رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
الفاتيكان يعمل من أجل إدارة أفضل للعلاقة
الكاثوليكية في الصين، تراقبها الدولة ولكن يرعاها البابا...!
-- ظهرت الكاثوليكية بقوة في امبراطورية الوسـط في القرن التاسـع عشـر إلى جانب القوى الاستعمارية الأوروبية
-- الاتفاق مع الفاتيكان لم يضع حــداً لمقاومــة الحكومــة الصينية للممارسات الكاثوليكية الخارجـة عن سـيطرتها
-- رغم تجديد الاتفاق بين النظام الشيوعي والكنيسة الكاثوليكية، لا يزال الوضع غير مستقر
-- يجب على رجال الدين الصينيين «إظهار حبهم للحزب الشيوعي» و «تعليم الوطنية لأتباعهم»
-- على جميع الأديان الموجودة في الصين الامتثال لمطالب الحزب الحاكم من أجل البقاء
كل دقة دبلوماسية الفاتيكان يتم حاليًا استخدامها من أجل إدارة أفضل للعلاقة مع الصين الشعبية التي أرادها البابا فرانسيس. لما يقرب من أربعة قرون، عمل العديد من الكهنة، وخاصة الفرنسيين والإيطاليين، في الإمبراطورية الصينية حيث تم بناء العديد من الكنائس والكاتدرائيات. وتم تدمير العديد من هذه المباني، وما تبقى منها يستخدم في بعض الأحيان كمخازن أو سقائف. لكن القليل منها ما زال مكرّسا للعبادة ويديرها مجلس رجال دين يعيّن الحزب الشيوعي الصيني أعضاءه. مع هذه “الكنيسة الوطنية”، قرر البابا، في سبتمبر 2018، ممارسة التقارب، والهدف هو أن يكون مرتبطًا بشكل واضح بممارسة دينية مقبولة من قبل الدولة الصينية من أجل التمكن من استئناف حركة “الانغراس’’ حتى في الريف الصيني. ويقدّر عدد اتباع هذه الكنيسة الرسمية بحوالي 12 مليون شخص. وأتاح الاتفاق بين الكنيسة الكاثوليكية والحزب الشيوعي -الذي لم يتم نشر شروطه الدقيقة -لبكين أن تعيّن، على الفور، وبموافقة الفاتيكان، سبعة أساقفة صينيين. بعد ذلك، رُسِمَ أسقفان في اغسطس 2019، وآخر في حزيران 2020، وجدد اتفاق 2018 في اكتوبر 2020 لسنتين.
المسار الذي اختاره البابا يتجاهل اتباع “الكنيسة السرية” الذين، منذ أن أصبحت الصين شيوعية عام 1949، يمارسون طقوسهم بطريقة سرية، ويتم قمعهم من قبل النظام. من المستحيل تحديد عددهم لكنهم قد يكونون حوالي خمسة ملايين. وفقًا للمنظمة المسيحية غير الحكومية “الابواب المفتوحة”، التي تنشر بانتظام مؤشرًا عالميًا لاضطهاد المسيحيين، وقد تم سجن 1010 من هؤلاء الكاثوليك السريين في يناير 2021.
في 21 مايو، كشفت وكالة الأنباء الإيطالية اسيا نيوز، عن اعتقال أسقف من هذه الكنيسة السرية في شينشيانغ بمقاطعة هنان. في نفس الوقت، تم إلقاء القبض على قساوسة ومصلين كانوا يحضرون درسا دينيا في مصنع صغير في شاهقياو بمقاطعة خبي. اذن، الاتفاق مع الفاتيكان لم يضع حداً لمقاومة الحكومة الصينية للممارسات الكاثوليكية الخارجة عن سيطرتها. ومن بين كهنة الكنيسة الكاثوليكية السرية، هناك من فضّل الانسحاب على مواجهة التقارب بين البابا والحزب الشيوعي الصيني. لكن في غضون عامين ونصف العام من وجود هذه الاتفاقية، هناك العديد من المجالات الأخرى التي تشدّد فيها موقف الصين بشكل واضح.
اضطهاد الأويغور ليس موضوعًا محظورًا على البابا
لم يعلق البابا أبدًا على الوضع الديمقراطي لجزيرة تايوان، سواء بالحفاظ عليه أم لا. ومنذ نهاية عام 2020، سيطرت بكين على هونغ كونغ، وامتنع البابا فرانسيس عن التعليق. وبعد وفاة الأسقف مايكل يونغ في يناير 2019، تم تعيين اليسوعي ستيفن تشاو ساو يان، مؤخرًا، كاردينالًا في هونغ كونغ، في 17 مايو. وسيكون مجبرا على القيام بالخطوة الحساسة وهي التموقع بين مواقف الحكومة الصينية ومواقف الحركات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ.
في 4 يونيو، كما هو الحال في كل عام، تجمّع العديد من الكاثوليك في الإقليم في الكنائس لحضور قداس ذكرى ضحايا مذبحة تيان آن مين عام 1989 في بكين. وأمام بعض دور العبادة هذه، تم لصق لافتات من قبل البلدية تقول: “المسيحيون، احذروا من التعرض لانتهاك قانون الأمن القومي”، أما الاحتفالية السنوية التذكارية فقد منعت.
لذلك لم يتحدث الأب الأقدس عن الوضع في هونغ كونغ، لكنه اختار أخيرًا أن يعلن رأيه في موضوع آخر: قمع سكان الأويغور في منطقة شينجيانغ. تمارس السلطات الصينية بشكل خاص رقابة صارمة عليهم.
في نوفمبر 2020، ينتظر الفاتيكان أسقفًا جديدًا، بموجب الاتفاق الذي تم تجديده قبل شهر، ليتم تنصيبه في تشينغداو، جنوب شرق بكين. بعد ذلك مباشرة، في الأول من ديسمبر، نشر البابا فرانسيس كتابًا بعنوان “حان وقت التغيير” أثار فيه، لأول مرة، قضية الأويغور. لا يُفصِّل البابا مصيرهم على وجه التحديد، لكنه كتب:
“غالبًا ما أفكر في الشعوب المضطهدة: الروهينجا، الأويغور الفقراء، الإيزيديون -ما فعله داعش بهم هو حقًا قاسٍ -أو قتل مسيحيو مصر وباكستان بالقنابل التي انفجرت أثناء الصلاة في الكنيسة «.
إن وضع “الأويغور الفقراء” ضمن حالات السكان المضطهدين، قد أثار حتمًا استياء بكين. ورد تشاو ليجيان، أحد المتحدثين باسم وزارة الخارجية الصينية، بالقول إن كلمات البابا “ليس لها أساس واقعي”. وأضاف أن “جميع المجموعات العرقية في الصين تتمتع بالحق الكامل في البقاء والتنمية والحرية الدينية».
نشر موقع وزارة الخارجية الصينية هذا التحديث قبل سحبه بعد يومين. ويبدو أن هذا يشير إلى أن الحادث، بالنسبة لبكين، مغلق، وأنه بدلاً من إثارة جدل دائم مع الفاتيكان، من الأفضل مواصلة سياسة تطوير الكاثوليكية في الصين كما تقرر عام 2018.
الكاثوليك مراقبون عن قرب
ومع ذلك، بعد إصدار العبارة عن الأويغور، تغيرت نبرة البابا فرانسيس بعض الشيء تجاه الصين. في 23 مايو، كما فعل سلفه بنديكتوس السادس عشر، دعا الكاثوليك في جميع أنحاء العالم للصلاة من أجل المسيحيين الصينيين الذين يحيون، كل يوم 24 مايو، مريم العذراء في كنيسة شيشان، على بعد حوالي خمسين كيلومترًا من شنغهاي: “ لكم أن ترافقوا بالصلاة الحارة المسيحيين المخلصين في الصين، إخوتنا وأخواتنا الأعزاء، الذين أحملهم في أعماق قلبي».
على أقل تقدير، أقام البابا فرانسيس علاقة يجب أن تأخذ في الاعتبار من الجانب الصيني من طرف سلطات الحزب الشيوعي. وفي اتجاه هذا الأخير، يعتني قسم الجبهة المتحدة بجميع الاتصالات مع المؤسسات غير الشيوعية في الصين. وفي هذه السلطة العليا، هناك مكاتب تراقب عن كثب “الأحزاب الديمقراطية” العشرة أو نحو ذلك التي كانت متحالفة مع الحزب الشيوعي عندما تولى السلطة عام 1949. هذه التشكيلات مخولة بتجنيد عدد محدود من المنتمين لها كل عام.
أقسام أخرى من الجبهة المتحدة تتابع القضايا الدينية.
يعمل بعض المسؤولين على البوذية مع قطاع كبير متخصص في مراقبة التبت. ويشرف المسؤولون عن الدين الإسلامي على الحملة القمعية في شينجيانغ.
ص كما ان مكاتب أخرى تتعامل مع المسيحيين الصينيين. وفي هذا الأخير، هناك قسم مسؤول عن الإشراف على الكاثوليك.
خمسة قرون من التناوب
بين الاضطهاد والتسامح
وجود هؤلاء ليس جديدا في الصين. وصل أوائل المبشرين الكاثوليك الغربيين في القرن السادس عشر. نجح اليسوعيون، منهم ماتيو ريتشي (1552-1610) أو يواكيم بوفيت (1656-1730) في قبولهم في محكمة أباطرة مينغ ثم بعد عام 1644، في محكمة تشينغ. يتحدثون ويقرؤون اللغة الصينية، تميزوا بمعرفتهم بالرياضيات وعلم الفلك. براغماتيون للغاية، سمح اليسوعيون للاتباع الصينيين الذين نصّروهم بدمج عبادة الأجداد والاحتفال بكونفوشيوس في العقيدة الكاثوليكية.
لم يستسيغوا هذه النجاحات اليسوعية، تمكّن الدومينيكان والفرنسيسكان عام 1715 من إقناع البابا كليمنت الحادي عشر بإدانة الطقوس الصينية رسميًا. ودفع هذا الإمبراطور كانغشي إلى الرد بقوة: عام 1717، حظر التبشير بالمسيحية في الإمبراطورية الصينية. ويبدو أن إحياء العلاقة بين الكنيسة والصين على يد بابا يسوعي يعيد إحياء تقليد تأسس منذ أربعة قرون. في كل الاحوال، ظهر الدين الكاثوليكي بقوة في امبراطورية الوسط في القرن التاسع عشر إلى جانب القوى الاستعمارية الأوروبية. عام 1869، أرسلت الملكة فيكتوريا ونابليون الثالث جيشين إلى الصين لإجبار البلاد على فتح تجارتها. رافق الكتائب الإنجليزية جنود مجندون من الهند، معظمهم من السيخ، واصطحب الفرنسيون العديد من القساوسة الكاثوليك معهم. عند وصولهما بالقرب من بكين، سيساهم هذان الجيشان إلى حد كبير في نهب القصر الصيفي.
عندما بعد قرن من الزمان، عام 1949، استولى الحزب الشيوعي على السلطة في الصين، سرعان ما أكد أنه لا يستطيع الاعتراف بوجود قوة دينية نشطة في الجمهورية الشعبية كان كهنتها مرتهنون لروما. سيتعرض الكاثوليك للاضطهاد، ويتعرض الكهنة لجلسات لا نهاية لها من النقد الذاتي، وسيتم إرسال العديد إلى معسكرات إعادة التثقيف، وسيتم إعدام البعض -المتهمين بالتجسس وحتى بمحاولة اغتيال ماو. حوالي عام 1952، تم طرد رجال الدين الذين لم يكونوا صينيين. وأثناء الثورة الثقافية، من عام 1966 إلى عام 1976، تم إغلاق جميع دور العبادة.
لم يظهر وجود كاثوليكي متكتم في الصين إلا بعد وفاة ماو عام 1976. انتقل القس جان دي ميريبيل إلى مدينة شيان حيث عمل في الظل أثناء تدريس اللغة الفرنسية في جامعة المدينة. ربما تسامحت السلطات معه لأنه شقيق دبلوماسي كتب، في لندن عام 1940، أولى الخطب التي ألقاها ديغول على ميكروفون هيئة الإذاعة البريطانية. بقي جان دي ميريبيل في شيان حتى وفاته عام 2015. وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، استقر قساوسة كاثوليكيون آخرون في الصين، مثل اليسوعي بينوا فيرماندر، عالم سينولوجيا لامع، يدرّس الفلسفة في جامعة شنغهاي، ويدعم بقوة مقاربة البابا للصين.
استراتيجية تهدف إلى إعادة تثبيت الكاثوليكية في الصين
لئن بدأ البابا، بعد عدة سنوات من المفاوضات، عام 2018 تقاربًا مع الحزب الشيوعي، فإن الفكرة هي جعل هذا الأخير لا يحارب الكاثوليكية بشكل منهجي.
في يناير الماضي، أصدر المكتب الوطني للشؤون الدينية في بكين “المرسوم رقم 15”، الذي يدعو رجال الدين الصينيين إلى “إظهار حبهم للحزب الشيوعي”، و”تعليم حب الوطن لأتباعهم”، ويجب ألا “يقوضوا الوحدة الوطنية” أو “يقسموا البلاد». تم تخصيص رمز رقمي مكون من اثني عشر رقمًا يعد جزءً من نظام التسجيل لجميع رجال الدين الصينيين. وإذا بدا أنهم لا يمتثلون بشكل كاف لمطالب الحزب الشيوعي، فسيفقدون الإذن بمواصلة نشاطهم الرعوي وقد يتعرضون لعقوبات. ويتم تطبيق تدابير مماثلة على الديانات الأخرى الموجودة في الصين.
بالنسبة للفاتيكان، هذا النوع من المواقف لا عواقب له جوهريا. المهم هو إقامة شكل من أشكال الحوار مع القادة الصينيين -وهو ما لم يفعله البروتستانت أو المسلمون، لأنه، على وجه الخصوص، ليس لديهم زعيم واحد على غرار البابا.
لقد وضع البابا فرانسيس استراتيجية تهدف إلى إعادة تثبيت الكاثوليكية في الصين. ومن الواضح أن هذه استراتيجية على المدى الطويل... كما هي بالتأكيد، استراتيجية الحزب الشيوعي الصيني.
-- الاتفاق مع الفاتيكان لم يضع حــداً لمقاومــة الحكومــة الصينية للممارسات الكاثوليكية الخارجـة عن سـيطرتها
-- رغم تجديد الاتفاق بين النظام الشيوعي والكنيسة الكاثوليكية، لا يزال الوضع غير مستقر
-- يجب على رجال الدين الصينيين «إظهار حبهم للحزب الشيوعي» و «تعليم الوطنية لأتباعهم»
-- على جميع الأديان الموجودة في الصين الامتثال لمطالب الحزب الحاكم من أجل البقاء
كل دقة دبلوماسية الفاتيكان يتم حاليًا استخدامها من أجل إدارة أفضل للعلاقة مع الصين الشعبية التي أرادها البابا فرانسيس. لما يقرب من أربعة قرون، عمل العديد من الكهنة، وخاصة الفرنسيين والإيطاليين، في الإمبراطورية الصينية حيث تم بناء العديد من الكنائس والكاتدرائيات. وتم تدمير العديد من هذه المباني، وما تبقى منها يستخدم في بعض الأحيان كمخازن أو سقائف. لكن القليل منها ما زال مكرّسا للعبادة ويديرها مجلس رجال دين يعيّن الحزب الشيوعي الصيني أعضاءه. مع هذه “الكنيسة الوطنية”، قرر البابا، في سبتمبر 2018، ممارسة التقارب، والهدف هو أن يكون مرتبطًا بشكل واضح بممارسة دينية مقبولة من قبل الدولة الصينية من أجل التمكن من استئناف حركة “الانغراس’’ حتى في الريف الصيني. ويقدّر عدد اتباع هذه الكنيسة الرسمية بحوالي 12 مليون شخص. وأتاح الاتفاق بين الكنيسة الكاثوليكية والحزب الشيوعي -الذي لم يتم نشر شروطه الدقيقة -لبكين أن تعيّن، على الفور، وبموافقة الفاتيكان، سبعة أساقفة صينيين. بعد ذلك، رُسِمَ أسقفان في اغسطس 2019، وآخر في حزيران 2020، وجدد اتفاق 2018 في اكتوبر 2020 لسنتين.
المسار الذي اختاره البابا يتجاهل اتباع “الكنيسة السرية” الذين، منذ أن أصبحت الصين شيوعية عام 1949، يمارسون طقوسهم بطريقة سرية، ويتم قمعهم من قبل النظام. من المستحيل تحديد عددهم لكنهم قد يكونون حوالي خمسة ملايين. وفقًا للمنظمة المسيحية غير الحكومية “الابواب المفتوحة”، التي تنشر بانتظام مؤشرًا عالميًا لاضطهاد المسيحيين، وقد تم سجن 1010 من هؤلاء الكاثوليك السريين في يناير 2021.
في 21 مايو، كشفت وكالة الأنباء الإيطالية اسيا نيوز، عن اعتقال أسقف من هذه الكنيسة السرية في شينشيانغ بمقاطعة هنان. في نفس الوقت، تم إلقاء القبض على قساوسة ومصلين كانوا يحضرون درسا دينيا في مصنع صغير في شاهقياو بمقاطعة خبي. اذن، الاتفاق مع الفاتيكان لم يضع حداً لمقاومة الحكومة الصينية للممارسات الكاثوليكية الخارجة عن سيطرتها. ومن بين كهنة الكنيسة الكاثوليكية السرية، هناك من فضّل الانسحاب على مواجهة التقارب بين البابا والحزب الشيوعي الصيني. لكن في غضون عامين ونصف العام من وجود هذه الاتفاقية، هناك العديد من المجالات الأخرى التي تشدّد فيها موقف الصين بشكل واضح.
اضطهاد الأويغور ليس موضوعًا محظورًا على البابا
لم يعلق البابا أبدًا على الوضع الديمقراطي لجزيرة تايوان، سواء بالحفاظ عليه أم لا. ومنذ نهاية عام 2020، سيطرت بكين على هونغ كونغ، وامتنع البابا فرانسيس عن التعليق. وبعد وفاة الأسقف مايكل يونغ في يناير 2019، تم تعيين اليسوعي ستيفن تشاو ساو يان، مؤخرًا، كاردينالًا في هونغ كونغ، في 17 مايو. وسيكون مجبرا على القيام بالخطوة الحساسة وهي التموقع بين مواقف الحكومة الصينية ومواقف الحركات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ.
في 4 يونيو، كما هو الحال في كل عام، تجمّع العديد من الكاثوليك في الإقليم في الكنائس لحضور قداس ذكرى ضحايا مذبحة تيان آن مين عام 1989 في بكين. وأمام بعض دور العبادة هذه، تم لصق لافتات من قبل البلدية تقول: “المسيحيون، احذروا من التعرض لانتهاك قانون الأمن القومي”، أما الاحتفالية السنوية التذكارية فقد منعت.
لذلك لم يتحدث الأب الأقدس عن الوضع في هونغ كونغ، لكنه اختار أخيرًا أن يعلن رأيه في موضوع آخر: قمع سكان الأويغور في منطقة شينجيانغ. تمارس السلطات الصينية بشكل خاص رقابة صارمة عليهم.
في نوفمبر 2020، ينتظر الفاتيكان أسقفًا جديدًا، بموجب الاتفاق الذي تم تجديده قبل شهر، ليتم تنصيبه في تشينغداو، جنوب شرق بكين. بعد ذلك مباشرة، في الأول من ديسمبر، نشر البابا فرانسيس كتابًا بعنوان “حان وقت التغيير” أثار فيه، لأول مرة، قضية الأويغور. لا يُفصِّل البابا مصيرهم على وجه التحديد، لكنه كتب:
“غالبًا ما أفكر في الشعوب المضطهدة: الروهينجا، الأويغور الفقراء، الإيزيديون -ما فعله داعش بهم هو حقًا قاسٍ -أو قتل مسيحيو مصر وباكستان بالقنابل التي انفجرت أثناء الصلاة في الكنيسة «.
إن وضع “الأويغور الفقراء” ضمن حالات السكان المضطهدين، قد أثار حتمًا استياء بكين. ورد تشاو ليجيان، أحد المتحدثين باسم وزارة الخارجية الصينية، بالقول إن كلمات البابا “ليس لها أساس واقعي”. وأضاف أن “جميع المجموعات العرقية في الصين تتمتع بالحق الكامل في البقاء والتنمية والحرية الدينية».
نشر موقع وزارة الخارجية الصينية هذا التحديث قبل سحبه بعد يومين. ويبدو أن هذا يشير إلى أن الحادث، بالنسبة لبكين، مغلق، وأنه بدلاً من إثارة جدل دائم مع الفاتيكان، من الأفضل مواصلة سياسة تطوير الكاثوليكية في الصين كما تقرر عام 2018.
الكاثوليك مراقبون عن قرب
ومع ذلك، بعد إصدار العبارة عن الأويغور، تغيرت نبرة البابا فرانسيس بعض الشيء تجاه الصين. في 23 مايو، كما فعل سلفه بنديكتوس السادس عشر، دعا الكاثوليك في جميع أنحاء العالم للصلاة من أجل المسيحيين الصينيين الذين يحيون، كل يوم 24 مايو، مريم العذراء في كنيسة شيشان، على بعد حوالي خمسين كيلومترًا من شنغهاي: “ لكم أن ترافقوا بالصلاة الحارة المسيحيين المخلصين في الصين، إخوتنا وأخواتنا الأعزاء، الذين أحملهم في أعماق قلبي».
على أقل تقدير، أقام البابا فرانسيس علاقة يجب أن تأخذ في الاعتبار من الجانب الصيني من طرف سلطات الحزب الشيوعي. وفي اتجاه هذا الأخير، يعتني قسم الجبهة المتحدة بجميع الاتصالات مع المؤسسات غير الشيوعية في الصين. وفي هذه السلطة العليا، هناك مكاتب تراقب عن كثب “الأحزاب الديمقراطية” العشرة أو نحو ذلك التي كانت متحالفة مع الحزب الشيوعي عندما تولى السلطة عام 1949. هذه التشكيلات مخولة بتجنيد عدد محدود من المنتمين لها كل عام.
أقسام أخرى من الجبهة المتحدة تتابع القضايا الدينية.
يعمل بعض المسؤولين على البوذية مع قطاع كبير متخصص في مراقبة التبت. ويشرف المسؤولون عن الدين الإسلامي على الحملة القمعية في شينجيانغ.
ص كما ان مكاتب أخرى تتعامل مع المسيحيين الصينيين. وفي هذا الأخير، هناك قسم مسؤول عن الإشراف على الكاثوليك.
خمسة قرون من التناوب
بين الاضطهاد والتسامح
وجود هؤلاء ليس جديدا في الصين. وصل أوائل المبشرين الكاثوليك الغربيين في القرن السادس عشر. نجح اليسوعيون، منهم ماتيو ريتشي (1552-1610) أو يواكيم بوفيت (1656-1730) في قبولهم في محكمة أباطرة مينغ ثم بعد عام 1644، في محكمة تشينغ. يتحدثون ويقرؤون اللغة الصينية، تميزوا بمعرفتهم بالرياضيات وعلم الفلك. براغماتيون للغاية، سمح اليسوعيون للاتباع الصينيين الذين نصّروهم بدمج عبادة الأجداد والاحتفال بكونفوشيوس في العقيدة الكاثوليكية.
لم يستسيغوا هذه النجاحات اليسوعية، تمكّن الدومينيكان والفرنسيسكان عام 1715 من إقناع البابا كليمنت الحادي عشر بإدانة الطقوس الصينية رسميًا. ودفع هذا الإمبراطور كانغشي إلى الرد بقوة: عام 1717، حظر التبشير بالمسيحية في الإمبراطورية الصينية. ويبدو أن إحياء العلاقة بين الكنيسة والصين على يد بابا يسوعي يعيد إحياء تقليد تأسس منذ أربعة قرون. في كل الاحوال، ظهر الدين الكاثوليكي بقوة في امبراطورية الوسط في القرن التاسع عشر إلى جانب القوى الاستعمارية الأوروبية. عام 1869، أرسلت الملكة فيكتوريا ونابليون الثالث جيشين إلى الصين لإجبار البلاد على فتح تجارتها. رافق الكتائب الإنجليزية جنود مجندون من الهند، معظمهم من السيخ، واصطحب الفرنسيون العديد من القساوسة الكاثوليك معهم. عند وصولهما بالقرب من بكين، سيساهم هذان الجيشان إلى حد كبير في نهب القصر الصيفي.
عندما بعد قرن من الزمان، عام 1949، استولى الحزب الشيوعي على السلطة في الصين، سرعان ما أكد أنه لا يستطيع الاعتراف بوجود قوة دينية نشطة في الجمهورية الشعبية كان كهنتها مرتهنون لروما. سيتعرض الكاثوليك للاضطهاد، ويتعرض الكهنة لجلسات لا نهاية لها من النقد الذاتي، وسيتم إرسال العديد إلى معسكرات إعادة التثقيف، وسيتم إعدام البعض -المتهمين بالتجسس وحتى بمحاولة اغتيال ماو. حوالي عام 1952، تم طرد رجال الدين الذين لم يكونوا صينيين. وأثناء الثورة الثقافية، من عام 1966 إلى عام 1976، تم إغلاق جميع دور العبادة.
لم يظهر وجود كاثوليكي متكتم في الصين إلا بعد وفاة ماو عام 1976. انتقل القس جان دي ميريبيل إلى مدينة شيان حيث عمل في الظل أثناء تدريس اللغة الفرنسية في جامعة المدينة. ربما تسامحت السلطات معه لأنه شقيق دبلوماسي كتب، في لندن عام 1940، أولى الخطب التي ألقاها ديغول على ميكروفون هيئة الإذاعة البريطانية. بقي جان دي ميريبيل في شيان حتى وفاته عام 2015. وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، استقر قساوسة كاثوليكيون آخرون في الصين، مثل اليسوعي بينوا فيرماندر، عالم سينولوجيا لامع، يدرّس الفلسفة في جامعة شنغهاي، ويدعم بقوة مقاربة البابا للصين.
استراتيجية تهدف إلى إعادة تثبيت الكاثوليكية في الصين
لئن بدأ البابا، بعد عدة سنوات من المفاوضات، عام 2018 تقاربًا مع الحزب الشيوعي، فإن الفكرة هي جعل هذا الأخير لا يحارب الكاثوليكية بشكل منهجي.
في يناير الماضي، أصدر المكتب الوطني للشؤون الدينية في بكين “المرسوم رقم 15”، الذي يدعو رجال الدين الصينيين إلى “إظهار حبهم للحزب الشيوعي”، و”تعليم حب الوطن لأتباعهم”، ويجب ألا “يقوضوا الوحدة الوطنية” أو “يقسموا البلاد». تم تخصيص رمز رقمي مكون من اثني عشر رقمًا يعد جزءً من نظام التسجيل لجميع رجال الدين الصينيين. وإذا بدا أنهم لا يمتثلون بشكل كاف لمطالب الحزب الشيوعي، فسيفقدون الإذن بمواصلة نشاطهم الرعوي وقد يتعرضون لعقوبات. ويتم تطبيق تدابير مماثلة على الديانات الأخرى الموجودة في الصين.
بالنسبة للفاتيكان، هذا النوع من المواقف لا عواقب له جوهريا. المهم هو إقامة شكل من أشكال الحوار مع القادة الصينيين -وهو ما لم يفعله البروتستانت أو المسلمون، لأنه، على وجه الخصوص، ليس لديهم زعيم واحد على غرار البابا.
لقد وضع البابا فرانسيس استراتيجية تهدف إلى إعادة تثبيت الكاثوليكية في الصين. ومن الواضح أن هذه استراتيجية على المدى الطويل... كما هي بالتأكيد، استراتيجية الحزب الشيوعي الصيني.