تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
قد تكون الأزمة فرصة:
الهندي -الهادي: هكذا يغيّر ميثاق أوكوس الخارطة...!
-- لن يكون استمرار سباق التسلح في آسيا نتيجة غير مقصودة لـ «أوكوس» ولكن أحد أهدافه
-- تأسيس «أوكوس» تذكير عنيف، بأن التحالفــات ليســت ديـانـات
-- لا يوجد ذكر للوجود الفرنسي في الخريطة الجديدة للمنطقة
-- نشأت العلاقة الفرنسية الأمريكية من أساطير، كما تعاني من تضخم في المعنى
-- مفهوم الهندي-الهادي، يمثل حقيقة استراتيجية قديمة جدا للولايات المتحدة
«الأحداث تعدّل كل شيء”، كتب بلزاك في كتابه سيزار بيروتو. في غضون عشرة أيام أو نحو ذلك، منذ الإعلان في 15 سبتمبر عن إلغاء عقد الغواصات، تغيّر شكل منطقة الهندي -الهادي وموقع فرنسا في هذا الفضاء فعليا.
ويطرح تشكيل “اوكوس”، وهي معاهدة دفاع جديدة بين أستراليا والمملكة المتحدة وأستراليا، أسئلة لا يمكن لفرنسا ان تتملّص منها... فهل يمكن أن تكون هذه الأزمة فرصة؟
في 25 سبتمبر المنقضي، كرست مجلة الإيكونيميست البريطانية غلافها لعودة ظهور الولايات المتحدة في آسيا. كان هناك مقال يشرح أسباب وانعكاسات انقلاب التحالف، والأهم من ذلك، قدّم خريطة مفاجئة للمنطقة.
لئن ظهر مفهوم الهندي-الهادئ في وسائل الإعلام مؤخرًا، فقد كان يمثل حقيقة استراتيجية قديمة جدا للولايات المتحدة، حيث كان المحيط الهادئ، يمثل أولوية دبلوماسية لها في القرن التاسع عشر.
ثم جاءت فكرة الحاجة إلى السيطرة على الفضاء الموحد الممتد من لوس أنجلوس إلى مومباسا في كينيا لاحقًا.
-- تأسيس «أوكوس» تذكير عنيف، بأن التحالفــات ليســت ديـانـات
-- لا يوجد ذكر للوجود الفرنسي في الخريطة الجديدة للمنطقة
-- نشأت العلاقة الفرنسية الأمريكية من أساطير، كما تعاني من تضخم في المعنى
-- مفهوم الهندي-الهادي، يمثل حقيقة استراتيجية قديمة جدا للولايات المتحدة
«الأحداث تعدّل كل شيء”، كتب بلزاك في كتابه سيزار بيروتو. في غضون عشرة أيام أو نحو ذلك، منذ الإعلان في 15 سبتمبر عن إلغاء عقد الغواصات، تغيّر شكل منطقة الهندي -الهادي وموقع فرنسا في هذا الفضاء فعليا.
ويطرح تشكيل “اوكوس”، وهي معاهدة دفاع جديدة بين أستراليا والمملكة المتحدة وأستراليا، أسئلة لا يمكن لفرنسا ان تتملّص منها... فهل يمكن أن تكون هذه الأزمة فرصة؟
في 25 سبتمبر المنقضي، كرست مجلة الإيكونيميست البريطانية غلافها لعودة ظهور الولايات المتحدة في آسيا. كان هناك مقال يشرح أسباب وانعكاسات انقلاب التحالف، والأهم من ذلك، قدّم خريطة مفاجئة للمنطقة.
لئن ظهر مفهوم الهندي-الهادئ في وسائل الإعلام مؤخرًا، فقد كان يمثل حقيقة استراتيجية قديمة جدا للولايات المتحدة، حيث كان المحيط الهادئ، يمثل أولوية دبلوماسية لها في القرن التاسع عشر.
ثم جاءت فكرة الحاجة إلى السيطرة على الفضاء الموحد الممتد من لوس أنجلوس إلى مومباسا في كينيا لاحقًا.
إنها تنطوي أولاً على الانتصار في حرب المحيط الهادئ عام 1945، بعد سحق الإمبريالية اليابانية، واستقرارها بشكل دائم في منابع النفط الذي حدث بين عام 1943، أول أزمة إيرانية وعام 1945؛ وأخيرًا، التحضير لتعويض القوة البريطانية السابقة على طريق الهند الحاسمة، وهي مهمة تم إنجازها بين 1947 و1956.
من قوة بحرية إلى أخرى، تفترض الهيمنة مسبقًا، السيطرة على البوابات -كوريا واحدة منها-والمفصلات -في هذه الحالة المضائق -التي تحدد الطريق. وعند الحديث عن المضائق، فإن أهمها بالنسبة للتجارة العالمية، قبل مضيق هرمز وباب المندب، هو مضيق ملقا، الذي يقع فجأة في قلب الخريطة التي نشرتها مجلة الإيكونيميست في 25 سبتمبر المنقضي.
الهندي-الهادي عموديا
مع العقد الأسترالي، شعرت فرنسا، الموجودة في منطقة الهندي-الهادي عبر أقاليمها ومجتمعاتها ما وراء البحار، شعرت بطبيعة الحال بأنها مرتبطة بمساحة جيواستراتيجية أفقية، مروراً بابيتي ونوميا وكانبيرا وريونيون لتنتهي في الساحل الشرقي لأفريقيا.
وكثاني أكبر منطقة بحرية في العالم، بعد الولايات المتحدة مباشرة، كانت تعتقد أن سلوكها كحليف وفيّ، والذي تعزّز بعودتها إلى القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي عام 2007، سيضعها بقوة داخل التحالف الغربي في منطقة الهندي-الهادي، بما أن الرهان هو التنافس على السيطرة على ما يسميه الجيوسياسيون “الجزيرة-العالم “، أي السيطرة عبر البحار على الكتلة الأرضية للقارة الأوراسية، سيطرة يمكن أن تؤدي إلى مواجهة مع الصين.
وفي خريطة 25 سبتمبر، يضع المحور الرأسي لـ “اوكوس” أستراليا جنوب منطقة تشمل إندونيسيا، وجانب كبير من جنوب شرق آسيا، وبحر الصين وآسيا الشمالية، واليابان شرقا، والهند غربا... ولا يوجد ذكر للوجود الفرنسي في هذه الخريطة.
بقية آسيا
عند نشر الإيكونيميست لغلافها، كان قد انتهى للتو اجتماع في البيت الأبيض بين الأعضاء الأربعة في الـ “كواد”، الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، والذي يمكن أن يضاف إليه فيتنام وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، من اجل تحسين المحور العمودي لـ “كواد + “. ورغم انه لم ينجو من كليشيهات اللغة الدبلوماسية، إلا أن البيان الصحفي، أشار إلى اعتراف البلدان الحالية بأن “مستقبلها المشترك سيتنزّل في منطقة الهندي-الهادي».
في الوقت الحالي، تقتصر دبلوماسية الـ “كواد” على تبادل التكنولوجيا واللقاحات، وستتعمق. والى جانب إعادة التشديد على أهداف اتفاقية باريس للمناخ، فإنهم يؤكدون التزامهم تجاه منطقة الهندي -الهادي “الحرة والمنفتحة”، مع كوريا شمالية خالية من الأسلحة النووية، بغض النظر عن أن بيع غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى أستراليا يخلق حالة فريدة من نوعها لاكتساب التكنولوجيا النووية من قبل دولة موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مع إمكانية التحول نحو تخصيب اليورانيوم، ومعروف ثراء الارض الأسترالية به.
بعد الزيارات الأخيرة التي قامت بها نائب الرئيس الأمريكي كامالا هاريس إلى سنغافورة وفيتنام، تمت استشارة الأعضاء العشرة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بشأن دعمهم لأهداف “اوكوس”، أي تحديد تموقعهم تجاه الصين. وبعد عدة سنوات من الغزل الدبلوماسي والعسكري مع الصين المجاورة، يبدو أن الفلبين تفضل العودة إلى محور القوة الاستعمارية الأمريكية السابقة، في حين ستكون فيتنام بلا شك الأكثر استعجالًا للانضمام إلى كواد+.
لن يكون استمرار سباق التسلح في آسيا نتيجة غير مقصودة لـ “اوكوس”، بل أحد أهدافه، حيث تمثل المنطقة أكبر سوق من حيث النمو السنوي في واردات الأسلحة منذ عقد من الزمان.
النظام الأساسي
للقوة العظمى
وكما لو انه تكرار للرسالة وتأكيدها، نشرت صحيفة نيويورك تايمز في 23 سبتمبر، مقالاً يتساءل عن مكانة فرنسا “الماضية” كقوة عظمى، ويستغرب من ان سؤالا ينسبه إلى اليمين الفرنسي لا يزال يُطرح. وإذا بدا ان اليومية النيويوركية وكأنها أجابت على السؤال، فمن المفيد أن نذكّر أن القوة تشمل “القوة الصلبة” و”القوة الناعمة”.
تتكون الأولى، من الاقتصادي والمالي والعسكري والمواد الخام والسكان والفضاء، في حين تشمل القوة “الناعمة”، الثقافة والفنون والأفكار وطرق توزيعها والعلامات التجارية وحتى المهارات. وإلى هذا المفهوم التقليدي للقوة أو القدرات، يضيف الدبلوماسي الأمريكي تشاس دبليو فريمان في كتابه الكلاسيكي “فنون القوة”، مفاهيم الإمكانيات والإرادة.
باختصار، القوة لا شيء، في دولة إمكانات السلطة فيها تتراجع وتتقلص. لأنه في الدبلوماسية، كما في المالية، القوة تُتوقع من المستقبل. تمامًا، مثلما تشتري سهمًا بناءً على السعر المتوقع بعد عامين من الآن، فإن الرهان على دولة يتم بناءً على قوتها المتوقعة، وليس قوتها الحالية.
وكما تبيّنه روسيا، أيا كان النظام الذي تجد نفسها في ظله، فإن الإرادة الوطنية عنصر حاسم في القوة: فهي تشمل العزيمة والشجاعة وقبول التضحيات والوحدة الوطنية وقدرة النخب على المخاطرة وتحريك الأمة نحو هدف مشترك. وعلى هذا النحو، فإن الحرب الأهلية هي مقبرة الإرادة الوطنية.
لنضف خاصيتين أساسيتين: موقع العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو نفسه مرتبط بمكانة القوة النووية “يشرّع”، بما انه في الشؤون النووية، القوى الخمس، منها فرنسا، تمنح نفسها حق إملاء القانون. لذلك ليس هيّنا، أن العقد الذي قام عليه تحالف “اوكوس” يتعلق بالطاقة النووية.
معنى التحالفات
في سيرته الذاتية الرائعة، ينسب جيمس تشيس الكلمات التالية إلى وزير الخارجية الأمريكي دين أتشيسون: “صحيح أن لدينا علاقة خاصة مع إنجلترا، لكن الإنجليز فقط هم من يعتقدون ذلك”. وبيّن محللون آخرون، أن أتشيسون لم يكن يرغب في ان يضرّ ذكر عبارة علاقة خاصة، بعلاقات أمريكا مع الحلفاء الآخرين*.
لقد نشأت العلاقة الفرنسية الأمريكية من أسطورة مساعدة فرنسا التنويرية للمتمردين الأمريكيين ضد الطاغية جورج الثالث، كما تعاني هذه العلاقة من تضخّم المعنى.
وتأسيس “اوكوس” بمثابة تذكير، مع بعض العنف، بأن التحالفات ليست ديانات.
في عقود الأسلحة في القرن الحادي والعشرين، فإن المعدات، رغم أن تكلفتها بمليارات الدولارات أو اليورو، ليست سوى وسيلة. إنها تعمل على ربط الدول ببعضها البعض لفترة طويلة بالضرورة، بالنظر إلى الوقت اللازم لدراسة المعدات وإنتاجها وتسليمها واختبارها واستخدامها في نهاية المطاف. وأكثر من مجرد إشارة إلى ارتباط، فإن “الالتزام” بالإنجليزية يعني ضمناً اكراها وقيداً، يُمارس بالقوة أو بموجب القانون، أو حتى كليهما إذا ما اعتُبر أن “القوة هي القانون”. ومن هذه الزاوية، قد يكون خرق العقد الأسترالي فرصة. هل تريد فرنسا ان تظل تحت إكراه وقيد التحالف عبر الأطلسي؟
الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الانسحاب الكارثي من أفغانســــتان، تبــــــرر طـرح السؤال.
سيكون هذا السؤال الأخير، بلا شك، في قلب الاجتماع بين الرئيسين ماكرون وبايدن المقرر عقده في نهاية أكتوبر.
والى ذلك الوقت، سيكون وزير ما وراء البحار سيباستيان ليكورنو قد عاد إلى باريس بعد أن أمضى أسبوعين في كاليدونيا الجديدة لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات النهائية للاستفتاء حول تقرير المصير، في 12 ديسمبر.
* راجع. مايكل بارسونز، “العلاقة الخاصة 1945-1990: أسطورة أم حقيقة؟”، في دراسات إنجليزية،4 - 2002 (المجلد 55)، ص. 456-471
-تخرجت من معهد الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، وفي رصيدها 25 عامًا من العمل في الشؤون المالية والدبلوماسية المتعددة الأطراف والاستشارات وتعليم العلاقات الدولية. من بين مؤلفاتها، كتاب “الأمم المتحدة والأعمال: شراكة تعافت”. وكانت مستشارة لوكالات الأمم المتحدة وشركات بشأن توسعها المستدام في البلدان الصاعدة والنامية.
من قوة بحرية إلى أخرى، تفترض الهيمنة مسبقًا، السيطرة على البوابات -كوريا واحدة منها-والمفصلات -في هذه الحالة المضائق -التي تحدد الطريق. وعند الحديث عن المضائق، فإن أهمها بالنسبة للتجارة العالمية، قبل مضيق هرمز وباب المندب، هو مضيق ملقا، الذي يقع فجأة في قلب الخريطة التي نشرتها مجلة الإيكونيميست في 25 سبتمبر المنقضي.
الهندي-الهادي عموديا
مع العقد الأسترالي، شعرت فرنسا، الموجودة في منطقة الهندي-الهادي عبر أقاليمها ومجتمعاتها ما وراء البحار، شعرت بطبيعة الحال بأنها مرتبطة بمساحة جيواستراتيجية أفقية، مروراً بابيتي ونوميا وكانبيرا وريونيون لتنتهي في الساحل الشرقي لأفريقيا.
وكثاني أكبر منطقة بحرية في العالم، بعد الولايات المتحدة مباشرة، كانت تعتقد أن سلوكها كحليف وفيّ، والذي تعزّز بعودتها إلى القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي عام 2007، سيضعها بقوة داخل التحالف الغربي في منطقة الهندي-الهادي، بما أن الرهان هو التنافس على السيطرة على ما يسميه الجيوسياسيون “الجزيرة-العالم “، أي السيطرة عبر البحار على الكتلة الأرضية للقارة الأوراسية، سيطرة يمكن أن تؤدي إلى مواجهة مع الصين.
وفي خريطة 25 سبتمبر، يضع المحور الرأسي لـ “اوكوس” أستراليا جنوب منطقة تشمل إندونيسيا، وجانب كبير من جنوب شرق آسيا، وبحر الصين وآسيا الشمالية، واليابان شرقا، والهند غربا... ولا يوجد ذكر للوجود الفرنسي في هذه الخريطة.
بقية آسيا
عند نشر الإيكونيميست لغلافها، كان قد انتهى للتو اجتماع في البيت الأبيض بين الأعضاء الأربعة في الـ “كواد”، الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، والذي يمكن أن يضاف إليه فيتنام وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، من اجل تحسين المحور العمودي لـ “كواد + “. ورغم انه لم ينجو من كليشيهات اللغة الدبلوماسية، إلا أن البيان الصحفي، أشار إلى اعتراف البلدان الحالية بأن “مستقبلها المشترك سيتنزّل في منطقة الهندي-الهادي».
في الوقت الحالي، تقتصر دبلوماسية الـ “كواد” على تبادل التكنولوجيا واللقاحات، وستتعمق. والى جانب إعادة التشديد على أهداف اتفاقية باريس للمناخ، فإنهم يؤكدون التزامهم تجاه منطقة الهندي -الهادي “الحرة والمنفتحة”، مع كوريا شمالية خالية من الأسلحة النووية، بغض النظر عن أن بيع غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى أستراليا يخلق حالة فريدة من نوعها لاكتساب التكنولوجيا النووية من قبل دولة موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مع إمكانية التحول نحو تخصيب اليورانيوم، ومعروف ثراء الارض الأسترالية به.
بعد الزيارات الأخيرة التي قامت بها نائب الرئيس الأمريكي كامالا هاريس إلى سنغافورة وفيتنام، تمت استشارة الأعضاء العشرة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بشأن دعمهم لأهداف “اوكوس”، أي تحديد تموقعهم تجاه الصين. وبعد عدة سنوات من الغزل الدبلوماسي والعسكري مع الصين المجاورة، يبدو أن الفلبين تفضل العودة إلى محور القوة الاستعمارية الأمريكية السابقة، في حين ستكون فيتنام بلا شك الأكثر استعجالًا للانضمام إلى كواد+.
لن يكون استمرار سباق التسلح في آسيا نتيجة غير مقصودة لـ “اوكوس”، بل أحد أهدافه، حيث تمثل المنطقة أكبر سوق من حيث النمو السنوي في واردات الأسلحة منذ عقد من الزمان.
النظام الأساسي
للقوة العظمى
وكما لو انه تكرار للرسالة وتأكيدها، نشرت صحيفة نيويورك تايمز في 23 سبتمبر، مقالاً يتساءل عن مكانة فرنسا “الماضية” كقوة عظمى، ويستغرب من ان سؤالا ينسبه إلى اليمين الفرنسي لا يزال يُطرح. وإذا بدا ان اليومية النيويوركية وكأنها أجابت على السؤال، فمن المفيد أن نذكّر أن القوة تشمل “القوة الصلبة” و”القوة الناعمة”.
تتكون الأولى، من الاقتصادي والمالي والعسكري والمواد الخام والسكان والفضاء، في حين تشمل القوة “الناعمة”، الثقافة والفنون والأفكار وطرق توزيعها والعلامات التجارية وحتى المهارات. وإلى هذا المفهوم التقليدي للقوة أو القدرات، يضيف الدبلوماسي الأمريكي تشاس دبليو فريمان في كتابه الكلاسيكي “فنون القوة”، مفاهيم الإمكانيات والإرادة.
باختصار، القوة لا شيء، في دولة إمكانات السلطة فيها تتراجع وتتقلص. لأنه في الدبلوماسية، كما في المالية، القوة تُتوقع من المستقبل. تمامًا، مثلما تشتري سهمًا بناءً على السعر المتوقع بعد عامين من الآن، فإن الرهان على دولة يتم بناءً على قوتها المتوقعة، وليس قوتها الحالية.
وكما تبيّنه روسيا، أيا كان النظام الذي تجد نفسها في ظله، فإن الإرادة الوطنية عنصر حاسم في القوة: فهي تشمل العزيمة والشجاعة وقبول التضحيات والوحدة الوطنية وقدرة النخب على المخاطرة وتحريك الأمة نحو هدف مشترك. وعلى هذا النحو، فإن الحرب الأهلية هي مقبرة الإرادة الوطنية.
لنضف خاصيتين أساسيتين: موقع العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو نفسه مرتبط بمكانة القوة النووية “يشرّع”، بما انه في الشؤون النووية، القوى الخمس، منها فرنسا، تمنح نفسها حق إملاء القانون. لذلك ليس هيّنا، أن العقد الذي قام عليه تحالف “اوكوس” يتعلق بالطاقة النووية.
معنى التحالفات
في سيرته الذاتية الرائعة، ينسب جيمس تشيس الكلمات التالية إلى وزير الخارجية الأمريكي دين أتشيسون: “صحيح أن لدينا علاقة خاصة مع إنجلترا، لكن الإنجليز فقط هم من يعتقدون ذلك”. وبيّن محللون آخرون، أن أتشيسون لم يكن يرغب في ان يضرّ ذكر عبارة علاقة خاصة، بعلاقات أمريكا مع الحلفاء الآخرين*.
لقد نشأت العلاقة الفرنسية الأمريكية من أسطورة مساعدة فرنسا التنويرية للمتمردين الأمريكيين ضد الطاغية جورج الثالث، كما تعاني هذه العلاقة من تضخّم المعنى.
وتأسيس “اوكوس” بمثابة تذكير، مع بعض العنف، بأن التحالفات ليست ديانات.
في عقود الأسلحة في القرن الحادي والعشرين، فإن المعدات، رغم أن تكلفتها بمليارات الدولارات أو اليورو، ليست سوى وسيلة. إنها تعمل على ربط الدول ببعضها البعض لفترة طويلة بالضرورة، بالنظر إلى الوقت اللازم لدراسة المعدات وإنتاجها وتسليمها واختبارها واستخدامها في نهاية المطاف. وأكثر من مجرد إشارة إلى ارتباط، فإن “الالتزام” بالإنجليزية يعني ضمناً اكراها وقيداً، يُمارس بالقوة أو بموجب القانون، أو حتى كليهما إذا ما اعتُبر أن “القوة هي القانون”. ومن هذه الزاوية، قد يكون خرق العقد الأسترالي فرصة. هل تريد فرنسا ان تظل تحت إكراه وقيد التحالف عبر الأطلسي؟
الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الانسحاب الكارثي من أفغانســــتان، تبــــــرر طـرح السؤال.
سيكون هذا السؤال الأخير، بلا شك، في قلب الاجتماع بين الرئيسين ماكرون وبايدن المقرر عقده في نهاية أكتوبر.
والى ذلك الوقت، سيكون وزير ما وراء البحار سيباستيان ليكورنو قد عاد إلى باريس بعد أن أمضى أسبوعين في كاليدونيا الجديدة لوضع اللمسات الأخيرة على الاستعدادات النهائية للاستفتاء حول تقرير المصير، في 12 ديسمبر.
* راجع. مايكل بارسونز، “العلاقة الخاصة 1945-1990: أسطورة أم حقيقة؟”، في دراسات إنجليزية،4 - 2002 (المجلد 55)، ص. 456-471
-تخرجت من معهد الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا، وفي رصيدها 25 عامًا من العمل في الشؤون المالية والدبلوماسية المتعددة الأطراف والاستشارات وتعليم العلاقات الدولية. من بين مؤلفاتها، كتاب “الأمم المتحدة والأعمال: شراكة تعافت”. وكانت مستشارة لوكالات الأمم المتحدة وشركات بشأن توسعها المستدام في البلدان الصاعدة والنامية.