في قمة منظمة شنغهاي التي اعتبرت الأهم منذ إنشائها عام 2001 :

الرئيس الصيني يحشد دول الجنوب العالمي لمواجهة النفوذ الغربي


شارك نحو عشرين زعيماً أوراسياً، من بينهم فلاديمير بوتين وناريندرا مودي، في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين، الصين، يومي الأحد 31 أغسطس-آب والاثنين 1 سبتمبر-أيلول. وعُدت هذه فرصةً لشي جين بينج لتقديم نفسه كزعيم لنظام حوكمة عالمي جديد معارض للغرب.
لقد ظهر شي جين بينج على كل القنوات التلفزيونية الصينية وعلى الصفحة الأولى لكل صحيفة يومية رسمية لمدة يومين. مصافحاتٌ دافئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وابتساماتٌ مع الزعيم الهندي ناريندرا مودي، ونظرات ثاقبة مع الإيراني مسعود بيزيشكيان، أو تحية عسكرية مع الانقلابي البورمي الجنرال مين أونغ هلاينغ.
 وهكذا، اجتمع أكثر من عشرين زعيمًا أوراسيًا لمدة يومين في مدينة تيانجين الساحلية، بالقرب من بكين، لحضور قمة جديدة لمنظمة شنغهاي للتعاون التي أنشأتها الصين قبل أكثر من عشرين عامًا. ويحرص شي جين بينغ على تقديم نفسه كقائد حوكمة عالمية جديدة من شأنها حشد دول الجنوب العالمي لمواجهة النفوذ الغربي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. 

وُصفت هذه القمة بأنها الأهم منذ إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001، وتنعقد في سياق أزمات متعددة تؤثر بشكل مباشر على العديد من أعضائها: المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين والهند، والحرب في أوكرانيا، والتوترات النووية مع إيران...
يقترح هذا الاجتماع، الذي اتسم بطابع مسرحي للغاية، «نظامًا متعدد الأطراف تُعدّله الصين، ومختلفًا عن الأنظمة التي يهيمن عليها الغرب»، كما يُحلل ديلان لوه، الأستاذ في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة. «تشهد المشاركة الكبيرة على نفوذ بكين المتنامي والجاذبية التي تُمارسها منظمة شنغهاي للتعاون تجاه الدول غير الغربية». وينطبق هذا بشكل خاص على حرب موسكو ضد كييف، التي اتُهمت الصين بدعمها منذ البداية. وفي محاولة لتحقيق التوازن، تُصرّ بكين، التي لم تُدِن الغزو الروسي قط، على الحياد في هذا الصراع، لكنها تُواصل شراء النفط والغاز من روسيا وبيعها معدات مزدوجة (مدنية وعسكرية). كان الاجتماع الثنائي بين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ يوم الاثنين فرصةً أخرى لتعزيز هذه الروابط، والدعوة أيضًا إلى «نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب». 
وبالنسبة لليزي لي، الباحثة في معهد سياسات جمعية آسيا، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة، «بحضور بوتين، ستُشكّل الحرب في أوكرانيا هاجسًا كبيرًا، لكنها لن تكون محور النقاش». من وجهة نظرها، يسعى فلاديمير بوتين إلى إظهار أنه «ليس معزولًا، من خلال إعادة تأكيد الشراكة مع شي جين بينغ والحفاظ على حضور روسيا في أوراسيا». لكنها تحذر من توقع نتائج ملموسة في أعقاب هذه القمة. 
«تعمل منظمة شنغهاي للتعاون بالتوافق، وعندما تكون هناك دولٌ لديها خلافاتٌ عميقة حول قضايا مصيرية، مثل الهند مع باكستان أو الصين مع الهند، فإن ذلك يحدّ حتمًا من طموحاتها». لذلك، خلال لقائه بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نهاية هذا الأسبوع، حرص الزعيم الصيني على تقديم بلاده كـ»قوة مستقرة، ضامنة للسلام». هذا كل ما في الأمر من خطاب دبلوماسي. لكن في اليوم التالي لقمة منظمة شنغهاي للتعاون، ستقيم الصين عرضًا عسكريًا ضخمًا في بكين في 3 سبتمبر (الأول منـــذ عشر سنوات) احتفالًا بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية والانتصار على اليابان. أمام فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، اللذين أصبحا «حليفين أبديين» (ولكن في غياب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي)، ستكشف الصين عن سلسلة من الأسلحة الجديدة التي تُبرز قوتها العسكرية.
 وعلى حد تعبير اللواء وو زيكي، الضابط الكبير في هيئة الأركان المشتركة التابعة للجنة العسكرية المركزية، «سيُظهر هذا العرض العسكري بوضوح قدرة جيشنا الجبارة على كسب حرب حديثة» و»حماية السلام العالمي». لقد حُذّر الأمريكيون.
مراجع :
تأسست منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) عام 2001 من قِبل الصين وروسيا وأربع دول من آسيا الوسطى: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان.
 وقد خلفت المنظمة مجموعة شنغهاي أو معاهدة شنغهاي التي تأسست عام1996 . وتوسعت تدريجيًا لتشمل الهند وباكستان عام 2017، وإيران رسميًا منذ عام  2023 التي أُعلن عن انضمامها عام2021  منغوليا وبيلاروسيا وأفغانستان أعضاء مراقبون. وقد ارتفع عدد الدول الشريكة، غير الأعضاء المشاركة في المناقشات، من 6 إلى 14 بين عامي 2022 و2023 
تُسهم منظمة شنغهاي للتعاون في الاستراتيجية الدبلوماسية الصينية، التي سعت منذ أوائل التسعينيات إلى إعطاء الأولوية لإقامة «شراكات استراتيجية» مع جميع الدول المهمة، وخاصة تلك التي تُوازن النفوذ الأمريكي. وهي تتوسع لتشمل التعاون الاقتصادي والتجاري.