أعمال الصيانة للطائرات الحربية يشوبها القصور

الأسباب الحقيقية وراء خسائر القوات الجوية الروسية في أوكرانيا

الأسباب الحقيقية وراء خسائر القوات الجوية الروسية في أوكرانيا

كشفت بيانات جمعتها مجلة “نيوزويك” أن أكثر من خُمس الخسائر الروسية من الطائرات والمروحيات منذ أن بدأت موسكو غزوها لأوكرانيا، لم تنتج عن أعمال عدائية من الجانب الأوكراني.
فخلال فترة الحرب التي دامت 18 شهراً، تسببت الأعطال أو أخطاء الطيارين أو النيران الصديقة، أو غير ذلك من الحوادث والأسباب التي لا تتصل بالقتال المباشر ضد أوكرانيا في بـ 21.7%، أو واحد من كل خمس من خسائر الطائرات المأهولة الروسية التي تم التحقق منها، ويشمل ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات وطائرات النقل.
 
وتنسب “نيوزويك” إلى خبراء أن الخسائر الكبيرة في الطائرات الروسية أثناء التدريب أو المهام غير القتالية يمكن أن ترجع إلى عدة عوامل، من بينها ضعف مستوى صيانة الطائرات، وعدم تكريس الوقت الكافي لتدريب الطيارين للوصول إلى مستويات عالية من الكفاءة، بالإضافة للافتقار إلى الصرامة بشأن إجراءات السلامة. 
واستخدمت مجلة “نيوزويك” المعلومات التي يعرضها موقع الاستخبارات مفتوحة المصدر أوريكس «Oryx»، في تقدير العدد الإجمالي لخسائر الطيران الروسي المؤكدة.
 
وإلى ذلك، واستناداً إلى تقارير وسائل الإعلام الحكومية والمحلية الروسية، توصلت المجلة الأمريكية إلى وجود العشرات من الخسائر التي لم تنتج عن العمليات القتالية، بما في ذلك بعض الخسائر التي لم يأت موقع أوريكس الاستخباراتي على ذكرها.
ووفقاً لبيانات أوريكس، فقدت روسيا 186 طائرة ومروحية خلال فترة الحرب وحتى شهر أغسطس (آب) الجاري، حيث صُنف 13 منها على أنها خسائر “غير قتالية».
وحسب الحالات التي تمكنت مجلة “نيوزويك” من التأكد منها، من خلال تقارير وسائل الإعلام، فقد خسرت روسيا ما لا يقل عن 48 طائرة لأسباب لا تتصل بالعمليات العسكرية الأوكرانية.
وتشمل هذه الطائرات سبع طائرات من طراز سو-25، وأربع طائرات اعتراضية من طراز ميغ-31، وثلاث طائرات مروحية من طراز كا-52 . أما حصيلة خسائر الطائرات الروسية وفقاً للمصادر الرسمية للجيش الأوكراني فهي أعلى بكثير، إذ تُفيد هذه المصادر بأن إجمالي خسائر الطائرات المقاتلة الروسية هو 315 بالإضافة إلى 314 طائرة مروحية، وذلك حتى يوم الخميس الماضي، ولكن لم يتسنّ لمجلة “نيوزويك” التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، وبالتالي تعتمد تقديراتها فقط على بيانات موقع أوريكس والنتائج التي توصلت إليها من أبحاثها الخاصة.
واستناداً إلى هذه الأرقام، فإن ما لا يقل عن 48 من أصل 221 طائرة خسرتها روسيا، وتم التحقق منها، لم تنتج عن العمليات القتالية، وهو ما يصل إلى حوالي 21.7%، أو ما يقرب من واحد من كل خمسة.. ويشمل ذلك 26.7% من جميع الطائرات المقاتلة وأنواع الطائرات الأخرى، و17.5% من خسائر المروحيات.
 
قال فريدريك ميرتنز، المحلل الإستراتيجي في مركز لاهاي للدراسات الإستراتيجية، إن الحوادث أثناء التدريب طبيعية ومتوقعة، لكن القوات الجوية في كل البلاد تحاول دائماً تقليل نسبة هذه الحوادث التي تكون مميتة في كثير من الأحيان، وأضاف في تصريحه لمجلة نيوزويك قائلاً: “إن روسيا تفتقر إلى الطيارين ذوي الخبرة».
 
وقبل بدء المجهود الحربي لموسكو في أوكرانيا، كان التدريب الأساسي للطيران يتصف بالضعف.. وقال ميرتنز إنه قبل بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022، كانت روسيا تمتلك أعداداً من الطائرات تفوق بكثير أعداد الطيارين الذين يتمتعون بخبرة حقيقية، حيث لم يحقق الطيارون ممن لا يمتلكون خبرة كافية، سوى نصف وقت الطيران الذي يحققه عادة الطيارون في القوات الجوية التابعة لحلف شمال الأطلسي.ولا تقتصر المشاكل على الطيارين فحسب، بل تمتد أيضاً إلى الطائرات، حيث يقول ميرتنز إن أعمال الصيانة للطائرات الحربية الروسية يشوبها القصور، مع وجود شكوك بشأن احتياطات السلامة التي يتم تطبيقها، وإذا جمعت هذه الأسباب معاً، يمكن القول إن الخسائر الجوية الروسية الناتجة عن أسباب لا تتصل بالمعارك، تمثل نسبة كبيرة من الطائرات التي أعلن عن إسقاطها.وقال بول فان هوفت، وهو محلل أيضاً في مركز لاهاي للدراسات الإستراتيجية، إن الأمر في النهاية يعود إلى ضيق وقت التدريب، وقلة الطيارين ذوي الخبرة، وضغوط القتال المستمر.. وقال لمجلة نيوزويك: “الحوادث هي سمة من سمات القوات المسلحة التي تتعرض لضغوط شديدة وعلى مدار فترات طويلة».