المتشككون في الاتحاد خسروا المعركة في أوروبا...!

المتشككون في الاتحاد خسروا المعركة في أوروبا...!

-- نهاية التشكك الأوروبي الذي تم التعبير عنه  في الحياة السياسية الأوروبية يكرس عودة الدول
-- لتوحيد مؤيدي التشكك الأوروبي، كانت هناك حاجة إلى شــخصيات قويــة مقرهــا بروكسـل وسـتراسـبورغ
-- تأرجح اليمين المتطرف الإيطالي بين السعي إلى العودة إلى السلطة في روما وكسب الاحترام الأوروبي
-- منذ عام 2016، لم يعد البريطانيون يؤثرون على المجرة الأوروبية المتشككة بأكملها
-- ينتقد الاتحاد الأوروبي من قبل أحزاب حاكمة تهدف إلى إعطائه المعنى الذي يناسبها، وفقًا لمصالحها الخاصة


   منذ عدة سنوات، ومن باب أولى، منذ الاستفتاء على البريكسيت، ومن ثم في أفق الانتخابات الأوروبية لعام 2019، رشحت التوقعات المتكررة الحركات المتشككة في الاتحاد الأوروبي لتكون الفائز الأكبر في تلك الفترة... لم يحدث شيء من ذلك.   إذا كانت أول حركة سياسية متشككة في الاتحاد الأوروبي -الحركة الشعبية المناهضة للاتحاد الأوروبي في الدنمارك -قد ولدت منذ ما يقارب الخمسين عامًا (1972) ، ولئن كشفت عدة استفتاءات عن معارضة قوية لعملية التكامل الأوروبي (في الدنمارك عام 1992، وفي هولندا وفي فرنسا عام 2005، وإيرلندا عام 2008)، يبدو أن الحركات المتشككة في الاتحاد الأوروبي قد فقدت زخمها لدرجة أنها أصبحت خاملة في الجدل الأوروبي.   وكما أكد كريستوف بوليود وإيمانويل ريونجوات في مقدمتهما للعدد 43 من مجلة السياسة  الأوروبية، “يبدو أن “معارضة أوروبا” حقيقة متطورة ذات جوانب متعددة”. ويشير الأكاديميان في العلوم السياسية، عن حق، إلى أن مصطلح “المتشككين في أوروبا” مستعار من مفردات الصحافة البريطانية.

البرلمان الأوروبي، كتلة التشكيك في أوروبا
   إن جغرافية المجموعات السياسية التي ولدت بعد انتخابات 2019 في البرلمان الأوروبي، تجعل من الممكن قياس مدى صحة التنبؤات المتشائمة بشأن اختراق “القوميين” و “الشعبويين” و “السياديين”.
ففي فرنسا، خلال الحملــــة الانتخابية، لوح حزبا السلطة – حركة فرنسا الى الامام ومودم -بهـــــذا التهديد دون، من وجهة نظــــر التحليل الانتخابـــي والعلوم السياسية، إثبات هذا الخطر.

 وسيتحدث المشاكس عن “الأخبار الزائفة”، في حين سيتحدث المحلل عن رؤية مشوهة للواقع السياسي داخل الاتحاد الأوروبي.
   كان للتشكيك في الاتحاد الأوروبي عصره الذهبي في البرلمان الأوروبي بعد معاهدة ماستريخت والانتخابات الأوروبية لعام 1994، ولكن بشكل خاص منذ عام 1999. ثم ولدت كتلة تجمعهم متجاوزة انقساماتهم برئاسة رجل الأعمال والاعلامي سابقا جيمي جولدسميث عام 1994. وضمت كتلة “أوروبا الأمم”، النواب المنتخبون على قائمة فيلييه-جولدسميث، والحزبان الدنماركيان المشككان في أوروبا محسوبون على اليسار، وحزبان بروتستانتيان أصوليان من هولندا. بعد ذلك، عام 1996، انضم إليهم نائب وحدوي من أولستر.

    بعد الانتخابات الأوروبية لعام 1999، تم تشكيل مجموعتين. بدأت حركة يونيو الدنماركية بقيادة ينس بيتر بوند في إنشاء مجموعة من أجل أوروبا الديمقراطيات والاختلافات حيث تجلس حركة الصيد وصيد الأسماك والطبيعة والتقاليد (فرنسا) ، وحزب الاستقلال البريطاني، والأحزاب الدينية الهولندية. وشكل النواب المتشككون في الاتحاد الأوروبي من الحكومة الفرنسية اليمينية مجموعة أخرى -الاتحاد من أجل أوروبا الأمم -برئاسة وزير الداخلية السابق من التجمع من أجل الجمهورية تشارلز باسكوا.
   ومع ذلك، يبدو أن كتلة من اجل أوروبا الديمقراطيات والاختلافات فقط هي التي كانت بالإجماع متشككة في أوروبا عند التصويت على ميثاق الحقوق الأساسية. وبعد قضية هايدر (2000)، كان النواب بقيادة جيانفرانكو فيني حريصين على نيل احترامهم داخل البرلمان الأوروبي والمؤسسات الأوروبية بشكل عام، خاصة أنهم يتطلعون إلى العودة إلى السلطة عام 2001.

مجموعة بينية متشككة في أوروبا تواجه الاتفاقيتين
   منذ عام 1999 وقمة كولونيا، اتفاقيتان متتاليتان، تهدف الأولى إلى صياغة ميثاق للحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، ثم، تلك التي كان هدفها صياغة مشروع معاهدة تأسيس دستور لأوروبا، سمحتا بقيام تنسيق بين عدد من المتشككين في أوروبا عابر للطيف السياسي داخل البرلمان الأوروبي.
   بمبادرة من بوند، تم إنشاء المجموعة المشتركة “اس اواس ديمقراطية، التي تنسق المواقف أو التصويت حول العديد من الموضوعات في البرلمان.
   وبالمثل، داخل البرلمان الأوروبي نفسه، تم توزيع مجلة متشككة في أوروبا باللغة الإنجليزية، This Tides ، تغطي أخبار الحركات الأوروبية الاسكندنافية وأوروبا الجنوبية ، سواء كانت حاضرة في البرلمان الأوروبي أم لا. وكان للنشطاء والمسؤولين المنتخبين من جميع الأطياف -باستثناء اليمين المتطرف -الحق في أن يتم ذكرهم في أعمدة هذه المجلة الموزعة على النخب المتشددة المتشككة في أوروبا.
    وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان من بين أكثر أعضاء البرلمان الأوروبي نشاطا إسكندنافيون وفنلنديون وسويديون، وكانوا يميلون إلى اليسار. وقد تم إنشاء رابط بين أعضاء مجموعات مختلفة: كتلة اليسار الأوروبي الموحد (اليسار الراديكالي والشيوعي)، كتلة من أجل أوروبا الديمقراطيات والاختلافات (مجموعة ينس بيتر بوند)، الاتحاد من أجل أوروبا الأمم، وغير الأعضاء، وحتى المحافظين البريطانيين من حزب الشعب الأوروبي.

بعض مهندسي
التشكيك في أوروبا
   تركت العديد من الشخصيات بصماتها على حياة البرلمان الأوروبي بعد أن حققت اختراقا انتخابيا في بلادها على أساس قاعدة متشككة في الاتحاد الأوروبي أحادية. وطالما أن عملية الانتقال من المجموعة الأوروبية الى الاتحاد الأوروبي تتطور بوتيرة ثابتة، كان المتشككون في الاتحاد الأوروبي في المقدمة. خلال المؤتمر، تحرك فاليري جيسكار ديستان، موظفا مهاراته وحسه التكتيكي، وتمكن من إدخالهم في لعبته، وترك عطرًا خفيفًا من التلاعب يحوم فوق علاقاته الودية مع جينس بيتر بوند وويليام أبيتبول من مجموعة كتلة من أجل أوروبا الديمقراطيات والاختلافات.
   كان الدنماركي ينس بيتر بوند، مؤسس الحركة الشعبية المناهضة للاتحاد الأوروبي، ثم انطلاقا من استفتاء يونيو 1992 الذي رفض معاهدة ماستريخت، مؤسس حركة يونيو (المنشقة عن الأولى)، أحد المهندسين الرئيسيين للتوافق بين المتشككين في أوروبا في البرلمان الاوروبي. وتشترك هاتان الحركتان في كونهما احاديتا القضية. وكان بوند، وأولي كراروب، يتزعمان الحركتين، صحفي لهذه وأكاديمي للثانية، ملتزمين بشدة بفكرة السيادة الشعبية ولكن أيضًا بالسلام.

    اختار جزء من اليسار الراديكالي حتى عام 2019 الانسحاب من اللعبة السياسية الأوروبية لصالح الحركة الشعبية أولاً ثم حركة يونيو. وعرف بوند، الموجود منذ عام 1979 في البرلمان الأوروبي، كيف يفرض نفسه تحت القبة كمحاور وعامل لا يتعب ولا يكل. ترشح للرئاسة، لا سيما ضد بات كوكس عام 2002 ثم ضد هانز جيرت بوترينغ عام 2007.    أخذ نايجل فاراج، الزعيم المستقبلي لـ حزب الاستقلال البريطاني، متسعا من الوقت ليصبح شخصية أكثر شهرة من كونه معترف به في البرلمان الأوروبي. ففي حين ينزّل العديد من المنتخبين المشككين في الاتحاد الأوروبي عملهم في قواعد برلمان بروكسل وستراسبورغ، جعل فاراج من فضائحه تدريجياً حجة انتخابية في المملكة المتحدة.

   آخرون، مثل اسكو سيبانين (من تحالف اليسار الفنلندي)، وجورج بيرثو (عضو سابق في نادي الساعة ونائب أوروبي من تيار فيلييه، وزميله دومينيك سوشيت، أو النائب عن حزب الشعب الاشتراكي الدنماركي، بيرنيل فرام، سعوا الى التناغم والتوافق مع حياة البرلمان الأوروبي لفرض أفكارهم أو تأكيد وجهة نظرهم أو إنتاج أدبيات توضيحية ونقدية عن الاتحاد الأوروبي. فقد اعتاد سيبانين وبيرثو وبوند، التدخل بشكل متكرر في الجلسات والاجتماعات، وممارسة نمط حياة لائق للغاية في بروكسل وستراسبورغ، وتأليف كتب موجهة لمواطنيهم.

«الأحزاب ذات
 القضية الواحدة»
   إن التشكيك في أوروبا متنوع للغاية. ولتوحيد مؤيديه، كانت هناك حاجة إلى شخصيات قوية تقيم في بروكسل وستراسبورغ باستمرار، للتمكّن من عادات هذا البرلمان وتقاليده. ويمكننا أن نتحدث تقريبا، حينها، عن شكل من أشكال أوربة النشاط المتشكك في أوروبا. ثم جاءت الشخصيات الأكثر توحيدًا من أحزاب ذات قضية واحدة وقادرة على اكتساب مركزية في البرلمان الأوروبي كما في بلدانهم بشأن هذه القضية.

    لقد أظهرت الكثير من الاشغال مدى صعوبة معالجة وسائل الإعلام للمعلومة الأوروبية، مثل حياة البرلمان الأوروبي: داخل هذا الأخير، كان الدنماركيون يميلون إلى اليسار، والبريطانيون محافظون، ثم حزب الاستقلال، شجعوا التقارب بين المتشككين في أوروبا من بلدان مختلفة. كانت الصعوبة في تحديد موقعهم، كما أكد كريستوف بوليود وإيمانويل ريونغوات، في ثلاثية “خروج، صوت، ولاء” (مستوحى من كتاب الاقتصادي ألبرت أوتو يرشمان)، أي “الخروج، اخذ الكلمة الاحتجاجية، الولاء».    من الناحية التاريخية، شهدت دولتان فقط ظهور وحياة أحزاب أحادية الموضوع مكرسة لمعارضة عملية التكامل الأوروبي.

    الدنمارك أولاً، منذ عام 1972، مع الحركة الشعبية المعادية لعضوية المجموعة الاقتصادية الأوروبية). عام 1979، تجاوزت 20 بالمائة، واستفادت من عدم مشاركة اليسار الأحمر والأخضر حتى عام 2019، حيث خسرت مقعدها بنسبة 3 فاصل 7 بالمائة فقط. الدنماركيون، في الطليعة بحركتين ذات قضية واحدة، وعانا رغم انقسامهما من عدة عوامل. عام 1992، تحصل الناخبون الدنماركيون على البقاء خارج العملة الموحدة والتعديلات اللاحقة المتعلقة بقضايا الدفاع.

    أدى خروج بوند من البرلمان الأوروبي إلى تسريع تراجع حركة يونيو، التي فقدت تمثيلها عام 2009، واختارت عام 1992 مسار “الصوت”. اختفت الحركة الشعبية من جانبها من البرلمان بعد خمس سنوات، عام 2014. وأدى اختراق حزب الشعب الدنماركي في التسعينات إلى دفع الخطاب المتشكك في أوروبا إلى اليمين من خلال إضافة عنصر قوي معاد للأجانب إليه. وكان أول عضو في البرلمان الأوروبي هو موجينز كامر، من اليسار الاشتراكي الديمقراطي.

    أما بالنسبة للبريطانيين، إذا كان حزب الاستقلال بطيئًا في ترك بصمته، فقد أصبح القوة الدافعة للمتشككين في الاتحاد الأوروبي بقدر ما يحصل على مقاعد، مؤثرا في تشكيل المجموعات. ومن البداية، اختار طريق “الخروج».
   على هامش حزب المحافظين، رغم التزام إيرل ستوكتون، وألكسندر ماكميلان (حفيد هارولد ماكميلان) لصالح أوروبا، شارك بعض أعضاء البرلمان الأوروبي ومساعديهم في التشكيك في أوروبا الذي صاغته ونظّرت له مارجريت تاتشر، وعبّرت عنه في خطابها في بروج عام 1988. مع 36 فاصل 5 بالمائة من ثقل التصويت بـ “لا” على ميثاق الحقوق الأساسية، أظهر البريطانيون -وخاصة المحافظون -نفوذهم تحت قبة البرلمان الأوروبي.

   منذ استفتاء عام 2016 وانتصار “الخروج”، فقد حزب استقلال المملكة المتحدة سبب وجوده واستمر في شكل حزب البريكسيت، المكرس لضمان احترام نتيجة الاقتراع حتى تطبيق البريكست. إن المتشككين البريطانيين في أوروبا، الذين كانوا بعيدين عن التأثير على المجرة الأوروبية المتشككة في أوروبا بأكملها حتى ذلك الحين، خسروا تأثيرهم عليها نهائيا.    عانى اليسار الأوروبي الموحد، الذي كان أحد أقطاب التشكيك في الاتحاد الأوروبي في البرلمان الأوروبي، من وطأة فشل سيريزا (الحزب اليوناني المتشكك في أوروبا) ضد الترويكا (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي). واليوم، نكتفي بذكر الفرنسيين على سبيل المثال لا الحصر ، اعتمد ممثلو فرنسا المتمردة--اليسار الجمهوري الاشتراكي (مانون أوبري، يونس أمارجي أو إيمانويل موريل) أجندة سياسية أوروبية قائمة على “الصوت”، خطاب الاحتجاج داخل البرلمان الأوروبي، احترامًا لقواعد وأعراف هذا الأخير.

السطوة القومية-المحافظة
   بينما تمّ في أوائل التسعينات، تحديد محور التشكيك في أوروبا في ستراسبورغ من قبل النواب الذين يميلون بشكل أساسي إلى اليسار، وغالبًا من شمال أوروبا، ويتميزون بأفكار تقدمية متعلقة بالسيادة الشعبية بدلاً من النهل من مفردات الهوية، تغيرت الأزمنة في بروكسل وستراسبورغ.
   لقد سمحت الاجندة الاوروبية لماستريخت في قمة لشبونة بديناميكية متشككة في أوروبا داخل الاتحاد. وأدت عواقب الأزمة في وقت لاحق إلى جعل الوضع السياسي الخاص بكل بلد أكثر تعقيدًا. احتكرت الأحزاب ذات الميول القومية والمحافظة رؤية أقل تشككًا في أوروبا لكنها انفرادية: حزب القانون والعدالة في بولندا، فيديسز (حزب فيكتور أوربان) في المجر، إلخ. واختارت هذه الأحزاب الحاكمة الدفاع عن سياساتها الوطنية في بروكسل وستراسبورغ، وليس التشكيك في الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ. وتتماشى التوجهات الاقتصادية لهذه الأحزاب بشكل عام مع توجهات الاتحاد الأوروبي.

   في إيطاليا، يعتبر التشكيك في أوروبا فكرة جديدة. لم يكن النفوذ البريطاني هو الذي ساهم في تطورها في النهاية، بل لأسباب داخلية. لفترة طويلة، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، عمل الممثلون الإيطاليون في البرلمان الأوروبي بروح الإجماع النسبي.     قبل عشرين عامًا، ارتدى نواب مرحلة ما بعد الفاشية، التحالف الوطني، الحركة الاجتماعية الإيطالية السابقة، في البرلمان الأوروبي، بفخر دبوس اليورو في عرواتهم مع الجلوس في مجموعة متشككة في الاتحاد الأوروبي، الاتحاد من أجل أوروبا الأمم.

   الممثل الفاشي الوحيد المُنتخب في البرلمان الأوروبي، من حركة الشعلة الاجتماعية الثلاثية الألوان، روبرتو بيغلياردو، لم يكن معروفًا بعمله البرلماني ولا بنشاطه المتشكك في أوروبا، ولكن عرف أكثر لأنه حوّل مكتبه إلى متجر حقيقي للأشياء الفاشية الإيطالية، من القميص الأسود إلى روزنامة موسوليني.
   إيطاليا، المليئة بالثروات غير المتوقعة، لها يمينان متطرفان متضاربان. تأسست الرابطة، التي كانت تُعرف سابقًا باسم رابطة الشمال، على تجمّع انفصالي شمالي حول أمبرتو بوسي للرابطة اللومباردية، ولاديسترا (اليمين)، وهو تجمع تم تنظيمه تاريخيًا حول منظمة الحركة الاجتماعية الإيطالية الجديدة ثم ما بعد الفاشية التي تأسست عام 1946.

   الشعبوية المعادية للأجانب والمناهضة للإسلام و”روما السارقة”، دفعت الرابطة وبوسي من مجموعة قوس قزح عام 1989 الى التحالف مع الجبهة الوطنية ثم التجمع الوطني الفرنسي. من جانبها، ازدادت الحركة الاجتماعية الإيطالية -اليمين القومي ثم التحالف الوطني، احتراما من خلال ترك المجموعة البرلمانية اليمينية المتطرفة للالتحاق بمجموعات أقل يمينية. ومع ذلك، وبالنسبة إلى ورثة الحركة الاجتماعية الإيطالية -اليمين القومي / التحالف الوطني / فراتلي دي ايطاليا، فإن القاسم المشترك لعملها مرتبط بالحفاظ على الدولة الإيطالية الموحدة، وترسيخ تراثها القومي.
   منذئذ، تأرجح اليمين المتطرف الإيطالي بنوعيه بين السعي إلى العودة إلى السلطة في روما، وكسب الاحترام الأوروبي. فقط العمدة السابق لروما جياني أليمانو وفرانشيسكو ستوراس شكلا مجموعة، الحركة الوطنية من أجل السيادة. بعد أزمة عام 2009 وسياسات التقشف، فرضت حركة الخمس نجوم بدورها أجندة متشككة في أوروبا في إيطاليا دون أن يكون تحركها في البرلمان الأوروبي مبهرًا.

   وأدى تلاشي التيار السيادي الفرنسي إلى احتكار التمثيل المتشكك في الاتحاد الأوروبي في ستراسبورغ من قبل الجبهة الوطنية / التجمع الوطني اعتبارًا من عام 2014. وقد تخلى الأخير عن الاحتجاج على اليورو مما تسبب في خروج الحركة اللوبينية لفلوريان فيليبوت، والتي غالبًا ما تُقدم على أنها مصدر إلهام السيادية الكاملة (نيكولا ليبورغ).

المتشككون الأوروبيون الفرنسيون، السياح
 أكثر من المبشرين؟
   على اليسار، قلة من النواب طبعوا حياة البرلمان الأوروبي مثل فرانسيس وورتز. رئيس مجموعة اليسار الأوروبي الموحد، تم الاعتراف به كشخصية بارزة في البرلمان الأوروبي. كان نقديًا، لكنه اتخذ خطاً معتدلاً وإصلاحيًا داخل الحزب الشيوعي الفرنسي، وكان، كرئيس للمجموعة البرلمانية اليسار الأوروبي الموحد، قد قام بعمل توليفي.
   مجموعة اليمين الأوروبي (1984) ثم المجموعة التقنية لليمين الأوروبي (1989) لا تستند تحديدًا إلى التشكيك في أوروبا. استثمر اثنان فقط من البرلمانيين أوروبا كميدان للعمل السياسي: برونو غولنيش وجان كلود مارتينيز، وبدرجة أقل حتى الانقسام في 1994 و1999، برونو ميجريت وجان إيف لو جالو.
    إن انتخابات 2014 و2019، شهدت عمل النواب الفرنسيين من اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي. ومنذئذ، لم ينجح أي نائب أوروبي في البروز والظهور. ومن المفيد، حتى مع وجود نوايا معادية بشكل أساسي للاتحاد الأوروبي، أن يتم الاعتراف بهم من قبل أقرانهم بحكم الواقع. ومع ذلك، فقد اختفى التجمع الوطني تمامًا من الساحة الأوروبية، ولم يصدر أي وثيقة ولا نقد منظم حقًا للاتحاد الأوروبي.

  ساعدت الأجندة الانفصالية لـ حزب استقلال المملكة المتحدة، وكذلك صعود النزعة القومية المحافظة في حكومات الشرق، على تصفية ازدهار التشكك الأوروبي في أوروبا 9 أو 12 أو 15. وبطريقة ما، فإن نهاية التشكك الأوروبي الذي تم التعبير عنه في الحياة السياسية الأوروبية يكرس عودة الدول، من خلال نشاط العديد منها تحت قبة بروكسل. ويميل مصطلح “المتشككين في أوروبا” نفسه إلى الاختفاء من الدراسات الأوروبية.

   شكل من أشكال دفع النقاش يمينا في المجتمعات الأوروبية، يجمع بين المشاعر القومية والدفاع عن نزعة محافظة متفاقمة، ويدعي أنه ينبثق من رؤية غير الليبرالية للديمقراطية، لم يكتفي بالتأثير فقط على مصير حزب الشعب الأوروبي (الذي كان يسيطر عليه في البداية الديمقراطيون المسيحيون) ، بل ساهم في تعزيز قطب قومي-محافظ في أوروبا وداخل المؤسسات الأوروبية. على سبيل المثال، ساعدت استخدامات أطروحات النظرية المناهضة للجندر في توحيد عدد كبير من الأحزاب من مختلف البلدان الأوروبية. وتوجد هذه الأحزاب في الغالب في حزب الشعب الأوروبي، أو فيما كان يمثل مجموعة محافظة، بعيدًا عن مجموعة الهوية والديمقراطية التي تهيمن عليها الرابطة الايطالية وحزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب البديل من أجل ألمانيا.    وبينما كانت احزاب اليمين الأوروبي عام 1984 خارج اللعبة في دولها، فانه بعد عام 1994 وحتى 2009، أثرت الأجندة الديمقراطية، التي تعزز الشفافية وتحتج على سياسات المنافسة والنشاط الدستوري الأوروبي، أثرت على العديد من الحركات المتشككة في أوروبا، وأصبح انتقاد الاتحاد الأوروبي تحمله الأحزاب الحاكمة التي تهدف إلى إعطائه المعنى الذي يناسبها وفقًا لمصالحها الخاصة. ومن خلال استباق الاحتجاج على قرارات أو تصريحات معينة صادرة عن مؤسسات أوروبية لأغراضها الخاصة، فإن دولًا مثل هنغاريا فيديسز وبولندا حزب القانون والعدالة، قامتا، في الطريق، بتخريب النقاش الأوروبي وعمل البرلمان الأوروبي من خلال تبني “الصوت” أو “الولاء” بالتناوب.

   في نفس الوقت، يبدو أن آخرين “كما في فرنسا” غائبون عن الجدل الأوروبي أو يستخدمونه لغايات ألعاب سياسية أكثر انتهازية داخل بلادهم. هل نهاية التشكك الحزبي العضوي في أوروبا بشرى سارة للقارة؟ يصعب الاطمئنان...
عضو مرصد الراديكاليات السياسية في مؤسسة جان جوريس ، باحث في العلوم السياسية ، متخصص في الحقوق والأبعاد الثقافية للسياسة ، من مؤلفاته “إلى غد غرامشي».


 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot