الولايات المتحدة في حاجة إلى تفادي جنون الاضطهاد الذي يلازمها من بكين

بلومبرغ: هكذا على العالم التعامل مع شي جين بينغ في الصين الجديدة

بلومبرغ: هكذا على العالم التعامل مع شي جين بينغ في الصين الجديدة


بددَ الرئيس الصيني شي جين بينغ الأحد الماضي في بكين الشكوك في سعة سلطته، إذ أوكل المناصب العليا في الحزب الشيوعي للموالين والمؤيدين له.
وكما أشارت الأسواق بعد موجة بيع تاريخية للأسهم الاثنين الماضي، يوحي ذلك بأن الصين ستستمر في إعطاء الأولوية للإيديولوجية على حساب صنع القرار العملي والواضح الذي مكن الدولة من الصعود والازدهار بعد عهد ماو، وذلك حسب اقتتاحية وكالة بلومبرغ.
وإلى جانب شي، تقول الافتتاحية، احتفظ عضوان من اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وكلاهما من المؤيدين، بمنصبيهما في التعديل الوزاري الجديد. وارتبط الأربعة الذين انضموا إلى اللجنة لأول مرة بعلاقات وثيقة جداً بشي أيضاً.

وأصبح لي تشيانغ، رئيس الحزب، مؤهلاً الآن لمنصب رئيس الوزراء الصيني رغم أنه ترأَّسَ الحزب خلال أسوأ فترة لتفشي جائحة كورونا على الإطلاق، بإغلاق كامل وحشي رفض شعبياً.
وأُطيح بالمسؤولين ذوي الأفكار الأكثر ليبرالية، بمن فيهم رئيس الوزراء  لي كه تشيانغ، وسِيقَ رئيس الحزب السابق هو جينتاو بأسلوب غير رسمي إلى خارج القاعة السبت الماضي، بسبب حالته الصحية المُتردية وفق المصادر الرسمية. ولا يُعدُّ أي مساعد جديد شي خلفاً له، ما يثير سؤالاً عن المدة التي ينوي قضاءهاها في الحُكم.

وأضافت الافتتاحية “تبددت الآمال في تخفيف شي قيود البحث والاختبار والتتبع والعزل والدعم، ضد كورونا، أو في التعجيل بالإصلاحات المُعزّزة للسوق، أو تبني سياسة خارجية أقل عدوانيّة إلى حدٍ كبير. وعلى النقيض من ذلك، فإن كل من له سلطة تغيير المسار هُمِّش وأُقصي. ولدى الكوادر القاعدية العديد من المحفزات لتحقيق إملاءات شي بشكلٍ كامل، ولا أحد يشكّك فيها».

صين يصعب التنبؤ بها
على العالَم أن يتأهب لصينٍ يصعب التنبؤ بها، حسب الافتتاحية، أكثر انغلاقاً وأكثر افتقاراً إلى الثقة. فالتحديات الداخلية تتضاعَف، الاقتصاد يتباطأ بالتزامن مع الزيادة السكانية، ولا يزال الدين العام يتصاعد. وفي الأثناء، تُهدد قيود أمريكية جديدة على أشباه الموصلات ومن معداتها بتدمير صناعات التقنية العالية في لصين. وسيحد تأكيد شي سلطة الحزب على الاقتصاد من الأدوات المتاحة للاستجابة للقيود الأمريكية. فضلاً عن ذلك، فإن الصين المناضلة للبقاء يمكن أن تشن هجوماً في الخارج إذا شعرت أن خياراتها أمست محدودة.
ورأت الافتتاحية أن من الحكمة عند تعامل الولايات المتحدة وشركاؤها مع الصين الجديدة أن تتعلم من الصين القديمة. وكلما تحركت بمرونة وواقعية، كان من الأرجح أن تتسم تصرفاتها بقدرٍ أكبر من الفعالية.

 إطار عملي للمنافسة
ومضت الافتتاحية تقول: “بادئ ذي بدء، على الولايات المتحدة أن تُحدد إطاراً للمنافسة على نحوٍ عملي. فالخطاب الرنان الذي يتناول المعركة بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية ينفر عدداً من الشركاء المحتملين، ويستقطب عدداً آخر. ولن تثمر تدابير مثل القيود الجديدة على الرقائق الأمريكية ما لم تنضم دول أخرى إلى فرض قيود مماثلة».
وأضافت أن استراتيجية الأمن القومي الجديدة للإدارة الأمريكية منفتحة على ضرورة تعاون الولايات المتحدة مع “الدول التي لا تتبنى مؤسسات ديمقراطية”. وعلى أن يكون الرئيس جو بايدن صريحاً بالقدر ذاته.

التركيز على المصالح الأمريكية
وتابعت الافتتاحية “في الوقت عينه، على الولايات المتحدة أن لا تحاول محاصرة الصين وتضييق الخناق عليها من كل الاتجاهات، إذ ستواصل دول أصغر، السعي لإقامة علاقات مع بكين وواشنطن. وإذا أرادت الولايات المتحدة دعم تلك الدول، عليها التركيز أكثر على مصالحها الأساسية. وستكون دول جنوب الكرة الأرضية أكثر تقبلاً للتحذيرات من إقراض الصين مثلاً، إذا عرضت الدول الغربية عليها تعويضات أكبر عن الكوارث التي ترتبت على التغيرات المناخية».
وعلى الصعيد المحلي، ترى الافتتاحية أن الولايات المتحدة في حاجة إلى تفادي جنون الاضطهاد الذي يلازمها من الصين. “فمنافع الترحيب بالطلاب والعلماء الصينين مثلاً تَفُوق بكثير مخاطر التجسس المحتمل والمبدأ نفسه ينطبق على التجارة الأكثر انفتاحاً التي ما برحت إدارة بايدن مُترددة بسذاجةٍ في تبنيها” حسب وصف الافتتاحية.

الحد من المواجهة مع الصين
والأهم من ذلك كله، في رأي بلومبرغ، أنه “على الولايات المتحدة أن تواصل البحث عن فرص للحد من المواجهة المُوسعَة مع الصين. فالاعتماد حصراً على أدوات مثل ضوابط تصدير الرقائق الإلكترونية سيستفز التوجه العقلي المُنغلق لشي الساعي إلى تحصين الصين.
وإذا التقى بايدن بالرئيس الصيني في قمة مجموعة العشرين في الشهر المقبل في جاكرتا، فعليه أن يعطيه فكرة أفضل عن طبيعة الإجراءات الصينية التي من شأنها أن تفضي إلى توجه أكثر وداً. قد لا يكون هناك مفر من تفادي أسباب التوتر الحالي بين الولايات المتحدة، غير أنه لا يجب أن تكون غير محدودة».