رئيس الدولة والرئيس التركي يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لخفض التصعيد والعودة إلى الحوار
شمل 6 جلسات نقاشية واستمر يومين على هامش مؤتمر الأطراف «COP28»
المؤتمر الثالث لـ «تريندز والمجلس الأطلسي» يوصي بدعم الابتكارات والأبحاث المناخية والتنفيذ الشامل لتحول الطاقة
أبرز توصيات المؤتمر:
• تسريع الجهود الدبلوماسية لمعالجة تحديات المناخ الإقليمية وتعزيز المبادرات المشتركة
• مؤتمر «COP28» فرصة فريدة لتسريع مشاركة مراكز الفكر في تعزيز العلاقة بين المناخ والأمن
• الاستثمار الأخضر وسلاسل الإمداد الدولية المرنة عامل حاسم في تطوير اقتصاد مناخي جديد
• ضرورة سد فجوة تمويل المناخ وحشد وتوجيه التمويل الخاص نحو تحول الطاقة
• ترقية المهام الخاصة بفروع الخدمة لصالح الابتكار الأخضر وخفض الانبعاثات
• تعزيز الابتكار في مجالات المراقبة والإنذار المبكر والممارسات العسكرية المستدامة
أوصى المشاركون في المؤتمر السنوي الثالث الذي نظمه مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالشراكة مع المجلس الأطلسي تحت عنوان: «الأمن المستدام.. الآثار الناعمة والصلبة للعمل المناخي»، واستمر يومين في مدينة إكسبو دبي، مقر انعقاد مؤتمر الأطراف «COP28»، بإنشاء أدوات مالية جديدة لحشد وتوجيه التمويل الخاص نحو دعم الابتكارات والأبحاث المناخية الأكثر إلحاحاً، ودعم التنفيذ الشامل لتحول الطاقة.
كما طالبوا بتنفيذ الجهود المتعددة الأطراف لتسهيل التجارة في سلاسل إمداد الطاقة النظيفة واتخاذ تدابير مشتركة لتشجيع البحث والتطوير وإعادة التدوير في نهاية العمر الافتراضي، إضافة إلى تسهيل الارتباطات لدعم البلدان الغنية بالموارد لتلعب أدواراً أكبر في وسط ونهاية سلاسل توريد الطاقة النظيفة.
دمج الأهداف المناخية
وأكد المشاركون في المؤتمر، الذين زاد عددهم على 20 خبيراً سياسياً وأكاديمياً وباحثاً ومتخصصاً في قضايا البيئة والمناخ والأمن من مختلف دول العالم، أن إنشاء آليات لتمويل المناخ على المستوى الوطني يسمح للحكومات بمواءمة أهداف التمويل العام مع تمويل المناخ، مشددين على أهمية الحفاظ على زخم الإنجازات التي تحققت في مؤتمر «COP28» من خلال دمج الأهداف المناخية ضمن السياسة الوطنية وتخصيص الموارد المالية.
وطالب المشاركون أيضاً تسريع الجهود الدبلوماسية لمعالجة تحديات المناخ الإقليمية بشكل تعاوني، وتعزيز الحوار والمبادرات المشتركة، إلى جانب ضرورة سد فجوة تمويل المناخ مع التركيز على أهمية حشد وتوجيه التمويل الخاص نحو دعم التنفيذ الشامل للتحول في مجال الطاقة، متوقعين أن يكون الاستثمار الأخضر وسلاسل الإمداد الدولية المرنة عاملاً حاسماً في تطوير اقتصاد مناخي جديد، مؤكدين أن مؤتمر «COP28» فرصة فريدة لتسريع مشاركة مراكز الفكر بشأن أهمية تعزيز العلاقة بين المناخ والأمن.
تطوير أنظمة تنبؤية
وتضمنت توصيات المؤتمر، التي استعرضها كل من جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وعوض البريكي، رئيس قطاع تريندز غلوبال في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تطوير أنظمة تنبؤية ذات مصداقية لتحديد المناطق الجغرافية الأكثر تعرضاً للخطر، من حيث تأثير المناخ، وتحديد أولويات البلدان التي تحتاج إلى المساعدة وفقاً لملف المخاطر الخاص بها، فضلاً عن إدراج تغير المناخ رسمياً في اتفاقيات المياه العابرة للحدود، مع إعطاء الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية القادرة على تحمل تأثيرات ارتفاع منسوب مياه البحر والمخاطر الأخرى المرتبطة بالمناخ في المناطق الساحلية.
تقنيات الإنذار المبكر
كما طالب المشاركون بتعزيز الابتكار في مجالات أنظمة المراقبة المتقدمة وتقنيات الإنذار المبكر والممارسات العسكرية المستدامة لتعزيز القدرات الأمنية، إضافة إلى بناء القدرات لتعزيز القدرة على الصمود والجاهزية على المستويين الوطني والدولي في مجالات علوم المناخ والتخطيط الأمني والقدرة على الصمود على مستوى المجتمع المحلي.
وشملت التوصيات أيضاً ضرورة تحديث وترقية المهام الخاصة بكل فرع من فروع الخدمة لصالح الابتكار الأخضر وخفض الانبعاثات وزيادة الاهتمام بالاستجابة للكوارث المرتبطة بتغير المناخ، مطالبين بزيادة وتشجيع الشراكات بين المؤسسات العسكرية والجهات الأخرى بما فيها الحكومات الأخرى والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، لتعزيز التحول في مجال الطاقة والاستفادة منه، لا سيما فيما يتعلق بكفاءة الطاقة والتقنيات منخفضة الكربون.
مستقبل تمويل المناخ
إلى ذلك، شهد اليوم الثاني والختامي من مؤتمر «تريندز والمجلس الأطلسي» جلستين نقاشيتين، تطرقت الأولى إلى «الاقتصاد الأخضر ومستقبل تمويل المناخ»، وتناولت الثانية موضوع «تحول الطاقة وصافي الانبعاثات الصفرية».
واستهلت أعمال اليوم الثاني من المؤتمر بكلمة افتتاحية، ألقاها آن ويتكوفسكي، مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الصراعات وعمليات إرساء الاستقرار، قال فيها إن أزمة المناخ الواسعة النطاق تتطلب اعتماد تحول نوعي، وهناك ضرورة حتمية لتوسيع نطاق الشراكات لمواجهة المشاكل الناشئة عن تغير المناخ، ولا بد من إدراك التحدي، واعتماد نهج يشمل المجتمع ككل، وليس نهجاً قائماً على الحكومات وحدها، كما يجب أن يتسم هذا النهج بكونه متعدد الأوجه ومتدرجاً من القمة إلى القاعدة والعكس.
الاقتصاد الأخضر
عقب ذلك، بدأت أعمال الجلسة الأولى من اليوم الثاني، والتي حملت عنوان «الاقتصاد الأخضر ومستقبل تمويل المناخ»، وأدارتها موزة المرزوقي، رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في «تريندز»، حيث دار النقاش حول الوقود الأحفوري الذي يعد أكثر ربحية من البدائل الخضراء، ما يجعل التدخل المنسق ضروري في الوقت الحالي لسد فجوة تمويل المناخ وتحقيق اقتصادات الحجم «الوفرة».
وتحدث أريئيل إزراهي، زميل أول غير مقيم في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي؛ ومدير استراتيجية المناخ في مؤسسة نيوفيست (NewVest)، حول «سياسات تشجيع التمويل الأخضر»، قائلاً إن التمويل الخاص هو المفتاح الناجع لنجاح التحول في مجال الطاقة، مؤكداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة بوابة مهمة وفعالة لحشد التمويل المناخي.
بينما تطرق ستيفن سكاليت، الخبير الاقتصادي في «تريندز» إلى «سلاسل الإمداد في الاقتصاد المناخي الجديد وإزالة الكربون وتحدي المرونة»، موضحاً أن الأمر لا يقتصر على إزالة الكربون، إذ إنه يشمل أيضاً كهربة الاقتصاد والبنى التحتية الرقمية، كما أن سلسة الإمداد عامل مهم من عوامل اقتصاد المناخ الجديد، خصوصاً المعادن والفلزات الحرجة، مضيفاً أن إقامة شراكات استراتيجية أمر حتمي، وقد انخرطت مجموعة السبع في شراكات معدنية، لكن إعادة الاستخدام والابتكار التكنولوجي هما أيضاً أمران مهمان في هذا الصدد.
أما مي الهاجري، مسؤولة الشراكات الاستراتيجية في مكتب أبوظبي للاستثمار، ومندوبة الشباب السابقة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، فتناولت في مداخلتها «الاستثمار الأخضر والاقتصاد المناخي المستقبلي»، مؤكدة أن نهج دولة الإمارات تجاه تغير المناخ طموح ومتنوع واستشرافي، موضحة أن العامل المميز هو قيام دولة الإمارات بإنشاء صندوق قوامه 30 مليار دولار، وهو يتسم بالشفافية والطموح، وسيساعد أيضاً على خلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة، مؤكدة أن الانتقال إلى الاستثمار الأخضر ليس بالأمر الهين، وسيتطلب تغيير العقلية المترسخة.
تحول الطاقة
واستعرض المتحدثون في الجلسة الثانية «تحول الطاقة وصافي الانبعاثات الصفرية» آليات تحقيق أهداف المناخ العالمية، وأدار الجلسة الدكتور وضاح غانم الهاشمي، الرئيس الفخري لمعهد الطاقة بالشرق الأوسط، الذي أكد أن كثيرين يتحدثون عن الانتقال في مجال الطاقة، لكن في الواقع يُفترض أن نطلق عليه «ثورة الطاقة»، وهناك تفاؤل كبير بشأن التغيرات الحاصلة في دولة الإمارات، مرجعاً ذلك إلى إخلاص وجدية قيادة الدولة التي تتمتع برؤية مثيرة للإعجاب بشأن الانتقال في مجال الطاقة.
واستهلت المداخلات إيريس فيرغسون، نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون القطب الشمالي والمرونة العالمية، موضحة وجهة نظر الأمن الأمريكي في التحديات والفرص المرتبطة بتحول الطاقة، مبينة أنه من المهم اعتماد نهج متعدد القطاعات إزاء قضايا الأمن، مضيفة أن وزارة الدفاع الأمريكية جزء من النهج الحكومي الشامل لمعالجة القضايا المتصلة بالمناخ.
وأشارت إلى أن الانتقال في مجال الطاقة عملية معقدة وعميقة ومربِكة، مبينة أن إحدى طرق معالجة الانتقال في مجال الطاقة، من وجهة نظر وزارة الدفاع، تتمثل في التخطيط والألعاب الحربية واستراتيجيات القدرة على الصمود، حيث إن تغير المناخ يؤثر على المنشآت والبنى الخاصة بالقواعد العسكرية.
وحول كيفية إقامة الولايات المتحدة شراكات مع كيانات حكومية وخاصة ومجتمعات محلية لتعزيز التحول في مجال الطاقة والاستفادة منه، أكد الدكتور رافي شودري، مساعد وزير القوات الجوية الأمريكية لشؤون الطاقة والمنشآت والبيئة، أن مساهمة المجتمعات حول العالم في الأمن العالمي يمكن إيجازها في شعار واحد، هو أننا لن نتحرك بسرعة الحكومات، إننا سنتحرك بسرعة التهديد المناخي.
الطاقة النظيفة
وفيما يتعلق بالتحول إلى الطاقة النظيفة في القطاع الخاص والجهات الحكومية والطريق إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، أوضح فيصل علي راشد، مدير إدارة الطلب على الطاقة بالمجلس الأعلى للطاقة في حكومة دبي، رئيس الفريق التطوعي لدفع التحول نحو صافي الانبعاثات الصفرية، أن الرحلة إلى الحياد المناخي ليست بالسهولة التي تبدو عليها من الوهلة الأولى، ومن منظور هندسي، حتى إذا بلغنا كهربة المركبات بنسبة 100%، فإن ذلك سيظل غير كافٍ لبلوغ الحياد المناخي.
وبين فيصل راشد أن دولة الإمارات تعتمد بشكل كبير على تحلية مياه البحر لدعم الاقتصاد، ولا بد لنا من تحقيق المزيد من الكفاءة في استخدام المياه، والانتقال من النهج المجزَّأ إلى النهج المتكامل، وبالمثل، لا بد من استغلال الفرص للاستفادة من المياه المعاد استخدامها والمياه الجوفية أيضاً.