رغم التطورات التي شهدتها المفاوضات الجارية

العالم يترقب «ولادة مشوهة» للاتفاق النووي

العالم يترقب «ولادة مشوهة» للاتفاق النووي

رغم التطورات التي شهدتها المفاوضات الجارية بين القوى الغربية وإيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، إلا أن المؤشرات لا تدعو إلى التفاؤل والاتجاه إلى التوافق بين أطراف الاتفاق في ظل وجود بنود سرية يتكتم عليها الطرفان.
ووفق صحف عربية صادرة أمس الأحد، يرى مراقبون أن نتيجة المفاوضات الجارية لن تسفر عن أي خطوات إيجابية بشأن العودة للاتفاق النووي وردع إيران بالطرق السياسية والدبلوماسية للتخلي عن برنامجها النووي وتعزيز الأمن في المنطقة.

مولود مشوه
وقال الكاتب عبد الرحمن راشد أنه بعد عام ونصف والأمريكيون والإيرانيون يتفاوضون في فيينا ولم يتبق سوى بضعة أسابيع أمام المرشد الأعلى الإيراني ليحسم أمره. فالوقت يمضي وشبح دونالد ترامب والجمهوريين يخيم على انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وبعدها سيصبح صعباً، وربما مستحيلاً، توقيع الاتفاق في حال خسر الديمقراطيون الأغلبية في المجلسين النواب والشيوخ، وهو احتمال وارد. وأضاف أنه مع هذا الاستعجال، تحولت فيينا إلى غرفة ولادة قيصرية وتوقف ماراثون المفاوضات. فالقضايا الرئيسية، تقريباً، متفق عليها، وتبقت التفاصيل حيث تكمن الشياطين.

وأشار الكاتب إلى أنه من المرجح أن النتيجة “مولود مشوه”، مهما كانت التوافقات، سواء تنازلت إيران عن رفع العقوبات عن الحرس الثوري، أو سلمت كوريا الجنوبية 7 مليارات دولار لإيران، أو أطلق الأوروبيون سراح كل المجرمين المدانين المحسوبين على النظام. في رأيي، هذه التنازلات معيبة في الاتفاق لكنها ليست خطيرة عند مقارنتها بالتهاون مع نشاطات طهران العسكرية خارج أراضيها، في العراق ولبنان واليمن وغزة وسوريا وأفغانستان التي سترمي بالمزيد من الحطب في النار.

وأكد راشد أن توقيع الاتفاق ورفع العقوبات، مع السكوت عن عمليات إيران العسكرية الخارجية، سيؤدي إلى رفع مستوى التوتر والعنف في المنطقة، وسيطول أذاه الولايات المتحدة والأوروبيين، وسيعيد الخلاف الإقليمي والاصطفاف الدولي، وسيحفز توسيع النشاط الروسي والصيني في المنطقة.
كما أوضح الكاتب عبد الرحمن راشد أن فشل الاتفاق سيعني إطالة معاناة إيران وحصارها، إلا في حال هبت دولة، مثل الصين، لدعم اقتصادها، بعقود طويلة الأمد لشراء نفطها وتمويل مؤسساتها العسكرية. وفي كل الحالات، الاتفاق الناقص مثل الاتفاق الفاشل؛ كلاهما يتسبب في تصاعد الصراع.

هجمات إسرائيل
وتزامنا مع المفاوضات الجارية بشأن الاتفاق النووي، نفي المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، رمضان شريف، وجود تجسس إسرائيلي على هذه المؤسسة العسكرية، وقال إن الانتخابات في إسرائيل وتركيا، وحاجة أنقرة إلى حلفاء جدد وتعزيز أمنها هو السبب في تطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال شريف إن “العدو لا يستطيع الوصول إلى أي معلومات تخض الحرس الثوري”، وإن الاغتيالات التي نفذت في إيران “لا تعكس قوة إسرائيل”، مضيفا: “لقد احتوينا وسنحتوي هذا السلوك الموذي للإسرائيليين».
وأضاف شريف بحسب موقع “إيران إينرنشنال” قائلاً “نحن لا نقول إن تحديد ضابط في الحرس الثوري واستئجار بلطجية لاغتياله عمل غير مهم، ولكن قوات الحرس الثوري لا تعيش بمعزل عن عامة الناس».

وجاءت تلك التصريحات بعد أن قتل مسلحان على دراجة نارية قد قتلا، يوم 22 مايو (أيار) الماضي، الضابط صياد خدائي الذي يبلغ من العمر 50 عامًا بالرصاص، أثناء وجوده في سيارته بأحد أحياء طهران.
وبعدها، حصلت قناة “إيران إنترناشيونال” على تفاصيل خاصة تفيد بأن ضابط الحرس الثوري الذي قتل بـ5 رصاصات أمام
منزله، كانت مهمته استهداف إسرائيليين في مختلف أنحاء العالم.

وبعد مقتل خدائي، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى دوره في الاعتداءات الإرهابية ضد إسرائيل،
وقدمته على أنه نائب قائد الوحدة 840 في فيلق القدس، ومهمته الهجوم على مواطنيها وضرب مصالحها.
كما أفادت مصادر “إيران إنترناشيونال” بأن الفشل المتواصل لجهاز استخبارات الحرس الثوري في تنفيذ مهام إرهابية في الخارج عززت الأصوات الاحتجاجية بعزل حسين طائب، رئيس هذا الجهاز.
فيما أفادت معلومات حصرية تلقتها “إيران إنترناشيونال”، بأن نائب هيئة مكافحة التجسس (الوحدة 1500) ونائبين أحدهما سابق لهيئة العمليات الخاصة (الوحدة 4000) في استخبارات الحرس الثوري الإيراني، لعبوا دورًا في العمليات الفاشلة ضد أهداف إسرائيلية.

مطالب الخليج في الاتفاق النووي
فيما تحدثت صحيفة “عكاظ” السعودية عن مطالب دول الخليج من الاتفاق النووي، وقالت “بعد التسريبات عن تنازلات إيرانية للدفع بالعملية التفاوضية الرامية لإعادة إحياء الاتفاق النووي؛ تسود نواب البرلمان الإيراني المحافظ مخاوف إزاء التحقق من رفع كل العقوبات المفروضة على إيران».
وفيما تتجه الأنظار نحو واشنطن، لمعرفة موقفها النهائي من الرد الإيراني على مقترح الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد تداول وسائل إعلام دولية تفاصيل آلية تطبيق الاتفاق النووي، على فترتين مدة كل منهما 60 يوماً؛

أشارت الصحيفة إلى أن هناك تسريبات تؤكد أنه في اليوم الأول سيتم إلغاء 3 أوامر تنفيذية وقعها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ما سيؤدي إلى خروج 17 بنكاً إيرانياً من العقوبات، و150 مؤسسة إيرانية؛ وسيتم الإفراج عن 7 مليارات دولار من أموال إيران المجمدة.
وأوضحت الصحيفة أنه على رغم أن الاتفاق الجديد سيحقق مطالب الغرب بحرمان إيران من القدرة النووية؛ فإنه لن يرضي حلفاء الغرب في منطقة الخليج؛ ما لم يتضمن اشتراطات وقيوداً صارمةً تتعلق بسياسات إيران لزعزعة استقرار المنطقة، وبرنامجها الصاروخي
، وحشد المليشيات التخريبية في بلدان عربية.

وعلى رغم تعهدات الرئيس جو بايدن أمام قمة جدة الشهر الماضي بألا تتخلى الولايات المتحدة عن حلفائها في الشرق الأوسط؛ فإن أولئك الحلفاء يريدون اتفاقاً يلبي تطلعهم إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وإلى نظام إيراني يحترم الإرادة الدولية.