رئيس الدولة: خلاصة تجربة حياة شخصية وعملية ثرية لقائد ملهم لم يعرف المستحيل
بين 2017 و2025.. هذا ما تغير على ترامب «الأول والثاني»
مع بدء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية في يناير- كانون الثاني، برزت ملامح رئاسة تتسم بالجرأة والتحدي للأعراف التقليدية، فقد عمل بتصميم على تنفيذ أجندته دون التقيد بالحدود التي قيدت رؤساء سابقين. وفي الأشهر السبعة الأولى من ولايته، أظهر ترامب نهجاً يتجاوز القيود المؤسسية، مع تصريحات وإجراءات أثارت جدلاً واسعاً حول نزعته «الاستبدادية» وتحديه للمؤسسات، بما في ذلك المحكمة العليا، وفق تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال». وخلال فترته الأولى «2017-2021»، كان ترامب محاطاً بمسؤولين عملوا على كبح جماح قراراته المتسرعة في قضايا مثل التعريفات الجمركية والهجرة، لكن في ولايته الثانية، قلّ عدد المستشارين الذين يحاولون ردعه. أما في الولاية الثانية فكان أكثر جرأة وثقة، يتحدى القيود المؤسسية، مع فريق أكثر انسجاماً مع رؤيته، وقلة المعارضة الداخلية، يواصل ترامب إعادة تشكيل الرئاسة الأمريكية بطريقة غير مسبوقة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية والتوازن المؤسسي في الولايات المتحدة. يقول مارك شورت، مدير الشؤون التشريعية السابق في إدارة ترامب: «أعتقد أنه تعلم أنه لا يوجد الكثير مما يمكن أن يمنعه حقاً من تحقيق ما يريده». هذا التحوّل جعل ترامب يتحرك بحرية أكبر، فقد أصدر 170 أمراً تنفيذياً في ستة أشهر، متجاوزاً أي رئيس أمريكي معاصر، بل متجاوزاً نفسه في ولايته الأولى، وشملت هذه الأوامر سياسات تتعلق بالهجرة والتجارة وحتى الجهاز القضائي. من أبرز قراراته الجريئة محاولته إقالة ليزا كوك، محافظة الاحتياطي الفيدرالي، في خطوة أثارت صداماً مع المحكمة العليا التي أكدت حماية البنك المركزي من التدخل السياسي. كما هدد بإرسال الجيش إلى مدن مثل بالتيمور ونيويورك وشيكاغو لفرض سياساته، متجاوزاً حدود سلطته الدستورية. وفي قرار رمزي، أصر ترامب على بناء قاعة رقص في البيت الأبيض، رغم تحذيرات مستشاريه من تعطيل العمليات اليومية، مما يعكس إصراره على فرض رؤيته بغض النظر عن العواقب.
خلال حملته الانتخابية لعام 2024، أثار ترامب الجدل بقوله إنه لن يكون ديكتاتوراً إلا في «اليوم الأول» من ولايته، وهو تصريح استغله الديمقراطيون لتصويره كتهديد للديمقراطية.
لكن في يوليو 2025، كرر ترامب تلميحاته إلى الاستبداد في المكتب البيضاوي، فقد قال: «يقول الكثيرون: ربما نحب الديكتاتور»، قبل أن ينفي أن يكون ديكتاتوراً. هذه التصريحات، رغم نفيها، أثارت مخاوف من ميله إلى تركيز السلطة، خاصة مع تهديداته بإنهاء التصويت عبر البريد وفرض سياسات الكفالة النقدية على الحكومات المحلية.
كما أظهرت إدارة ترامب نزعة واضحة لتحدي المؤسسات الفيدرالية؛ فقد استولى على شرطة واشنطن العاصمة، وأمر بنشر آلاف الجنود في الشوارع، وأقال مسؤولين في وكالات مثل المعرض الوطني للصور، وهي مؤسسات لا يملك سلطة مباشرة عليها.
واجه ترامب أيضاً صداماً مع المحكمة العليا بعد محاولته التدخل في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، مما أثار انتقادات القاضية سونيا سوتومايور التي وصفت هذه الخطوات بـ»تهديد جسيم لفصل السلطات».
تغييرات رمزية
على الصعيد الاقتصادي، فرض ترامب تعريفات جمركية مرتفعة، بلغت 30% على الواردات الصينية، وحقق عائدات بقيمة 64 مليار دولار في الربع الثاني من 2025.
لكنه تراجع عن بعض هذه التعريفات بسبب مخاوف من رد فعل الأسواق، في واحدة من اللحظات النادرة التي استجاب فيها للضغوط. اجتماعيًا، نفذ ترامب حملة ترحيل جماعي غير مسبوقة، فقد تضاعفت الاعتقالات اليومية للمهاجرين إلى 1400 حالة في يونيو 2025، مما أثار احتجاجات واسعة.
نتنياهو: لو كان ترامب رئيسا لما وقع هجوم 7 أكتوبر
رمزياً، أعاد ترامب تشكيل صورة الرئاسة بطابع ملكي، فقد أقام عرضًا عسكريًا في يونيو، وزيّن المكتب البيضاوي بزخارف ذهبية، وركّب ساريتي علم جديدتين في البيت الأبيض.
كما قدم قبعات تحمل عبارة «ترامب 2028»، رغم منعه دستورياً من الترشح مجدداً، في إشارة إلى طموحاته السياسية المستمرة.
هيمنة كاملة
يرى المؤرخ الرئاسي دوغلاس برينكلي أن دافع ترامب هو «السيطرة على جميع المؤسسات الأمريكية»، مشيراً إلى رغبته في فرض هيمنته الكاملة.
في المقابل، تدافع المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عن نهج ترامب، مؤكدة أنه يعكس «غرائزه السياسية الفريدة» وقدرته على فهم رغبات الشعب الأمريكي.
ومع ذلك، أعربت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش عن قلقها من أن سياسات ترامب تشكل «تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان» داخل الولايات المتحدة وخارجها.