إذا تمسك بولسونارو بالسلطة:

السيناريو الذي يجعل البرازيل ترتعد...!

السيناريو الذي يجعل البرازيل ترتعد...!

- يعمل بولسونارو على تقويض الثقة في نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل
- يتّبع نموذج ترامب، والمؤسسات البرازيلية أكثر هشاشة من المؤسسات الأمريكية، التي أوقفت الرئيس السابق
- يريد بولسونارو إحداث الفوضى، قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها
- «ترامب الاستوائي» في وضع أفضل من الرئيس الأمريكي السابق للحصول على دعم جيشه
- هل ستؤيد المؤسسة العسكرية الانقلاب إذا رفض مستأجر بلانالتو المغادرة؟   


هل من الممكن إعادة صنع الهجوم على مبنى الكابيتول بواشنطن في برازيليا؟ مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في أكتوبر، مثل هذا السيناريو الكارثي غير مستبعد.    هذا عيب لا يعاني منه جايير بولسونارو: الإخفاء. “الله وحده قادر على انتزاعي من السلطة”، قال الرئيس البرازيلي. من ريو إلى ماناوس، حذر الجميع: لن يتم التخلص منه بسهولة.   قبل أقل من عشرة أسابيع من الانتخابات الرئاسية في 2 أكتوبر “الجولة الثانية مقرر إجراؤها في 30 أكتوبر”، وبينما أعلن جايير ترشّحه في 24 يوليو، للحصول على تفويض جديد ضد لولا الاوفر حظا، لم تكن الديمقراطية البرازيلية الشابة مهددة بهذا الشكل والحجم منذ نهاية الدكتاتورية العسكرية عام 1985.
 
  وبسبب إثارة بولسونارو بشكل منتظم، أصبح التهديد بـ “القطيعة” أكثر وضوحًا. منذ أشهر، كان الزعيم اليميني المتطرف (الحزب الليبرالي) يلمّح إلى أنه قد لا يعترف بحكم صندوق الاقتراع إذا خسر، كما تتوقّع استطلاعات الرأي، ضد خصمه من حزب العمال، الرئيس السابق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، في السلطة من 2003 إلى 2011. ولسبب وجيه: بـ 27 بالمائة من نوايا التصويت، قائد المشاة السابق ،الذي أصبح نائبًا لريو دي جانيرو، ثم رئيسا للدولة، هو أول رئيس برازيلي لا يبدا حملة إعادة انتخابه كمفضل. إنه بعيد عن لولا، الذي، بـ 48 بالمائة من نوايا التصويت، يمكن أن يفوز في الجولة الأولى.

على خطى ترامب
   لهذا السبب، يعمل بولسونارو على تقويض الثقة في نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل، وهو أحد أكثر الأنظمة أمانًا وكفاءة في العالم. بالنسبة له، لا يمكن “تدقيق” صندوق الاقتراع الإلكتروني، ومن هنا خطر التزوير، كما كرّر، في 18 يوليو، أمام جمهور من السفراء.
  وهذا غير صحيح: يصدر الجهاز تقريرًا يفصّل عدد الأصوات لكل مرشح. ومنذ دخوله حيز التنفيذ عام 1996، لم يلاحظ أي غش، الا ان بولسونارو يؤكد ذلك: المحكمة الانتخابية العليا، التي تنظم الاقتراع، تلعب لصالح لولا. “يعرف بولسونارو أنه سيخسر، لذلك يريد إحداث الفوضى، قبل وأثناء وبعد الانتخابات، مثل ترامب”. “من الواضح أنه يتّبع نموذج ترامب، يؤكد أستاذ العلوم السياسية كارلوس أوغستو بوجيو، لكن مؤسساتنا أكثر هشاشة من مؤسسات الولايات المتحدة، التي أوقفت الرئيس السابق».
   هدد الرئيس قبل عام: “إما أن نجري انتخابات نزيهة، أو لن تكون هناك انتخابات على الإطلاق!”. واقتراحه: إضافة طابعة إلى صناديق الاقتراع الإلكترونية. سيغادر كل ناخب مكتب الاقتراع ومعه إثبات ورقي لتصويته، دليل على أن تصويته قد تم أخذه في الاعتبار. لكن البرلمان رفض المصادقة على هذا الانتهاك لمبدأ سرية الانتخابات. وهذا على الرغم من طابور الدبابات الذي عرضه قائد الجيش بولسونارو في نفس الوقت تحت نوافذ الكونجرس. وفي غياب “تصويت مطبوع”، يدعو جايير بولسونارو الآن إلى إجراء فرز موازٍ للأصوات، يجريه الجيش من أجل ... “تحسين الثقة في النتيجة».
   بالنسبة إلى الباحثة إستيفانيا بربوزا، التي تعمل على “الأنظمة السلطوية الجديدة”، فإن دوامة التصعيد موجودة: “إننا نشهد 6 يناير 2021 جديدة بحركة بطيئة”، كما تقول، في إشارة إلى الهجوم على مبنى الكابيتول في واشنطن. في اليوم التالي لهذه الأحداث، لوّح بولسونارو أيضًا مهدّدا بـ “مشكلة أكثر خطورة من الولايات المتحدة”. والحقيقة أن “ترامب الاستوائي” في وضع أفضل من الرئيس الأمريكي السابق للحصول على دعم جيشه. بعد الديكتاتورية، انسحب الجنرالات وكبار الضباط الآخرين من الحياة السياسية. واليوم يشغلون ست حقائب وزارية، و3041 وظيفة في الخدمة المدنية!
   هل ستؤيد المؤسسة العسكرية الانقلاب إذا رفض مستأجر بلانالتو المغادرة؟ هذا هو المجهول الأكبر لانتخابات كل المخاطر هذه. تتصاعد التوترات بين الجيش والمحكمة الانتخابية العليا، وهو ما لا يبشر بخير. ففي مواجهة أزمة مُعلنة، قامت المحكمة على نحو عفوي بإدخال الذئب إلى الحظيرة من خلال دعوة ممثل للجيش لعضوية اللجنة المسؤولة عن مراقبة الاقتراع. كان “الهدف الحصول على موافقة عسكرية للعملية الانتخابية لتفادي أي خطر طعن في النتيجة، يوضح البروفيسور باربوزا، ومع ذلك، فإن الجيش، الذي لم ينتقد من قبل صندوق الاقتراع الإلكتروني، يؤيد الآن أسئلة بولسونارو»...

«مدنيون مسلحون مأدلجون»
   من هنا لنقول إنه سيسمح بتوظيفه لإبقائه في السلطة بأي ثمن، هناك خطوة فقط يتردد الكثيرون في قطعها. “لئن يستمر التسامح مع الرئيس، فلأنه، تحديدا، على وشك المغادرة”، تقول حاشية لولا. وحول هذا الموضوع، الجيش منقسم. يقول أستاذ العلوم السياسية فريديريك لوا: “يوجد توتر بين الذين يدافعون عن تسييس المؤسسة وأنصار الحياد. ومع ذلك، فإن السيناريو الأكثر ملاءمة للقوات المسلحة هو الإبقاء على بولسونارو في مكانه. ان عودة لولا تعني انسحابهم العام من السلطة الا إذا تفاوضوا على الاحتفاظ ببعض المناصب».
   في غضون ذلك، يوزع الرئيس الامتيازات على الجيش الذي، على سبيل المثال، معفى من إصلاح المعاشات التقاعدية وتخفيضات الميزانية في ميزانية الدفاع. “إنه يحاول جرهم إلى لعبته بكل الوسائل، يشرح أستاذ العلوم السياسية ورجل القانون أوسكار فيلهينا فييرا، ومع ذلك، فإن القوات المسلحة تحتفظ ببعض ضبط النفس، ويظهر العزل غير المسبوق لرؤساء الجيوش الثلاثة في مارس 2021، أنّ الرئيس يواجه مقاومة».
  ووفق وزير الدفاع السابق راؤول جونغمان، رفض القادة الثلاثة الانصياع لأمر خاص من الرئيس: التحليق فوق مقر المحكمة العليا –السلطة المضادة الرئيسية لبولسونارو -بواسطة طائرات مقاتلة من أجل كسر النوافذ. من جانب قوات الشرطة، حيث يوجد عدد كبير من البولسوناريين ولكنهم أقل انضباطًا، تظل القوات هادئة. والدعوة، التي أطلقها عقيد في مقاطعة ساو باولو، للتعبئة يوم العيد الوطني، 7 سبتمبر، لمنح بولسونارو السلطات المطلقة، لم يتم اتباعها كثيرًا.
   قد يأتي الخطر من أماكن أخرى، مثل القوات شبه العسكرية في ريو، أو “المدنيين المسلحين المأدلجين” -الذين يمثلون ظاهرة جديدة في البرازيل، وفقًا للباحثة السياسية لارا ميسكيتا. في الواقع، في ظل حكم بولسونارو، تضاعف توزيع تصاريح الأسلحة النارية بمقدار خمسة أضعاف. والآن، يمتلك الخواص أسلحة أكثر من الشرطة. “ليست هناك فرصة في أن يحرض الرئيس أنصاره على الانتفاض”، يقسم نجله الأكبر وزعيم حملته الانتخابية، فلافيو بولسونارو، السناتور، بينما يرفض القول ما إذا كان الأب سيعترف بهزيمة محتملة.

الولايات المتحدة قلقة
   على اليسار، لا يريدون الاستسلام للذعر. سيكون ذلك بمثابة “لعب لعبة بولسونارو”. “فوز لولا الواضح سيثبط أي حركة احتجاجية”، يرى حزامه. و”إذا خسر بولسونارو بفارق صغير، في المقابل، فإن الوضع سيصبح غير مستقر إلى حد كبير”، يخشى من جانبه البروفيسور كارلوس أوغوستو بوجيو. قلق، يغذّيه اختيار الجنرال والتر براغا نيتو كمرشح لمنصب نائب الرئيس إلى جانب بولسونارو. ويرى البعض في ذلك علامة على استعداد هذا الأخير لتعبئة الثكنات للطعن في النتائج.
   عدم اليقين هذا، هو الذي جعل حتى الولايات المتحدة قلقة. قبل عام، أرسل جو بايدن رئيس وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز إلى برازيليا لإلقاء محاضرة على الرئيس البرازيلي. وفي قمة الأمريكيتين في يونيو، كرر بايدن رسالته شفويا. وبحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية كريستينا روساليس، فإن “الرئيس البرازيلي أكد أنه سيحترم نتيجة الانتخابات... وسنأخذ هذا البيان على محمل الجد».
   في مواجهة الإغراء الانقلابي لـ جايير بولسونارو، بدأ المجتمع المدني أخيرًا يرد الفعل. جمعت عريضة لصالح الديمقراطية، أطلقها محامون في 26 يوليو، أكثر من نصف مليون توقيع في ثلاثة أيام فقط. ويتم إعداد عريضة أخرى تسمى “الدفاع عن الديمقراطية والعدالة” لاتحاد أرباب العمل الأقوياء في صناعات ساو باولو -وهي الولاية التي تمثل وحدها ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد –وهذا قد يعني تخلي دوائر الأعمال عن الرئيس.
   الا انه بالتكهن على هذا النحو بالمستقبل، سننسى تقريبًا أن لولا لم يفز بعد. ومع ذلك، تقول أستاذة العلوم السياسية لارا ميسكيتا: “لا يزال بإمكان جايير بولسونارو الفوز من خلال طريق الديمقراطية، ويمكن ان يفوز بولسونارو في صناديق الاقتراع، تشير أستاذة العلوم السياسية لارا ميسكيتا، انه يحتفظ بدعم أرباب العمل، وحزمة التدابير الاجتماعية “حوالي 8 مليارات يورو” التي تمت الموافقة عليها مؤخرا يمكن أن تقلل من استياء الناخبين الفقراء الذين تضرروا بشدة من الأزمة الاقتصادية».
  لم يقل الكابتن بولسونارو كلمته الأخيرة.