بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
المدن الذكية في الإمارات.. فكرة تحولت إلى واقع معيش ومستقبل مستدام
بات التحول إلى المدن الذكية محل اهتمام عالمي في السنوات الأخيرة، مما جعلها تزداد ذكاء يوما بعد يوم، حتى أصبحت تعرف بالمدن الرقمية والمدن السلكية، وهي مساحات سكنية مستدامة تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لجمع البيانات الرقمية من القاطنين والأجهزة والأصول لإدارة الموارد المتاحة بكفاءة أكبر.
وتُستخدم هذه المدن مجموعة واسعة من التطبيقات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز المعرفة والابتكار، وخفض التكاليف واستخدام الموارد، وتحسين بيئات المعيشة والعمل، وزيادة التواصل بين الحكومة والمواطنين من أجل زيادة رفاهية الإنسان.
وتصنف دولة الإمارات ضمن أوائل الدول التي دعمت هذا الاتجاه العالمي؛ إذ بدأت تجربتها الاستثنائية بأمنيات حولتها إلى إنجازات خلال سنوات معدودة؛ لتدخل مستقبلا مستداما من بوابة المدن الذكية، وهي تتبنى إستراتيجيات حكومية جادة على صعيد التحول إلى نظم الإدارة الذكية وتطوير أنظمة النقل والمياه والطاقة والمخلفات باستخدام التقنيات الذكية، ما جعلها تصنف نموذجا رائدا في المنطقة والعالم.
وقالسعادة الدكتور سعيد خلفان الظاهري، الخبير الدولي في المدن الذكية والذكاء الاصطناعي، مدير مركز استشراف المستقبل في جامعة دبي، إن دولة الإمارات استثمرت بقوة في تطوير المدن الذكية، مع توقعات بنمو كبير خلال السنوات القادمة.
وأكد أن أبحاث السوق الموثوقة والتقارير الصناعية، أظهرت أن سوق المدن الذكية في الإمارات يشهد توسعا سريعا، مدفوعا بالمبادرات الحكومية، والتطورات التكنولوجية، والطلب المتزايد على حلول حضرية مستدامة، وأن الإمارات شكلت في عام 2024 الماضي 2.0% من السوق العالمية للمدن الذكية، بينما يتوقع أن تتصدر السوق الإقليمية من حيث الإيرادات بحلول عام 2030. ونوه إلى أن هذه الاستثمارات تعكس التزام دولة الإمارات بتطوير بنية تحتية وخدمات عالمية المستوى في مجال المدن الذكية، مع التركيز على تحسين جودة الحياة، وزيادة الكفاءة، وتعزيز التنمية المستدامة.
وأوضح ان توقعات النمو في سوق المدن الذكية تشير إلى استمرار التوسع والابتكار في هذا القطاع، ما يعزز مكانة الإمارات كقائد عالمي في تطوير المدن الحضرية الذكية. وقال الظاهري، إن دولة الإمارات حققت اعترافا عالميا لافتا في مجال المدن الذكية، وإن مدينتي دبي وأبوظبي تحتلان مواقع متقدمة في التصنيفات الدولية، وفقا لمؤشر المدن الذكية لعام 2025 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية "IMD" بالتعاون مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم "SUTD"، والذي يصنف 146 مدينة حول العالم، فقد حققت دبي المرتبة الرابعة عالميا والأولى عربيا وآسيويا، في حين احتلت ابوظبي المرتبة الخامسة عالميا، وهو ما يعزز مكانة المدينتين ضمن أفضل عشر مدن في العالم للعيش والعمل والزيارة.
وأضاف أن صعود دبي اللافت في التصنيفات يعزز مكانتها المتقدمة على قمة هرم مدن دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي وآسيا، وهو ما يجسد التزام المدينة المستمر بالتحول الرقمي والابتكار الحضري والتميز في مجال المدن الذكية.
كما يشير تقرير "IMD" إلى احتلال ابوظبي المركز الخامس عالميا بسبب وفرة المساحات الخضراء في المدينة، وتوفر الإنترنت اللاسلكي المجاني"واي فاي"، وجودة وسائل النقل العام، والإدارة الفاعلة لحركة المرور.
وأوضح الدكتور الظاهري، أن المدن الذكية الإماراتية تتألق عالميا، وأن دبي وأبوظبي رسخا مكانتهما كأفضل المدن الذكية في العالم، ليس فقط من خلال تطبيق الحلول المبتكرة محليا، بل أيضا عبر الإسهام الفاعل في تشكيل المبادرات الدولية في هذا المجال.
وأضاف أن "دائرة دبي الرقمية" تقوم بدور ريادي في مشهد المدن الذكية العالمي من خلال قيادتها مبادرة "CitiVerse"، وهي تعاون بين دائرة دبي الرقميةومركز الأمم المتحدة الدولي للحوسبة "UNICC" والاتحاد الدولي للاتصالات "ITU"، انطلق في شهر مارس من هذا العام 2025؛ حيث تستثمر هذه المبادرة في العوالم الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الابتكار والمرونة والشمول الرقمي على نطاق عالمي.
وتهدف مبادرة الـ"Citiverse" إلى إلهام الشباب والشركات الناشئة في جميع أنحاء العالم لتطوير حلول افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي للتعامل مع التحديات العالمية الملحة من خلال تقنيات رقمية مؤثرة، إذ تعد "العوالم الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي ركنا أساسيا من المستقبل، ما يجعل تعزيز الشراكات العالمية أمرا ضروريا لضمان أن تخدم هذه الابتكارات الإنسانية.
ويمثل تحدي الـ "CitiVerse" تجسيدا لهذه الرؤية، ويؤكد التزام دبي – من خلال ديجيتال دبي وشركائها الدوليين – باستشراف المستقبل.
ونوه الدكتور سعيد خلفان الظاهري، إلى أن ابوظبي ودبي تشاركان بفعالية في مبادرة "متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة" /U4SSC/، التي أُطلقت في عام 2016 من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات /ITU/، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا /UNECE/، وموئل الأمم المتحدة /UN Habitat/، والتي تقود مستقبل المدن الذكية المتمركزة حول الإنسان على مستوى العالم.
وذكر أن نهجدولة الإمارات في إنشاء المدن الذكية يتميز برؤية شاملة تدمج بين التكنولوجيا المتقدمة والممارسات المستدامة بهدف تحسين جودة حياة المواطنين والمقيمين والزوار، وجذب الاستثمارات الدولية، وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز، مشيرا إلى أن هذا النهج يعتمد على قيادة استشرافية وتخطيط إستراتيجي يركز على إنشاء بيئات حضرية مرنة، مستدامة، ومتقدمة تكنولوجيا.
وأضاف: "بحسب رؤية الإمارات "نحن الإمارات 2031" والأجندة الوطنية، يُعد تطوير البنية التحتية من الأولويات الرئيسية، بهدف وضع الإمارات في مصاف الدول الأفضل عالميا من حيث المطارات، والموانئ، والبنية التحتية للطرق، وخدمات النقل، ويُعد تطوير المدن الذكية عنصرا أساسيا في هذه الرؤية الجديدة والرؤية السابقة 2021، إذ يهدف إلى تعزيز جودة الحياة والإمكانات الاقتصادية".
وأوضح أن إستراتيجية الإمارات للمدن الذكية تشمل عددا من القطاعات، من أبرزها الطاقة والتركيز على مصادرها المتجددة، وبخاصة الطاقة الشمسية، لتقليل البصمة الكربونية وتعزيز الاستدامة، بالإضافة إلى النقل والتركيز على تطوير أنظمة النقل الذكي، بما في ذلك المركبات ذاتية القيادة، والطائرات بدون طيار، وتقنية "الهايبرلوب"، مع استهداف تحويل 25% من جميع الرحلات إلى رحلات ذاتية القيادة بحلول عام 2030 وفقا لإستراتيجية دبي للتنقل الذكي.
وأردف، أن الإستراتيجية تشمل أيضا الرعاية الصحية من ناحية تطبيق الطب عن بُعد، والحلول الصحية الذكية، والسجلات الصحية الرقمية لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وكفاءتها، في حين تهتم فيما يتعلق بالبنية التحتية بإنشاء مبانٍ ومرافق ذكية مدمجة مع تقنيات إنترنت الأشياء IoT والذكاء الاصطناعي AI ، وفي مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT تهتم بتعزيز الاتصال الرقمي، ودعم الحوكمة الإلكترونية، وتأسيس منصات رقمية لتقديم مختلف الخدمات.