تلقّى حزب «العدالة والتنمية» المغربي ذو المرجعية الإسلامية، هزيمة قاسية في انتخابات رئاسة مجلس النواب التي جرت يوم الجمعة الماضية، على يد خصمه السياسي حزب «التجمع الوطني للأحرار» قائد الائتلاف الحكومي.
وأُعيد انتخاب رشيد الطالبي العلمي، عن حزب «التجمع الوطني للأحرار»، رئيساً لمجلس النواب المغربي، لما تبقى من الولاية البرلمانية الحالية 2021-2026. 
وتغلب العلمي على منافسه الوحيد عبدالله بوانو عن حزب «العدالة والتنمية» (معارض) بأغلبية شاسعة؛ إذ حصل العلمي على 264 صوتاً مقابل 23 صوتاً لبوانو، وبلغ مجموع الأصوات 324 صوتاً، وعدد الأوراق الملغاة 37.
وجرت عملية الانتخاب، طبقاً لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على أنه «ينتخب رئيس المجلس في مستهل الفترة النيابية، ثم في سنتها الثالثة عند دورة (نيسان) أبريل لما تبقى من الفترة المذكورة، تطبيقا لأحكام الفصل الثاني والستين من الدستور».
ويرى مراقبون أن هذه الهزيمة المدوية تُشكل ضربة جديدة للحزب الإسلامي بقيادة الأمين العام عبدالإله بنكيران.
ومنذ ما يُسمى بـ»زلزال 8 أيلول- سبتمبر 2021» (نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة) الذي عصف بـ»إخوان» المغرب، فقدَ حزب «العدالة والتنمية» بريقه السياسي، وبات غير قادر على التأثير سواء في المشهد السياسي أو داخل المؤسسات الدستورية بالبلاد.

أسباب ترشح بوانو
وقال عبدالعزيز أفتاتي، القيادي البارز في حزب «العدالة والتنمية» المغربي، إن حزبه «رشّح عبدالله بوانو ليس أملاً في الوصول إلى رئاسة مجلس النواب، ولكن لإيصال رسالة واضحة مفادها رفض الوضع السياسي الراهن المترتب عن نكوص انتخابات الثامن من أيلول- سبتمبر 2021».  وأضاف أفتاتي لـ»إرم نيوز»، أن حزب العدالة والتنمية «لم يتفق مع أحزاب المعارضة بشأن ترشيح بوانو لرئاسة مجلس النواب، بحكم الاختلاف في تقدير درجة المعارضة للوضع السياسي». 
واستطرد المتحدث: «خندقنا واضح، وخطوة ترشيح بوانو تنسجم مع المعارضة التي يخوضها الحزب ضد حكومة عزيز أخنوش». 
وشدد بالقول: «إذا لم تتحرك أحزاب المعارضة بالشكل الكافي سيتحرك الشارع، وذلك في ظل نسب نمو متردية، ومؤشرات اجتماعية سلبية، وارتفاع الأسعار، وفساد بعض المسؤولين الكبار». على حد تعبيره.
من جهته، أكد مصدر حزبي لـ»إرم نيوز»، أن ترشيح عبدالله بوانو عن حزب «العدالة والتنمية» لرئاسة مجلس النواب، جاء مخالفاً للاتفاق الذي جرى بين رؤساء فرق المعارضة بالغرفة الأولى للبرلمان خلال اللقاء الذي انعقد قبل أيام؛ ما يؤشر على انقسام المعارضة.

عوامل السقوط 
والمشهد السياسي
ورأى محمد شقير، الباحث والمحلل السياسي المغربي، أن انعكاسات النكسة الانتخابية لحزب «العدالة والتنمية» سنة 2021 ما زالت ترخي بظلالها على وضعيته في المشهد السياسي بالبلاد وحتى داخل المعارضة.
ورأى شقير ضمن تصريح لـ»إرم نيوز»، أن الخلاف العميق بين حزبي «العدالة والتنمية» و»الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» قد برز بشكل جلي خلال انتخاب رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي). 
وأوضح: «الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران ما زال يعتبر إلى حدود اليوم أن الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر هو السبب المباشر في إبعاده عن رئاسة الحكومة لولاية ثانية سنة 2017، ولعل هذا ما يُفسر عدم مساندة الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية لملتمس الرقابة الذي رفعه لشكر ضد الحكومة، وبالمقابل فلم يساند الفريق الاتحادي وباقي مكونات المعارضة ترشح بوانو لرئاسة مجلس النواب».
وأردف الباحث، أن حزب «العدالة والتنمية» كان يدرك جيداً بأن حظوظ فوزه بهذا المنصب غير متوفرة أمام توافق مكونات الأغلبية، التي اجتمعت على تجديد رئاسة رشيد الطالبي العلمي لما تبقى من الولاية التشريعية.
وبحسب شقير، فإن «التنافس السياسي بين حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بالإضافة إلى الخلافات الشخصية بين بنكيران ولشكر ستزيد من ضعف المعارضة وعدم تماسكها».

فقدان التأثير 
في الشارع المغربي
من جهته، قال المحلل السياسي عبدالفتاح الحيداوي، إن هزيمة العدالة والتنمية في انتخابات رئاسة مجلس النواب تعكس فشل هذا الكيان السياسي في التأثير على باقي الأحزاب داخل قبة البرلمان..
 كما تُبيّن غياب التنسيق بين أحزاب المعارضة.
وأضاف الحيداوي لـ»إرم نيوز»، أن هذه الهزيمة لها دلالات عديدة، ومن أبرزها؛ أن الحزب الإسلامي لم يعد قوة اقتراحية كما كانت في السابق، وأن جميع الأحزاب (أغلبية ومعارضة)، ترفض الاشتغال مع «إخوان» بنكيران.
ويعتقد المتحدث، أن حزب «العدالة والتنمية» قد انتهى سياسياً، وما يكرس ذلك صراعاته الداخلية وأيضاً الخارجية مع باقي الأحزاب.