الأولى منذ أكثر من أربعين عامًا:

تايوان: أكثر من نصف الأمريكان يؤيدون التدخل العسكري...!

تايوان: أكثر من نصف الأمريكان يؤيدون التدخل العسكري...!

-- تعتبر بكين ان الخطاب الذي يدعو إلى استقلال تايوان يحرض على المواجهة
-- تساي إنغ وين تعتمد الدفاع الجمهوري ضد صين شي جين بينغ


الأحد 10 أكتوبر، وهو اليوم الوطني لجمهورية الصين، أعلنت الرئيسة تساي إنغ ون، أن تايوان لن توافق أبدًا على الخضوع للنظام الشيوعي الصيني. وقالت إن هذا الأخير لا يجلب لا الحرية ولا الديمقراطية التي اعتنقها شعب فورموزا السابقة منذ عقود.
تايوان “يجب أن تقاوم الضم”، من قبل نظام الرئيس الصيني شي جين بينغ، و”مستقبل جمهورية الصين تقرره إرادة الشعب التايواني”. إنه بطريقة ما خطاب “الدفاع الجمهوري”، الذي ألقته تساي إنغ ون بمناسبة الذكرى 110 لظهور أول جمهورية صينية، والتي أنهت آخر سلالة تشينغ الإمبراطورية عام 1911.
“نجدد وعدنا الذي هو التزامنا بنظام دستوري حر وديمقراطي، وتعلقنا بجمهورية الصين. يجب ألا تحاول جمهورية الصين الشعبية أبدًا اخضاعنا».

لا عمل طائش
جاءت هذه الكلمات التي أدلت بها رئيسة تايوان في اليوم التالي لخطاب ألقاه الرجل الأول في الصين. إن “إعادة توحيد الوطن الأم يجب أن يتم بالوسائل السلمية”، قال شي جين بينغ، ووفقا لرغبة الأمة الصينية، بما في ذلك مواطنونا في تايوان. وان الانفصالية من أجل استقلال تايوان، تشكل أكبر عقبة أمام إعادة توحيد وطننا الأم، وأكبر خطر على التجديد القومي. ان الذين ينسون أسلافهم، أو يخونون الوطن الأم، أو يقسّمون البلاد، سيُدانون، ومن الواضح أن شعبنا سيرفضهم وسيحكم عليهم التاريخ. «
والجدير بالذكر، أن رئيس الدولة الصيني تجنّب هذه المرة ذكر استخدام القوة، وهو تهديد يثيره بانتظام لتحقيق إعادة التوحيد هذه. واستخدم هذه المرة مصطلح “سلمي” ثلاث مرات في خطابه، صياغة تعكس الرغبة في خفض التوتر بين جانبي مضيق تايوان.

وردا على ذلك، كررت الرئيسة التايوانية موقفها الثابت: “يجب أن نلتزم بالوضع الراهن ونبذل قصارى جهدنا لمنع العبث به من جانب واحد. لقد أصبح الوضع في تايوان أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى خلال الـ 72 عامًا الماضية منذ وصول الشيوعيين إلى السلطة في بكين، ملاحظة المحرر. ونمت عمليات التخويف التي يمارسها النظام الشيوعي الصيني ضد تايوان بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة، وباتت تشكل تهديدًا للأمن القومي للجزيرة. «

وتابعت تساي إنغ-ون، “لذلك، ستستمر تايوان في تعزيز قدراتها الدفاعية العسكرية وإظهار عزمها على الدفاع عن نفسها لضمان عدم تمكن أي شخص من إجبارها على اتخاذ المسار الذي تقترحه بكين. لأنه لا يوفر الديمقراطية ولا الحرية ولا أسلوب حياة الشعب التايواني ولا السيادة التي يتمتع بها 23 مليون تايواني».

ومع ذلك، كانت الرئيسة حريصة على توضيح أن تايوان ستمتنع عن أي “عمل طائش”، لكن يجب ألا تكون هناك أوهام على الإطلاق بأن شعب تايوان سيذعن لأي ضغوط. هذا لأننا سنواصل تعزيز دفاعنا الوطني وإظهار تصميمنا الكامل على الدفاع عن أنفسنا. وكلما حققنا نجاحًا أكبر في هذا المجال، زاد الضغط الذي نواجهه من الصين. «

وأثناء حديث الرئيسة التايوانية، أقيم عرض عسكري في العاصمة تايبيه. حلقت طائرات مقاتلة فوق القصر الرئاسي بينما كانت قاذفات الصواريخ تمر امام المنصة الرسمية حيث كانت تتحدث.
جاء رد بكين سريعا: “هذا الخطاب الذي يدعو إلى استقلال تايوان يحرّض على المواجهة ويمزق أسس التاريخ ولا يحترم الحقائق”، استنكر مكتب شؤون تايوان التابع للحكومة في بكين. في الأيام القليلة الماضية، اخترقت أكثر من 150 طائرة مقاتلة صينية منطقة تحديد الدفاع التايوانية، وهو رقم غير مسبوق.

تأييد التدخل العسكري
وأشارت الإدارة الأمريكية في عديد المناسبات، إلى أن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان في حال حدوث غزو صيني، لكنها لم تحدد صراحة طبيعة الاشتباك. ومع ذلك، نمت العلاقات بين واشنطن وتايبيه بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، خاصة منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في يناير.
 لقد أصبحت مسألة التدخل المباشر من قبل الجيش الأمريكي إلى جانب القوات التايوانية في حال شن جيش التحرير الشعبي الصيني هجومًا على الجزيرة، قضية مركزية في الإدارة الأمريكية. ووفق استطلاع حديث أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، والذي نشرته صحيفة واشنطن بوست هذا الأحد، فإن أكثر من نصف الأمريكيين (52 بالمائة) يؤيدون الآن التدخل العسكري للولايات المتحدة للدفاع عن تايوان في حال حدوث هجوم الغزو الصيني... أغلبية ضئيلة بالتأكيد، لكنها الأولى منذ أكثر من أربعين عامًا.

إن “الأهمية الاستراتيجية لتايوان بالنسبة للولايات المتحدة لا تمثل خطر نشوب حرب مع الصين”، تعتبر إيما أشفورد، في حديث مع زميلها ماثيو كروينيغ من المجلس الأطلسي، نقلته صحيفة واشنطن اليومية. توجد دول في آسيا، اليابان وكوريا الجنوبية على سبيل المثال، مهمة بما يكفي بالنسبة للولايات المتحدة لتلتزم بالدفاع عنها. في حالة تايوان، فإن عدم التوازن بين المصالح والقدرات الأمريكية كبير جدًا. «

إن “الولايات المتحدة وحلفائها بنوا ودافعوا عن نظام على مدى السنوات الـ 75 الماضية، مما أدى إلى سلام وازدهار وحرية غير مسبوقين”، يقول ماثيو كرونيغ، ولا أريد مقايضة هذا بعالم يقف فيه الأمريكيون إلى جانب أنظمة مثل الصين تسيطر على جيرانها بالقوة، أو الأسوأ من ذلك، حيث نخسر حرب هيمنة، ونستسلم لصين يقودها نظام شمولي».
وبينما تتزايد مخاطر سوء التقدير بشأن الوضع الحالي بين واشنطن وبكين، “يبقى مجال ضئيل للغاية” للشكوك حول المسألة الصينية، يعتقد من جهته داني راسل، نائب وزير خارجية سابق، على أعمدة نيويورك تايمز هذا الأحد. فبالنسبة له، “ليس من الصعب تخيل  أن هذه العلاقات  تتصاعد إلى صراع مسلح. «

لستم وحدكم
يشار الى ان وفدا من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي، أنهى الأحد، يوم العيد الوطني، زيارة إلى تايوان استُقبل خلالها من قبل تساي إنغ ون. وقال السناتور أوليفييه كاديتش خلال الزيارة، ان الأنظمة السلطوية ترى أن الديمقراطية ليس النظام الجيد للتنمية البشرية، وتايوان هي النموذج المضاد. لذلك نحن هنا أيضًا لنقول لتايوان: لستم وحدكم”، واصفًا تايوان بأنها “دولة”. تمت الزيارة رغم الضغوط الشديدة من السفارة الصينية في باريس. وتحدث رئيس الوزراء الأسترالي السابق توني أبوت، الذي يزور تايبيه أيضًا دعمًا للحكومة التايوانية: “ليس هناك ما هو أكثر إلحاحا اليوم من التضامن مع تايوان، قال للرئيسة التايوانية، يجب أن نجعل بكين تعلم أن أي استخدام للقوة سيكون له عواقب ضخمة».