بروفة أولى لرئاسية وتشريعية 2022:

الانتخابات الإقليمية في فرنسا: صفعة الامتناع التاريخية...!

الانتخابات الإقليمية في فرنسا: صفعة الامتناع التاريخية...!

-- تراجع «التجمع الوطني»، ونتائج سيئة للغاية لحزب ماكرون، ومكافأة المنتهية ولايتهم من اليمين والحزب الاشتراكي
-- سيتعين على منظمي استطلاعات الرأي إعادة التفكير في أدواتهم لقياس الحزب اليميني المتطرف
-- تحولت الحملة إلى «وطنية» و «رئاسية»، حيث ركزت على مواضيع خارج نطاق الاختصاص الإقليمي
-- اثنان من كل ثلاثة ناخبين تجنبوا صناديق الاقتراع: رقم قياسي في ظل الجمهورية الخامسة
-- من بين المشاكل التي أثارها امتناع الفرنسيين،مدى شرعية مثل هؤلاء القادة المنتخبين بشكل سيئ


   قاطع الفرنسيون بشكل ساحق الانتخابات الإقليمية والمحلية.
وتميزت النتائج بتراجع “التجمع الوطني” بزعامة مارين لوبان مقارنة بعام 2015، ونتائج سيئة للغاية لـ “الجمهورية إلى الأمام” حزب الرئيس ايمانويل ماكرون، ومكافأة المنتهية ولايتهم من اليمين والحزب الاشتراكي.

ربما يكون الامتناع عن التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية قد تم الإعلان عنه مسبقا على نطاق واسع، لكن لا أحد كان يتوقع ما يجب أن يسمّى بكارثة ديمقراطية. تم تقديره مساء الأحد في الساعة 8 مساءً بـ 66 فاصل 1 بالمائة وفق إيبسوس سوبرا ستيريا، وبشكل أوضح أن اثنين من كل ثلاثة ناخبين تجنبوا صناديق الاقتراع: رقم قياسي مطلق -خارج الاستفتاء -في ظل الجمهورية الخامسة. “الديمقراطية بدون ناخبين لم تعد ديمقراطية حقًا”، صدع جان لوك ميلينشون، زعيم “حركة فرنسا المتمردة”، في تناغم مع القادة السياسيين من اليمين واليسار.    يمكننا أن نعدد التفسيرات، وندافع عن الفرنسيين الذين انهكتهم شهور الأزمة الصحية، ونقول إن تفكيرهم في مكان آخر مع انتهاء حظر التجول، والانتعاش الاقتصادي، وعودة الطقس الجميل. يمكن ان نندم للخلط بين اقتراعين يتعلقان بالمناطق والإدارات التي سلطاتها واختصاصاتها غير معروفة أو مشوشة، والتي لا نعرف مسؤوليها ومرشحيها إلا بعض الاستثناءات. ومما زاد الطين بلة، أن الحملة، التي كادت تكون سرية بسبب التعليمات الصحية في زمن كوفيد-19، تحولت الى حملة “وطنية” أو حتى “رئاسية”، من خلال التركيز على مواضيع مثل الأمن أو الهجرة، خارج نطاق الاختصاص الإقليمي.

   ومع ذلك، فإن الاقتراع تلو الاقتراع، يستمر تزايد انعدام ثقة المواطنين بالسياسة. ويوم الأحد على وجه الخصوص، طال هذا الامتناع عن التصويت جميع الفئات الاجتماعية والمهنية في أجزاء متساوية تقريبًا. ورغم ان الشباب موسوم، تقليديًا، بانه الأكثر امتناعًا عن التصويت من بقية السكان، فانه اخترق هذه المرة سقوف الستراتوسفير: 87 بالمائة من 18-24 عامًا و83 بالمائة من 25-34 عامًا خططوا للامتناع عن التصويت، مقابل 56 بالمائة من 60-69 عامًا (و40 بالمائة فقط ممن تزيد أعمارهم عن 70 عامًا)، وفقًا لمعهد إبسوس.
ومن بين المشاكل التي يثيرها انسحاب الفرنسيين هذا، حقيقةً شرعية مثل هـــــؤلاء القــــادة المنتخبين بشكل سيئ -مثل العديد من رؤساء البلديات قبل عام.

كزافييه برتران،
 الفائز الأكبر
   لست متأكدًا من أن منظمي استطلاعات الرأي قد أمضوا أمسية جيدة جدًا، حيث جاءت توقعاتهم متضاربة. لقد بالغوا إلى حد كبير في تقدير ثقل التجمع الوطني في كل مكان تقريبًا (الذي لم يتصدّر في النهاية إلا في منطقة باكا). على الصعيد الوطني، انخفضت نسبة التجمع الوطني من 28 بالمائة في الجولة الأولى من الدورة الإقليمية لعام 2015 إلى 19 فاصل 3 بالمائة (حسب ايلاب، حيث عانى هو أيضًا من الامتناع عن التصويت. ربما سيتعين على منظمي استطلاعات الرأي إعادة التفكير في أدواتهم لقياس الحزب اليميني المتطرف.

  في أوت دو فرانس، لم يرى المستطلعون النتيجة العالية جدًا للرئيس المنتهية ولايته كزافييه برتران (41 فاصل 89 بالمائة)، ولا انهيار بطل الجبهة سيباستيان تشينو (24 فاصل 75 بالمائة)، أقل بكثير من 40 بالمائة لمارين لوبان عام 2015. ويظهر برتران باعتباره الفائز الأكبر في هذه الجولة الأولى أيضًا بهزمه لكتيبة الوزراء، منهم الناري إيريك دوبون موريتي، الذي أرسله إيمانويل ماكرون لتعزيز قائمة “الجمهورية إلى الأمام”، التي تم التخلص منها في الجولة الأولى. كما لو أن كزافييه برتران ربح رهانه وفشل الرئيس الفرنسي في رهانه (التخلص من منافس بحلول عام 2022).

   في الواقع، يجب على مرشحي “الجمهورية الى الامام” ككل الاستسلام، وقد حرموا من آمالهم في لعب دور صانعي الملوك. مفاجآت أخرى، أداء الرؤساء المنتهية ولايتهم لمنطقتي الشرق الكبير وبورغون فرانش كومتيه، جان روتنر (الجمهوريون) وماري غويت دوفاي (الحزب الاشتراكي)، وكلاهما متقدم على رئيس قائمة التجمع الوطني. وأخيرًا، في منطقة باكا أيضًا هذه التي بدت موعودة لـ “التجمع الوطني”، أعلن موسيليه مارياني عن معركة ضروس يوم الأحد المقبل.

ميزان القوى السياسي
   إن الإقبال المتواضع جدا زاد في مكافأة المنتهية ولاياتهم، لصالح الرؤساء الإقليميين الأكثر شهرة -فاليري بيكريس، ولوران واكويز، وكزافييه برتران، وكارول ديلغا، وآلان روسيه...، -خاصة عندما ظهروا ناشطين في الأزمة الصحية (شراء الكمامات، وما إلى ذلك). وقد لعبت هذه الظاهرة بالكامل لفائدة اليمين -باستثناء تشويق موسيليه-فان حزب الجمهوريين في طريقه للحفاظ على مكانته باعتباره الحزب الاول في فرنسا.
  إنها مفارقة لحزب تشلّه انقساماته الداخلية، وممزق بين فرنسا إلى الأمام والتجمع الوطني، ويعاني من أزمة وجود على المستوى الوطني ... لكنه يمكن أن يستعيد زخمًا وزعيمًا بعد هذه الانتخابات الإقليمية. ويبقى اليسار ضعيفًا، بوزن إجمالي (فرنسا المتمردة، الحزب الشيوعي، الحزب الاشتراكي، أوروبا البيئة -الخضر، مختلف اليسار) بنسبة 33 بالمائة وفق ايبسوس، ولكن يبدو أن الحزب الاشتراكي على المسار الصحيح لتفادي بيريزينا في مناطقه الخمس.