انهيار ليونيل.. «المسكوت عنه» في أخطر مقارنة بين ميسي وكريستيانو رونالدو
على مدار عقدين من الزمن، انقسم عالم كرة القدم إلى نصفين، ودار السجال الأبدي حول سؤال واحد: من هو الأعظم، ليونيل ميسي أم كريستيانو رونالدو؟ كانت المقارنة تُبنى دائمًا على أسس واضحة، عدد الأهداف الخيالية، الألقاب المحلية والقارية، الكرات الذهبية، واللحظات السحرية التي لا تُنسى. لكن مع دخول الأسطورتين المنعطف الأخير من مسيرتهما الأسطورية، بدأت معايير المقارنة تتغير، لتكشف عن زاوية جديدة أكثر عمقًا وربما أكثر قسوة، وهي "المسكوت عنه"، الفجوة الذهنية والبدنية التي تتسع يومًا بعد يوم، والتي قد تحسم السباق التاريخي بشكل غير متوقع.
في أحد طرفي الحلبة، يقف كريستيانو رونالدو، "الجلاد الذي لا يرحم"، متحديًا كل قوانين الزمن والمنطق، وفي سن يقترب فيه أغلب اللاعبين من الاعتزال، لا يزال رونالدو يرسل رسائله المدوية إلى العالم بأنه في القمة. لا يكتفي بتسجيل الأهداف أو تحطيم الأرقام القياسية، بل يقدم نموذجًا فريدًا للاحترافية المطلقة، قصته أصبحت أعمق من مجرد لاعب كرة قدم؛ فهو الرئيس التنفيذي لجسده، حيث يخضع لنظام غذائي صارم، وبرامج تدريبية شاقة، وعقلية حديدية ترفض الاستسلام. هوس الاهتمام هذا بالجسد ينعكس مباشرة على أدائه، فهو لا يزال يمتلك القوة البدنية للانقضاض على الكرات، والسرعة للحاق بالمدافعين، والجوع الدائم لتصدر المشهد. صورته وهو يكرم زملاءه أو يتعاطف مع طفل اقتحم الملعب لرؤيته، تكمل صورة القائد الذي لم يفقد شغفه يومًا. باختصار، حوّل رونالدو جسده إلى سلاح يواجه به الزمن، وعقليته إلى درع يحمي بها طموحه.
ما بعد المجد.. هل استسلم ميسي لـ"لعنة الاكتمال"؟
على الجانب الآخر، تبدو قصة ليونيل ميسي مختلفة تمامًا، بعد أن تسلق قمة المجد الأخيرة التي كانت تنقصه بالفوز بكأس العالم 2022، بدا وكأن الأسطورة الأرجنتينية قد أصيب بـ"لعنة الاكتمال".
لقد حقق كل شيء، ولم يترك أي جبل لم يتسلقه، هذا الإنجاز التاريخي، الذي كان من المفترض أن يكون تتويجًا لمسيرته، تحول بشكل غير مباشر إلى نقطة النهاية لشغفه المتقد.
لغة جسد ميسي في الملعب تغيرت، ومع تكرار إصاباته اتضح انه لا يقدم التضحيات اللازمة للبقاء في المستوى البدني ذاته مع رونالدو، وكأنه أصبح "مستسلمًا" و"غير مهتم" في بعض الأحيان، وهي كلمات لم تكن لتجرؤ على الارتباط باسمه في الماضي. هذا التراخي الذهني بدأ ينعكس على جاهزيته البدنية، التي لم تكن يومًا أولويته القصوى مقارنةً برونالدو.
المسكوت عنه.. معركة الانضباط ضد الموهبة الفطرية
هنا نصل إلى جوهر المقارنة "المسكوت عنها"، لماذا يتجنب الإعلام والنقاد الخوض في هذه الفجوة الواضحة؟ ربما لأن موهبة ميسي الفطرية كانت دائمًا طاغية لدرجة أنها غفرت له أي نقص في الجانب البدني.
لكن اليوم، لم تعد الموهبة وحدها كافية. المعركة النهائية بين الأسطورتين تحولت إلى صراع مباشر بين "الانضباط المكتسب" و"الموهبة الفطرية".
السؤال الذي يُطرح في الكواليس هو: لماذا لا يُنتقد ميسي على عدم منحه جسده الأولوية ذاته التي يمنحها رونالدو؟ هذا العامل ليس ثانويًا، بل له تأثير مباشر ومدمر في أدائه واستمراريته مع ناديه ومنتخبه. لقد أثبت رونالدو أن طول العمر في الملاعب هو صناعة تتطلب التزامًا مطلقًا، بينما يبدو ميسي وكأنه يترك الأمر لموهبته لتقرر متى تتوقف. في النهاية، بينما يكتب رونالدو فصولًا جديدة في قصة صموده الأسطوري، يبدو ميسي وكأنه يكتب خاتمة هادئة لمسيرته، قد يكون التاريخ حُسم بالفعل في أذهان الكثيرين، لكن هذا الفصل الأخير، الذي يبرز فيه "المسكوت عنه"، قد يجبر الجميع على إعادة تقييم إرث كل منهما، وتحديد من الذي امتلك حقًّا العقلية المطلقة للبقاء على العرش حتى آخر نفس.