بوركينا فاسو تحت المجهر.. حديث عن سجون سرية وتضييق على الإعلام يثيران قلقا دوليا

بوركينا فاسو تحت المجهر.. حديث عن سجون سرية وتضييق على الإعلام يثيران قلقا دوليا


تشهد بوركينا فاسو موجة متصاعدة من القمع ضد وسائل الإعلام والصحفيين، وسط تزايد مخاوف المجتمع الدولي من الانزلاق نحو حكم عسكري يحد من حرية التعبير.
وبحسب مجلة “جون أفريك”، فإنه في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حالات الاعتقال والمضايقات، لتُعيد إلى الواجهة النقاش حول التوازن الهش بين الاستقرار السياسي وحقوق الإنسان في البلاد.
وفي 13 أكتوبر-تشرين الأول، شهدت واغادوغو اعتقال عدد من أبرز الصحفيين المحليين، بينهم مدير تحرير صحيفة “لوبسيرفاتور بالغا”، أوسيني إلبودو، ونائب رئيس تحرير “لو باي”، ميشيل ويندبويري نانا، على يد عناصر يُشتبه في انتمائهم لوكالة الاستخبارات الوطنية.
وفي اليوم التالي، تم اعتقال مدير النشر في صحيفة “أوجوردوي أو فاسو”، زوينمانوغو ديودوني زونغرانا. ورغم الإفراج عنهم بعد يومين، إلا أن هذه الاعتقالات عززت من شعور الخوف والترهيب بين الإعلاميين المحليين، وأكدت الاتجاه نحو تكميم الأفواه ومصادرة الحق في حرية التعبير.
أشار الصحفي البوركينابي المنفي، نيوتن أحمد باري، في مقابلة مع مجلة “جون أفريك” إلى أن الضغوط امتدت حتى خارج حدود البلاد، حيث تلقّى تهديدات صريحة في فرنسا، وحكمت عليه محاكم بوركينا فاسو غيابيا بالسجن عامين وغرامة مالية. 
كما تعرضت ممتلكاته للمصادرة، وطردت والدته من منزل العائلة؛ ما يعكس حجم الحملات التي يشنها المجلس العسكري ضد المعارضين والصحفيين.
يروي باري عن ما يُسمّى “غوانتانامو 2000”، وهي فيلات تحولت إلى سجون سرية في واغادوغو، يُحتجز فيها الصحفيون والنشطاء المعارضون بلا محامين وقطعًا عن عائلاتهم، تحت تهديد دائم بإعادة الاعتقال بعد الإفراج. 
ويؤكد أن المجلس العسكري يسعى لتعتيم شامل على المعلومات، بدءًا من الإعلام الدولي، مرورًا بالصحافة المحلية، وصولًا إلى مؤسسات الأمم المتحدة.
كما ينتقد باري ما يُعرف بـ”الصحفيين الوطنيين”، الذين يصفهم بأنهم أدوات ترويجية للدعاية العسكرية، ويشير إلى أن المواطنين يُحرمون من معرفة حقيقة الوضع الأمني في البلاد؛ إذ يُمنع الحديث عن الهجمات الأمنية؛ ما يخلق صورة مزيفة عن الاستقرار ويعيق وعي المجتمع بالتهديدات الفعلية.
وعلى الرغم من هذا القمع، يؤكد باري أنه لم يفقد الأمل في ترسيخ الديمقراطية في بوركينا فاسو. 
ويشير إلى أن التقاليد الديمقراطية الراسخة في البلاد ما زالت موجودة، كما هو الحال في مالي والنيجر، الشريكتين في تحالف دول الساحل. 
ويعتبر أن الصمود أمام الانتهاكات والمطالبة بحرية الصحافة يمثلان الأساس لاستعادة التوازن بين حكم مدني ومستقل وبين سلطة عسكرية تسعى للسيطرة المطلقة على المعلومات.
وفي خضم هذه الأزمات، تظل بوركينا فاسو نموذجا للتحدي الإقليمي: كيف يمكن للدول الأفريقية الحفاظ على حرية الإعلام وحقوق الإنسان في مواجهة ضغوط سياسية وعسكرية متزايدة؟ استمرار الاعتقالات وتقييد المعلومات يضع البلاد على مفترق طرق بين الديمقراطية والقمع، في وقت يراقب المجتمع الدولي عن كثب تطورات الوضع الإنساني والسياسي فيها.