بعد «حفلة الإذلال».. ما الذي تحتاجه أوروبا لمواجهة ترامب؟

بعد «حفلة الإذلال».. ما الذي تحتاجه أوروبا لمواجهة ترامب؟


قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، شهد «إذلالًا متكررًا»، معتبرة أن «الاستسلام الأوروبي» لا يعني نهاية الحرب التجارية عبر الأطلسي.
وفي المقابل، أكدت الصحيفة أن الردّ الأوروبي على ترامب ينبغي أن يكون سريعًا عبر بناء تحالفات مع دول وكتل اقتصادية أخرى، مستدركة أن هذا يتطلب «شجاعة ووحدة» في مواجهة الرئيس الأمريكي. 
ورأت الصحيفة البريطانية أن الاتفاقية التجارية الجديدة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي كانت «غير متوازنة بشكل صارخ»، حيث فُرض بموجبها رسوم جمركية أعلى بكثير على معظم السلع المُصدّرة إلى الولايات المتحدة، مقارنة بالمنتجات الأمريكية المُصدّرة إلى الاتحاد.
وبعد ستة أشهر من ترهيب ترامب، وافق الأوروبيون على تسوية مؤقتة تُعاقب مُصدّريهم وتُلزم أكبر كتلة تجارية في العالم بشراء مئات المليارات من الدولارات من الوقود الأحفوري والأسلحة الأمريكية طوال فترة رئاسته، بدلًا من المخاطرة بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 30%، والتي هدد بفرضها اعتبارًا من الأول من أغسطس.
واعتبرت «الغارديان» أن الاتفاق الجديد يمثل «ثاني إهانة» يُلحقها ترامب بشركائه الأوروبيين خلال شهرين، عقب قمة الناتو التي رضخ فيها الحلفاء لمطالبه بإنفاق 5% من ناتجهم الاقتصادي على الدفاع، و3.5% على الإنفاق العسكري الأساسي. 
واتسمت كلتا القمّتين، بحسب الصحيفة البريطانية، بتملّق «مهين» من قبل المسؤولين الأوروبيين لـ «غرور الرئيس الأمريكي المفرط»، مشيرة إلى عدم استعدادهم «لتحدي أو تصحيح حتى أكاذيبه الصارخة».
وبينما أعلنت رئيسة المفوضية أن الاتفاق يُرسي «اليقين في أوقات عدم اليقين» ويُوفر الاستقرار والقدرة على التنبؤ للشركات على جانبي أكبر علاقة تجارية في العالم، بقيمة 1.7 تريليون دولار، فإن «الغارديان» رأت أن «هذا الادعاء مشكوك فيه».
إذ لا يزال الغموض يحيط بوضع الأدوية، التي أصرت على أنها مشمولة بالرسوم الجمركية البالغة 15%، بينما نفى ترامب ذلك.
واعتبرت الصحيفة أن تصريح فون دير لاين هذا هو «اللبنة الثانية التي تؤكد الشراكة عبر الأطلسي» يعني في الحقيقة أن «هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها ترامب التهديدات لابتزاز أموال الحماية من الدول الأوروبية الخائفة اليائسة».
وأضافت أن اجتماع الأحد في ملعب ترامب للغولف في تيرنبيري، بإسكتلندا، «كان استعراضًا للقوة الغاشمة»، معتبرة أن من مشاهد «الإذلال» لممثلة 450 مليون أوروبي، أن فون دير لاين اضطرّت للسفر إلى إسكتلندا وانتظار انتهاء الرئيس وابنه من جولة الغولف، ثم تحمّل تفاخره بروعة «قاعة دونالد ترامب» المذهبة التي التقيا فيها.
وفي مشهد «إذلال» آخر، قالت الصحيفة البريطانية، إن رئيسة المفوضية الأوروبية كانت مُلزمة بترديد رواية ترامب القائلة بأن التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة «غير متوازنة»، وأن هدف المفاوضات هو «إعادة التوازن» في العلاقة، دون الإشارة إلى الفائض الأمريكي الكبير في تجارة الخدمات مع أوروبا.
يرى بعض المسؤولين الأوروبيين، خاصة في فرنسا، أنه كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر صرامة منذ البداية، وأن ينفذ إجراءات انتقامية فور فرض الرسوم الجمركية المرتفعة بموجب إعلان ترامب «يوم التحرير» في أبريل/ نيسان، وأن يلجأ إلى أداة مكافحة الإكراه لتهديد الشركات الخدمية والاستثمارات الأمريكية في أوروبا باتخاذ إجراءات.
أما الآن، فترى «الغارديان» أن على أوروبا تسريع إبرام اتفاقيات تجارية مع شركائها الآخرين حول العالم لتخفيف آثار سياسات ترامب. 
وقالت إن «الإذلال» الذي تعرّض له الأوروبيون من ترامب، قد يحفّز الاتحاد على بناء تحالف من الدول والكتل التجارية المتشابهة في التفكير، القائمة على القواعد، بعيدًا عن الولايات المتحدة، مستدركة أن يتطلب «شجاعة ووحدة» أكبر مما أظهره الاتحاد في تعامله مع الرئيس الأمريكي.