رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيسي إندونيسيا والغابون بذكرى استقلال بلديهما
السيناريو الأسوأ.. هل تكتب «اتفاقية تريب» شهادة وفاة النفوذ الروسي بالقوقاز؟
تنظر روسيا بعين الريبة إلى الاتفاق الأخير بين أذربيجان وأرمينيا، والذي توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمتوقع أن ينهي عقودا من التوترات بين بلدين تعتبرهما موسكو امتدادا لأمنها القومي.
غير أن ما صدم روسيا في الاتفاقية بين أذربيجان وأرمينيا تحديدا خطة النقل الجديدة (ممر زانجيزور) التي ستربط البلدين، ويطلق عليه «طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين» (المعروف اختصارا بـ»تريب») وفق تقرير لصحيفة «المونيتور».
«اتفاقية تريب»..
الواقع الجديد
أثارت الاتفاقية التي وقعها في واشنطن الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، برعاية ترامب، غضب موسكو وإيران، لكونها قد تضر بمصالحهما في جنوب القوقاز، لكن موسكو تبدو المتضرر الأكبر، حيث نصت الاتفاقية على استبدال حرس الحدود الروسي بشركة عسكرية أمريكية خاصة، في تجاوز للتسوية التي قدمها الكرملين عام 2020.
ويرى مراقبون أن توقيت الإعلان عن الاتفاقية، تزامن مع تنسيق أمريكي روسي لترتيب قمة ألاسكا الأخيرة، وهو ما خطف الأضواء من رد روسي حازم وحاسم، وبالتالي صدر موقف يتيم من المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، التي وصفت القمة التي استضافها ترامب بأنها اجتماع «إيجابي»، وإن شككت في الحاجة إلى «مساعدة خارجية» في الحوار الأرميني الأذري.
ولاحقا نقل موقع «المونيتور»، عن مصدر دبلوماسي روسي، تأكيده أن موسكو «لا تملك الآن أي أدوات حقيقية» لعكس مسار هذه العملية.
في المقابل تُثير الخطة مخاوف استراتيجية من احتمال قطع الصلة البرية بين أرمينيا وإيران، وهو سيناريو قد يتعاون المسؤولون الروس والإيرانيون لمنعه، أو على الأقل اتخاذ موقف مشترك من تداعياته.
ويرى محللون، أن تركيز روسيا على قمة بوتين وترامب التي عقدت أول أمس الأول الجمعة في ألاسكا لحلحلة الأزمة الأوكرانية، غطت فعليا على غياب أي استراتيجية روسية جاهزة لمواجهة الاتفاق.
ويتوقع هؤلاء، أن تعترض موسكو لاحقا، خصوصا أن الاتفاقية الثلاثية لعام 2020، التي وقعتها روسيا وأرمينيا وأذربيجان لإنهاء حرب ناغورنو كاراباخ الثانية، وضعت «ممر زانجيزور» تحت سيطرة قوات الأمن الروسية، وهو ما تلغيه الاتفاقية الجديدة.
التحرك الروسي المفترض أن يتأخر بسبب «جدول الأولويات» والذي يتصدره حاليا ترجمة تفاهمات قمة ألاسكا، وسيكون مرده أن المسؤولين الروس، يعتبرون أن هذا التحول يمثل خطوة أخرى نحو فقدان روسيا لنفوذها في منطقة لطالما اعتبرتها موسكو محيطها الأمني الخاص.
«السيناريو الأسوأ»
الإعلام الروسي، وهو يسلط الضوء على «اتفاقية تريب».. مخاطرها المحتملة وتداعياتها، اختصرها في أنها لا تعدو كونها خطة تهدف لـ»عزل روسيا»، و»تطويق إيران»، محذرا مما أسماه دخول ترامب للحديقة الخلفية لروسيا.
ووصفت «قناة ريبار» واسعة الانتشار، إنشاءَ مسار ترامب بأنه «أسوأ سيناريو»، لأن يريفان ستجد نفسها «مُنعزلة عن إيران»، في حين ستبتعد باكو عن روسيا نحو تركيا والولايات المتحدة، مما «سيضخُّ الأسلحة إلى أذربيجان»، وفق تقديرها.
وبحسب موقع «المونيتور»، يرى خبراء روس، أن «اتفاقية تريب»، التي توسطت فيها واشنطن، تعكس تفوق باكو العسكري أكثر منها تسوية دبلوماسية. بينما اعتبر آخرون أن ديناميكيات منطقة القوقاز ستبقى دون تغيير إلى حد كبير، على الرغم من أنه من المرجح أن تتبادل باكو ويريفان الاتهامات بالفشل في تلبية توقعات ترامب من هذه الاتفاقية.
لكن ما يثير غضب المراقبين الروس، يتمثل في أن الطريق الجديد يصب في مصلحة أذربيجان وتركيا، مما يُضعف موقف أرمينيا.
ونقل موقع «المونيتور»، عن فاديم موخانوف، رئيس قسم القوقاز في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية (IMEMO RAS)، قوله: «إن أرمينيا... أُجبرت على تقديم تنازلات». في حين حذّر المحلل السياسي هرانت ميكائيليان، الكاتب في صحيفة «فيدوموستي»، من اعتماد أرمينيا على تركيا وأذربيجان، بالإضافة إلى غياب الضمانات الأمريكية، ما قد يدفع باكو إلى اعتبار الطريق خارج نطاق الإقليم، مما يُهدد بتجدد الصراع. وجادل كاتب روسي آخر، بأن قدرة روسيا على مواجهة الثلاثي «الأمريكي-التركي-الأذري» قد تعتمد على تغير في السلطة في أرمينيا، وهو خيار غير مرجح حاليا.
فشل متوقع
رغم رد الفعل المتحفظ من الجانب الروسي، والذي يرجعه المحللون إلى غياب النفوذ وأدوات التأثير في المنطقة، يرى خبراء أن موسكو تقدر بأن المشاريع «المصطنعة» على النمط الأمريكي قد فشلت في آسيا الوسطى، ومن المرجح ألا تنجح في جنوب القوقاز، مؤكدين أن روسيا قد تجد في فشل المشروع عزاء بعد تضاؤل نفوذها في القوقاز.
ويقول الخبراء، إنه من غير المرجح أن تعتمد أذربيجان على البنية التحتية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة. مبررين ذلك بأن معاهدة السلام لم تُبرم إلا مؤخرًا، وقد لا تُوقع رسميًا إلا بعد انتخابات أرمينيا عام 2026 وإجراء استفتاء دستوري يتناول قضية ناغورنو كاراباخ، وهو أحد المطالب الرئيسة لباكو.