إثر الجلسة الكاملة للجنة المركزية للحزب الشيوعي

الصين: شي جين بينغ، يعتزم التفوّق على ماو...!

الصين: شي جين بينغ، يعتزم التفوّق على ماو...!

     بينما تم اعتماد قرار نادر يتعلق بتاريخ الحزب، يقدم الرئيس الصيني نفسه على أنه قائد العناية الإلهية الذي سيكمل عمل الأب المؤسس، ويقود البلاد إلى أوج قوتها.
    في بانتيون الشيوعية الصينية، اقترب الرئيس شي جين بينغ قليلاً من ماو تسي تونغ، مؤسس جمهورية الصين الشعبية الخالد، والذي يظهر على جميع الأوراق النقدية للبلاد.
فقد اعتمد الحزب الشيوعي الصيني الخميس الماضي  قرارا يتعلّق بتاريخه -الثالث فقط خلال 100 عام من وجوده -يكرّس “فكر” شي جين بينغ، باعتباره “جوهر الثقافة والروح الصينية».
   فقط ماو، عام 1945، ودنغ شياو بينغ، عام 1981، كانا قادرين على تمرير مثل هذا القرار من قبل.
وكما هو متوقع، فإن البيان الصادر عن الجلسة الكاملة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، التي اجتمعت في الفترة من 8 إلى 11 نوفمبر، كان حماسيا وتقريظيا لـ “الإنجازات العظيمة” للحزب الذي تأسّس عام 1921. ومحتفيا بذاته، قال إن الحزب الشيوعي الصيني كتب “أروع ملحمة في تاريخ الأمة الصينية على مدى آلاف السنين».
    وبحسب مقتطف من القرار الشهير، عثر الحزب على رجل العناية الإلهية الذي سيقوده نحو مستقبل مجيد. ويعتبر شي جين بينغ “ذا أهمية حاسمة (...) لتعزيز العملية التاريخية للتجديد الكبير للأمة الصينية».
عبادة الشخصية
تصل إلى آفاق جديدة
   «الفكرة هــــي بعث رسـالة مفادها أن شـــــي جين بينغ، هو الزعيم الذي سيسمح للصين ببلوغ ذروة قوتهــــا، المركز الأول في العالم.
والشخص الذي سيكمل عمل ماو التاريخي، يرى كلوي فرواسار، أستاذ العلوم السياسية في إينالكو، فالرجل الاول في الصين، يسعى إلى إسكات أي احتجاج حول ضرورة أن يظل في السلطة لفترة طويلة، وأن يصبح على قدم المساواة مع ماو”.
ومن هنا كانت رغبته، من أجل رفع مكانته، الاعتراف بـ “فكره” باعتباره شرعياً مثل فكر مؤسس النظام.
   وهو ما لم يسمح به القرار، نهائيا بعد، على عكس ما توقعه الخبراء، يعتقد الخبير في الشأن الصيني.
 ويستعد الرجل القوي في البلاد، الى عقد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، في غضون عام، والذي من شأنه أن يسمح له بالبقاء في السلطة لولاية ثالثة -لم يحدث هذا منذ عقود –وبلا شك لفترة أطول.
   بعد اعتماد هذا النص، قد يزداد القمع ضد من يجرؤ على التشكيك في سلطة الرئيس، وقد تصل عبادة الشخصية إلى آفاق جديدة.
 وقد دفعت الصحافة الرسمية حدود التملق مرة أخرى الأسبوع الماضي.
  «منذ انتخابه أمينًا عامًا للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، نوفمبر 2012، يُنظر إلى السيد شي على أنه رجل ارادة وعمل، ورجل ذو أفكار ومشاعر عميقة، ورجل حصل على ارث، ولكنه تجرأ على الابتكار، ورجل لديه رؤية استشرافية، وملتزم بالعمل بلا كلل”، كتبت بحماس وكالة شينخوا.
الى درجة أن احتمال نشر “كتاب أحمر صغير” جديد، لن يركز على فكــــــر مـــــــاو، بل على فكر شي، لم يعد يبدو احتمالا سخيفًا.
   بالنسبة لبعض المراقبين، لا يطمح الرئيس الحالي إلى مساواة ماو فحسب، بل التفوق عليه.
“إنه يرى نفسه فوق ماو، لأنّ هذا الأخير ارتكب أخطاء كلفت البلاد غالياً -القفزة الكبرى إلى الأمام (1958-1960)، “الثورة الثقافية” (1966-1976)، بينما، حسب الدعاية، لا يمكن أن يخطئ شي، بفضل هوسه بالاستقرار والأمن و “الرخاء المشترك”، يلخص جان بيير كابيستان، مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي.
   لقد أصبح الدكتاتور المثالي، نوعًا من العبقرية الجديدة، الذي جعل من الصين دولة قوية قادرة على تجاوز الولايات المتحدة، وقيادة الشعب إلى مستقبل مشرق”.
 والدليل على الأهمية التي يعطيها سيّد بكين لنفسه، ذكر اسمه 17 مرة في البيان الصحفي الصادر يوم الخميس الماضي، مقابل 7 مرات لماو، و5 مرات لدنغ شياو بينغ.

صين شي ليست صين ماو
   إن تكريس عبادة الشخصية، ووضع السياسة فوق كل الاعتبارات الأخرى، ليست النقاط المشتركة الوحيدة بين شي جين بينغ وماو تسي تونغ. “كل منهما يرى نفسه على أنه من مبعوث التاريخ، ومكتوب له تقريبًا حكم البلاد، مع رغبة البقاء في السلطة إلى الأبد، ولا سيما لمنع أعدائهما الكثيرين من مطاردتهما إذا انسحبا”، يلاحظ ريتشارد ماكجريجور، الباحث في معهد لوي، وهو مؤسسة فكرية أسترالية.
   لكن لا يجب المبالغة في المقارنة بين الرجلين: “ لم يطلق شي العنان للشعب ضد الحزب، كما فعل ماو، بشعاره: ‘أطلقوا النار على المقر!’، يواصل هذا الاختصاصي، بل ان هدفه هو عكس ذلك تماما: تعزيز الحزب».
   وخصوصا، لا علاقة لصين اليوم، بصين الزعيم المؤسس. “تحت حكم ماو، سادت الغطرسة الثورية، وكانت المنافسة شرسة مع الاتحاد السوفياتي:
 كان الرهان هو تطبيق الاشتراكية قبل السوفيات، وبشكل أفضل، يذكّر كلوي فرواسار، من إنالكو.
   الصين، التي كانت معزولة تمامًا، اندمجت منذئذ في المجتمع الدولي: اليوم، المنافس الأول هو الولايات المتحدة، والمنافسة تدور على جميع المستويات: الاقتصادية والتكنولوجية والجيوسياسية والعسكرية والنظام السياسي والحوكمة...”، وشي جين بينغ عازم ومصرّ على الانتصار.
عن لاكسبريس