على الكونغرس أن يُطالب البيت الأبيض بتفسير واضح

الإنفاق العسكري الأمريكي في أوكرانيا.. هل زاد عن حدّه؟

الإنفاق العسكري الأمريكي في أوكرانيا.. هل زاد عن حدّه؟


قال دانيال ديفيز، باحث أول لدى مؤسسة ديفينس برايوريتيز وضابط برتبة مُقدِّم سابق في الجيش الأمريكي شاركَ في أربع حملات عسكرية أمريكية خارج أمريكا، إن الغرض الأساسي من زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن ولقاء نظيره الأمريكي بايدن هو الحصول على المزيد من الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا من الولايات المتحدة لحربه ضد روسيا.
وأضاف الكتاب في موقع 1954: منذ بداية عام 2022، قدَّمت الولايات المتحدة بالفعل أموالاً ودعماً عسكريّاً إلى كييف أكثر من أي دولة أخرى. وقبل أن يتحمس الرئيس والكونغرس الأمريكي لتقديم المزيد من أموال دافعي الضرائب، على الكونغرس أن يُطالب البيت الأبيض بتفسير واضح وصريح للنحو الذي تصب به أي إسهامات جديدة في المصالح القومية الحيوية لأمريكا.

105 مليارات لدعم أوكرانيا
ووفقاً لمؤشر رصد الدعم الأوكراني التابع لمعهد كيل، اعتباراً من 20 نوفمبر “تشرين الثاني” الماضي أسهمت الولايات المتحدة حتى الآن بأكثر من 50 مليار دولار في الحرب المشتعلة في أوكرانيا. وبلغَ إجمالي المساهمات التي قدمتها الدول السبع وعشرون الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 55 مليار دولار، غير أنَّ أكبر دولة ساهمت في دعم أوكرانيا في القارة الأوروبية قاطبة هي ألمانيا، إذ بلغت إسهاماتها مُنفردةً نحو 15 مليار دولار.
وطلبت إدارة الرئيس بايدن من الكونغرس الأمريكي ضخ 37 مليار دولار إضافية في أوكرانيا، غير أنَّ المشرعين يبدو أنهم عازمون على تقديم دعمٍ أكبر مما طالبَ به البيت الأبيض يبلغ نحو 45 مليار دولار.
واستدرك الكاتب بقوله: “لكن، قبل أن يوافـــــق الكونغرس الأمريكي على تخصيص فلسٍ واحدٍ من أمــــــوال دافعـــــــي الضرائب الأمريكيين إلى حكومة أجنبية أخرى، عليه على أقل تقدير أن يفعل ذلك بعد موافقة أوروبا على مضاهاة عرضنا».
وأوضح مؤلف كتاب “الساعة الحادية عشرة في أمريكا عام 2020» (The Eleventh Hour in 2020 America) أنّ الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا ارتضت كلها السماح لأمريكا بأن تتحمل العبء الأساسي لتمويل الأمن الأوروبي، ولأجل غير مسمى كما يبدو. ولكن، لا ينبغي للأمن الأوروبي أن يكون أهم عند الولايات المتحدة منه عند الدول الأوروبية.
ومضى ديفيز يقول: يسعني أن أتفهم رغبة زيلينسكي في القدوم إلى واشنطن لممارسة ضغوط على بايدن والبيت الابيض بغية الحصول على مزيدٍ من الأموال والعتاد العسكري. ولكن، هناك حقيقة واحدة لا ينبغي أن تغيب عنّا في تلك الأثناء؛ ألا وهي أن المصالح القومية الأوكرانية الحيوية ليست رديفة للمصالح القومية الأمريكية الحيوية.
في مقطع فيديو لزيلينسكي صوَّرَه خلال رحلته الأخيرة لزيارة قواته في باخموت، تقدَّمَ بطلبٍ مُستتر بالدعم من الولايات المتحدة. وقال زيلينسكي في مقطع الفيديو إن قواته “سلّمت علمنا الأوكرانيّ الجميل ممهوراً بتوقيعاتهم لنا لنُقدِّمه” إلى “الكونغرس الأمريكي وإلى الرئيس الأمريكي».
وأقرَّ زيلينسكي بأنّ أوكرانيا ممتنة للدعم الذي قدّمته لها الولايات المتحدة إلى الآن، لكنه أضاف بأنه “ليس كافيّاً. فهو مجرد غيض من فيض. ولا يكفي بأي حال».
ويعلق الكاتب: “مع كل الاحترام الواجب للرئيس الأوكراني، لا يكفي بأي معيار؟ فالولايات المتحدة تدعم الأوكرانيين، وسبق أن قدَّمت ما تجاوز بمراحل التعاطف مع قضيتهم».
وأضاف الكاتب: لقد قدّمنا دعماً إلى أوكرانيا يتجاوز 50 مليار دولار، وبعض أحدث أجهزة إطلاق الصواريخ ومدافع الهاوتزر لدينا، وأكثر من مليون قذيفة مدفعية عيار 155 ملم وعشرات الملايين من طلقات الذخائر الأخرى، وعشرات الآلاف من الصواريخ، فضلاً عن تدريب القوات الأوكرانية، وتوجيه الاستخبارات لمساعدة أوكرانيا على تحديد مواقع القوات الروسية في أرض المعركة وتدميرها.
وأضاف: “لقد بذلنا أكثر بكثير من أي دولة منفردة، وأضعافاً مضاعفة مما بذلته أقرب دولة حليفة لنا، وكل ذلك لدولة ليست حتى حليفةً لنا بموجب أي معاهدة».

تريليوني دولار في أفغانستان
وأردف قائلاً: خضنا تجربة ما زالت تبعاتها موجعة أثبتت لنا ما يحدث عندما تُضخُّ الموارد المالية والعسكرية الأمريكية في بلدٍ ليس له علاقة بالمصالح القومية الأمريكية المعرضة للخطر عندما أنفقنا نحو تريليونيّ دولار على مدار 20 عاماً من الحرب في أفغانستان، ولم نجنِ شيئاً في المقابل.
العواطف الجياشة لا تجدي
واختتم الكاتب مقاله بالقول: “قبل أن تطغى العواطف الجياشة على أعضاء بيتنا الأبيض ومجلس شيوخنا تأثراً بالكلمة النارية التي ألقاها زيلينسكي على أسماعهم، ويتعهدوا بضخ المزيد من المليارات في حربٍ ربما لا تعود بالنفع على مصالحنا القومية، ينبغي للمُشرِّعين إجراء تقييم دقيق للإسهامات المالية التي يقدمها شركاؤنا وحلفاؤنا في أوروبا، وبحث المصالح القومية الحيوية، إن وُجِدَت، للولايات المتحدة بعنايةٍ شديدة في أوكرانيا التي تقتضي إنفاق هذه الأموال الطائلة».