في هذه الحالة:

الصين تهدد بحرب شاملة في تايوان...!

الصين تهدد بحرب شاملة في تايوان...!

-- وي فنغي: «إذا تجرأ أي شخص على فصل تايوان عن الصين، فلن يتردد الجيش الصيني للحظة في بدء حرب»
-- أوستن: «لا نريد حربًا باردة أو حلف شمال أطلسي آســـيويًا أو منطقـة منقســـمة بين كـتل معاديــة»
-- في مواجهة الجيش الصيني، يتعزّز تحالف حول الولايات المتحدة يضم اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والهند
-- جوزيف وو: «ما حدث في أوكرانيا يمكن أن يحدث في منطقة آسيا والمحيط الهادي أيضًا»


   السبت 11 يونيو، لوّح وزير الدفاع الصيني “وي فنغه”، بالتهديد بشن حرب شاملة في تايوان إذا أعلنت الجزيرة المتمردة استقلالها. ومن جانبه، ندد نظيره الأمريكي لويد أوستن، بالنشاط الصيني قرب فورموزا السابقة “الاستفزازي والمزعزع للاستقرار”. ومن الواضح أن اللهجة احتدت بين الرجلين اللذين التقيا على هامش منتدى حوار شانغريلا الأمني الذي احتضنته سنغافورة. وكان هذا الاجتماع المرتقب، ذروة هذا المنتدى السنوي الذي انتهى أمس الأول الأحد 12 يونيو.

   وحذر المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان، من خلال نقل كلمات الوزير وي فنغي: “إذا تجرأ أي شخص على فصل تايوان عن الصين، فلن يتردد الجيش الصيني للحظة في بدء حرب، مهما كان الثمن”. وأضاف هذا المتحدث، أن الجيش الصيني “سيحطم الى ألف قطعة” أي محاولة لاستقلال الجزيرة.
   ورد قائد البنتاغون لويد أوستن قائلاً: “إننا نشهد إكراهًا متزايدًا من بكين، وزيادة مستمرة في النشاط العسكري الاستفزازي والمزعزع للاستقرار بالقرب من تايوان».

سبق ان تحدث الوزيران عبر الهاتف في أبريل، والتقيا للمرة الأولى منذ أن تولى لويد أوستن منصبه في أوائل العام الماضي، على هامش منتدى حوار شانغريلا الأمني السنوي، في نسختي 2020 و2021 اللتين اضطرت سنغافورة إلى إلغائهما بسبب الوباء.
    لقد تضاعفت نقاط الخلاف في السنوات الأخيرة بين القوتين العظميين: بحر الصين الجنوبي، ونفوذ الصين المتزايد في آسيا والمحيط الهادي، والحرب في أوكرانيا أو حتى تايوان، وهذه المسألة هي الأكثر حساسية في العلاقات المضطربة بين بكين وواشنطن.

   تعتبر الصين هذه الجزيرة، التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، إحدى مقاطعاتها التاريخية، حتى لو لم تكن تسيطر عليها. وزادت بكين الضغط على تايبيه في السنوات الأخيرة، وشنت حملات توغل متكررة في منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية.
   هددت السلطات الصينية، ولا سيما الرئيس شي جين بينغ، بانتظام بغزو تايوان بالقوة إذا لزم الأمر، إذا استمرت فورموزا السابقة في رفض “إعادة التوحيد” مع البر الرئيسي الصيني. وأكد شي جين بينغ مرارًا، أنّ “إعادة التوحيد” يجب أن تتم خلال الجيل الحالي. غير ان الرئيسة التايوانية تساي إنغ وين، ترفض أي فكرة لـ “إعادة التوحيد”، وتعلن أن تايوان مستقلة بحكم الأمر الواقع، وبالتالي لا ضرورة في إعلان استقلالها رسميًا.

   في 30 مايو، نفذت الصين ثاني أكبر توغل لها هذا العام، بدخول 30 طائرة، من بينها 20 مقاتلة، إلى الجزيرة، بحسب تايبيه. وبحلول 23 يناير، دخلت 39 طائرة منطقة تحديد الدفاع الجوي بالجزيرة. ورأى وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين في عمليات التوغل هذه علامة على “خطاب ونشاط متحدّ بشكل متزايد” من قبل بكين.

   وخلال زيارة لليابان في مايو، بدا أن الرئيس جو بايدن يقطع عقودًا من السياسة الأمريكية القائمة على ما يسمى بـ “الغموض الاستراتيجي” عندما أشار، ردًا على سؤال، إلى أنّ واشنطن ستدافع عسكريًا عن تايوان في حالة حدوث غزت بكين الجزيرة. ومنذ ذلك الحين شدّد البيت الأبيض على أن “الغموض الاستراتيجي”، المفهوم الغامض المعتمد الذي حكم سياسة واشنطن تجاه تايوان لعقود من الزمن، لم يتغير.

    وهناك خلاف أيضًا بين الصين والولايات المتحدة بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تتهم واشنطن بكين بتقديم دعم ضمني لموسكو. وتدعو الصين إلى إجراء محادثات لإنهاء الحرب الا انها لم تدن روسيا، وانتقدت مرارا تصدير الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا. وخلال محادثتهما الهاتفية في أبريل، طلب وزير الدفاع الصيني من نظيره الأمريكي عدم “التشهير أو الإيقاع أو التهديد أو الضغط على الصين».
    بحر الصين الجنوبي، هو مصدر آخر للتوتر. تطالب الصين بالمجرى المائي بأكمله تقريبًا الذي تمر عبره تريليونات الدولارات من التجارة كل عام. كما تطالب بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام بالمنطقة التي تبلغ مساحتها حوالي 4 ملايين كلم مربع.

    وتتجاهل بكين قرار المحكمة الدولية في لاهاي عام 2016، والتي وجدت أن ادعاءاتها التاريخية لا أساس لها من الصحة. وفي اجتماع مع وزراء دفاع جنوب شرق آسيا، ناقش لويد أوستن استراتيجية الولايات المتحدة “للحفاظ على بيئة أمنية إقليمية منفتحة وشاملة وقائمة على القانون”، وفقًا لبيان صادر عن حكومة سنغافورة.

    وقال وزير الدفاع الأمريكي لنظيره الصيني وي فنغه، إن على بكين “الامتناع” عن أي عمل آخر لزعزعة الاستقرار في هذه المنطقة، وفق البنتاغون. وأكد لويد أوستن “مجددًا على أهمية السلام والاستقرار في مضيق “تايوان”، ومعارضة التغييرات الأحادية للوضع الراهن ودعا “الصين” إلى الامتناع عن المزيد من الأعمال المزعزعة للاستقرار تجاه تايوان”، وفقًا للمصدر نفسه.

   وأضاف رئيس البنتاغون، أن للولايات المتحدة القدرة على “ردع العدوان”. “نحن نسعى إلى منطقة خالية من العدوان أو الإكراه، ونتوقع عالما يحترم السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي. وهذا مهم بشكل خاص مع “الصين” التي تتخذ نهجًا قسريًا وعدوانيًا تجاه مطالبها الإقليمية. الآن يدرك أصدقاؤنا وشركاؤنا أن الدول الصغيرة لها الحق في حل خلافاتهم سلميًا مع جيرانهم الأكبر، وأنا هنا لأن النظام الدولي القائم على ضوابط مهمّ تمامًا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ كما هو الحال في أوروبا».
    وأضاف لوييد أوستن، مع ذلك، أن الولايات المتحدة لا تبحث عن صراع مع الصين: “لا نريد حربًا باردة أو حلف شمال أطلسي آسيويًا أو منطقة منقسمة بين كتل معادية».

    من جانبه، أوضح وزير الخارجية التايواني جوزيف وو، المخاطر المتزايدة للنزاع المسلح في تايوان في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير. إن احتمال نشوب حرب في تايوان “سؤال يطرحه “التايوانيون” منذ فترة طويلة، أكد الوزير في مقابلة مع صحيفة نيكاي آسيا اليومية اليابانية، لكن ما أفهمه أيضًا هو أن العديد من أصدقائنا حول العالم يسألون نفس السؤال، إنهم يهتمون بتايوان، ويدرسون أيضًا إمكانية شن الصين حربًا على تايوان... وهذا وضع لا يطاق على الإطلاق».

   وتابع جوزيف وو: “ما حدث في أوكرانيا يمكن أن يحدث في منطقة آسيا والمحيط الهادئ أيضًا. ولهذا السبب نريد أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا إذا كانت دولة، في هذه الحالة الصين، تنوي مهاجمة دولة أخرى. هذا الاحتمال حقيقي للغاية بالنظر إلى ما يفعله الصينيون في بحر الصين الشرقي. انهم يرسلون أسطولهم إلى المناطق التي تطالب بها اليابان وتايوان كل يوم تقريبًا، وأثار هذا ردود فعل قوية للغاية من أصدقائنا اليابانيين. وإذا نظرنا إلى تصرفات الصين في بحر الصين الجنوبي، فهذا أيضًا كارثي: إنهم يطالبون بالمنطقة بأكملها».

   أحد أسباب القلق الأخرى بالنسبة للولايات المتحدة، هو بناء ميناء للاستخدام العسكري للأسطول الصيني في ريام في كمبوديا بخليج تايلاند حسب مصادر غربية نقلت عنها واشنطن بوست. وسيتيح هذا الميناء وصول الأسطول الصيني إلى المحيط الهندي. ويبدو أنّ حفل الافتتاح انتظم في الأيام الأخيرة، غير ان بكين وبنوم بنه نفتا بشدة أن القوات الصينية ستستخدم هذا الميناء. وإذا تم التأكد من وجود هذه المنشآت الصينية، فسيكون للصين قاعدة عسكرية استراتيجية ثانية مع الموجودة في جيبوتي، في القرن الأفريقي.

   «نعتقد أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي جزء مهم للقادة الصينيين الذين يعتبرونها منطقة نفوذهم التاريخية، حسبما ذكرت الصحيفة الأمريكية، نقلاً عن مصدر لم تكشف عن هويته، إنهم يعتقدون أن صعود الصين هو جزء من اتجاه عالمي لإنشاء عالم متعدد الأقطاب حيث تكون القوى العظمى قادرة على تأكيد مصالحها بعنف أكثر فيما يعتبرونه مجال نفوذهم».

    وبالنسبة لها، تعتمد الصين على حقيقة أن هذه المنطقة “لا ترغب أو عاجزة على تحدي المصالح الحيوية للصين”. السبب الذي يجعل بكين تستخدم مزيجًا من الإكراه والعقاب والضغط الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري لتحقيق هدفها، معتقدة أن هذه الإجراءات ستكون قادرة على جعل هذه الدول تنحني، تتابع واشنطن بوست، نقلاً عن نفس المصدر: “بشكل أساسي، تنوي الصين ان تصبح من القوة الى درجة أن المنطقة ستخضع لحكمها بدلاً من مواجهة العواقب».

    لقد تكررت التهديدات الصينية بغزو تايوان لعقود من الزمن، لكنها ازدادت حدتها بشكل ملحوظ منذ وصول تساي إنغ ون إلى السلطة عام 2016. ويواجه النظام الصيني في الواقع معضلة: إما أن يتخلى عن غزو الجزيرة، وفي نفس الوقت، يخسر الشرعية المطلقة التي وضعها بنفسه، أو يحاول مهاجمة تايوان، مخاطرا بخسارة الحرب، ومن ثم التعرض لانتكاسة سياسية خطيرة على المستوى الداخلي، وخاصة جيوستراتيجية على المستوى الدولي.

   يعتقد معظم مراقبي الصين أن غزو الصين لتايوان على المدى القصير والمتوسط أمر غير مرجح. وسيزداد الأمر تعقيدا مع مرور الوقت، لأنه في مواجهة الجيش الصيني، يتعزّز تحالف حول الولايات المتحدة في المقدمة، ولكن أيضًا مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والهند على وجه الخصوص.
مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. من مؤلفاته كتاب “الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة” عن منشورات لوب.