الحرب في أوكرانيا:

السيناريوهات الخمسة المحتملة لبقية الصراع...!

السيناريوهات الخمسة المحتملة لبقية الصراع...!

-- نجحت القوات الروسية في اتخاذ مواقع في شمال  وجنوب وشرق البلاد، لكنها ما زالت تصطدم بالمدن الكبرى
-- يمكن أن يظهر اتفاق بحلول شهر مايو، لأن الموارد  اللازمة للجهود الحربية الروسية ستنفد في هذا التاريخ
-- لن يكون لدى روسيا القدرة على مقاومة قوات الناتو في حال حدوث صراع تقليدي
-- يبدو أن الحرب انطلقت لتستمر، والحرب الخاطفة ذكرى بعيدة
-- إذا تم تجاوز عتبة استخدام سلاح نووي فسيكون من الصعب للغاية التنبؤ أين يمكن أن ينتهي


    بعد ثلاثة أسابيع من الصراع بين روسيا وأوكرانيا، كيف يمكن أن يتطور الوضع؟ نظرة عامة على الاحتمالات.    الحرب الخاطفة التي تخيّلها فلاديمير بوتين لم تنجح. بعد ثلاثة أسابيع من الصراع، لا يزال القتال مستمراً بين القوات الروسية والأوكرانية، وباتت الحرب الخاطفة ذكرى بعيدة. نجحت القوات الروسية في اتخاذ مواقع في شمال وجنوب وشرق البلاد، لكنها ما زالت تصطدم بالمدن الكبرى، ولا سيما العاصمة كييف، ولكن أيضًا خاركيف وماريوبول وميكولايف، التي تعرضت لقصف عنيف من المدفعية الروسية.
   يبدو أن الحرب انطلقت لتستمر، ويُطرح سؤال مركزي: كيف سيتطور الوضع في الأسابيع أو الأشهر المقبلة؟ تظهر خمسة سيناريوهات -قد تتقاطع -في هذه المرحلة.

• السيناريو الأول - تعثر القوات الروسية
   في هذا السيناريو، على عكس الحرب الخاطفة التي كانت تأملها موسكو في بداية الصراع، يغرق الجيش الروسي في مستنقع أوكرانيا لعدة أشهر. ويعجز على تحقيق نصر حاسم على الأرض، مثل الاستيلاء على كييف، ويفشل في تحقيق أهدافه الأولية،..
ويواجه مقاومة متزايدة من القوات الأوكرانية، وكذلك عمليات حرب عصابات.
   «الجمود، سيستدعي وضع قوة احتلال روسية كبيرة في أوكرانيا للاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي التي انتزعتها موسكو، الأمر الذي سيكون مكلفًا للغاية من حيث القوة البشرية والمالية “، يشير الجنرال دومينيك ترينكواند، الخبير العسكري والرئيس السابق للبعثة الفرنسية في الأمم المتحدة. “سيتطلب ذلك وجود عدد كبير من القوات المتاحة، وهو ما لم تعد روسيا تملكه. ولن تستطيع موسكو الحفاظ على هذا الوضع على المدى الطويل».
   إن ذكرى مقاومة المتمردين خلال غزو أفغانستان واحتلاله من قبل الاتحاد السوفياتي من 1979 إلى 1989، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 15000 جندي سوفياتي، تثير قلق الكرملين. خاصة أن السلطات الأوكرانية، قد اهتمت بتدريب قوات الدفاع الإقليمية منذ عدة أشهر، أي وحدات مكونة من مدنيين دربهم الجيش في تنفيذ عمليات حرب العصابات. وقد تطوع أكثر من 100 ألف أوكراني حسب كييف.
   الخسائر على الجانب الروسي كبيرة “ تتراوح التقديرات من 2000 إلى 10000 قتيل” ويمكن أن تزداد أكثر مع استمرار المأزق. ومن باب أولى إذا حاولت القوات الروسية السيطرة على المناطق الحضرية، التي تكون بشكل عام أكثر فتكًا بالمحتل”، تؤكد ماري دومولين، الدبلوماسية السابقة ومديرة برنامج أوروبا الأوسع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. إن “النجاح في مقاومة الجيش الروسي القوي يمكن أن يكون بمثابة شكل من أشكال النصر لأوكرانيا “، وهو ما سيكون له، دون شك، تداعيات سياسية في روسيا.

•السيناريو الثاني – انقلاب يطيح بفلاديمير بوتين
   إن الصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي في أوكرانيا والتي تضاف إلى الانهيار الاقتصادي لروسيا بسبب العقوبات الغربية، قد تضعف قيادة فلاديمير بوتين على الساحة الداخلية، بل وقد تؤدي إلى سقوطه. يرى ماتيو بوليج، الباحث المتخصص في أوراسيا في تشاتام هاوس، وهو مركز فكري لندني.
   ورغم تصدّي الشرطة، لا تزال الاحتجاجات ضد الحرب تهز روسيا يوميًا. وحسب منظمة “أو في دي-انفو” الروسية غير الحكومية، تم اعتقال ما يقرب من 15000 شخص منذ بدء الصراع في 24 فبراير. ومن المرجح أن تنمو الحركة مع ارتفاع عدد الضحايا بين الجنود الروس وانخفاض مستوى معيشة السكان. وبالمثل، فإن الأوليغارشية، التي فُرضت عقوبات شديدة عليها من الغرب، قد تسعى في النهاية إلى إيجاد مخرج من الأزمة.
   هل ينبغي الأمل في ظهور زعيم أكثر انفتاحًا على الغرب؟ “إذا سقط بوتين، فليس هناك أي ضمان على الإطلاق بأن خليفته سيكون أكثر ملاءمة لنا”، يحسم ماتيو بوليج. ان “اختفاء بوتين لن يؤدي بالضرورة إلى تدمير البوتينية كنظام حكم في روسيا.»

• السيناريو الثالث -
 الحل الدبلوماسي
   في هذه الحالة، يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع. في الوقت الحالي، تستمر المحادثات بين المسؤولين الروس والأوكرانيين لكنها فشلت في التوصل إلى حل وسط. قام الرئيس فولوديمير زيلينسكي ببادرة يــــــوم الثلاثـــــــــاء، 15 مارس، قائـلاً إنه مســـــــــتعد للتخلي عن عضوية أوكرانيا في الناتو.
من جهته، أشار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في اليوم التالي إلى اتفاق محتمل حول “قانون حياد أوكرانيا” على النموذج السويدي أو النمساوي.
    ومع ذلك، رفضت كييف على الفور هذه الفرضية ولا تزال تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الروسية من أراضيها. “واقع الوضع على الأرض لا يسمح لبوتين أن يملي شروطه كما أراد أن يفعل في البداية.
 وقد يفتح هذا الطريق أمام حل دبلوماسي، لكنه في الوقت نفسه يبدو اعترافًا بضعف روسيا”، يحلل ماري دومولين.
   «تكمن الصعوبة الكبرى في إيجاد حل وسط يسمح للبلدين بحماية مصالحهما، لأنهما متباعدان”، يضيف توماس ريس، أستاذ الأمن والاستراتيجية في المدرسة العليا للدفاع الوطني في ستوكهولم بالسويد. “ومع ذلك، إذا شعر الطرفان أن قواتهما أضعف من أن تتمكن من فرض نفسها على الميدان عسكريا، فقد يبدو الحل الدبلوماسي بمثابة مخرج”. وهو احتمال طرحه يوم الثلاثاء مستشار الرئاسة الأوكرانية أوليكسي أريستوفيتش. فمن وجهة نظره، يمكن أن يظهر اتفاق بحلول شهر مايو، معتبرا أن الموارد اللازمة للجهود الحربية الروسية ستنفد في هذا التاريخ.

• السيناريو الرابع -
انتصار روسي في أوكرانيا
   هذا السيناريو المواتي للكرملين، حيث ستتمكن روسيا من السيطرة على أوكرانيا بأكملها وفرض شروطها عليها، وحتى ضمها، يبتعد يومًا بعد يوم. في مواجهة مقاومة شرسة من القوات الأوكرانية، والمشاكل اللوجستية التي يعانيها، مثل ارهاق قواته، بدأ الجيش الروسي في بلوغ حدوده. “هذا السيناريو تتقلص مصداقيته، والموارد التي سيتم حشدها ستكون كبيرة، حتى لو تعلق الأمر بكييف فقط”، يرى الجنرال ترينكواند. “حتى في حالة الانتصار العسكري على الجيش الأوكراني، فإن السكان، في كل الأحوال، سيرفضون الاستسلام».
   سيُفتح حينها طريقان. “إحباط الكرملين قد يؤدي به إلى اندفاع متهور نحو العنف، باستخدام أسلحة غير تقليدية للاستيلاء على كييف بكل الوسائل وقطع رأس القيادة السياسية الأوكرانية، يرى ماتيو بوليج، ولكن سيكون الأمر بمثابة منطق انتحاري من جانب الكرملين”. وقد حذر الناتو الثلاثاء الماضي من أي محاولة روسية لاستخدام أسلحة كيماوية في أوكرانيا.
   إلا إذا اكتفى الرئيس الروسي، على عكس الانتصار الافتراضي، بتجميد مكاسبه الإقليمية الحالية والحفاظ على وجود عسكري هناك.
 “بوتين سيضطر إلى تقديم شكل من الانتصار لشعبه، حتى لو بدا في نظرنا وكأنه هزيمة مقارنة بطموحاته الأصلية، يتابع الباحث، “إقامة ربط بري بين شبه جزيرة القرم ودونباس، إذا تمكن من إسقاط ماريوبول، واعلان الانتصار، قد يكون مخرجًا “. أول أول أمس الأربعاء 16 مارس قدم الرئيس الروسي هجومه على أوكرانيا على أنه “نجاح «.

• السيناريو الخامس - امتداد الصراع مع خطر التصعيد النووي
   هذا السيناريو هو أكثر ما يخشاه الناتو والدول الغربية، التي حرصت منذ بداية الصراع على عدم الانخراط المباشر فيه. ومع ذلك، يمكن أن تقودهم عدة سيناريوهات إلى هناك. “قد يكون نتيجة حادث: على سبيل المثال، ضربة أخطأت هدفها في أوكرانيا وتسقط في بلد مجاور عضو في الناتو، مثل بولندا. لكن لا يمكننا استبعاد السيناريو الذي تضرب فيه روسيا عمدًا، من أجل اختبار صلابة الحلف الأطلسي”، تصوغ ماري دومولين.
    في 13 مارس، سقطت غارة روسية على قاعدة يافوريف الأوكرانية، على بعد حوالي عشرين كيلومترًا فقط من بولندا. وسواء كانت ضربة عرضية أم لا، في حال حدوث مواجهة بين أحد أعضاء الناتو وروسيا، ستطرح حينها مسالة تدخل الحلف في النزاع، حيث تنص المادة 5 منه على الدفاع المتبادل عن أعضائه.

   «لن يكون لدى روسيا القدرة على مقاومة قوات الناتو في حال حدوث صراع تقليدي. ومع ذلك، فإن موقف الضعف هذا قد يزيد من خطر التصعيد النووي الروسي، من أجل تخويف الحلف وعدم خسارة الحرب”، يؤكد توماس ريس.  تهديد لم يتردد الرئيس الروسي في التلويح به، بوضع قواته الرادعة النووية في حالة تأهب يوم 28 فبراير.
 “إذا تم تجاوز عتبة استخدام سلاح نووي، يتابع الخبير، فسيكون من الصعب للغاية التنبؤ أين يمكن أن ينتهي”... إذن، لنأمل ألا يصل الأمر إلى ذلك الحد.