رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
هزيمة ثانية للأمريكان:
الفضاء، ملعب جديد لـ «القوة الناعمة» الروسية
مشهد سهول بايكونور الصحراوية، الإقلاع البطيء لصاروخ سويوز، مع صورته الظلية الأكثر تميزًا، والذي يتسارع تدريجياً نحو السماء، تاركًا وراءه أثرًا من ألسنة اللهب، وضوضاء تشبه نهاية العالم، و”صليب كوروليف” الأيقوني، المكون من أربعة تعزيزات جانبية تنفصل في انسجام تام بمجرد نفاد الوقود منها. إن عشاق غزو الفضاء لا يملّون أبدًا من مشاهدة إطلاق صاروخ سويوز، حتى لو تم هذا التمرين، بشكل متماثل، تقريبًا كل أسبوع.
ولكن، يوم 5 أكتوبر، تابع العملية جمهور أكبر من المعتاد، لأن سويوز حملت إلى محطة الفضاء الدولية راكبين مميزين: المخرج كليم تشيبينكو، المعروف بفيلم “ساليوت 7” ذي الطابع الفضائي، والممثلة يوليا بيريسيلد، تحتل صدارة ملصقات أفلام وطنية عديدة في السنوات الأخيرة.
تحدي انعدام الجاذبية
على النجمين، التقاط صور داخل محطة الفضاء الدولية من أجل أفلام وثائقية مستقبلية، ولكن اساسا مشاهد فيلم روائي قادم، “التحدي”، الذي ستدور حبكة أحداثه في مدار حول الأرض. من المقرر عرضه عام 2022 على الشاشات، وسيصبح أول فيلم روائي في العالم يتم تصويره بانعدام وزن حقيقي، مستبقا في الوقت نفسه مشروعًا أمريكيًا مع توم كروز، الذي من المقرر أن يزور محطة الفضاء الدولية أيضًا في الأشهر المقبلة.
متأخر جدا! أول من اقتحموا الفضاء مع سبوتنيك ويوري غاغارين، سيظل الروس الآن أول من صنع فيلمًا هناك... وهكذا فازوا بسباق بدأ منذ أكثر من عام بقليل.
في 19 سبتمبر 2020، أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية عن اتفاق لإرسال توم كروز والمخرج دوغ ليمان على متن محطة الفضاء الدولية.
بعد ثلاثة أيام، أظهرت وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس نفس النية، وفُتح كاستينغ وطني لاختيار الممثلة التي ستحظى بشرف السفر إلى محطة الفضاء الدولية.
وفي مواجهة شكوك بعض القادة السياسيين والعلميين، دعا المروجان للمشروع -مدير روسكوزموس، ديميتري روجوزين، والتلفزيون الروسي العام كونستانتين إرنست -إلى تحكيم فلاديمير بوتين المباشر، الذي انتهى إلى اقرار العملية ودعمها. ضاعف الروس الجهد، ورتبوا بشكل عاجل رحلات مأهولة إلى المحطة الفضائية حتى يتسنى ارسال الممثلة والمخرج، مع إخضاعهما لتدريب سريع.
القوة الناعمة المجرية
ومع ذلك، من الصعب التحدث عن “سباق”، بما انه من الجانب الأمريكي، لا يبدو أنهم قلقون بشكل خاص من التعرض لهزيمة من قبل الروس.
مشروع الرحلة الفضائية لتوم كروز ودوج ليمان، غير مدعوم بشكل خاص من قبل الدولة ويتعلق بشكل أساسي بالمشغل الخاص سبيس إكس.
في 5 أكتوبر، طارت يوليا بيريسيلد وكليم تشيبينكو إلى محطة الفضاء الدولية، حتى قبل الإعلان عن الموعد النهائي لرحلة توم كروز. ومن الواضح أن الفائدة العلمية لهذا العمل الفذ لا شيء، والمصلحة السينمائية بلا شك أيضا. ففي النهاية، لم ينتظر الخيال العلمي هذه الرحلة لتنتج، بفضل المؤثرات الخاصة المختلفة، مشاهد واقعية تمامًا لانعدام الوزن. إذن لما كل هذا؟ أولاً، إظهار أن روسيا حاضرة جيدًا في سباق الاستغلال التجاري للفضاء، وأن الأمريكيين ليسوا الوحيدين الذين يرسلون سائحين لزيارة مدار الأرض.
سباق جمع التبرعات
هذا النوع من عمليات الاتصال هو أيضًا وسيلة لروسكوزموس للوجود في أعين الجمهور الروسي ... وحكومتها. يعتمد الكثير من عمليات الوكالة على هذا النوع من الابهار. “إن قدرات روسيا في قطاع الفضاء لا توظفها الدولة وتستخدمها في مستوى ما يمكن أن تكون عليه”، صرح المدون المتخصص في مجال الفضاء فيتالي إيغوروف لـ “لاكسبريس” في يونيو الماضي. ولا تزال الملاحظة صالحة اليوم: وريثة مجمّع علمي وصناعي ضخم من الحقبة السوفياتية، تستخدم روسكوزموس جزءً صغيرًا فقط، بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية والتمويل.
وللحصول على تمويل مشاريع أكثر طموحًا، يجب على رؤساء قطاع الفضاء الروسي خلق عمليات اتصالية باستمرار “ترسل روسكوزموس إشارة إلى الحكومة بهذا النوع من المشاريع، يضيف إيغوروف، وتقول: انظروا، يمكن استخدام برنامجنا الفضائي في شيء آخر غير المهمات التقنية البسيطة، ويمكن أن يكون أداة سياسية لوضع روسيا كقوة عظمى”، من خلال إظهار، على سبيل المثال، انها لا تزال قادرة على هزم الأمريكيين، حتى لو كان في سباق سطحي ... وإثبات أن روسكوزموس، لا تزال صالحة لما هو أكثر من مجرد تاكسي إلى محطة الفضاء الدولية.
عن لاكسبريس