رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيسي إندونيسيا والغابون بذكرى استقلال بلديهما
الولادات القيصرية.. ما علاقتها بإصابة الأطفال بالسرطان؟
الولادات القيصرية المخططة قد تزيد احتمال إصابة الأطفال بسرطان الدم الليمفاوي الحاد بنسبة 21 في المئة، وفق دراسة سويدية شملت 2.5 مليون طفل، في حين لم يظهر هذا الخطر في القيصرية الطارئة. يرجح الباحثون أن غياب المخاض الطبيعي والبكتيريا المهبلية يؤثر في الجهاز المناعي، لكنهم يشددون على أن الخطر العام للإصابة يظل منخفضاً رغم وجود هذا الارتباط الإحصائي.
أشار باحثون إلى أن الأطفال المولودين بجراحات قيصرية مخطط لها مسبقاً، ربما يكونون أكثر عرضة للإصابة ببعض سرطانات الأطفال.
بعد دراسة الحالة الصحية لدى نحو 2.5 مليون طفل، لاحظ باحثون في "معهد كارولينسكا" السويدي ارتفاعاً في خطر الإصابة بـ"سرطان الدم الليمفاوي الحاد" Acute Lymphoblastic Leukemia لدى الأطفال المولودين بجراحة قيصرية مقررة مسبقاً (من دون انتظار بدء عملية المخاض الطبيعية). في المقابل، لم يجدوا هذا الارتباط في حالات الولادة القيصرية الطارئة.
وإذ يسعى الباحثون إلى معرفة الأسباب الكامنة وراء العلاقة بين الولادات القيصرية المقررة مسبقاً من جهة، والإصابة بسرطانات الأطفال من جهة أخرى، حددوا عدداً من العوامل المحتملة التي ربما تسهم في تفسير هذا الارتباط. مثلاً، أشار الباحثون إلى أن الأطفال الذين يولدون في جراحات قيصرية مخططة مسبقاً لا يتعرضون لضغط عملية المخاض ولا للبكتيريا المهبلية [التي يعتقد أنها تؤدي دوراً مهماً في تهيئة الجهاز المناعي]، وذلك خلافاً للظروف التي ترافق عادة الولادات القيصرية الطارئة. يذكر أن الأطباء عادة ما يلجأون إلى الجراحة القيصرية عندما تكون صحة الجنين مهددة (كأن يسجل ضعفاً في نبضات القلب أو انخفاضاً في مستوى الأوكسجين)، أو حين تكون الولادة الطبيعية غير ممكنة أو تنطوي على أخطار (مثلاً الوضعية غير الملائمة للجنين في الرحم أو تشابك الحبل السري).
الباحثة كريستينا-إيفمورفيا كامبيتسي قال في بيان إن "الولادات القيصرية تشكل جزءاً مهماً من رعاية الحمل والولادة، وغالباً ما تكون الوسيلة المناسبة لإنقاذ حياة الجنين أو الأم في الحالات الحرجة. لا نريد أن يعتري الأمهات أي قلق تجاه الجراحات القيصرية القائمة على أسباب طبية، ولكن عند النظر إلى نتيجة هذه الدراسة، التي تشير إلى احتمال زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان لدى الأطفال المولودين بجراحات قيصرية مقررة مسبقاً، إلى جانب نتائج دراسات أخرى تظهر ارتباطاً مشابهاً بين هذا النوع من الولادات وبين ارتفاع خطر الإصابة لاحقاً بالربو أو الحساسية أو داء السكري من النوع الأول، يصبح من المشروع والمهم أن نفتح نقاشاً جدياً في شأن الجراحات القيصرية التي لا تستند إلى مبررات طبية واضحة".
وجدت كامبيتسي وفريقها البحثي أنه من بين نحو 376 ألف طفل ولدوا بجراحات قيصرية في السويد خلال الفترتين الزمنيتين 1982-1989 و1999-2015، أظهرت الفحوص الطبية إصابة زهاء ألف و500 طفل منهم لاحقاً بسرطان الدم (اللوكيميا). وأظهرت النتائج أن خطر الإصابة بـ"سرطان الدم الليمفاوي الحاد" كان أعلى بنسبة 21 في المئة بين الأطفال المولودين بجراحة قيصرية مخططة مسبقاً، مقارنة مع الأطفال المولودين ولادة طبيعية.
علاوة على ذلك، تبين أن خطر الإصابة بالنوع الأكثر شيوعاً من سرطان الدم الليمفاوي الحاد، والمعروف باسم "سرطان الدم الليمفاوي الحاد للخلايا البائية" (اختصاراً B-ALL )، أعلى بنسبة 29 في المئة لدى الأطفال المولودين بجراحات قيصرية مقررة مسبقاً. وقد تبدى هذا الخطر بصورة أوضح لدى الذكور مقارنة مع الإناث، وكان أكثر بروزاً في السنوات الأولى من عمر الطفل.
و"سرطان الدم الليمفاوي الحاد" أحد أنواع سرطانات الدم ونخاع العظم، ويعتبر الشكل الأكثر شيوعاً من السرطانات لدى الأطفال. ولكن ما زالت غير واضحة الأسباب وراء ظهور الطفرات الوراثية (المتحورات في الحمض النووي من نوع "دي أن أي") التي تؤدي إلى الإصابة بهذا السرطان، ولكن وفق "مايو كلينك" [مؤسسة طبية غير ربحية تعد من أبرز المراكز الطبية في العالم]، توفر العلاجات المعتمدة فرصاً جيدة للشفاء. وبدورها، تقدر "الجمعية الأميركية للسرطان" تسجيل نحو 6100 إصابة جديدة و1400 وفاة بهذا الداء خلال العام الحالي في صفوف الأطفال والبالغين في الولايات المتحدة.
وشدد الباحثون على أن خطر الإصابة بهذه السرطانات يبقى منخفضاً، بغض النظر عن طريقة الولادة، سواء أكانت قيصرية أم طبيعية.
كذلك قال الباحثون إن الزيادة في الخطر المرتبط بالولادات القيصرية المخططة مسبقاً، تعادل تسجيل إصابة واحدة تقريباً بـ"سرطان الدم الليمفاوي الحاد للخلايا البائية" سنوياً.
ومعلوم أن الولادات القيصرية تزداد شيوعاً في الولايات المتحدة، إذ تمثل نحو حالة من كل ثلاث ولادات (ثلث الولادات)، وفق بيانات "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" CDC. وفي السياق نفسه، تسجل الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة ارتفاعاً في وفيات الأمهات أثناء الحمل أو بعد الولادة، في وقت تقدر مؤسسة "ييل ميديسن" التابعة لجامعة "ييل" أن 84 في المئة من هذه الوفيات المرتبطة بالحمل كان من المستطاع تفاديها.
وتشهد الولايات المتحدة 1.2 مليون ولادة قيصرية سنوياً، مما يجعلها "أكثر الجراحات الكبرى شيوعاً في البلاد"، وفق الدكتورة سيندي سيلنيك، المديرة الطبية في "مستشفى النساء" في ولاية تكساس.
وختمت كامبيتسي: "لحسن الحظ، اللوكيميا اللمفاوية الحادة مرض نادر. وهذا يعني أن هناك حاجة إلى عدد كبير من الولادات القيصرية للحصول على نتيجة ذات دلالة إحصائية، ومن الصعب الوصول إلى عينة بهذا الحجم في دراسة تعتمد على سجلات طبية في السويد. ومع ذلك،
فإن النتائج تقترب من مستوى الدلالة، وتنسجم مع ما أظهرته دراسات سابقة، وتظل قائمة حتى بعد تعديلها لعوامل أخرى ذات صلة [مثلاً عمر الأم وحالتها الصحية وطريقة الحمل]، مما يعني أنها ذات قيمة علمية وجديرة بالاهتمام."
يبقى أن كامبيتسي تولت الإشراف على النتائج، التي نشرت يوم مؤخرا في "المجلة الدولية للسرطان" The International Journal of Cancer.