رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
أثارت جدلا في الطيف السياسي والقانوني
تدابير استثنائية تعزز صلاحيات الرئيس التونسي
-- تباين في قراءات أساتذة القانون الدستوري للأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية
-- حركة الشعب: تدابير الرئيس... إصلاحات سياسية طالبت بها مختلف النخب
-- الخرايفي: المواطن العادي قابل بالإجراءات الجديدة بينما يرفض أغلب الشارع الحزبي ذلك
-- بن قدور: الاتحاد العام التونسي للشغل متفاجئ ومستاء...
-- التكتل والجمهوري والتيار وآفاق تعتبر الرئيس فاقدا لشرعيته
أثار اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد جملة من التدابير الجديدة يوم 22 سبتمبر وقد لقيت هذه الإجراءات رفضا من قبل أساتذة قانون دستوري وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية فيما أيدها شق آخر من الطيف السياسي والقانوني.
تباين خبراء القانون الدستوري
وتعقيبا على القرارات التي أعلنتها الرئاسة التونسية، قال أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني، المستقل سياسيا، بأن الأمر الرئاسي الأخير يشير محتواه مباشرة الى التنظيم المؤقت للسلط العمومية تحت تسمية تدابير استثنائية.
وأوضح اللغماني أن هذا التنظيم المؤقت للسلط يُمهد في جزئه الاول للجوء الى الاستفتاء التشريعي وتغيير القانون الانتخابي، ويمهد في جزئه الأخير لتعديل الدستور، معتبرا أن قيس سعيد خرج من الدستور لان محتوى الامر 117 لا يتماشى مع الدستور. من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري شفيق صرصار، المستقل سياسيا، ان الأمر الرئاسي يدل على تنظيم مؤقت للسلط وليس بأتم معنى الكلمة نص يتعلق بتدابير استثنائية.
وأوضح صرصار أن ذلك يستشف من خلال 3 عناصر:
أولها: قيام الامر بإلغاء بعض المؤسسات وبعض الأحكام وتحديدا الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، والالغاء ليس حكما استثنائيا بل هو حكم نهائي.
ثانيها: إعطاء الأمر اختصاصا فيما يتعلق بالمراسيم وهي لا يمكن أن تكون استثنائية لأنها نصوص مؤقتة تكتسي طبيعتها القانونية عندما تتم المصادقة عليها من قبل البرلمان عند عودته أو بعد انتخابه.
ثالثها: اتخاذ الأمر قرارا بحلّ البرلمان مع تأجيل التنفيذ.
وبخصوص توزيع السلطات داخل النظام السياسي قال صرصار ان الأمر أحدث تغييرا كبيرا حيث لم يعد هناك رئيس حكومة بل رئيس وزراء وكتاب دولة وهو ما يحيل الى شكل النظام الرئاسي.
ولفت الى أن جملة الاختصاصات أصبحت بيد رئيس الجمهورية حيث سيشّرع عن طريق المراسيم ثم سيتولى تسيير الحكومة التي أصبحت مسؤولة أمامه ويقوم بالتعيين والإلغاء وتغيير الوزارات دون الرجوع الى أي هيكل آخر.
وبيّن صرصار أن هناك تركيزا للسلطات لفائدة رئيس الجمهورية وهو نموذج قريب من النظام الرئاسوي أكثر منه الى النظام الرئاسي.
وبخصوص وجود رقابة على أعمال رئيس الجمهورية قال أستاذ القانون الدستوري شفيق ان الفصل السابع من الأمر الرئاسي نص على أن المراسيم لا تقبل الطعن بالإلغاء وهو ما يعني أنه لا يمكن رقابتها من قبل المحكمة الإدارية أو الهيئة الوقتية التي وقع الغاؤها بحيث أن المجال الواسع للمراسيم لن يخضع للرقابة في المرحلة الحالية على الأقل.
أستاذة القانون الدستوري منى كريم، اعتبرت، من جانبها، ان الأمر الرئاسي يؤسس الى دكتاتورية بأتم معنى الكلمة.
وأضافت كريم في تدوينة لها بموقع فيسبوك، ان الرئيس اســــــتولى على السلطة التشريعية وكامل السلطة التنفيذية وقراراته غير قابلة للطعن بالإلغـــــاء بمقتضى هذا الأمر.
اما أستاذة القانون الدستوري، سلسبيل القليبي، فقد رات أنه بعد هذا الأمر الرئاسي، فإنه تم تعليق العمل بدستور 2014.
في المقابل، أكد امين محفوظ استاذ القانون الدستوري، انه لا خوف على الحقوق والحريات خاصة منها حقوق المرأة بعد صدور الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية.
وكتب محفوظ في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فيسبوك: “التساؤل مشروع بعد صدور الأمر عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، ولكن لا خوف على الحقوق وخاصة منها حقوق المرأة والحريات.
واضاف “المشروع الحقيقي هو إرساء دولة القانون والمؤسسات وهو ما تضمنه الفصل 22 من الأمر المذكور… إنها في تقديري كمواطن فرصة مناسبة…لنسعى معا، بعيدا عن التشنج، لتحقيق هذا الهدف الذي عجزت الطبقة السياسية وخلال العشرية الماضية عن تحقيقه».
يذكر ان محفوظ يعتبر من أكبر المؤيدين للتمشي الذي انتهجه الرئيس قيس سعيد منذ يوم 25 يوليو المنقضي وكان من ضمن 4 رجال قانون استقبلهم الرئيس قبل ايام قليلة.
وفي ذات الخندق، أكد الأستاذ في القانون الدستوري رابح الخرايفي، أن الأمر الرئاسي الجديد هو تجسيم لفكرة تنقيح الدستور وليس تعليقه أو الغائه، مؤكداً أن الدستور التونسي مازال نافذاً خاصةً أن باب الأحكام العامة وباب الحريات العامة وباب السلطة القضائية والمحلية مازال نافذاً.
وتابع: “تم تغيير الباب المتعلق بالسلطة التشريعية برمته، أما الباب المتعلق بالسلطة التنفيذية فقد مس الجزء المتعلق بالحكومة فقط”، مؤكدا أننا الآن في جوهر النظام الرئاسي، ذلك أن الحكومة باتت مسؤولة أمام رئيس الجمهورية وهو الذي يعينها ويعزلها.
وشدد الباحث في القانون على أن المواطن العادي قابل بالإجراءات الجديدة بينما يرفض أغلب الشارع الحزبي ذلك مضيفا أن الأمور ستمر جيدا إذا قادت هذه الإجراءات الى استقرار فيما ستكون التبعات والآثار خطيرة إذا قادت الى فوضى.
أحزاب غاضبة وأخرى مساندة
على الجبهة السياسية، لئن اعتبر الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي التدابير الاستثنائيّة التي اتخذها قيس سعيد، “إصلاحات سياسية مهمة كانت طالبت بها مختلف النخب السياسية وحتى البعض من معارضي الرئيس”، ملاحظا في تصريح إعلامي، أمس الخميس، أن الباب المتعلق بالنظام السياسي في الدستور، هو خطر على الدولة وأدى إلى تفكيك وحدتها وتعطيل سير دواليبها، ومؤكدا أن التعديلات التي ستطال هذا الباب يجب أن تكون بصفة تشاركية مع القوى والمنظمات الوطنية، داعيا سعيد إلى تحديد آجال هذه الفترة الاستثنائية وخاصة تحديد مواعيد المحطات الانتخابية القادمة، فان اغلب الأحزاب خاصة تلك التي ساهمت بنسب متفاوتة في بناء المنظومة السياسية الحالية وادارتها ، شجبت الامر الرئاسي ودعت الى مقاومته.
ففي اول رد فعل على التدابير الاستثنائية الجديدة اعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس مجلس نواب الشعب المجمدة اشغاله ان الخطورة التي أقدم عليها سعيّد “إلغاء للدستور «.
ونقلت وكالة رويترز عن الغنوشي تأكيده رفض الحركة للتدابير الجديدة وقوله “نحن لا نوافق على هذا».
واعتبرت كتلة قلب تونس في البرلمان المعلق اختصاصاته، أن “الأحكام الانتقالية التي قيس سعيد انقلابا على الشرعية وتعليقًا للدستور وتأسيسًا لديكتاتورية جديدة».
واصدرت أحزاب التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل وآفاق تونس، بيانا مشتركا أكدت من خلاله أن الأمر الرئاسي الذي أصدره رئيس الجمهورية ‘’يعلق فعليا الدستور ويلغي كل المؤسسات التعديلية بما في ذلك الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ويمنع الطعن في المراسيم ويكرس الانفراد المطلق بالسلطة ويمهد فعليا لدكتاتورية.
واعتبرت الأحزاب المذكورة ‘’الأمر الرئاسي خروجا على الشرعية وانقلابا على الدستور الذي أقسم رئيس الجمهورية على حمايته ودفعا بالبلاد نحو المجهول ورئيس الجمهورية فاقدا لشرعيته بخروجه عن الدستور وأن كل ما بني على هذا الأســــــاس باطـــــــل ولا يمثل الدولة التونسية وشعبها ومؤسساتها وتحمله مسؤولية كل التداعيات الممكنة لهذه الخطوة الخطيرة .
ورفضت هذه الاحزاب ‘’استغلال رئيس الجمهورية للإجراءات الاستثنائية لمغالطة التونسيات والتونسيين وفرض خياراته السياسية الفردية كأمر واقع وذلك على حساب الأولويات الحقيقية وعلى رأسها مقاومة الفساد ومجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية».
واشارت إلى أنها ‘’تواصل التنسيق بينهــــــا ومع بقية الأحزاب الديمقراطية والمنظمات الوطنية لتشكيل جبهــــــة مدنية سياسية تتصدى لهذا الانقلاب على الدســــتور وتستجيب للانتظارات المشروعة للتونسيات والتونسيين .
من جهته، اعتبر المدير التنفيذي لحزب أمل رضا بالحاج أن الأمر الصادر عن رئيس الجمهورية اليوم، يعني أن الرئيس استحوذ بمقتضاه بصفة صريحة على كافة السلطات الراجعة إلى البرلمان، وخاصة إصدار القوانين والمصادقة على الحكومة، كما استحوذ فيه على السلطات الراجعة لرئيس الحكومة حسب تعبيره.
ويرى النائب في البرلمان المجمدة أشغاله حاتم المليكي، أن التدابير الاستثنائية التي أعلن الرئيس قرارات مؤسفة ولها عواقب وخيمة على الوضع في تونس سواء بالداخل أو بالخارج.
وأضاف المليكي ان هذه القرارات هي إلغاء لكل مؤسسات الدولة والشرعيات المنبثقة عن دستور 2014، معتبرا أن الرئيس قام بتعليق الدستور رغم محاولته التحايل بإبقاء البابين الأول والثاني.
ودعا المليكي رئيس الجمهورية لمراجعة هذه الخطوة التي قال إنها كانت خطوة متهورة في الاتجاه الخطأ وفق تعبيره.
وحذّر النائب في البرلمان المعلقة أعماله مصطفى بن أحمد والقيادي في حركة تحيا تونس، من أنّ القبول بهذه الاجراءات يعني نهاية الدولة الحديثة.
وتخّوف بن أحمد، مما دعاه بالزلزال الذي يهدد بنفي التعليم والمرأة والحداثة والاستقلال والمنظمات والأحزاب والجمعيات والحقوق والحريات، والتي يعتبرها السياسي مكاسب الدولة الوطنية الحديثة ومفخرة لتونس توشك حسب رأيه على أن تصبح سرابا.
جبهة جديدة
وأعلنت أربعة أحزاب اخرى غير ممثلة في البرلمان وذات امتداد شعبي ضعيف جدا تأسيس “الجبهة الديمقراطية” وهي اسم للإطار السياسي الذي اختارت هذه الأحزاب أن تعتمده لتنسيق جهودها في مواجهة ما دعتهُ بـ “ انقلاب قيس سعيد” وهي مفتوحة لجميع القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي تعارض الانقلاب للانضمام.
وأكدت الأحزاب الأربعة أن منصب رئيس الدولة أصبح شاغرا لأن قيس سعيد صار فاقدا للشرعية بعد الإجراءات الجديدة التي أعلنها وتأكد بها خروجه عن الدستور داعية الى عزل الرئيس من قبل نواب الشعب.
وأعلنت هذه الأحزاب أنّ الجبهة الديمقراطية تهدف إلى الدفاع عن إرادة الشعب التونسي ومصالحه العليا وعن الحريات العامة والدستور وحكم القانون معتبرة ما أقدم عليه رئيس الجمهورية انقلابا عنيفا يهدد السلم الأهلي ويزرع الفتنة بين التونسيين.
اتحاد الشغل مستاء
المركزية النقابية والمنظمة الجماهيرية التي سيكون لموقفها ثقل كبير في تطورات الأوضاع في المرحلة القادمة، اكّدت على لسان أمينها العام المساعد أنور بن قدور، تفاجأ الاتحاد بالقرارات التي أصدرها قيس سعيد من خلال الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية واستياء النقابيين من عدم استشارة اتحاد الشغل والمنظمات الوطنية الكبرى وعدم التطرق إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا وأن البلاد تتجه نحو الهاوية، حسب تعبيره، وأصبح هناك تخوف وشكوك من إمكانية عدم القدرة على صرف الأجور.
ولفت الى ان رئيس الجمهورية لم يجب على مثل هذه القضايا مشددا على انها قضايا “مستعجلة ومستعجلة جدا».
واعتبر بن قدور ان تونس تسير بالإجراءات التي أعلن عنها سعيد نحو تركيز الحكم الفردي المطلق لدى شخص واحد معربا عن اعتقاده بانه لا يمكن انقاذ تونس بلا تشاركية.
واضاف، إن تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يعيش تحت الحكم الفردي المطلق، داعيا رئيس الدولة إلي التشاور قبل اتخاذ القرارات مع الخبراء النزهاء وأصحاب الخبرة وعدم الاكتفاء فقط باستشارة أصدقائه.
واكد بن قدرو انه لا يمكن لتونس ان تعيش كبلد مُقسّم.
يشار الى ان الرئيس قيس سعيّد، أصدر مساء الأربعاء، أمرا رئاسيا يتعلق “بـتدابير استثنائية جديدة “ تعلقت بمواصلة تعليق جميع اختصاصات البرلمان، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه.
كما تضمن هذا الامر تدابير خاصة بممارسة السلطة التشريعية واخرى بممارسة السلطة التنفيذية الى جانب مواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
ويتولي رئيس الجمهورية بمقتضى هذا الامر إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي.
-- حركة الشعب: تدابير الرئيس... إصلاحات سياسية طالبت بها مختلف النخب
-- الخرايفي: المواطن العادي قابل بالإجراءات الجديدة بينما يرفض أغلب الشارع الحزبي ذلك
-- بن قدور: الاتحاد العام التونسي للشغل متفاجئ ومستاء...
-- التكتل والجمهوري والتيار وآفاق تعتبر الرئيس فاقدا لشرعيته
أثار اتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد جملة من التدابير الجديدة يوم 22 سبتمبر وقد لقيت هذه الإجراءات رفضا من قبل أساتذة قانون دستوري وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية فيما أيدها شق آخر من الطيف السياسي والقانوني.
تباين خبراء القانون الدستوري
وتعقيبا على القرارات التي أعلنتها الرئاسة التونسية، قال أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني، المستقل سياسيا، بأن الأمر الرئاسي الأخير يشير محتواه مباشرة الى التنظيم المؤقت للسلط العمومية تحت تسمية تدابير استثنائية.
وأوضح اللغماني أن هذا التنظيم المؤقت للسلط يُمهد في جزئه الاول للجوء الى الاستفتاء التشريعي وتغيير القانون الانتخابي، ويمهد في جزئه الأخير لتعديل الدستور، معتبرا أن قيس سعيد خرج من الدستور لان محتوى الامر 117 لا يتماشى مع الدستور. من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري شفيق صرصار، المستقل سياسيا، ان الأمر الرئاسي يدل على تنظيم مؤقت للسلط وليس بأتم معنى الكلمة نص يتعلق بتدابير استثنائية.
وأوضح صرصار أن ذلك يستشف من خلال 3 عناصر:
أولها: قيام الامر بإلغاء بعض المؤسسات وبعض الأحكام وتحديدا الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، والالغاء ليس حكما استثنائيا بل هو حكم نهائي.
ثانيها: إعطاء الأمر اختصاصا فيما يتعلق بالمراسيم وهي لا يمكن أن تكون استثنائية لأنها نصوص مؤقتة تكتسي طبيعتها القانونية عندما تتم المصادقة عليها من قبل البرلمان عند عودته أو بعد انتخابه.
ثالثها: اتخاذ الأمر قرارا بحلّ البرلمان مع تأجيل التنفيذ.
وبخصوص توزيع السلطات داخل النظام السياسي قال صرصار ان الأمر أحدث تغييرا كبيرا حيث لم يعد هناك رئيس حكومة بل رئيس وزراء وكتاب دولة وهو ما يحيل الى شكل النظام الرئاسي.
ولفت الى أن جملة الاختصاصات أصبحت بيد رئيس الجمهورية حيث سيشّرع عن طريق المراسيم ثم سيتولى تسيير الحكومة التي أصبحت مسؤولة أمامه ويقوم بالتعيين والإلغاء وتغيير الوزارات دون الرجوع الى أي هيكل آخر.
وبيّن صرصار أن هناك تركيزا للسلطات لفائدة رئيس الجمهورية وهو نموذج قريب من النظام الرئاسوي أكثر منه الى النظام الرئاسي.
وبخصوص وجود رقابة على أعمال رئيس الجمهورية قال أستاذ القانون الدستوري شفيق ان الفصل السابع من الأمر الرئاسي نص على أن المراسيم لا تقبل الطعن بالإلغاء وهو ما يعني أنه لا يمكن رقابتها من قبل المحكمة الإدارية أو الهيئة الوقتية التي وقع الغاؤها بحيث أن المجال الواسع للمراسيم لن يخضع للرقابة في المرحلة الحالية على الأقل.
أستاذة القانون الدستوري منى كريم، اعتبرت، من جانبها، ان الأمر الرئاسي يؤسس الى دكتاتورية بأتم معنى الكلمة.
وأضافت كريم في تدوينة لها بموقع فيسبوك، ان الرئيس اســــــتولى على السلطة التشريعية وكامل السلطة التنفيذية وقراراته غير قابلة للطعن بالإلغـــــاء بمقتضى هذا الأمر.
اما أستاذة القانون الدستوري، سلسبيل القليبي، فقد رات أنه بعد هذا الأمر الرئاسي، فإنه تم تعليق العمل بدستور 2014.
في المقابل، أكد امين محفوظ استاذ القانون الدستوري، انه لا خوف على الحقوق والحريات خاصة منها حقوق المرأة بعد صدور الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية.
وكتب محفوظ في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فيسبوك: “التساؤل مشروع بعد صدور الأمر عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، ولكن لا خوف على الحقوق وخاصة منها حقوق المرأة والحريات.
واضاف “المشروع الحقيقي هو إرساء دولة القانون والمؤسسات وهو ما تضمنه الفصل 22 من الأمر المذكور… إنها في تقديري كمواطن فرصة مناسبة…لنسعى معا، بعيدا عن التشنج، لتحقيق هذا الهدف الذي عجزت الطبقة السياسية وخلال العشرية الماضية عن تحقيقه».
يذكر ان محفوظ يعتبر من أكبر المؤيدين للتمشي الذي انتهجه الرئيس قيس سعيد منذ يوم 25 يوليو المنقضي وكان من ضمن 4 رجال قانون استقبلهم الرئيس قبل ايام قليلة.
وفي ذات الخندق، أكد الأستاذ في القانون الدستوري رابح الخرايفي، أن الأمر الرئاسي الجديد هو تجسيم لفكرة تنقيح الدستور وليس تعليقه أو الغائه، مؤكداً أن الدستور التونسي مازال نافذاً خاصةً أن باب الأحكام العامة وباب الحريات العامة وباب السلطة القضائية والمحلية مازال نافذاً.
وتابع: “تم تغيير الباب المتعلق بالسلطة التشريعية برمته، أما الباب المتعلق بالسلطة التنفيذية فقد مس الجزء المتعلق بالحكومة فقط”، مؤكدا أننا الآن في جوهر النظام الرئاسي، ذلك أن الحكومة باتت مسؤولة أمام رئيس الجمهورية وهو الذي يعينها ويعزلها.
وشدد الباحث في القانون على أن المواطن العادي قابل بالإجراءات الجديدة بينما يرفض أغلب الشارع الحزبي ذلك مضيفا أن الأمور ستمر جيدا إذا قادت هذه الإجراءات الى استقرار فيما ستكون التبعات والآثار خطيرة إذا قادت الى فوضى.
أحزاب غاضبة وأخرى مساندة
على الجبهة السياسية، لئن اعتبر الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي التدابير الاستثنائيّة التي اتخذها قيس سعيد، “إصلاحات سياسية مهمة كانت طالبت بها مختلف النخب السياسية وحتى البعض من معارضي الرئيس”، ملاحظا في تصريح إعلامي، أمس الخميس، أن الباب المتعلق بالنظام السياسي في الدستور، هو خطر على الدولة وأدى إلى تفكيك وحدتها وتعطيل سير دواليبها، ومؤكدا أن التعديلات التي ستطال هذا الباب يجب أن تكون بصفة تشاركية مع القوى والمنظمات الوطنية، داعيا سعيد إلى تحديد آجال هذه الفترة الاستثنائية وخاصة تحديد مواعيد المحطات الانتخابية القادمة، فان اغلب الأحزاب خاصة تلك التي ساهمت بنسب متفاوتة في بناء المنظومة السياسية الحالية وادارتها ، شجبت الامر الرئاسي ودعت الى مقاومته.
ففي اول رد فعل على التدابير الاستثنائية الجديدة اعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ورئيس مجلس نواب الشعب المجمدة اشغاله ان الخطورة التي أقدم عليها سعيّد “إلغاء للدستور «.
ونقلت وكالة رويترز عن الغنوشي تأكيده رفض الحركة للتدابير الجديدة وقوله “نحن لا نوافق على هذا».
واعتبرت كتلة قلب تونس في البرلمان المعلق اختصاصاته، أن “الأحكام الانتقالية التي قيس سعيد انقلابا على الشرعية وتعليقًا للدستور وتأسيسًا لديكتاتورية جديدة».
واصدرت أحزاب التيار الديمقراطي والجمهوري والتكتل وآفاق تونس، بيانا مشتركا أكدت من خلاله أن الأمر الرئاسي الذي أصدره رئيس الجمهورية ‘’يعلق فعليا الدستور ويلغي كل المؤسسات التعديلية بما في ذلك الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ويمنع الطعن في المراسيم ويكرس الانفراد المطلق بالسلطة ويمهد فعليا لدكتاتورية.
واعتبرت الأحزاب المذكورة ‘’الأمر الرئاسي خروجا على الشرعية وانقلابا على الدستور الذي أقسم رئيس الجمهورية على حمايته ودفعا بالبلاد نحو المجهول ورئيس الجمهورية فاقدا لشرعيته بخروجه عن الدستور وأن كل ما بني على هذا الأســــــاس باطـــــــل ولا يمثل الدولة التونسية وشعبها ومؤسساتها وتحمله مسؤولية كل التداعيات الممكنة لهذه الخطوة الخطيرة .
ورفضت هذه الاحزاب ‘’استغلال رئيس الجمهورية للإجراءات الاستثنائية لمغالطة التونسيات والتونسيين وفرض خياراته السياسية الفردية كأمر واقع وذلك على حساب الأولويات الحقيقية وعلى رأسها مقاومة الفساد ومجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية».
واشارت إلى أنها ‘’تواصل التنسيق بينهــــــا ومع بقية الأحزاب الديمقراطية والمنظمات الوطنية لتشكيل جبهــــــة مدنية سياسية تتصدى لهذا الانقلاب على الدســــتور وتستجيب للانتظارات المشروعة للتونسيات والتونسيين .
من جهته، اعتبر المدير التنفيذي لحزب أمل رضا بالحاج أن الأمر الصادر عن رئيس الجمهورية اليوم، يعني أن الرئيس استحوذ بمقتضاه بصفة صريحة على كافة السلطات الراجعة إلى البرلمان، وخاصة إصدار القوانين والمصادقة على الحكومة، كما استحوذ فيه على السلطات الراجعة لرئيس الحكومة حسب تعبيره.
ويرى النائب في البرلمان المجمدة أشغاله حاتم المليكي، أن التدابير الاستثنائية التي أعلن الرئيس قرارات مؤسفة ولها عواقب وخيمة على الوضع في تونس سواء بالداخل أو بالخارج.
وأضاف المليكي ان هذه القرارات هي إلغاء لكل مؤسسات الدولة والشرعيات المنبثقة عن دستور 2014، معتبرا أن الرئيس قام بتعليق الدستور رغم محاولته التحايل بإبقاء البابين الأول والثاني.
ودعا المليكي رئيس الجمهورية لمراجعة هذه الخطوة التي قال إنها كانت خطوة متهورة في الاتجاه الخطأ وفق تعبيره.
وحذّر النائب في البرلمان المعلقة أعماله مصطفى بن أحمد والقيادي في حركة تحيا تونس، من أنّ القبول بهذه الاجراءات يعني نهاية الدولة الحديثة.
وتخّوف بن أحمد، مما دعاه بالزلزال الذي يهدد بنفي التعليم والمرأة والحداثة والاستقلال والمنظمات والأحزاب والجمعيات والحقوق والحريات، والتي يعتبرها السياسي مكاسب الدولة الوطنية الحديثة ومفخرة لتونس توشك حسب رأيه على أن تصبح سرابا.
جبهة جديدة
وأعلنت أربعة أحزاب اخرى غير ممثلة في البرلمان وذات امتداد شعبي ضعيف جدا تأسيس “الجبهة الديمقراطية” وهي اسم للإطار السياسي الذي اختارت هذه الأحزاب أن تعتمده لتنسيق جهودها في مواجهة ما دعتهُ بـ “ انقلاب قيس سعيد” وهي مفتوحة لجميع القوى السياسية والشخصيات الوطنية التي تعارض الانقلاب للانضمام.
وأكدت الأحزاب الأربعة أن منصب رئيس الدولة أصبح شاغرا لأن قيس سعيد صار فاقدا للشرعية بعد الإجراءات الجديدة التي أعلنها وتأكد بها خروجه عن الدستور داعية الى عزل الرئيس من قبل نواب الشعب.
وأعلنت هذه الأحزاب أنّ الجبهة الديمقراطية تهدف إلى الدفاع عن إرادة الشعب التونسي ومصالحه العليا وعن الحريات العامة والدستور وحكم القانون معتبرة ما أقدم عليه رئيس الجمهورية انقلابا عنيفا يهدد السلم الأهلي ويزرع الفتنة بين التونسيين.
اتحاد الشغل مستاء
المركزية النقابية والمنظمة الجماهيرية التي سيكون لموقفها ثقل كبير في تطورات الأوضاع في المرحلة القادمة، اكّدت على لسان أمينها العام المساعد أنور بن قدور، تفاجأ الاتحاد بالقرارات التي أصدرها قيس سعيد من خلال الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية واستياء النقابيين من عدم استشارة اتحاد الشغل والمنظمات الوطنية الكبرى وعدم التطرق إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا وأن البلاد تتجه نحو الهاوية، حسب تعبيره، وأصبح هناك تخوف وشكوك من إمكانية عدم القدرة على صرف الأجور.
ولفت الى ان رئيس الجمهورية لم يجب على مثل هذه القضايا مشددا على انها قضايا “مستعجلة ومستعجلة جدا».
واعتبر بن قدور ان تونس تسير بالإجراءات التي أعلن عنها سعيد نحو تركيز الحكم الفردي المطلق لدى شخص واحد معربا عن اعتقاده بانه لا يمكن انقاذ تونس بلا تشاركية.
واضاف، إن تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يعيش تحت الحكم الفردي المطلق، داعيا رئيس الدولة إلي التشاور قبل اتخاذ القرارات مع الخبراء النزهاء وأصحاب الخبرة وعدم الاكتفاء فقط باستشارة أصدقائه.
واكد بن قدرو انه لا يمكن لتونس ان تعيش كبلد مُقسّم.
يشار الى ان الرئيس قيس سعيّد، أصدر مساء الأربعاء، أمرا رئاسيا يتعلق “بـتدابير استثنائية جديدة “ تعلقت بمواصلة تعليق جميع اختصاصات البرلمان، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه.
كما تضمن هذا الامر تدابير خاصة بممارسة السلطة التشريعية واخرى بممارسة السلطة التنفيذية الى جانب مواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
ويتولي رئيس الجمهورية بمقتضى هذا الامر إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي.