بولتون: فرصة لحفظ ماء وجه بايدن في فيينا
دعا مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تعليق جهودها للعودة إلى الاتفاق النووي إن لم يكن إلى التراجع عنها تماماً.
من خلال المفاوضات غير المباشرة التي يقودها أفرقاء آخرون منضوون في الاتفاق النووي، قدم بايدن تنازلات لإيران جعلت الاتفاق الخطير في الأساس أكثر خطورة. لم يردعه عن العودة السريعة إلى الاتفاق النووي سوى الخوف من الانتكاسة السلبية المحلية التي سيواجهها بشكل مبرر إذا واصل سياسته. وذكر بولتون في صحيفة “نيويورك دايلي نيوز” أن تطورات بارزة طرأت مؤخراً تعطي الرئيس الأمريكي فرصة عكس الاستعجال الكبير للعودة إلى الاتفاق النووي.
أعلنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نفتالي بينيت عن الحاجة الملحة للتشاور مع بايدن وكبار مستشاريه. إن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي مبني على كراهية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحسب بولتون. إذا انفصلت أحزاب الحكومة فقد يؤدي ذلك إلى إجراء انتخابات جديدة يمكن أن تنتهي بخسارة عدد منها مقاعد نيابية أو حتى بعودة نتانياهو إلى السلطة. وبايدن، كما الرئيسان أوباما وكلينتون، ليس صديقاً لنتانياهو.
بينيت هو كبير مستشاري نتنياهو السابق ويوافقه في سياسته الإيرانية. علاوة على ذلك، إن إسرائيل على استعداد لمواصلة استخدام القوة ضد برنامج طهران النووي أكثر مما قد يتوقعه فريق بايدن. إذا ابتعد بينيت عن نهج نتانياهو فسيكون ذلك خطأ سياسياً فادحاً ربما يؤدي إلى تصدع حزبه وتحالفه. يرى بولتون أن على بايدن السير بحذر وإلا سيضع بينيت في موقف لا يحتمل.
ستكون معاودة واشنطن الانضمام إلى الاتفاق النووي خطأ هائلاً. بشكل بديهي، تريد إيران عودة بايدن للحصول على تخفيف للعقوبات الاقتصادية المدمرة. مع ذلك، لم يكن هنالك أدنى دليل على أن إيران اتخذت قراراً استراتيجياً للتخلي عن طموحاتها النووية. تدعو قواعد اللعبة لدى الأنظمة المارقة الساعية إلى تطوير أسلحة نووية حكوماتها إلى إطلاق وعود باهرة تحظى بدعاية كبيرة حول تخليها عن الأسلحة النووية، لكن من دون إقران الوعود بأداء فعلي. ويكتب بولتون أن تعهدات التنازل مقابل التنازل تفيد فقط الساعي إلى تطوير القدرات النووية العسكرية، مشيراً إلى أن كوريا الشمالية وإيران اتبعتا هذا الدليل طوال عقود.
إن الخطوات الاقتصادية التي أفادت الدول المارقة تأتي أولاً، كما حصل مع إنهاء العقوبات والإفراج عن الأصول المجمدة في الاتفاق النووي أو مع تأمين المساعدة الاقتصادية لكوريا الشمالية ضمن إطار العمل المتفق عليه سنة 1994. بعد ذلك فقط يأتي ما يجب أن تسعى إليه واشنطن وما يبدو أنه لا يحصل أبداً: التدمير الكامل المتحقَق منه وغير القابل لإعادة البناء لبرنامج الأسلحة النووية. وهذا ما قاله رؤساء أمريكيون سابقون عن أهدافهم الكورية الشمالية.
إن التوصل إلى اتفاق مع إيران، خصوصاً بالطريقة التي اتبعها بايدن، يعني إعطاء آيات الله الكثير مما يريدون. والنتيجة هي تعريض الولايات المتحدة وحلفائها وأصدقائها الدوليين للخطر، وليس أصدقاءها الشرق أوسطيين وحسب. هنا تبرز فرصة بايدن لحفظ ماء الوجه وتقليل الخسائر.
سعت إسرائيل إلى مشاورات طارئة ومهمة جداً مع واشنطن حول تداعيات عودتها إلى الاتفاق النووي. التقى وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء يائير لبيد الأحد بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في روما. إن دعوة بايدن اللاحقة لبينيت كي يزور البيت الأبيض توفر اللحظة المناسبة للحديث عن طهران. علاوة على ذلك، بات لإيران رئيس جديد متشدد جداً وخلف محتمل للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
يعتقدو مؤيدو الاتفاق النووي أنه يمكن العودة إليه قبل تنصيب رئيسي في الثالث من أغسطس (آب) مجادلين بأنه سيستفيد من تحسن الوضع الاقتصادي إذا تم رفع العقوبات الاقتصادية. بالمقابل، يمكن إلقاء اللوم على فريق حسن روحاني لو برز فشل في إعادة إحياء الاتفاق النووي. هذا النهج هو فخ للولايات المتحدة. لكن بإمكان بايدن تفادي الوقوع فيه وفقاً لبولتون.
بإمكان بايدن الرسملة على الصدفة المناسبة مع تشكل حكومتين في إسرائيل وإيران لتعليق مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي من أجل إجراء مشاورات موسعة مع إسرائيل والحلفاء العرب. بإمكانه على سبيل المثال استخدام فترة ستة أشهر لقياس ما إذا كان هنالك أي تغير إيجابي أو سلبي في أداء إيران الدولي، لا في المسائل النووية وحسب بل أيضاً في دعمها للإرهاب وتمردها العسكري التقليدي على امتداد الشرق الأوسط.
ويخلص بولتون إلى أن واشنطن ليست بحاجة إلى الاستعجال لتكريم طهران عبر التخلي عن العقوبات التي تشكل نفوذها الأساسي. حتى لو بقي بايدن مهووساً بالعودة إلى الاتفاق النووي، لن يخسر الكثير إذا انتظر حتى نهاية السنة بالتوازي مع دعم حكومة بينيت الجديدة.