو من كل عام، يحتفل الروس بـ “انتصار الحرب الوطنية العظمى”، أي بنهاية الحرب العالمية الثانية.
ومنذ وصوله إلى السلطة، جعل فلاديمير بوتين من هذه المناسبة موعدا لتعزيز الروح الوطنية الروسية.
وهذا العام، سيكتسب هذا الموعد قيمة رمزية أكثر بسبب الحرب في أوكرانيا.
منذ عام 1945، يحتفل الاتحاد السوفياتي ثم الاتحاد الروسي، بانتهاء الحرب العالمية الثانية والانتصار على النازية.
 صراع، يطلق عليه هناك “الحرب الوطنية العظمى” والتي تسببت في مقتل ما يقرب من 27 مليون روسي.
عام 2022، يكتسب الاحتفال بهذا النصر أهمية خاصة، فقد أمر فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا بحجة القضاء على النازية في هذا البلد على وجه الخصوص.
وحتى لو تعثرت هذه الحرب -التي تعتبر رسميًا في روسيا “عملية خاصة” فقط -فإن الاحتفال في 9 مايو يجب أن يرقى إلى مستوى طموحات فلاديمير بوتين الحربية.


1 -لماذا هذا التاريخ؟
لئن تحتفل جميع الدول الغربية بنهاية الحرب العالمية الثانية في 8 مايو، فان موسكو تحتفي بذلك في 9 مايو... والسبب؟ مسالة فارق التوقيت.
عودة مختزلة إلى الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية: وقّع الجنرال الألماني ألفريد جودل، رئيس أركان الفيرماخت، استســــــلام ألمانيـــــا غير المشروط في ريمس ليلة 6 -7 مايو 1945.
ومع ذلك، فإن الإجراء الرسمي لاستسلام ألمانيا النازية، والذي يحدد وقف الأعمال العدائية، كان في اليوم التالي 8 مايو الساعة 11:01 مساءً بالضبط ... وهــــــذا يوافـــــق 9 مايـو الساعة 1:01 صباحًا بتوقيت موسكو.
بسرعة، قرر جوزيف ستالين أن يتم إحياء الذكرى بعرض عسكري في مثل هذا اليوم، لكن العرض الأول لم يتم في الأخير الا في 24 يونيو 1945. وكان لا بد من انتظار عام 1965 ليربط ليونيد بريجنيف هذا التاريخ بعطلة عامة، وليصبح اليوم مناسبة لموسكو لتمجيد قوتها العسكرية باستعراض في الساحة الحمراء، وتعهّد ذكرى الثمن المدفوع للنصر على النازية:
ما يقرب من 27 مليون قتيل في المعسكر السوفياتي، وتأثر واحد من كل أربعة روس من الصراع.

2 -كيف استعاد بوتين
 “فوج الخالدون” لمصلحته؟
 لم يضعف سقوط الاتحاد السوفياتي، إحياء ذكرى هذا النصر السوفياتي في البلاد، بل على العكس تماما، نجح فلاديمير بوتين في تجديد الظاهرة من خلال تعميم فكرة “فوج الخالدين” على نطاق وطني.
مبادرة ولدت من بيريسترويكا ميخائيل جورباتشوف.
 في ذلك الوقت، في العديد من المناطق، اعتـــــــــاد المواطنون العاديون على متابعـــة العروض العسكرية الرسـمية وهم يلوحون بصور آبائهـــــــم أو أجدادهم أو حتى أجداد أجـدادهـم ممن قاتلوا في الجيش الأحمر ضد النازية.
ولكن منذ عام 2012، اكتسبت الحركة زخمًا عندما نُظمت مسيرة حقيقية في مدينة تومسك (في سيبيريا) وأطلق عليها ثلاثة صحفيين محليين تسمية “فوج الخالدين”. بعد عام، تم تنظيم مسيرات من هذا النوع في 120 مدينة روسية، ولكن أيضًا في أوكرانيا وكازاخستان وإسرائيل. وعام 2014، كان الفوج موجودًا في 500 مدينـــــة روسية وسبع دول.
لم يفت هذا النجاح فلاديمير بوتين، الذي رأى فيه وسيلة لتجميع الشعب الروسي وتحفيز وطنيته. عام 2015، بمناسبة الذكرى السبعين للانتصار، قرر تقديم دعم الدولة لفوج الخالدين هذا. ولكن تأطيره أيضًا، من خلال دمجه في الاحتفالات الرسمية.
 ولتأكيد هذا التبني والتوظيف الرسمي، يشارك الرئيس الروسي في فعاليته، ملوحًا بصورة والده، على رأس موكب لا يقل عن نصف مليون مشارك.
منذئذ، لم يعد نجاح هذه المبادرة يحتاج الى دليل، وبات يستعصي على انكارها، بما في ذلك في فرنسا حيث، عام 2018، تجسدت المبادرة في عشر مدن فرنسية.
 وفي نفس العام، قرر جان لوك ميلينشون المشاركة فيها في موسكو، ملوحًا بصورة موريس دي سين، ضابط في سرب نورماندي-نيمن.
ولئن أصبح العرض افتراضيًا عامي 2020 و2021 بسبب فيروس كوفيد، فإنه سيعود هذا العام وسيقام، وفقًا للمنظمين، في ما لا يقل عن 120 دولة على الرغم من عمليات الحظر العديدة، كما هو الحال في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، بسبب غزو أوكرانيا.

3 -ما المتوقع من موكب 2022 في الساحة الحمراء؟
تقليديا، يعد العرض العسكري في 9 مايو، بالنسبة لموسكو، فرصة لإظهار القوة، ولتقديم معداتها العسكرية الأكثر رمزية أو حداثة... وموكب هذا العام لن يكون استثناء.
حسب وزارة الدفاع الروسية، بالإضافة إلى دبابات T-34 التقليدية التي يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية، سيتم تقديم أكثر من مائة عتاد خلال هذا العرض، منها، “ولأول مرة، قاذفات صواريخ تورنادو المتعددة-جي”، ومشاركة 11 ألف جندي. بالإضافة إلى ذلك، سيجمع عرض جوي فوق العاصمة 77 طائرة.
وخلال التدريبات التي جرت في الأيام الأخيرة، حلقت طائرة ذات رمزية خاصة فوق العاصمة الروسية: إليوشن ايل 80 ماكسدوم، الملقبة بـ “طائرة يوم القيامة” من قبل الغربيين.
هــــذه الطائرة العملاقة التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية، واسمها الرمزي الروسي “إيماك”، لم تشارك في هذا الاحتفال منذ اثني عشر عاما، وخيار استعراضها هذا العام ابعد ما يكون عن البراءة: من المفترض أن تنقل طائرة إليوشن إل 80 ماكسدوم كبار المسؤولين الروس، منهم الرئيس الروسي، لتكون بمثابة مركز قيادة في حالة نشوب صراع نووي.
إن موسكو لا تختزل روسيا كلها، وحتى لو ان العاصمة تستضيف أهم استعراض في البلاد، فانه سيتم تنظيم استعراضات في 27 مدينة أخرى أيضًا، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية، التي أنشأت موقعًا إلكترونيًا خصيصًا لهذه الاحتفالات.

4 -أي انتصار سيقدمه بوتين على أوكرانيا؟
غاية في الرمزية، يتوافق تاريخ 9 مايو، مع غزو أوكرانيا الذي قرره فلاديمير بوتين باسم “نزع النازية” عن تلك البلاد.
 ومنذ بداية الصراع، في مارس، أكدت أجهزة المخابرات الأوكرانية، أن فلاديمير بوتين يريد حربًا خاطفة تسمح بإعلان النصر في 9 مايو.
 لكن يبدو أن المقاومة التي لم يتوقعها الكرملين أجبرت سيده على تعديل خططه وتركيز جهوده على شرق أوكرانيا.
في بداية أبريل، بعد أن تحادث مع فلاديمير بوتين، ذهب إيمانويل ماكرون في هذا الاتجاه. “بالنسبة لروسيا، يعتبر التاسع من مايو عطلة وطنية، وموعد عسكري مهم..
 ومن شبه المؤكد أن 9 مايو، بالنسبة للرئيس بوتين، يجب أن يكون يوم النصر”، أوضح الرئيس الفرنسي على قناة ار تي ال، معتقـــدا أن الروس “سيركزون جهودهم في دونباس».
غذّى الموعد سيلا من التكهنات، على الرغم من أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال الأسبوع الماضي، إن روسيا لا تهدف إلى إنهاء الصراع في 9 مايو.
 وتعتقد لندن وواشنطن، على سبيل المثال، أن هذا التاريخ قد يكون فرصة لموسكو لإضفاء الطابع الرسمي على حقيقة أن روسيا في حالة حرب مع أوكرانيا وان ما يجري ليس “عملية خاصة” فقط.
 فهل سيُعتبر الاستيلاء الكامل على ماريوبول رمزيًا بدرجة كافية، خاصة أن آخر المقاتلين الأوكرانيين الباقين في مصنع آزوفستال ينتمون إلى فوج آزوف، الذي تتهمه موسكو بأنه موبوء بـ “النازيين الجدد».
في كل الاحوال، حسب المخابرات الاوكرانية، قد تستضيف ماريوبول أيضًا استعراضًا في يوم النصر. وقالت إنه في بداية الأسبوع الماضي “تم تنظيف الطرق الرئيسية في المدينة على وجه السرعة وإزالة الأنقاض وجثث القتلى والذخيرة التي لم تنفجر».