لا يمكن إيقافها ومدمرة:

الصواريخ الأسرع من الصوت تعيد إطلاق سباق التسلح...!

الصواريخ الأسرع من الصوت تعيد إطلاق سباق التسلح...!

    تسلط التجارب الصينية الأخيرة الضوء على صعود جيل جديد من الأسلحة فائقة السرعة القادرة على حمل رؤوس حربية نووية.
   في منتصف العرض الذي أقيم بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1 أكتوبر 2019، كان هناك سلاح لم يمرّ مرور الكرام. مصمم في شكل سهم، “دي اف-17”، المثبت على جرارات عملاقة -قاذفة، استقطب الاهتمام خلال العرض العسكري في ميدان تيانانمين في بكين.
   لأول مرة، يعرض النظام الشيوعي هذا الصاروخ من نوع جديد “يفوق سرعة الصوت”. سلاح ثوري: غير قابل للكشف، وأسرع بكثير من صواريخ كروز التقليدية، وقادر على الطيران بأكثر من خمسة أضعاف سرعة الصوت “ماخ 5، أو أكثر من 6000 كم - ساعة».
   «نجم” العرض هذا، الصاروخ “دي إف -17”، قادر عند بلوغه ارتفاعا معينا، على إطلاق “طائرة شراعية فائقة السرعة”.
 الى جانب ان قدرته على التحرك بين الطبقات الجوية يجعل من الصعب التكهن بمساره أكثر بكثير من الصواريخ البالستية، ما يزيد من صعوبة اعتراضه.
   بعد عامين، تواصل الصين زخمها. ويبدو انها اختبرت في مناسبتين هذا الصيف، صاروخًا تفوق سرعته سرعة الصوت بقدرات نووية ومدى أكبر، قادر على الدوران حول العالم قبل أن يصيب هدفه، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز.
   فاجأت هذه الاختبارات، التي نفتها بكين، الولايات المتحدة التي لم تتوقع مثل هذه القفزة التكنولوجية. “نحن قلقون للغاية بشأن ما تفعله الصين على جبهة الأسلحة التي تفوقف سرعتها سرعة الصوت، قال سفيرها المسؤول عن نزع السلاح، روبرت وود، مذكراً أنه “لا يوجد خيار آخر سوى الرد على المنوال نفسه  «.
   هناك نوعان من الأنظمة تفوق سرعتها سرعة الصوت: أولاً، هناك “إتش سي إم”، وهي صواريخ كروز قادرة على الطيران أسرع بكثير من الإصدار الكلاسيكي. ثم هناك “إتش جي في”، طائرات شراعية يتم إطلاقها في مدار منخفض بواسطة الصواريخ الباليستية. إنها قادرة على التحرك بين الطبقات العليا من الغلاف الجوي، على ارتفاع عدة عشرات من الكيلومترات، وتغيير المسار وإجراء مناورات مراوغة. وبالتالي، فإن احتمال اكتشافها أقل من احتمال اكتشاف صاروخ عابر للقارات، يكون مساره على شكل جرس، ويزيد ارتفاعه أحيانًا عن ألف كيلومتر، أكثر قابلية لتوقّعه.

روسيا في المقدمة
   بعد ثلاثة عقود من سقوط الاتحاد السوفياتي، بدأت القوى العظمى سباقًا جديدًا للتسلح، في ضوء تقنيات تفوق سرعتها سرعة الصوت. وفي هذا السباق، بإرثها السوفياتي، تمتلك روسيا اسبقية طفيفة.
وأعلنت في 4 أكتوبر نجاح اختبارين من غواصة لصواريخ كروز زيركون التي تفوق سرعتها سرعة الصوت (إتش سي إم). ويتباهى رئيسها، فلاديمير بوتين، بامتلاكه “السلاح المطلق” لاختراق الدروع الصاروخية الأمريكية والأوروبية بطائرته الشراعية “إتش جي في، افنغارد”، التي دخلت الخدمة في نهاية عام 2019، ومن المرجح أن تقطع موسكو-نيويورك في أقل من ربع ساعة بفضل السرعة القصوى التي تزيد عن 33000 كم -ساعة “ماخ 27”.
 “نحن لا نعرف كيف ندافع عن أنفسنا ضد هذه التكنولوجيا، والصين وروسيا لا تعرفان ذلك أيضًا”، حذر روبرت وود.
   لا يقتصر السباق على القوى العظمى فقط... تعمل فرنسا على تطوير صاروخ كروز تفوق سرعته سرعة الصوت بحلول عام 2035 لتجهيز طائراتها المشاركة في الردع النووي. وعهدت إلى مجموعة آريان بتطوير طائرة شراعية قادرة على تجهيز صواريخ غواصاتها النووية التي تطلق الصواريخ.
وأعلنت وزيرة الدفاع فلورنس بارلي في مايو، أن مشروع “في-ماكس” هذا من أجل “مركبة مناورة تجريبية”، سيقوم بأول رحلة له في نهاية عام 2021.
   كما شرعت الهند وأستراليا والمملكة المتحدة واليابان، في برنامج أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت. وقامت دولة أخرى مؤخرًا بدخول مذهل في السباق بطموحات نووية: كوريا الشمالية.
وقالت بيونغ يانغ في نهاية سبتمبر إنها اختبرت بنجاح أول طائرة شراعية تفوق سرعتها سرعة الصوت، تسمى هواسونغ -8. ثم بعد أيام قليلة نشرت صوراً لهذا السلاح خلال معرض صواريخ زاره زعيمها كيم جونغ أون.
وهذا سيدفع جارتها جنوبا الى مواصلة البحث الأساسي في هذا المجال، إلى جانب إسرائيل وإيران، كما ورد في تقرير حديث للكونغرس الأمريكي.
لن تتخلف الولايات ا
لمتحدة عن الركب
   ماذا عن الولايات المتحدة؟ لم تنشر حتى الآن أسلحة تفوق سرعة الصوت، على عكس روسيا والصين، لكن يمكنها اللحاق بالركب بسرعة، مع ما لا يقل عن ستة برامج لتطوير الصواريخ، مثل الطائرات الشراعية، بعضها بحلول عام 2025.    وقد افتتح أحد مزودي الأسلحة الرئيسيين، لوكهيد مارتن، وحدة إنتاج مخصصة، في ألاباما، في أوائل أكتوبر. وفي الحادي والعشرين، أعلنت البحرية الأمريكية نجاح الاختبارات في فيرجينيا على نماذج أولية من صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت. لكن في اليوم التالي، اعترف البنتاغون بالفشل في اختبار صاروخ في ألاسكا. وسبق، في أبريل، ان كان أول اختبار شامل للطائرة الشراعية “إيه آر آر دبليو” المحمولة جواً، فاشلا.
  «إن حقيقة أن روسيا أخذت زمام المبادرة يجب أن يوضع في الاعتبار، لأن هناك فرقًا بين الإعلان عن نشر آلة وإنتاجها الضخم، والذي قد يكون مكلفًا للغاية، يقول بنجامين هاوتكوفيرتور، الباحث في مؤسسة البحث الاستراتيجي، عموما، يظل الاستثمار الأمريكي في البحث والتطوير العسكري أعلى بكثير من استثمارات الآخرين».
   ربما يُفسّر التأخير الأمريكي في تصنيع أسلحة تفوق سرعة الصوت بالأسئلة حول المصلحة والفائدة من تطوير متقدم لهذه التكنولوجيا من ناحية الردع، بينما تظل الصواريخ الباليستية فاعلة. “الدروع المضادة للصواريخ التي تهدف إلى الحماية من الصواريخ بعيدة المدى لم تكن موثوقة تمامًا حتى الآن، حتى لو كانت بنسبة 90 بالمائة فقط، يوضح جوزيف هينروتين، الباحث في معهد الاستراتيجية المقارنة، خاصة أن عدد الصواريخ الاعتراضية يظل أقل بكثير من عدد الرؤوس الحربية التي يمكن إطلاقها” -  1625 رأسًا نوويًا نشرتها روسيا، و1800 رأسًا نووية نشرتها الولايات المتحدة، وفق آخر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.    لا يزال لردع الصواريخ الباليستية مستقبل مشرق... و”هذا هو السبب في أن العسكريين أكثر تحفظًا عندما يتعلق الأمر بالفائدة العملياتية للأنظمة التي تفوق سرعة الصوت، سواء كانت طائرات شراعية أو صواريخ كروز”، يؤكد بنيامين هوتكوفيرتور. لكن من الواضح أن هذا لا يبطئ طموحات بكين وموسكو وغيرهما.
   و”حتى لا يؤدي تطوير أنظمة تفوق سرعة الصوت إلى المخاطرة بتغيير الاستقرار الاستراتيجي بين القوى، سيكون من الضروري إطلاق حوار حول نشرها واستخدامها، يقول الباحث. إلا أن التوترات شديدة للغاية بين الولايات المتحدة، والصين وروسيا، تحول دون بدء مثل هذا النقاش الاستراتيجي».
   في مراحله الأولى، لا يزال سباق التسلح بأسلحة أسرع من الصوت ليس على وشك الانتهاء.

عن لاكسبريس