العراق...عودة إلى المجهول وسط دوامة سياسية جديدة

العراق...عودة إلى المجهول وسط دوامة سياسية جديدة


دخل العراق في دوامة سياسية جديدة، بعد تأجيل تشكيل الحكومة الجديدة منذ أكثر من 8 أشهر، فاقمها إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وكتلته الانسحاب من البرلمان. ووفق صحف عربية صادرة أمس الاثنين، تأتي استقالة الصدر رداً على رفض مطالبته بتشكيل حكومة أغلبية بقيادة تكتله، ومطالبته بحل ميليشيا الحشد الشعبي، ونزع سلاحها.

خيارات صعبة
في هذا الإطار قالت صحيفة “الشرق الأوسط” إن إن قرار الصدر سيضع الجميع أمام خيارات صعبة. فتركيبة البرلمان ستتغير بعد انضمام 75 نائباً ربما يكونون من قوى شيعية أخرى تنافس الصدر بعد سحب الأخير نوابه. كما أن الخريطة السياسية ستتغير بعد تشكيل تحالفات جديدة بديلة للتحالفين اللذين يسيطر عليهما الشيعة عبر التيار الصدري والإطار التنسيقي.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور غالب الدعمي أستاذ الإعلام في جامعة “أهل البيت”، أن مطالبة الصدر بنزع سلاح الحشد الشعبي، يمكن أن تدفع إلى مواجهة مسلحة ضمن البيت الشيعي نفسه، ذلك أن “القوة التي تتحرك فيها الفصائل الآن، حتى في الجانب السياسي، هي قوتها العسكرية المستندة إلى ألوية الحشد الشعبي التي تعتبر أن الحشد الشعبي هو ضمانة لها ولوجودها والتحديات التي تواجهها».
وأضاف “ليس من السهل تحت أي حجة قبول دعوة الصدر من قبل هذه الفصائل، علماً أنهم لن يعلنوا رفضاً معلناً، لكنهم من الناحية العملية يرفضونها لأن معظم هذه الفصائل تخشى على وجودها ضمن هيئة الحشد الشعبي من دعوات الصدر، وهو ما يؤخر تشكيل الحكومة ويعرقل كل المسارات الخاصة بذلك، لأنها في النهاية لا تريد تشكيل حكومة وفق رؤية زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر».

حلقة مفرغة
بدوره نقل موقع “إندبندنت عربية”، أن سبب فشل الكتل البرلمانية في تشكيل حكومة عراقية رغم مرور 8 أشهر على تنظيم الانتخابات المبكرة “المعارضات الداخلية في البرلمان”، فالتيار الصدري الذي يرأس تحالف إنقاذ وطن مع كتلة تقدم السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني، يريد تشكيل حكومة أغلبية، بدعوى أن كتلته هي الأكبر في البرلمان، 155 نائباً، أما الإطار التنسيقي 83 نائباً فيدفع نحوحكومةً توافقية تضم جميع الأطراف الشيعية، كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات.
ويؤكد الموقع، أن انسحاب الصدر من البرلمان سيزيد المشهد السياسي في العراق تعقيداً وضبابية.
خاصة وأنه لم تتضح بعد التبعات الدستورية لهذه الخطوة، لكن وبحسب المحلل السياسي العراقي حمزة حداد، فإنه “رغم قبول رئيس البرلمان للاستقالات، لا يزال على البرلمان التصويت بغالبية مطلقة على ذلك بعد تحقيق النصاب”، لافتاً في تغريدة إلى أن البرلمان في عطلة مدة شهرين منذ 9 يونيو -حزيران.
ويشير الموقع، إلى أن تخطي انسداد الأفق السياسي في العراق ممكن إذا حُل البرلمان ونظمت انتخابات جديدة، لكن لا يمكن حل البرلمان إلا بقرار من مجلس النواب نفسه، ما يُثير الشكوك في قدرة أو رغبة البرلمان بشكله الحالي على الرغبة في الخروج من الحلقة المفرغة التي تردى فيها العراق.

تركيا وإيران
من جهتها نقلت صحيفة “الجريدة” الكويتية،  أنه فيما يعاني العراق أزمة سياسية تعوق تشكيل الحكومة الجديدة على خلفية تعنت القوى الموالية لإيران، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى فصل الحشد الشعبي عن الفصائل المسلحة،  قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن مشاكل بلاده الخارجية الأساسية “تأتي من إيران وتركيا”، لأن العراق “فقد سيادته منذ عقود بقرار أممي بعد غزو الكويت».
وتطرق الوزير إلى القصف الإيراني لإقليم كردستان، في حوار تلفزيوني بث، مساء أمس الأول، قائلاً إن بلاده “لم تلمس أي دليل على أن الموقع الذي قصفه الحرس الثوري الإيراني في مارس -آذار الماضي يستخدم من الموساد الإسرائيلي».
وأشار إلى أن طهران اقترحت إرسال وفد أمني للتعاون مع بلاده للتحقيق في “قصف للموساد في أربيل”، لكنه قال: “لم نلمس أن هذا الوفد سيأتي”. وأعرب عن استغرابه لاختيار إيران للرد على إسرائيل في إقليم كردستان.

عجائب العراق
في موقع “ميدل إيست أونلاين” يقول فاروق يوسف، إن ما يحدث في العراق لا يحدث في أي مكان آخر على وجه الكرة الأرضية. ومن عجائب ذلك أن “يتقدم الطرف المنتصر في الانتخابات التشريعية بطلب إعادة الانتخابات لا لشيء إلا لأنه عاجز عن تأليف حكومة جديدة. ذلك ما يمكن أن يفعله مقتدى الصدر في أي لحظة».

وأضاف الكاتب، لقد قدم الصدر مرة أخرى، دليلاً على أنه ليس مؤهلاً لأن يكون رجل دين أو سياسياً، معتبراً أن لا “سياسي سوياً يفوز في الانتخابات ويهدد بسحب نوابه من مجلس الشعب. إنها فكاهة سوداء لو سمع بها أي إنسان لاعتبرها حدثا يقع على المسرح وليس في الواقع».
ويوضح الكاتب قائلاً:”من المؤكد أن الشعب الذي وضع الصدر على رأس المنتصرين في الانتخابات لم يفكر إلا بإلحاق الهزيمة بأتباع إيران. ذلك ما كان على الصدر أن يضعه في حسبانه ليثبت للشعب جدارته بذلك الانتصار. غير أنه لم يفعل شيئاً من ذلك القبيل حين لجأ إلى المبارزات الخائبة. مرة يدعو خصومه إلى تأليف الحكومة ليذهب هو إلى المعارضة، ومرة أخرى يهدد بسحب نوابه من مجلس الشعب، وقد يعتزل الحياة السياسية كما فعل ذلك من قبل مرات عديدة».

واعتبر الكاتب أن في ذلك ما يكفي لتأكيد أن “العراق الجديد هو عراق مقتدى الصدر. عراق التهريج والفكاهات السوداء وأولاد الشوارع وذكريات جيش المهدي والنزعة العبثية وتعطيل قيام دولة وكراهية القانون والهمجية التي لا تحتاج إلى خدمات كالتعليم والكهرباء والصحة وماء الشرب ولا إلى الزراعة أو الصناعة أو الجيش القوي».