التصعيد بين إسرائيل وحماس يُعيد عملية السلام إلى أجندة المجتمع الدولي
أدى التصعيد الأخير بين حماس وإسرائيل في غزة إلى إصرار الإدارة الأمريكية على دفع عملية السلام في المنطقة، وإعادة القضية الفلسطينية إلى مربع أولوياتها سعياً لفرض تهدئة طويلة تفضي في نهاية المطاف إلى اتفاق سلام يعيد الاستقرار للشرق الأوسط.
ووفق صحف عربية صادرة أمس الأحد، فإن جهود مصر لتحقيق التهدئة في غزة جعلت القاهرة مهيئة لأن تعلب دوراً رئيسياً في جهود السلام مستقبلا.
عملية السلام
قالت مصادر سياسية فلسطينية في رام الله لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن الحرب على قطاع غزة سرّعت من جهود دفع عملية سياسية جديدة في المنطقة، مؤكدة أن اتصالات ومباحثات وقف النار في قطاع غزة وفرض تهدئة طويلة الأمد كانت جزءاً من خطة أوسع لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، والوصول إلى اتفاق سلام.
وأضافت المصادر، “بوجود إدارة أمريكية جديدة تريد استئناف عملية السلام ودعم دولي وإقليمي كان يُفترض أن تنطلق مثل هذه العملية، لكن ما حدث في القدس والحرب على غزة جعلا الأمر ملحاً أكثر وحتمياً».
وأكدت المصادر أن الاتصالات التي أجرتها الولايات المتحدة مع الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل مباشر، تركزت على أنه يجب إطلاق عملية سلام للوصول إلى اتفاق شامل فلسطيني وإسرائيلي، وليس مجرد الوصول إلى اتفاق مؤقت لوقف النار في غزة.
تغير اللهجة المصرية
قالت صحيفة “العرب” اللندنية في تقرير لها، إن الامتحان الأكبر أمام مصر في المرحلة القادمة هو الحد من غلواء حماس وشعورها بالنصر ورفع سقف مطالبها بما في ذلك على القاهرة، وهو وضع قد تكون له تداعيات داخل مصر نفسها.
وأكدت الصحيفة، أن الإحساس العارم لقيادة حماس بنشوة الانتصار المعنوي قد يحد من مكاسب القاهرة وينهي سريعاً شهر العسل الذي ظهرت معالمه مع نجاحها في التوسط لوقف الحرب بين حماس وإسرائيل، فالحركة برعت في استثمار فكرة المقاومة.
وأسهمت الجغرافيا السياسية في نجاح دور القاهرة، وبدت حماس نفسها مجبرة على مراعاة تحركات مصر، فهي منفذها الوحيد على العالم في ظل ما فرضته إسرائيل من حصار عليها منذ سنوات، وهو ما حاولت القاهرة استثماره في هذه الحرب.
ومع أن حماس خرجت منهكة عملياً وفقدت جزءاً كبيراً من مخزونها العسكري في الحرب، لكنها بالتأكيد ستعمل على الاستفادة منها سياسياً وإعلامياً وتصويرها للرأي العام العربي على أنها “نصر كبير” دون الالتفات إلى ما خلّفه هذا “النصر” من مآس في غزة.
وقالت الصحيفة، إن حماس تقتدي بحزب الله اللبناني في مواجهته عام 2006 مع إسرائيل وتحاول إعادة إنتاج روايته بالطريقة التي تناسب أوضاعها، حيث تجاهل الحزب الدمار الذي أدت إليه الحرب في جنوب لبنان وأجاد تسويق نتائجها باعتبارها نصراً مهمّاً للمقاومة.
وظهر الخطاب المصري قريباً وربما منسجماً مع نظيره الحمساوي، فقد جرى في خضم الحرب استخدام عبارات من نوعية “الاحتلال الإسرائيلي، المقاومة الفلسطينية، الشهداء”، وظهرت هذه المفردات بجلاء في غالبية وسائل الإعلام المصرية الرسمية.
وأشارت إلى أن هذا مع الرؤية المصرية السابقة التي لم تكن مرتاحة لحماس، باعتبارها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها مصر في خانة الإرهاب، وعانت من تدخلاتها الأمنية في سيناء.
معضلة الأحزاب الكبرى
يقول الكاتب حمود أبو طالب في مقال له بصحيفة “عكاظ” السعودية، إننا إزاء معضلة كبرى تنخر عدالة ومشروعية وقانونية القضية الفلسطينية بدأت بنشوء الفصائل والحركات المنشقة التي تدعي تمثيلها وترتكب الحماقات باسمها منذ منتصف القرن الماضي وانتهاء بحماس التي أثبتت أنها الأسوأ لأن الفصائل السابقة كانت تمول وتعمل لصالح بعض الأنظمة العربية ضد البعض الآخر، بينما حماس تعمل لصالح مشروع خارجي توسعي تخريبي يستهدف كل العرب، وتعترف وتجاهر بذلك، إضافة إلى إفسادها للجهود المستمرة التي تهدف إلى حل القضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.
ويؤكد الكاتب، أن دولة كالمملكة العربية السعودية تضع القضية الفلسطينية في جوهر سياستها الخارجية كأولوية، وتسعى على الدوام للوصول إلى حلول عادلة منصفة لها، وتتعامل مع السلطة الفلسطينية الرسمية بوصفها الممثل الشرعي القانوني، وكذلك أي دولة عربية أخرى، أو أجنبية متعاطفة مع الحقوق الفلسطينية، ستجد صعوبات جمة تعترض مساعيها المخلصة بوجود حركات فلسطينية منشقة تعمل وفق أجندتها وتسبب أضراراً للفلسطينيين لا تقل فداحة عما يفعله المحتل الإسرائيلي. ولذلك لا تبدو في الأفق نهاية للمأساة الفلسطينية ما لم يتم تحييد حماس وأمثالها، وهذه مسؤولية الفلسطينيين أولاً ثم العرب المخلصين لعروبتهم والقضية الفلسطينية ومعهم المجتمع الدولي الذي يدعي مواجهته للإرهاب والدول الراعية له مثل إيران التي تعبث وتعربد على مرأى العالم.
وقال أبوطالب، إن من يقول شكراً لإيران في قضية عربية أمضى العرب 73 عاماً في الدفاع عنها إنما يمثل أكبر خائن لها.
إعلان النصر من الدوحة
من جهته، يقول الكاتب محمد يوسف في مقال له بصحيفة “البيان” الإماراتية، إن العالم كله كان يسعى لوقف الهجمة المفرطة في الوحشية من نتانياهو، وأصحاب الفكر العنصري الذين يديرون الآلة العسكرية الإسرائيلية، بهدف إنقاذ الأبرياء، ووقف سفك الدماء، والحفاظ على ما تبقى من غزة، وهنية يقف تحت أبراج الدوحة متفاخراً بمعادلة جديدة قلبت الموازين، ويبارك لشعبه الذي لم يخرج جثث ضحاياه من تحت الأنقاض بعد، بالنصر العظيم.
ويضيف الكاتب، “لم يتحدث عن النصر من بعد هنية غير الخامنئي، مرشد الخلايا التدميرية في البلاد العربية، ومعه قادة حرسه الثوري وأساطيل التهريب البحرية، ويعد المنتصرين بمزيد من الطائرات المسيرة، التي تتساقط مثل الذباب في كل مكان، ولم يعدهم ببناء بيت أو تضميد جراح مصاب، فهو قد اعتاد على الدمار وبث الفوضى وتقديم الأبرياء قرابين لأحلامه وأوهامه، جالب الويلات الذي لا يعرف للخير طريقاً».
وقال، إن “النصر على الفكر والسلوك الاحتلالي العنصري، لا يأتي من رموز العنصرية، أصحاب النظرة التوسعية، والتمدد الطائفي والمذهبي في بلاد العرب، ولا يصنع النصر أتباع فئة جعلت نفسها صاحبة حق في قيادة أمة تحاول كسرها، قبل أن تسيطر عليها، فهؤلاء ينتصرون عبر الواقع الافتراضي، برعاية من ينتمون إليهم، من اتبعوا الشياطين باسم الإخوان الإرهابيين».