الانتخابات الإيرانية.. السباق المحسوم سلفاً

الانتخابات الإيرانية.. السباق المحسوم سلفاً


يتنافس سبعة مرشحين إيرانيين في سباق الانتخابات الرئاسية التي تعقد في الـ18 من الشهر الجاري، ويتبنى كل منهم برنامجاً انتخابياً يسعى من خلاله لشد العديد من الناخبين لصفه، خاصة وأن استطلاعات الرأي التي ترافق الحملات الانتخابية تشير إلى تراجع نسب التصويت لأدنى مستوياتها. وتفسر التقارير، أن نسب التصويت المتوقع تراجعها بشكل كبير في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، تأتي نتيجة لفقدان الجمهور الإيراني الثقة بسياسييه، وإيمانه العميق بأن الانتخابات مجرد مسرحية تجري في كواليسها عملية اختيار الشخص المناصب، من قبل المرشد الأعلى علي خامني. وتُظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالة استطلاعات الطلاب الإيرانية الموالية للحكومة (Ispa) انخفاضاً بنسبة 7٪ في نسبة المشاركة المتوقعة، لتصل إلى 36٪ فقط منذ أن أُعلن عن قائمة المرشحين في 25 مايو (أيار)، في حين يتصدر هاشتاغ عدم التصويت في مواقع التواصل الاجتماعي الفارسية. المرشحون للانتخابات الرئاسية بينهم 5 محافظين وهم، إبراهيم رئيسي، وعلي رضا زاكاني، وسعيد جليلي، ومحسن رضائي، وأمير حسين، إضافة للإصلاحيان عبدالناصر همتي، ومحسن مهر علي زاده ويؤكد الباحث الليبي جبريل العبيدي، في مقال له بصحيفة “الشرق الأوسط”، أن المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي هو الأوفر حظاً لكسب الانتخابات، رغم أنه تلاحقه لعنات آلاف الإيرانيين، حيث شارك عام 1988 في إعدامهم بأوامر من المرشد آنذاك آية الله الخميني، حيث كان رئيسي واحداً من رجال الدين الذين وقّعوا على أحكام إعدام آلاف السجناء السياسيين، ولك أن تتخيل أن مرشحاً يحمل مثل هذه السيرة الذاتية يكون رئيساً سياسياً للنظام الإيراني، نظام المرشد وولاية الفقيه!

رئيسي الذي تلاحقه أرواح ضحاياه في العام 1988 يردد في شعار انتخابه “النضال المستمر ضد الفقر والفساد والتمييز”، بينما الواقع الإيراني أسير ثالوث الغلاء والفقر والبطالة، وعبّرت عن ذلك حالة السخط الشعبي على سياسات الحكومة وفشلها، وتجاهلها حلحلة أزمات الشأن الداخلي بسياسات خارجية عبثية، جعلت من إيران مصدر الشر في اليمن وسوريا ولبنان، لدرجة أن رفع المتظاهرون الساخطون شعارات “لا غزة، لا لبنان، حياتي في إيران».

ويؤكد العبيدي، أن النظام الإيراني المختبئ خلف انتخابات زائفة هو من أهدر ثروة البلاد على إنتاج وتصدير الإرهاب، وترك البلاد غارقة في مستنقع المرض والجهل والبطالة التي تجاوزت 15٪، والعجز في ازدياد مطرد في بلد يعد منتجاً رئيسياً للنفط.
وترتفع حظوظ رئيسي في كسب الانتخابات، بعد تدخلات مجلس صيانة الدستور المفرطة في الشأن الانتخابي واستبعاده العديد من الأسماء البارزة عن سباق الانتخابات، وكان من بين المستبعدين علي لاريجاني الذي شغل منصب رئيس البرلمان الإيراني لمدة 12 عاماً، إضافة لإسحاق جهانجيري، نائب الرئيس حسن روحاني، ومصطفى تاج زاده، الذي كان مسؤولاً في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي شغل منصب الرئيس من 1997 إلى 2005.
وتشير التقارير، إلى أن رئيسي بات يتصدر المشهد ويتهيأ لاستلام المنصب بعد حسن روحاني، لقربه من المرشد علي خامنئي وحمله نفس الأفكار والآراء التي يتبناها.

وشهدت السنوات القليلة الماضية تطوراً ملحوظاً على العلاقة بين خامنئي ورئيسي، إذ قام المرشد الأعلى في السنوات الأخيرة بترقية رئيسي، الذي ترشح وخسر بشدة أمام البراغماتي روحاني في انتخابات عام 2017. وقدر العديد من مراقبي إيران، أن خامنئي البالغ من العمر 82 عاماً “يهيئ رئيسي البالغ من العمر 60 عاماً لخلافته”، وفقاً لما ذكرته صحيفة “اندبندنت البريطانية».

انتخابات غير حرة
من جهتها، تقول مجلة “ذي إيكونوميست” في تقرير لها، أمس الأول الجمعة، “لا توجد انتخابات حرة في إيران، حيث يملك رجال الدين السلطة العليا، وربما يجد أي مرشح نفسه مستبعداً لأتفه الأسباب، وتقدم أكثر من 600 مرشح للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 يونيو (حزيران) الجاري، إلا أن مجلس صيانة الدستور، الذي يضم محامين ورجال دين ويقوم بفحص المرشحين، وافق على 7 مرشحين فقط للمشاركة في السباق الانتخابي».

ورأت المجلة، أن هذه ليست انتخابات على الإطلاق، ولكن الهدف منها هو تنصيب إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء، والمتشدد البارز الذي شارك في حملة الإعدام الواسعة النطاق ضد سجناء سياسيين في الثمانينيات، والذي بدا أنه محرج إلى حد ما نتيجة التزوير الفج.

وقالت المجلة، “ربما يكون مؤشراً سيئاً بأن إحدى اللحظات القليلة التي يمكن تذكرها خلال المناظرة الرئاسية تمثل اعترافا بأن الانتخابات الرئاسية الإيرانية تم تزويرها بالفعل”. وتابعت “قضى المرشحون في الانتخابات الرئاسية معظم المناظرة، التي تمت يوم الثامن من يونيو (حزيران) الجاري، في الهجوم على الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، الذي لن يشارك في الانتخابات من الأساس، وربما يشعرون أنه لا يوجد شيء يناقشونه، معظم المرشحين المحافظين الذين تم اختيارهم يعلمون مسبقاً أنهم خاسرون».
ويعتقد بعض المراقبين أن المرشحين الذين سُمح لهم بالترشح في هذه المسيرة الانتخابية، هم فعلياً موجودون فقط لدعم نجم المرحلة إبراهيم رئيسي.