العراق.. طمأنة الخاسرين وإنقاذ المهزومين في الانتخابات

العراق.. طمأنة الخاسرين وإنقاذ المهزومين في الانتخابات

تفاعلت قوى سياسية عراقية عدة، مع مبادرة رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، بشأن مستقبل العملية السياسية في البلاد على ضوء نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، والتي أفرزت تصدر التيار الصدري للانتخابات وتراجع القوى المؤيدة لإيران. وسلطت صحف عربية صادرة أمس الخميس، الضوء على ردود الفعل حول هذه المبادرة، وتطورات الحالة السياسية في العراق، ومساعي إيران لمحاولة استدراك خسارة حلفائها الذين يمثلون أحد أهم أذرعها في المنطقة. طمأنة الخاسرين ورأت صحيفة “العرب” أن مبادرة رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، التي بدأ الترويج لها بوصفها أنه تؤدي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية، من خلال اتفاق وطني جامع يقوم على أساس نقاط وتوقيتات واضحة وعملية، بمثابة طمأنة للخاسرين ومصدر قلق للفائزين. وقالت: “تبدو مهمة الحكيم صعبة في الإقناع بمبادرته في ضوء ردود الأفعال الأولية، لاسيما من التيار الصدري الذي أبدى تحفظات عليها، حيث يرى أنها تتناقض ومسعاه لتشكيل حكومة أغلبية يكون المسؤول عنها، وأن هذه المبادرة ستعيد إنتاج نفس المنظومة السابقة القائمة على المحاصصة، التي يرفضها الشارع العراقي». وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية يسعى إلى تدارك وطأة الهزيمة الانتخابية القاسية التي مني بها، والعـــــــودة إلى المشهد السياسي عبر لعب دور “الحكيم” في ساحة مشــــــحونة بالخطابات التصعيدية، وبتمسك كل طرف لاسيما داخل البيت الشيعي بمواقفه. ولفتت الصحيفة إلى أنه يتنافس كل من التيار الصدري المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية، والإطار التنسيقي الذي يضم تحالف الفتح الواجهة السياسية للميليشيات الموالية لإيران، على كسب دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي بات مع المستقلين وكتلة تقدم السنية يشكلون بيضة قبان في حسم كفة هذا الطرف أو ذاك. وأكدت الصحيفة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حقق نتائج مهمة في الاستحقاق الانتخابي يتبنى سياسة محايدة في الظاهر في التعاطي مع الأفرقاء داخل البيت الشيعي، ويتروى الحزب في إصدار أي موقف قبل إعلان النتائج النهائية واتضاح مسارات الأمور. ويرى التيار الصدري أن مبادرة الحكيم من قبيل الدعوات التي مضت عليها العديد من السنين، وأنه لا حاجة إلى إرضاء الآخرين خوفا من حرب أهلية، في إشارة إلى تصعيد الميليشيات الموالية لإيران، وأن رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والإطار التنسيقي، يرغبون في الذهاب إلى الماضي وفق التوافقية السياسية، والتي فشلت فشلاً ذريعاً. إنقاذ المهزومين وقالت صحيفة “الشرق الأوسط” إنه “في حين بدت مبادرة الحكيم تحمل حالة اطمئنان للخاسرين الذين يمثلهم الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يضم تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، والعقد الوطني بزعامة فالح الفياض، فإنها من جانب آخر أحدثت حالة قلق للفائزين بالانتخابات». وقالت إن مبادرة الحكيم تدعو إلى إعادة النظر في مخرجات الانتخابات العراقية التي أجريت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) ونقلت عن مراقبين سياسيين، فإنه من غير المرجح أن يوافق الصدر على كل ما تضمنته “ورقة الحكيم” من أفكار، لأنها من وجهة نظره تمثل حبل إنقاذ للقوى الخاسرة التي تريد الالتفاف على نتائج الانتخابات عبر تأكيدها على التزوير. ويرفض الصدريون، الحديث عن التزوير ويرون أن المقاعد التي حصلوا عليها هي استحقاقهم الطبيعي مقابل الاستحقاق الطبيعي لخصومهم داخل البيت الشيعي، الذين حصلوا على عدد متواضع من المقاعد. خطوات إيرانية وقالت صحيفة “النهار” إنه “حين زار قائد فيلق القدس الإيراني اسماعيل قآني بغداد بعد الإعلان عن محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مباشرة، فإن ذلك وضعه، وإن مجازاً، في موقع المندوب السامي لسلطة الاحتلال الإيراني الذي وجد أن عليه أن يتدخل قبل أن تتدهور العلاقة بين الحكومة العراقية ومؤسسة الحشد الشعبي لتذهب في طريق اللاعودة». وأضافت نفى الجنرال الإيراني علمه المسبق بالمحاولة، لا لكي يبعد الشبهات عن الأجهزة الأمنية الإيرانية أو الحرس الثوري، بل لكي يستبعد النظرية التي انطوت عليها إشارة الكاظمي إلى أنه يعرف الجهة التي خططت ونفذت، وهي إشارة تتوجه بشكل تلقائي إلى زعماء عدد من فصائل الحشد الشعبي اللذين توعدوا رئيس الوزراء بالقصاص بعد تحميله مسؤولية مقتل أحد مناصري الحشد المتظاهرين عند أبواب المنطقة الخضراء». وتابعت “دخول قآني على خط الصراع مباشرة ومن غير أي تأخير إنما يهدف إلى إضفاء نوع من الحصانة على الخزعلي، الذي كان من الممكن أن يُحال إلى القضاء بسبب تصريحاته التي لا تحتاج إلى تأويل لتكون تحريضاً على القتل الذي كان يمثل أفضل مخرج للفصائل المسلحة من أزمتها التي يعتقد الحشديون أن تاريخ نزاعهم مع الكاظمي هو السبب في وجودها». وقالت الصحيفة: “اعتبر الحشديون أن هزيمتهم في الانتخابات التشريعية تقع في الجزء الأكبر منها على عاتق الكاظمي وإن كانوا قد وجهوا إلى دولة عربية تهمة التلاعب بالأصوات ومن ثم تزوير النتائج». وأشارت إلى أن الاعلان الإيراني عن القبول بنتائج الانتخابات التشريعية لا يعني بالضرورة أن إيران ستعمل على تهدئة غضب أتباعها في العراق، بل قد يمثل ذلك الإعلان نوعاً من التضليل الذي برع الإيرانيون في استعماله من أجل إتاحة الفرصة لأتباعهم للوصول إلى هدفهم كما لو أنهم لم يغادروا منطقة الحوار السلمي إلى العنف، فما دامت إيران قد تبرأت من عملية اغتيال الكاظمي فإن أذيالها في العراق سيكونون معفيين من الملاحقة، ذلك هو جوهر الرسالة الإيرانية، ولكن المستلم وهو الكاظمي لن يرضى بأقل من تقديم قتلته إلى القضاء.