بايدن أمام فرصة تاريخية لتغيير سلوك أردوغان

بايدن أمام فرصة تاريخية لتغيير سلوك أردوغان


تناولت الكاتبة التركية ميرفي طاهر أوغلو والسفير الأمريكي السابق لدى تركيا إريك إس. إيدلمان، اللقاء الذي سيجمع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على هامش قمة الناتو في الـ14 من يونيو (حزيران) المقبل في بروكسل، معتبرين أنه على بايدن استغلال اللقاء لدعم الديمقراطية في تركيا.

وكتبا، في مقال مشترك لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أن اللقاء يأتي في وقت حساس لأردوغان، الذي تتأرجح بلاده على حافة أزمة اقتصادية وسياسية كارثية محتملة، بحيث يتوجّب على بايدن استخدام ذلك لصالح الولايات المتحدة. وخلال اللقاء، سيناقش الرئيسان موضوعات ثنائية تراكمت خلال السنوات الماضية، وتشمل استحواذ تركيا على نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400، بالإضافة إلى جهود أنقرة المقلقة قبل أسابيع لتخفيف رد الفعل داخل “الناتو” ضد القرصنة الجوية التي مارسها الدكتاتور البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، والتي تمثّلت باختطاف الناشط رومان بروتاسيفيتش.

وأظهر بايدن عداءه لأردوغان عندما وصفه بـ “المستبد”. كما أن أول مكالمة لبايدن مع أردوغان بعد ثلاثة أشهر من تنصيبه كانت فقط لإبلاغ الرئيس التركي بقراره التاريخي الاعتراف الأمريكي بالإبادة الجماعية للأرمن عام 1915. ويبدو أن أردوغان يسعى إلى بداية جديدة مع الرئيس الأميركي، لذلك يتعيّن على بايدن أن يوضح له أن تركيا الاستبدادية لا تشكل تهديداً لقيم الولايات المتحدة الأساسية المرتكزة على الديمقراطية فحسب، بل أيضاً لأمن الولايات المتحدة. كما يجب على بايدن استخدام هذا الاجتماع للضغط على أردوغان بشأن بعض مخاوف حقوق الإنسان التي تتحدّث عن اعتلال الديمقراطية في تركيا، وازدراء أنقرة المتزايد للسلوك الدولي المتحضر.

وتحدّث الكاتبان عن ثلاثة مخاوف في إطار حقوق الإنسان في تركيا:
أولاً- المحاكمات الجائرة لموظفي القنصلية الأمريكية في تركيا. منذ محاولة الانقلاب عام 2016، قادت حكومة أردوغان والسلطة القضائية حملة مطاردة واسعة النطاق ضد خصومه السياسيين ومنتقديه، واعتقلت أكثر من 100 ألف شخص بتهم الإرهاب. وشمل ذلك المعتقلين الأمريكيين، وأبرزهم قس نورث كارولينا أندرو برونسون، وثلاثة موظفين بسفارة الولايات المتحدة في أنقرة والقنصلية في اسطنبول. وتعتبر وزارة الخارجية الأمريكية هذه الاعتقالات بأنها ذات دوافع سياسية وليس لها أساس قانوني. ثانياً- هناك تخوّف لا يشمل المواطنين أو الموظفين الأمريكيين فقط، لكنه يحمل أهمية عميقة لمستقبل تركيا كدولة ديمقراطية، وهو التضييق على “حزب الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد. وعلى الرغم من الصمت النسبي الذي أبدته الولايات المتحدة حيال هذه التصرّفات، إلا أن تهديد تركيا الأخير بإغلاق الحزب تماماً يوضح إلى أي مدى يرغب “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في المضي قدماً للحفاظ على قبضته على السلطة. ولا يمكن لدولة ترفض التمثيل السياسي للأقليات، أن تكون الحليف المستقرّ والديمقراطي الذي تحتاجه الولايات المتحدة في المنطقة.

ثالثاً- قمع أردوغان للمجتمع المدني، الذي، على الرغم من كل العقبات، يواصل الترويج بلا كلل للقيم الديمقراطية في المجتمع التركي. ولطالما قامت حكومة أردوغان بمضايقة أو ترهيب أو مقاضاة شخصيات المجتمع المدني الرئيسية الذين انتقدوا تفرّده بالسلطة. ويجب على الرئيس تعزيز هذه الرسالة من خلال إثارة قضية كافالا شخصياً مع أردوغان.
ورأى الكاتبان أن بايدن يواجه فرصة تاريخية لتغيير سلوك أردوغان، الذي يجد نفسه في أضعف موقف منذ أكثر من عقدين في السلطة، حيث تتفاقم الأزمة الاقتصادية في تركيا، وتنخفض شعبية الرئيس، وعلاوة على كل هذا، تُواجه حكومة أردوغان اتهامات خطيرة بالفساد والاغتصاب والقتل من قِبل زعيم المافيا سادات بكر.

وخلص الكاتبان إلى أنه على الرغم من أن أردوغان وكبار مسؤوليه وأذرعهم الإعلامية يُواصلون إساءة الحديث عن الولايات المتحدة لجمع الأصوات في الانتخابات، يبدو أن الرئيس التركي يفهم -أيضاً- أن العلاقة الإيجابية مع الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاقتصاد التركي. ولهذا على بايدن أن يوضح لأردوغان أن الحفاظ على علاقة عمل مع واشنطن تتطلب احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.