تتصدع بسبب مخاوف من الألم الاقتصادي

استطلاع جديد: الأوروبيون منقسمون على مواجهة روسيا

استطلاع جديد: الأوروبيون منقسمون على مواجهة روسيا


نشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية دراسة مدعومة باستطلاع رأي شمل عشر دول أوروبية وجدت أن الوحدة الأوروبية في مواجهة روسيا قد تتصدع بسبب مخاوف من الألم الاقتصادي، ومخاطر نزاع مطول.
وأجرى المجلس مسحاً لرأي المواطنين في فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولونيا، والبرتغال، ورومانيا، وإسبانيا، والسويد، إضافة إلى بريطانيا.
بينما لا يزال دعم أوكرانيا مرتفعاً في هذه الدول، تحولت انشغالات الأوروبيين بعيداً إلى تأثيرات النزاع التي يشعرون بها على نطاق واسع مثل اضطراب سلسلة التوريد ،وارتفاع أسعار الطاقة، والتضخم.
وكشفت الدراسة أن كثيرين في أوروبا يريدون إنهاء الحرب بأسرع ما يمكن حتى، لو كان معنى ذلك خسارة أوكرانيا لأراضيها، وهم يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي سيكون في وضع أسوأ بسبب هذه الحرب، لا الولايات المتحدة، أو الصين.

أبرز النقاط
في التقرير بعنوان “السلام في مواجهة العدالة: الانقسام الأوروبي المقبل على الحرب في أوكرانيا”، وجد المجلس أنه رغم الدعم القوي في أوروبا لطلب أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولسياسة الغرب بقطع العلاقات مع موسكو، تبرز فجوة بين مواقف العديد من الحكومات الوطنية ومزاج الجماهير في هذه الدول.
وأجرت شركتا داتابراكسيس ويوغوف استطلاع رأي بين 28 أبريل -نيسان و11 مايو -أيار 2022، كشف أن 73% من الأوروبيين يلومون روسيا، على اندلاع النزاع. لكنه كشف أيضاً انقساماً بين الذين يريدون نهاية النزاع بأسرع ما يمكن، معسكر السلام، والذين يعتقدون أنه يجب معاقبة روسيا ومحاسبتها على انتهاك القانون الدولي، معسكر العدالة. وهنالك أيضاً المتأرجحين الذين يشاطرون معسكر العدالة الشعور المناهض لروسيا، ومعسكر السلام المخاوف من التصعيد. ووجد استطلاع الرأي أن الأوروبيين ينقسمون على كيفية إنهاء الحرب. يحذر معدا التقرير مارك ليونارد وإيفان كراستيف القادة الأوروبيين من المواقف المتطرفة ويقترحان بقاء الزعماء الأوروبيين متشددين مع روسيا، لكنهما يحذران أيضاً من مخاطر التصعيد.

رأي مشترك
ثمة توافق أوروبي كبير على لوم روسيا على النزاع ولأنها عقبة أمام السلام حسب الآراء المستطلعة. وحمل 83% من البولونيين والسويديين، و90% من الفنلنديين، و83% من البريطانيين، روسيا مسؤولية الحرب.
وشاطرهم الرأي 56% من الإيطاليين، و62% من الفرنسيين، و66% من الألمان.
أما نسب تحميل روسيا مسؤولية عرقلة السلام فمتقاربة لكنها تنخفض بشكل كبير في رومانيا 42%، وإيطاليا 39%، رغم أنها تظل أغلبية مهيمنة.
ورأت غالبية المستطلعين ضرورة أن تقاطع الحكومات الوطنية العلاقات الاقتصادية والثقافية مع موسكو.
وتسود وجهة نظر تطالب أيضاً بقطع العلاقات الديبلوماسية مع روسيا. وأيد 71% من البولونيين قطع  العلاقات مع روسيا حيث استقبلت بولونيا أكثر من نصف اللاجئين الأوكرانيين على أراضيها.

سياسة الطاقة
وأيد 58% من المستطلعين تخفيف الاتحاد الأوروبي اعتماده على الطاقة الروسية حتى لو كان على حساب الأهداف المناخية للتكتل. وكان هذا الميل الأكثر وضوحاً في فنلندا 77%، التي تستورد النسبة الأكبر من الغاز الروسي بالمقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى.
في الدول العشر التي شملها الاستطلاع، ينتمي 35% من المستطلعين إلى معسكر السلام، و22% إلى معسكر العدالة، و20% يمكن تصنيفهم ضمن المتأرجحين الذين لا يستطيعون الخيار بين ضرورات السلام والعدالة لكنهم لا يزالون يؤيدون بشكل واسع تحرك الاتحاد الأوروبي في الرد على الحرب.
وتضم إيطاليا العدد الأكبر من المنتمين إلى معسكر السلام بـ 52% بينما يقود البولونيون معسكر العدالة بـ41% من مؤيدي أولوية معاقبة روسيا واستعادة وحدة الأراضي الأوكرانية.

العلاقات الخارجية والدفاعية
يميل مؤيدو السلام إلى الاعتقاد أن أوكرانيا ستكون في حال أسوأ من روسيا بعد نهاية النزاع. وفي الإطار نفسه، يدعم معسكر العدالة والمتأرجحون قطع العلاقات الاقتصادية والديبلوماسية والثقافية مع روسيا. لكن معظم مريدي السلام يعارضون قطع العلاقات الديبلومسية والثقافية.
يستمر الانقسام نفسه على مسألة الدفاع، إذ يعارض معسكر السلام فرض منطقة حظر جوي ونشر قوات في أوكرانيا، بينما يدعم معسكر العدالة هذه الخطوة. ويعتقد 55% من الأوروبيين أن الاتحاد الأوروبي سيكون في حال أسوأ “بقليل” أو “بكثير” نتيجة للنزاع.
ثمة شعور سائد بأن الحكومات تركز كثيراً على الحرب، على حساب المشاكل الأخرى التي يواجهها سكان الدول الأوروبية.
وأعلن 42% من المستطلعين أن حكوماتهم أمضت الكثير من الوقت في التركيز على الحرب في أوكرانيا، وأعرب 36% عن رضاهم على التركيز الحكومي على الحرب.
وقال 4% إن التركيز كان قليلاً جداً على الحرب.
وقال المستطلعون في الدولتين على خط المواجهة بولونيا، ورومانيا بنسبة تخطت 50% إن حكومتيهم ركزتا كثيراً على الحرب في أوكرانيا.

ترتيبات الهواجس
كان القلق من تداعيات الحرب موجوداً في جميع الدول لكن الاختلافات برزت في كيفية ترتيبها. المستطلعون في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا أكثر قلقاً من تأثير الحرب على كلفة المعيشة وأسعار الطاقة. السويديون والبريطانيون والبولونيون والرومانيون أكثر قلقاً من تهديد الحرب النووية. في الدولتين الأبعد من روسيا، البرتغال وإسبانيا، برز القلق من كلا التهديدين بشكل متساو. وكان الفنلنديون أكثر توجساً من خطر تحرك عسكري روسي ضدهم.
ثمة اختلافات بارزة في الرأي بين الدولتين اللتين تشتركان فيالحدود مع أوكرانيا، ففي بولونيا، لام 83% روسيا على النزاع بالمقارنة مع 58% في رومانيا، وقال 74% من البولونيين إن روسيا، أكبر عقبة أمام السلام، مقابل 42% في رومانيا.
 ويوافق 71% من البولونيين على المزيد من المساعدات الاقتصادية إلى أوكرانيا مقابل 54% في رومانيا. ويدعم 78% من البولونيين إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا مقابل 46% في رومانيا.
والبولونيون من بين الأوروبيين القلائل الذين يتخطى تأييدهم إرسال قوات إلى أوكرانيا نسبة معارضته 46%، مقابل 30%. في حي يرفض الرومانيون بوضوح هذه الفكرة بـ 44% مقابل 26%.
إن الجغرافيا ليست العامل الأهم في تحديد مواقف المواطنين من الحرب، حسب التقرير.

أوروبا أمام أيام أصعب
في تحليلهما للبيانات، يقول مارك ليونارد وإيفان كراستيف إن الرأي العام الأوروبي يتغير وأن “الأيام الأصعب” على الاتحاد الأوروبي قد تلوح في الأفق.
وحسب رأييهما، فإن “مرونة الديموقراطيات الأوروبية” ستعتمد إلى حد كبير على قدرة الحكومات  على إطالة دعم المواطنين لسياسات مؤذية بشكل محتمل مثل حظر النفط الروسي الذي سيدفع أسعار الطاقة إلى المزيد من الارتفاع، ويؤثر على الاقتصادات الأوروبية.
وإذا لم تتعامل الحكومات بشكل جيد مع الفجوة بين معسكري السلام، والعدالة، فقد يضر ذلك بالاتحاد الأوروبي مثلما أضر به، الخلاف بين الدائنين والمدينين خلال أزمة اليورو.