رئيس الدولة يؤكد أهمية العمل على ترسيخ أسباب السلام والاستقرار في العالم
المسيّرات الروسية تدق أبواب الناتو.. هل تبدأ المواجهة من ليتوانيا؟
يرى خبراء أن خرق المسيرات الروسية لأجواء ليتوانيا يكشف عن تصعيد خطير في الحرب الهجينة التي تشنها موسكو ضد دول البلطيق، وتهدد بإشعال مواجهة غير مباشرة مع حلف شمال الأطلسي «الناتو».
وفي تطور جديد يزيد من منسوب التوتر في منطقة البلطيق، طالبت ليتوانيا يوم الثلاثاء 5 أغسطس- آب 2025، حلف شمال الأطلسي باتخاذ «إجراءات فورية» لتعزيز قدراتها في الدفاع الجوي، بعد حادثتين منفصلتين تمثلتا في سقوط طائرتين مسيّرتين روسيتين على أراضيها خلال أقل من شهر، إحداهما كانت تحمل متفجرات. وبحسب ما نقلته السلطات الليتوانية، فإن الحادث الأول وقع في 10 يوليو- تموز الماضي، عندما تم رصد طائرة مسيّرة دخلت من حدود بيلاروسيا، وسقطت بعد 3 دقائق فقط من دخولها الأجواء الليتوانية، على بعد كيلومتر واحد من نقطة حدودية مغلقة. وصرح المتحدث باسم الجيش الليتواني قائلًا: «كان هيكل الطائرة بسيطًا، مكوَّنًا من الخشب والبوليستيرين وبعض الأسلاك»، مضيفًا أنها لم تكن تشكل خطرًا مباشرًا، وتم التعرف عليها لاحقًا على أنها من طراز «Gerbera»، وهو نموذج منخفض التكلفة من الطائرات الروسية المسيرة يستخدم عادةً في أغراض التضليل والمناورة العسكرية. لكن الحادثة الثانية كانت أكثر إثارة للقلق، إذ سقطت طائرة مسيّرة مزودة بعبوة ناسفة في منطقة أخرى داخل البلاد؛ ما اعتبرته وزارة الدفاع الليتوانية بمثابة «استفزاز مقصود» يستدعي ردًّا على مستوى الحلف بأكمله.
وقال فرانسوا هيسبورج، المستشار الخاص في «مؤسسة البحوث الإستراتيجية» لـ»إرم نيوز» إن ما حدث «ليس اختبارًا عرضيًّا»، بل جزء من سياسة روسية منظمة تهدف إلى إضعاف الأمن النفسي والسيادي لدول البلطيق. وأردف، أن «موسكو تُجيد اللعب في المساحات الرمادية، وهذه الحوادث تظهر استخدامًا ذكيًّا للحرب الهجينة، حيث لا تكون هناك قوات تقليدية بل أدوات تشويش واختراق واستخبارات بالطائرات دون طيار (درون)».
ويحذر هيسبورج من أن «الرد يجب أن يكون تقنيًّا وتحذيريًّا في آنٍ واحد»، مطالبًا بأن يُزوّد الناتو ليتوانيا بوسائل مراقبة متطورة مثل الرادارات التكتيكية وأنظمة اعتراض الطائرات الصغيرة. من جانبه، قال نيكولا دو ريفيير، الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية لـ»إرم نيوز» إن الحادثتين تظهران تطورًا في التكتيك الروسي داخل دول جوار الناتو، موضحًا أن «روسيا تختبر صبر الغرب وحدّة ردوده، فكل مسيّرة تسقط هنا أو هناك هي بمثابة اختبار صغير لمدى جدية الحلف في حماية أعضائه».
ويرى أن دعوة ليتوانيا لتجربة وسائل تجريبية من الناتو تدل على أن هذه الدول لم تعد تكتفي بردود الفعل التقليدية، بل تطمح إلى إستراتيجية ردع جديدة تشمل الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، وأنظمة اعتراض متقدمة للطائرات المسيّرة.