رئيس الدولة والرئيس المصري يبحثان العلاقات الأخوية والتطورات الإقليمية
النقد الدولي توقع نمو الناتج المحلي الروسي 2.6 % في عام 2024
الظروف لصالحه.. فلاديمير بوتين أقوى من أي وقت مضى
واجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتكاسات خلال غزوه الشامل لأوكرانيا، لكنه اليوم بعد عامين من الحرب يظهر في أقوى حالاته، ويبدو أن الظروف تتحول لصالحه، ولا تظهر قبضته على السلطة أي علامة على التراجع. وذكر تحليل نشرته مجلة «نيوزويك» أن المقاومة الأوكرانية في بداية الحرب شهدت تراجعاً للقوات الروسية عن كييف، وفي وقت لاحق من عام 2022، وجه الانسحاب من خاركيف وخيرسون ضربات لبوتين وعناوين جريئة لكييف، بأن تستمر في مقاومة روسيا كما فعلت الضربات على أهداف روسية في البحر الأسود، والتي لا تزال مستمرة حتى الآن. لكن خلال الأسابيع القليلة الماضية، كانت بعض الأخبار تسير في صالح بوتين وربما تكون العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة والتي تهدف إلى عزل روسيا عن النظام المالي العالمي قد تسببت في حدوث اضطرابات، لكن صندوق النقد الدولي توقع الشهر الماضي نمو الناتج المحلي الروسي الإجمالي بنسبة 2.6% في عام 2024، أي أكثر من ضعف توقعاته السابقة.
وبحسب المجلة، يتجه بوتين إلى الانتخابات المقررة في 15 من مارس (آذار) وهو متأكد من فوزه بعد وفاة أبرز سياسي معارض في روسيا، أليكسي نافالني، والتذبذب الغربي بشأن تقديم المزيد من المساعدات لكييف، والاستيلاء على أفدييفكا في إقليم دونيتسك.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس رالف كارتر: «على الصعيد الداخلي، أصبح فلاديمير بوتين أقوى من ذي قبل.. لقد حشد الرأي العام خلف قيادته، واصفاً العقوبات الغربية بأنها هجوم قام بتحييده على بلاده.. لقد قام أيضاً بتحييد المعارضة الداخلية، مع وفاة أليكسي نافالني، أبرز منتقديه، ويفغيني بريغوزين، زعيم مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة».
كان بريغوجين منتقداً شديداً لسلوك بوتين في زمن الحرب، واستولى على منشآت عسكرية في روستوف أون دون وسار نحو موسكو مع مجموعة فاغنر من المرتزقة وتوفي في حادث تحطم طائرة اعتبر على نطاق واسع عقاباً له على تحديه سلطة بوتين، على الرغم من أن الكرملين نفى أي مسؤولية عنه.
ترامب والكونغرس
والأسواق الجديدة
يبتعد بوتين عن الغرب ويواجه العقوبات التي جعلت أوروبا تقلل من اعتمادها على الطاقة الروسية وحققت موسكو بعض النجاح في إيجاد أسواق جديدة لصادراتها القيمة، ولا سيما الصين والهند.
وقال أستاذ القانون في جامعة تشابمان بولاية كاليفورنيا جون هول: «يبدو أن موقف بوتين أقوى مما كان عليه قبل 6 أشهر.. لقد أثبتت محاولات عزل روسيا اقتصادياً أنها أقل نجاحاً بكثير مما كان مأمولاً، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى رغبة الهند في شراء النفط الروسي.. إن الحرب في أوكرانيا تسير بشكل أفضل بالنسبة لروسيا مما كانت عليه منذ أشهر، حيث قامت روسيا بتأمين خطوط أنابيب الأسلحة من كوريا الشمالية وإيران والصين، في حين تواجه أوكرانيا نقصاً خطيراً في الأسلحة والقوى العاملة». وتشير المجلة إلى أنه مع عدم وجود نهاية واضحة للجمود في الكونغرس الأمريكي بشأن تقديم المزيد من التمويل لأوكرانيا، استفاد بوتين أيضاً من خطاب الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي تبناه جزء من الحزب الجمهوري، الذي عارض المزيد من الدعم العسكري لكييف. وأضاف هول: «لقد استخدم ترامب نفوذه لتقويض أي دعم مستمر لأوكرانيا، وهي سياسة لا تفيد سوى بوتين».
تضامن مشكوك فبه
وقال خبير العلاقات الأمريكية الروسية، وأستاذ التاريخ في كلية كولورادو كين أوسغود، إن «استخفاف ترامب بحلف شمال الأطلسي، والذي تضمن حث روسيا الشهر الماضي على مهاجمة أعضائه الذين لا يستوفون الحد الأدنى من متطلبات الإنفاق بنسبة 2%، كان أيضاً في مصلحة بوتين».
ويرى أسغود إن «كسر تضامن الناتو كان هدفاً لكل زعيم روسي منذ جوزيف ستالين، وإذا تولى ترامب البيت الأبيض ولم يتمكن من تغيير علاقة الولايات المتحدة مع الحلف، أو حتى إذا خسر الانتخابات، فإن بوتين يكون حقق بالفعل مكسباً كبيراً من خلال جعل الانسحاب الأمريكي من الناتو موضوعاً جدياً حتى وأن كان سياسياً».
وقالت أستاذة العلوم الحكومية في كلية فرانكلين ومارشال جنيفر كيبي، من الواضح أن بوتين في وضع قوي في أوكرانيا مما كان عليه منذ أكثر من عام بعد أن استولى للتو على أفدييفكا ومع معاناة أوكرانيا مع تباطؤ إمدادات الأسلحة..
لسوء الحظ، على الأقل على المدى القصير إلى المتوسط أصبحت قبضته على السلطة أقوى من أي وقت مضى ومن المستبعد للغاية أن تنهار».
وبنيت المجلة أن سرعة التمرد الذي قام به قائد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة بريغوزين في يونيو(حزيران) الماضي أظهرت مدى السرعة التي يمكن أن تتغير بها الأوضاع في روسيا.
وبيّن أستاذ الحكومة في جامعة ويليـــــام ومـاري في فرجينيا ستيفن هانسون أن بريغوزين تمكن من الاستيلاء على مركز قيادة عسكري كبير دون إطلاق رصاصة واحدة، والسير مع الموالين المسلحين إلى مسافة بضع مئات من الأميال من موسكو وهو نوع من انهيار الدولة الذي يمكن أن يحدث في نظام شمولي متكامل».
مضيفاً أنه من المهم عدم المبالغة في تقدير مدى أمن قبضة فلاديمير بوتين على السلطة في المدى الطويل.
قلق متزايد
وقالت مديرة مكتب شبكة «سي.بي.إس.نيوز» السابقة في موسكو بيث نوبل، إن قلق الروس متزايد من الحرب، وإن الخسائر الكبيرة قد تضر في النهاية بمكانة الرئيس.
وقال مدير مركز سكالني للدراسات البولندية وأوروبا الوسطى بجامعة روتشستر راندال ستون، إن بوتين سيبذل قصارى جهده لتجنب احتجاجات الشوارع التي اجتاحت زعماء هذا القرن في دول ما بعد الاتحاد السوفيتي مثل جورجيا وقيرغيزستان وكذلك أوكرانيا.. لكن بوتين غير آمن على الإطلاق، وقد أوضح تمرد قوات فاغنر مدى ضعف قبضته على السلطة. فهو لا يجرؤ على إنهاء الحرب في أوكرانيا دون تحقيق نصر كبير، لكن النفور العام من الحرب يحد من مجهوده الحربي».
وختمت المجلة تحليلها بذكر أن وفاة نافالني تعد انتصاراً كبيراً لبوتين على المدى القصير، لكن الرئيس الروسي «حاصر نفسه تماماً» حيث أنه لا يوجد هناك طريقة للخروج مما يعيشه الآن. فهو لا يستطيع وقف الحرب ولا يستطيع وقف القمع ولا يبدو أن الأمر يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، وكل ذلك ربما يعجل بنهاية حكمه.