الأمم المتحدة المنقسمة تمدد مهمتها السياسية

المشهد السياسي يزداد تعقيدا.. ليبيا بين 3 سيناريوهات مقبلة

المشهد السياسي يزداد تعقيدا.. ليبيا بين 3 سيناريوهات مقبلة


تجهيزات وتحركات واستنفار أصبحت بشكل يومي خلال الأسبوع الجاري من جانب الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، بالتزامن مع البدء الفعلي من جانب البرلمان للإطاحة بحكومة تسيير الأعمال. «نار تحت الرماد ولا حل قريب”، هكذا يصف خبراء في الشأن الليبي المشهد القادم خلال الأسبوعين القادمين، والذي لن يخرج، حسب المحللين، عن 3 سيناريوهات. مواجهة البرلمان والسلطة التنفيذية بدأت تشتد عقب الفشل في إجراء الاستحقاق الانتخابي الذي كان مقررًا الشهر الماضي، ومن حينها وتسود حالة من الترقّب الحذر في الشارع الليبي خوفًا من تجدد الصراع.

موسم الصراع على الغنائم
وصف عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي السابق، الوضع الحالي بين البرلمان والحكومة بموسم الصراع على الغنائم، مؤكّدًا أن الانفجار متوقع في أي وقتٍ نتيجة استمرار عملية تدفق الميليشيات على العاصمة.
وأوضح اليسير، خلال تصريحاته لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الوصول لسيناريو الفوضى مجددًا قريب للغاية، قائلًا: “من الصعب أن يسلم رئيس الحكومة الحالية عبد الحميد الدبيبة السلطة إلا إذا وجد تنظيم الإخوان بديلًا».
ومنتصف الأسبوع الجاري، صوّت أعضاء مجلس النواب الليبي ضد مشاركة ما يسمّى بـ”مجلس الدولة”، الذي يهيمن عليه تنظيم الإخوان الإرهابي، في اختيار رئيس الحكومة الجديدة أو التشكيل الوزاري، وأيضًا في المشاورات الخاصة برسم خريطة الطريق خلال المرحلة المقبلة.
في سياق توقع سيناريو الفوضى وتجدد الاقتتال، قال أستاذ الإعلام المساعد في جامعة سرت عبد الله أطبيقة، إنه سيناريو قريب حال تمسّك كلّ طرفٍ بموقفه وإصرار البرلمان على تغيير الحكومة.
وأكد أستاذ الإعلام المساعد في جامعة سرت، أن الهدف من تشكيل حكومة مصغرة هو إطالة الأزمة وليس الحل، فكيف سيتم التوافق في وضع ممزق من الأساس بين جميع القوى والتيارات.

 تدخل دولي
 واستمرار الدبيبة
في تلك الزاوية، أوضح أستاذ الإعلام المساعد في جامعة سرت، أن التوجّه العام للمجتمع الدولي وبالأخص الأمم المتحدة هو بقاء حكومة الدبيبة والتركيز على موعد قريب للانتخابات أقصاها 6 أشهر.
وتابع الدكتور عبد الله أطبيقة، قائلًا: “من المتوقّع حدوث مناوشات بسيطة لكن في ذلك السيناريو سيتدخل المجتمع الدولي ويجبر الكيانات السياسية على تقديم تنازلات والموافقة على بقاء الدبيبة».
كان البرلمان الليبي قد سحب الثقة من حكومة تسيير الأعمال العام الماضي، إثر خلافات على الموازنة العامة للبلاد، لكن القرار لم ينفذ واستمرت الحكومة في أداء أعمالها.
في هذا السيناريو، تتفق الناشطة الحقوقية أحلام اليعقوبي، مع أستاذ الإعلام المساعد في جامعة سرت، حيث قالت إن “المرحلة الحالية لن تشهد صراعًا واقتتالًا كما حدث في السابق».
وأكدت الناشطة الحقوقية، خلال تصريحاتها لـ”سكاي نيوز عربية”، أن المجتمع الدولي سيفرض بالفعل حكومة على الكيانات الحالية والجميع سيوافق عليها بدون جدال.

انتقال سلس
السيناريو الثالث يعتمد في تنفيذه على مدى عملية التنسيق بين الكيانات الليبية، حيث قالت ممثلة الاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل الإفريقي، إيمانويلا ديل ري، إن هناك سيناريو قريبًا لانتقال ليبيا نحو حكومة جديدة، ويمكن أن تكون برئاسة فتحي باشاغا أو أي شخص آخر، وفق المسؤولة الأوروبية. في السياق، استبعد المحلل السياسي محمد البرجاوي، هذا السيناريو نظرًا لحالة الصدام الحالية بين البرلمان وما يطلق على نفسه مجلس الدولة الذي يعد عقبة في إنهاء المرحلة الانتقالية.
وتابع: “لن يتم الانتقال السلس إلا عن طريق التوافق، وإن تم هذا سيثبت للجميع التنسيق الخفي بين الكيانات الحالية من أجل ضياع الانتخابات».
كان ما يسمى مجلس الدولة أعلن مرارًا على لسان رئيسه، خالد المشري التابع لتنظيم الإخوان، رفضه تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلا بعد حدوث “توافق” مع المجلس».
وأكد البرجاوي أن أي حكومة لن تتمكن من الدخول للعاصمة طرابلس لكونها أسيرة بيد الميليشيات المسلحة، وإنْ تم تشكيل حكومة موازية في سرت لن تحصل على الدعم الدولي، وبالتالي السيناريوهان الأقرب في الوقت الراهن هما الصدام أو فرض المجتمع الدولي لنظرية الأمر الواقع واستمرار الحكومة.

الأمم المتحدة
ذكر دبلوماسيون أن مجلس الأمن الدولي مدعو إلى تمديد مهمته السياسية في ليبيا حتى 15 أيلول-سبتمبر الخميس من دون اتخاذ موقف جديد من الانتخابات التي أرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الانقسامات العميقة بين أعضائه بشأن الملف الليبي. وفي الأساس اقترحت بريطانيا مشروع قرار لتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لسنة أخرى، ينص على ضرورة أن تتخذ السلطات الليبية “خطوات لتسهيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت ممكن».
وكان النص الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، يدعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى “وقف كل دعم” للمرتزقة في البلاد و”سحب (هم) فورا”، معبرا عن الأمل في “ألا تتدخل دول المنظمة في النزاع».
مع ذلك، قال دبلوماسيون إن عددا كبيرا من أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن عدم موافقتهم على الإشارات المختلفة في النص وكانت روسيا الأسرع والأكثر حزما في منع الموافقة عليه.
وقالت المصادر نفسها التي طلبت عدم كشف هويتها إن موسكو أرادت خصوصا أن يؤكد النص على ضرورة تعيين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مبعوثا جديدا، لكن لندن لم تقبل الطلب الروسي.
ورفضت الولايات المتحدة التي تقوم مواطنتها ستيفاني وليامز بمهمة مبعوثة بصفة مستشارة خاصة لغوتيريش الطلب الروسي، كما ذكر دبلوماسي لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه.
وقال دبلوماسيون إن السلوفاكي يان كوبيس استقال فجأة من منصب مبعوث في تشرين الثاني/نوفمبر بسبب خلافات مع الأمين العام للأمم المتحدة بشأن العملية الانتخابية. وتم تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر أخيرًا وفشل الليبيون حتى الآن في الاتفاق على جدول زمني جديد.
وذكرت دبلوماسية أن لندن رأت أن تسوية الخلاف بين موسكو وواشنطن مستحيلة قبل انتهاء ولاية البعثة في 31 كانون الثاني-يناير وفضلت تبني مشروع مقتضب جدا يقتصر على تمديدها حتى أيلول-سبتمبر.
ويفترض أن يتم تبني النص خلال تصويت الخميس.
وظهرت انقسامات بين الغرب وروسيا في أيلول-سبتمبر الماضي بشأن تمديد المهمة السياسية. وهددت موسكو باستخدام حق النقض (الفيتو) بسبب إشارة إلى انسحاب المرتزقة.
وعملت لندن على أن يتم اعتماد تمديدين تقنيين لمهمة بعثة الأمم المتحدة. وقال دبلوماسي إن الخلاف الذي تعمق مرة أخرى هذا الأسبوع بين أعضاء الأمم المتحدة “ليس مؤشرا جيدا” لليبيين و”لن يساعد ستيفاني وليامز” في مهمتها.