رئيس الدولة والرئيس القبرصي يؤكدان أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار الإقليميين
الطلب يتزايد.. لماذا يبحث أثرياء أميركا عن جنسية ثانية؟
في الوقت الذي يسعى فيه آلاف الأشخاص حول العالم للحصول على الجنسية الأميركية، نظراً لما تؤمنه من حقوق ومكاسب كبيرة لحامليها، يبدو أنه لأصحاب الثروات الأميركيين رأياً آخرَ بهذا الشأن، حيث أظهر تقرير حديث أن عدداً متزايداً من هؤلاء، يسعون للحصول على تأشيرات احتياطية أو جنسية ثانية.
ووفقاً لتقرير "الثروة الأميركية لعام 2024" الذي أصدرته شركة استشارات الهجرة الاستثمارية Henley & Partners وNew World Wealth، فإن عدد الأميركيين الأغنياء الذين تقدموا للحصول على تأشيرات احتياطية أو جنسية ثانية من خلال برامج الإقامة والمواطنة الاستثمارية، كان الأكبر في العالم خلال عام 2023، حيث ارتفع عدد الاستفسارات المسجلة من قبل هؤلاء حول هذه البرامج بنسبة قدرها 500 بالمئة على مدى السنوات الخمس الماضية.
ورغم أن تقرير "الثروة الأميركية لعام 2024" لم يحدد عدد الأميركيين الأغنياء الذين تقدموا للحصول على جنسية ثانية في 2023، إلا أنه أشار إلى أن الطلب الكبير والمتزايد من قبل هؤلاء، دفع شركة استشارات الهجرة الاستثمارية Henley & Partners لافتتاح ستة مكاتب جديدة لها العام الماضي، في مراكز الثروة في الولايات المتحدة في شيكاغو ودالاس ولوس أنجلوس وميامي ومدينة نيويورك وسان فرانسيسكو، وذلك بهدف تلبية الطلب. وبحسب مجلة فورتشن فإن Henley & Partners ليست الشركة الوحيدة، التي وجدت أن الأميركيين الأثرياء يتنافسون للحصول على إقامات أو جنسيات ثانية، فشركة إدارة الثروات العالمية Chase Buchanan، كانت قد أشارت إلى وجود شعبية متزايدة في صفوف المواطنين الأميركيين، الذين يسعون للحصول على ما يسمى بالتأشيرات وجوازات السفر الذهبية.
وعادة ما يأتي جواز السفر الأميركي في المراتب العشر الأولى في العالم، من حيث القوة وذلك بحسب تصنيفات مختلف مراكز الأبحاث والشركات.
الجنسيات الأكثر طلباً من الأميركيين
عادة ما تحدد كل دولة قواعدها وشروطها الخاصة للمتقدمين، للحصول على الإقامة والمواطنة عبر الاستثمار، ولكن معظم هذه الشروط تنص على وجوب استثمار مئات الآلاف من الدولارات، وقضاء بضع سنوات في البلد مقابل الحصول على تأشيرة أو جنسية.
وتظهر البيانات الحديثة، أن الهجرة الاستثمارية الأكثر رواجاً بين المواطنين الأميركيين، كانت إلى البرتغال من خلال الحصول على تصريح الإقامة الذهبية هناك، يتبعها عرض الاستثمار في مالطا، الذي يسمح بمنح الجنسية عن طريق الاستثمار في التنمية الاقتصادية للبلاد، حيث أن أياً من هذين الخيارين، لا يتطلبان من المتقدمين، قضاء مدة طويلة من الوقت في البرتغال أو مالطا.
كما احتلت برامج المواطنة والإقامة الأوروبية في اليونان وإيطاليا وإسبانيا، مكانة عالية في قوائم الهجرة الاستثمارية الأكثر رواجاً بالنسبة للأميركيين، وذلك كونها أيضاً لا تتطلب من المتقدمين قضاء مدة طويلة من الوقت خارج الولايات المتحدة الأميركية.
وبحسب دومينيك فوليك، رئيس مجموعة العملاء الخاصة في Henley & Partners، فإنه لطالما كان يُنظر إلى حقوق المواطنة والإقامة البديلة على أنها بوليصة التأمين المطلقة ضد حالات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، ولكن العديد من العملاء يستخدمون أيضاً برامج الهجرة الاستثمارية، لتنويع أصولهم وخلق فرص جديدة، مشيراً إلى أنه مع اشتداد بعض الصراعات والحروب الإقليمية، يسعى مواطنو القوى العالمية الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، بشكل متزايد إلى الحصول على شبكة أمان تتمثل في جوازات سفر إضافية للسفر بها.
أسباب بحث الأميركيين الأثرياء عن جنسية أخرى
قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، بيار الخوري، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن البحث عن جنسية أخرى من قبل الأميركيين الأثرياء يعتبر ظاهرة غير جديدة، ولكن هذه الظاهرة اكتسبت زخماً في السنوات الأخيرة، مدفوعة بعدة عوامل تتراوح بين الرغبة في تأمين مستقبل أكثر استقراراً، والتحوط ضد الاضطرابات السياسية والاجتماعية، حيث يسلط تقرير الثروة الأميركية لعام 2024 الضوء على هذا الاتجاه المتزايد، مشيراً إلى أن الأسباب الرئيسية التي تدفع الأميركيين الأثرياء للبحث عن جنسية أخرى، تتلخص بالتالي:
التحوط ضد الاضطرابات: في ظل الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي شهدتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، خاصة العنف العرقي وعدم الاستقرار السياسي، والتهديد بالحرب الأهلية، وآخرها تصريح للمرشح الجمهوري للرئاسة الرئيس السابق دونالد ترامب بهذا الشأن، يسعى الأميركيون الأثرياء إلى تأمين ملاذ آمن لأنفسهم ولعائلاتهم، فالجنسية الثانية أو الإقامة في دولة أخرى، تعتبر شبكة أمان في حال تدهور الأوضاع أكثر.
الفوائد الضريبية: بعض الدول تقدم نظماً ضريبية مواتية للمستثمرين، أكثر من تلك الموجودة في أميركا، وهذا الأمر يمكن أن يساهم في تحسين الكفاءة الضريبية لثروات الأغنياء الأميركيين.
التخطيط العقاري والميراث: الجنسية الثانية قد تسهل على الأميركيين الأثرياء، تنظيم أمورهم العقارية و الأمور المتعلقة بالميراث عبر الحدود الدولية.
الحرية الشخصية والتنقل: الجنسية الثانية تفتح الأبواب أمام انتقال أسهل حول العالم، خصوصاً في ظل قيود السفر، التي قد تبدأ بفرضها الولايات المتحدة لترد عليها الدول الأخرى بالمثل، وبالتالي يصبح الحصول على جنسية ثانية بعيدة عن حرب قيود السفر أمراً ضرورياً.