رئيس الدولة والرئيس الروسي يبحثان سبل احتواء التصعيد في المنطقة والاحتكام إلى الحوار
تسبب سوء الحكم والفساد في أعلى السلطة بمعاناة الكثيرين
انقلاب الغابون يشكل تهديداً جديداً للديمقراطية في أفريقيا
وعد الجنرال في الجيش الغابوني بريس أوليغي نغيما الذي نصب نفسه رئيساً للبلاد، “بطيّ صفحة” أكثر من نصف قرن من “الحكم السيئ” لعائلة علي بونغو أونديمبا، الرئيس الذي تم خلعه من منصبه الأسبوع الماضي.
ولكن صحيفة “غارديان” البريطانية تقول إن هذه البداية الجديدة قد تتحول وهماً، نظراً إلى أن نغيما هو ابن نسيب بونغو.. وتبدو دراما الانقلاب الأخير في أفريقيا كنزاع عائلي.
وبصفته مساعداً شخصياً للرئيس الراحل عمر بونغو والد الرئيس المخلوع علي بونغو، فإن نغيما كان يتمتع بنفوذ في دوائر الحكم بالغابون، لكن عندما تولى علي بونغو الرئاسة بعد وفاة والده عام 2009، جرى تهميش نغيما إلى حد كبير.. ويبدو أن الود تبدد بين بونغو الابن والرجل الذي كان مقرباً من والده، ووفر الجدل حول الانتخابات الرئاسية التي أجريت الشهر الماضي، لنغيما الفرصة التي كان ينتظرها.
أمر غير مقبول
وأياً تكن الديناميكيات المحلية لعائلة بونغو، فإن حقيقة أن ثمة حكومة أفريقية أخرى تخلع بالقوة العسكرية، تدعو إلى التساؤل.. ويتعين على المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا “إيكواس” والاتحاد الأفريقي والأسرة الدولية، إبلاغ نغيما أن عزمه على أداء اليمين “رئيساً انتقالياً” اليوم هو أمر غير مقبول، ويجب إتاحة الفرصة لشعب الغابون لاختيار رئيسه المقبل ديمقراطياً من دون تأخير.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأكثر إزعاجاً في اضطرابات ليبرفيل هو أن الغابون، الدولة الغنية باحتياطات نفطية كبيرة مع 2.3 مليون نسمة، كان يفترض أن تكون مزدهرة نسبياً.. ومع ذلك، تسبب سوء الحكم والفساد في أعلى السلطة، بمعاناة الكثيرين، ويشير البعض بإصبع الاتهام إلى فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، التي عززت مصالحها التجارية الواسعة، من جشع النخبة الحاكمة في الغابون.
نموذج مقلق
وينسجم الانقلاب مع نموذج مقلق في أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي عانت من سلسلة من الانقلابات العسكرية منذ 2020، بما في ذلك في مالي وغينيا وبوركينا فاسو والتشاد والسودان ومؤخراً في النيجر.. وأحد القواسم المشتركة هو التركيبة السكانية، فكل هذه البلدان تشهد نمواً سكانياً سريعاً، والمزيد من الأجيال الشابة.. وفي أفريقيا، يبلغ المعدل الوسطي للعمر 19 عاماً.. وبالمقارنة، يبلغ متوسط العمر لدى القادة الأفارقة 63 عاماً.
وترى “غارديان” أن تزايد الضغوط المطالبة بالتغيير من جيل الشباب الذين يقطنون في المدن أمر طبيعي، حتى ولو كان ثمة مؤسسات جديرة بالثقة.. وتظهر الاستطلاعات أن الشبان الأفارقة يتعطشون للديمقراطية الحقيقية، ومع ذلك فإن الكثيرين منهم يدعمون الانقلابات العسكرية إذا ما أخفق كل شيء.. ويتعرض التغيير الإيجابي للعرقلة، بسبب الفقر المتأصل والتغير المناخي وعدم الأمان الغذائي والصحي، والنزاعات، وخصوصاً تأثير الجماعات الإسلامية المتطرفة في منطقة الساحل.
فضيحة الانتخابات
وحتى لو عانت البلدان الأفريقية مؤخراً من الانقلابات، فإن الحكم الديمقراطي معلّق على خيط رفيع..
وفضيحة الانتخابات المزورة في زيمبابوي هي المثال الأحدث على هذه الأزمة،
كما أن الناس في أوغندا وجنوب أفريقيا وأنغولا وإثيوبيا لديهم كل الأسباب للاستغراب من تصرفات قادتهم.. وفي الوقت نفسه، يرتبط شبح المديونية بالنمو المتدني والتضخم والوباء وأسعار الفائدة الغربية المرتفعة.
المفارقة هي أنه على الرغم من كل المشاكل، فإن أفريقيا النابضة بالحياة والموهوبة والغنية بالثروات هي المستقبل في كثير من النواحي.. وهذا الاحتمال مضافاً إليه القلق المتزايد حيال الهجرة الجماعية، والأمن الصحي العالمي، وانتشار الأيديولوجيا المتشددة وتصاعد نفوذ الصين وروسيا هناك، يفترض أن يجعل من التطوير الجذري لعلاقات الغرب مع القوة الإفريقية في القرن الحادي والعشرين، في مصلحة الجميع.